طبيب البلاء - 145 - من يكون
تردد صدى إطلاق النار فى آخر الكهف الضيق. تجمعت بركة من الدماء القذرة على الأرض. كما أصيبت ساقا الزومبي، وأصبحوا عاجزين. بخلاف القماش الممزق المغطى للجزء السفلي من جسمه بشكل متواضع، تم الكشف عن بقية جلده على ظهره وأطرافه. البقع الميتة على جسده كانت حمراء قانية من الدم المتناثر.
«أوغاد…» تأوه الزومبي من الألم. كانت هديره مليئاً بضغينة الكراهية.
لولا المعلومات الممكن تقديمها، لما مانع غو جون في إعطائه رصاصة في الرأس. قال، «استدر ببطء، وإلا سيكون هناك المزيد من التعذيب».
منذ أن اقتربوا منه، أبقى الزومبي وجهه بعيدًا عنهم. حتى بعد إطلاق النار عليه، ظل مبعد محياه. كان ذلك مريبًا للغاية. تسبب هذا الفعل المشبوه في توتر الفريق. ماذا لو كان الزومبي يخفي شيئاً خطيراً على صدره
إدار الزومبي جسده ببطء كاشفاً عن وجهه. لقد كان وجهًا عجوزاً وقبيحًا. كان له شكل وجه بشري، لكنه احتوى أيضًا على ملامح وجهِ كالضبع. كان الفك البارز ينبعث منه رائحة التعفن، وكانت العيون مشوشة بالاضطرابات من التعرض الطويل للهاوية. بالرغم من مظهره، يمكن للفريق معرفة إن هذا الشيء كان في يوم من الأيام إنسانًا. مع وضع هذه الملاحظة في الاعتبار، غرق قلب غو جون بينما أدرك أن الزومبي أمامهم كان مألوفًا بشكل غريب، كما لو كان رآه في مكان ما من قبل…
«هاه ؟» بادله شيويا با هذا الشعور. انثنت حواجبه السميكة معًا وهو ينظر إلى أعضاء فريقه بفضول. قام غو جون بزالة نظارات الرؤية الليلية وإلقاؤه على الفور في العتمة. صوب بعد ذلك المصباح اليدوي المثبت على بندقيته نحو المخلوق القبيح. تحت الضوء، كان بإمكان غو جون أن يرى بوضوح وحمة واضحة إلى حد ما تقع في أعلى يمين جبهة الزومبي. مما نشط ذاكرته… وحمة، وحمة… ظهرت صورة قديمة من ذاكرته. وتداخلت ببطء مع المظهر المقزز للوحش أمامه.
«أنت…» لم يستطع غو جون إيقاف القشعريرة في صوته. «هو تشين ديف, ‘الجد‘ من قرية نان تانغ».
«الجد ؟» عندما سمعوا هذه الكلمة المحورية، ظهر الإدراك أيضًا على شيويا با, العم دان ولو شياونينغ. عندما كانوا يحققون في عمليات السطو على القبور في قرية نان تانغ، رأوا صورة ذلك الرجل العجوز. كان على شاهد القبر الأكثر فخامة، وكانت موضوعة أيضًا على الرف العلوي داخل قاعة أجداد عشيرة تشين. كان أحد ضحايا عمليات السطو على القبور هو الشيخ المحترم لعشيرة تشين، الجد، تشين ديف.
بناءً على ما قاله تشين شو، كان تشين ديف هو الذي سمح للأغراب، عائلة العم دوغ، بالبقاء. عندما كانت هناك مشاحنات داخلية، كان تشين ديف أيضًا هو الذي تقدم لتخفيف التوتر. وعندما أبلغ تشين شو الجد عن الطقوس الغريبة التي صادفها في ساحة عائلة العم دوغ، كان هذا الجد هو الذي أكد لتشين شو أنه ليس أكثر من حلم.
في ذلك الوقت، كانت المجموعة قد كانت لديها بالفعل شكوكها حول الجد، ولكن مع وجود مشتبه به أهم كالعم دوغ، لم يركز التحقيق كثيرًا عليه. ولكن الآن، بدا أن هذا الزومبي الذى أمامهم هو تشين ديف، المزعوم موته قبل اثنين وسبعين عامًا، والذي أقامت له أكبر جنازة شهدتها قرية نان تانغ على الإطلاق عندما توفي عن عمر يناهز 82 عامًا.
تم تذكير غو جون بتفاصيل أخرى في حكاية تشين شو. فقد كان الجد هو الذي أسند مهمة جر الجثث العائمة المجهولة أسفل النهر إلى عائلة العم دوغ. اعتقد الناس أن هذه كانت طريقة الجد لمساعدة عائلة العم دوغ على الاندماج في القرية، ولكن يبدو أنه كان هناك دافعًا خفيًا وراءها. سمع غو جون أيضًا من تشين شو أنه بمجرد تولي عائلة العم دوغ المهمة، اختفت معظم الجثث العائمة قبل أن تتاح للقرويين فرصة رؤيتها في الماء. الرائحة الغريبة من منزل العم دوغ، الضوضاء الغريبة، والظل الأسود المستدعى…
تشين ديف هذا وثلاثة قرويين آخرين قد تعرضت مقابرهم للتداعى، على الأرجح أنهم… انضموا إلى طائفة العم دوغ بينما مازالوا على قيد الحياة.
