طبيب البلاء - 143 - إلقاء تعويذة
لم يفهم شيويا با وصيادى الشيطان تمامًا ما تعنيه وو سيو بتغيير الفضاء والبعد، الا ان غو جون فهم على الفور. موضحاً: «إنهم يقومون بنوعاً من الطقوس».
كان هذا لأنه تعرض لنفس المؤثرات الحسية. حيث شعر بتشوه الفضاء من حوله. إذا كان عليه وصفه، بدا الأمر كما لو كان يتم انتزاعه من جسده المادي لدخول فضاء ما حيث لم يكن ضرباً من الحلم أو الوهم.
“ان الهدير هو هتاف التعويذة، والمخلوقات المجنحة هى التى تجرى الطقوس. أن عقولنا وأرواحنا تنجرف… ”
نعم، تنجرف بعيدا. بدلاً من القول إن الفضاء من حولهم يتم تشويه، كانت أشبه بأرواحهم هى التي يتم تشويهها.
لذلك، إذا فشلوا في مقاطعة هذه الطقوس وسمحوا لها بالإكتمال، فقد يتم دحر أرواحهم، أو قد ينغمسون في وهماً من نوعاً ما أو حلم، بينما ستصبح أجسادهم وليمة للزومبي. بمجرد مرور هذه الأفكار على بال غو جون، لم يسعه إلا القلق، الا انه أدرك أيضًا أنه كلما كان الموقف أكثر خطورة، كلما كان من المهم بالنسبة له الحفاظ على هدوئه.
«سريعاً، أرجعوا إلى السيارة!» صاح شيويا با. كان فكه مشدوداً بإحكام. «سنخرج من هذه الغابة!»
لم تكن هذه فكرة سيئة. كانت السيارة المدرعة متوقفة في مكان قريب، وبقدر كثافة الضباب، كانت السيارة المدرعة متينة كفاية لسحق الأشجار. وطالما حافظوا على اتجاه واحد، فسيخرجوا من هذه الغابة فى النهاية.
«لن ينجح هذا». ناداهم غو جون للتوقف. إذا لم يقرأ ملف قضية وحدة العنقاء، فربما يتفق مع شيويا با. ومع ذلك، فقد علم من التقرير أن أولئك الذين تجولوا بلا هدف في الضباب قد ضاعوا في النهاية وهلكوا بينما أولئك الذين ثبتوا فى مكانهم نجوا. “سيضللنا الوهم فقط. كما لن نعرف اذا دخلنا السيارة بإجسادنا ام لا. قد يكون كل شيء داخل أذهاننا. لقد أثرت الطقوس على إدراكنا وقوتنا العقلية حقاً “.
«لكن…» كان العم دان يائسًا. «آه جون، ماذا علينا أن نفعل ؟»
لقد خرج الوضع الحالي عن السيطرة رسميا. كان الجو من حولهم مضطرباً بشكل واضح، وكانوا يشعرون بإختناق أنفاسهم.
«اللعنة!» لم تشغل لو شياونينغ بالها بذلك كثيراً. مع عينها اليسرى الحادة، صوبت المدفع الرشاش في الهواء. مطيحة بأكبر عدد ممكن من المخلوقات المجنحة.
لم يعد هناك وقت لغو جون للتباطؤ ؛ كان عليه أتخاذ قرارًا قريبًا. الآن لم يكن الوقت المناسب للتراجع. فقط من خلال القتال سيكون لديهم فرصة للبقاء على قيد الحياة. لا يمكن دحر قوة تعويذة إلا بتعويذة أخرى. الشيء الوحيد الذي يعرفه عن التعاويذ كان مرتبطًا باللغة الأجنبية، ابن الفولاذ، ابن المصيبة، والعبارة التي هتف بها سابقًا. مع كل ترنيمة، شعر بتواصله أكثر بها. كان الأمر كما لو ان شيئًا ما يستيقظ، شيء كان مولود به… أصبح هذا الشعور أكثر حدة منذ أن وقع بصره على صورة ذلك التمثال الحجري.