«تشين ديف». كانت وو سيو قد اطلعت على الملفات خلال اليومين الماضيين. بخلاف محتوى الكابوس نفسه، كانت تعرف كل شيء. «ما الخطأ في أن تكون إنسانًا ؟»
“كم من الوقت… يمكنك أن تعيش كإنسان ؟ ” تبدل وجه تشين ديف إلى هيئة مروعة وهو يجيب. «أيمكن للبشر أن يعلو فوق خطر الكابوس ؟»
بدت نبرة تشين ديف الساخرة بعض الشيء وكأنه كان يتحدث عن شيء غير ضروري، لكن الجنون فى عينيه بدا وكأنه يسخر منهم. لولا شيويا با، لكانت لو شياونينغ قد ملأته ثقوبِ الآن. «إذن، أتعترف بأنكم أنتم من تقفون وراء مرض الكابوس ؟»
«يالكم من حمقى جاهلون، ليس لديكم أي فكرة عما تتحدثون»، صاح تشين ديف. كان رده متراصٍ بالسخرية. “أن فيكدا الضئيلة خاصتكم متواجدة منذ أقل من ستين عامًا. بالطبع أنتم لا تعرفون عن بعض الأنظمة التي كانت تعمل منذ آلاف السنين بالفعل. ما تراه بعينيك المفتوحتين قد لا يكون حقيقيًا ؛ وما تراه بعينيك المغمضتين قد لا يكون مزيفاً… ”
‘نظام؟‘ عبس غو جون. ‘أهو النظام الذي تكون أمي جزءًا منه ؟ لا، بناء على ما حدث في وقت سابق… لم يبدو أن الزومبي مثل تشين ديف يعبدون هذا التمثال الحجري… ‘
«تقصد مثل نظام ريليه خاصتك ؟» سأل غو جون عن عمد.
«حمقى جاهلون». كانت الكراهية واضحة في عيون تشين ديف.
بدت الطائفتين وكأنهما تعارضان بعضهما البعض، ولكن بأية حال، كان لا يزال هناك العديد من الأسئلة التي يتعين الإجابة عليها.
‘هل مرض الكابوس هو عمل طائفة ريليه أم طائفة الزومبي ؟ هل تم نفي العم دوغ إلى تلك الجزيرة الجرداء في الكابوس، أم كان هناك عن طيب خاطر ؟ لقد بدا ريليه… مشابه إلى حد ما لجماعة لاي شنغ، فهل كانت هناك علاقة بين الاثنين ؟ ‘
سرت قشعريرة في عموده الفقري.
‘العظماء القدامى‘ ‘حكم العالم‘. إذا كان ابن المصيبة يعبد سيد ريليه، فمن هو الإله الحقيقي الذي ذكرته طائفة الآخرة عندما قالوا ‘الوعد الذي أعطاه لنا الإله الحقيقي‘ ؟
‘إذا كانت طائفة الحياة الأخرة جزء من طائفة ريليه في العالم الأجنبي، فيمكن أن يكون الشامان وأمى جزءًا من طائفة ريليه على الأرض‘.
ثم تذكر غو جون بالتسميات المتجانسة في اللغة الأجنبية. على سبيل المثال، كان قد أكد بالفعل أن طائفة الحياة الأخرة تعادل جماعة لاى شينغ. أذا يمكن أن يفسر هذا الانقسام في الطائفة. صُنعت «طائفة الحياة الأخرة» فى العالم الأجنبي من المرتدين بينما كانت «طائفة الحياة الأخرة» على الأرض لا تزال تعبد ريليه، فى اعتقاد أن سيدها سيجلب لهم السيادة والانبعاث.
‘انتهت المأساة الأولى. ستصل المأساة الثانية قريبا. مرض بانيان التشوهى، مرض الكابوس… ‘
كان عقل غو جون مليئًا بالأفكار المحيرة. مما دفعه إلى هوة من الفوضى, الارتباك, الألم والتشويش. برزت جماعة لاى شينغ مرة أخرى في ذهنه. لقد اعتقد أنه انتهى منهم بعد مواجهتهم في الضريح، لكن كان لدى غو جون شعور بأن الحال لم يكن هكذا. ظن غو جون أنه كان على وشك معرفة خلفيته، ولكن الآن بدا وكأنه أعمق في ضباب أكثر سمكاً.
قلص هذا قلبه، وأطغى عليه شعور بالغثيان. في الوقت نفسه، وقف تشين ديف ببطء. سرى الدم بغزارة من جروح الرصاص في ساقيه نتيجة حركته.
«لا تتحرك!» أمر شيويا با بصرامة. بالرغم من إصابة الوحش بجروح خطيرة، إلا أنه كان لا يزال يشكل تهديدًا كبيرًا. كان تشين ديف يحدق في فوهات الخمسة أسلحة نارية، لكن لم يكن هناك خوف على وجهه القبيح. إذا كان هناك أي شيء، لم يكن هناك سوى الجنون والجرأة. «أنتم تدعونا زومبي، كائنات ميتة، لكننا فقط من يمكننا الوصول إلى مكان لا يمكنكم تخيله حتى أيها الحمقى الأحياء…»
فجأة، قام بالأنقضاض عليهم بفكٍ مفتوح. كانت الأسنان الحادة تومض في العتمة. بلغت رائحة الاضمحلال الفريق. لقد تحرك بسرعة مفاجئة، مما منح الفريق لحظة فقط للرد. لقد نشطت غريزتهم المهنية ضاغطين على الزناد.
أضاء القصف الكهف الصغير حيث أصاب الرصاص جسد الزومبي. تم صدمه قبل أن يقع على الأرض. بدأ وجه الزومبي يتشنج بالجنون، وكانت شفتاه تهتف بترنيمة غير مترابطة ما حيث تلاشى الجنون في عينيه ببطء إلى اللا شئ.