لم يكن غو جون على معرفة بهذا الترابط. كانت والدته جزءًا من تلك الطائفة. ربما كانت علاقته بالتمثال موسومة في روحه قبل ولادته. أو ربما كان العظماء القدامى الذين عبدهم ابن المصيبة والعظماء القدامى الذين عبدتهم الطائفة هم نفسهم…
“سيو، أمنحينى قوتك العقلية. كما كنا أثناء التدريب، سنعمل معًا لترديد العبارة مرة أخرى. ” بما أن الأعداء لم يعجبهم ذلك، فهذا سبب إضافي لفعلها. لم تتدفق الكلمات بشكل خاص بسلاسة عن لسانه خلال هتافه الثاني، كان متأكدًا من أنه لم يحرر الإمكانيات الكاملة لتلك الطاقة الفوضوية.
«حسنا». تنهدت وو سيو بلا حول ولا قوة. «أعتقد أن هذه هى النهاية، لكن علي تحذيرك، هذا ليس شيئًا أجيده…»
كانت مسؤوليتها الأصلية في هذه المهمة هي مراقبة الاستقرار العقلي لغو جون والإبقاء عليه وعدم الانغماس في جنونه، لكنها كانت تعلم بعدم وجود خيار ثانٍ الآن.
«حسنًا، إذا لم يكن هذا الحال، أعدك أنه ستكون هناك أطباق حساء رائعة في انتظارك». مد غو جون يده للإمساك بيديها. تجهمت وو سيو على الفور من الألم. كانت لا تزال لمسة غو جون وكأنها مشرط جراحي حاد إليها.
بدا الهمس وكأنه متناغم مع خطتهم. أصبح الهدير من الجبل أعلى وأكثر حدة. كما انقضت بعض المخلوقات المجنحة عليهم.
دعمهم شيويا با ,لو شياونينغ والعم دان، لكنهما كانا بالكاد متمسكين. أصبح ضباب الليل من حولهم أكثر غشاوة. كان بإمكانهم الشعور بخفة وزن أجسادهم، وبدت أذرعهم تضعف. كما لو كان يمكن قذفهم فى الهواء في أي لحظة. تشكلت المخلوقات المجنحة في سماء الليل إلى شكل دوامة كما لو كانت تمتص أرواحهم.
«أررغ». لم تقاوم وو سيو الألم بل فتحت عقلها للشعور به واحتضانه. كان هذا أحد نتائج تدريبهم الخاص. ممسكين بأيديهم هكذا، أدى الاحتكاك من راحتيهما إلى تكثيف رابطة الإدراك فوق الحسى بينهما. أرخت عقلها، وأغمضت عينيها، طاردة أى أفكارًا أخرى. تلاشت المؤثرات الخارجية ببطء. ليلاً أو نهار، خطراً أو أمن، لم يعد الأمر مهمًا. انزلقت إلى عالم غنى بالألوان وسمحت للأنبثاق الرائع للألوان, الأشكال ,الضوء والظل بالانسياب حولها. سامحة لغو جون بجرها. إذا كان عليها إجراء مقارنة، كانت كما لو يتم وضعها داخل أفعوانية ممتدة على مسار ملتوي، وهو مسار لم يكن لديها أي فكرة لأين يقود أو يعبر. لكنها لم تستطع تجاهل العديد من الظلال الغريبة والكبيرة التي تلوح في الأفق في الخلف.
«حسنًا، أستعدى… » رسخ غو جون تركيزه بتذكير نفسه بصورة التمثال الحجري. الخطوط التي لا توصف، النقش الغريب والبديع…
أحد الأوهام التي أثارها عندما رأى التمثال لأول مرة عاد إليه. كان القصر تحت الماء الأعجازى والغامض.
R ‘lyeh
R ‘lyeh
كان الأمر كما لو أنه غرق فجأة في حلم. حيث استلقى على الممر الحجري الفارغ المحاط بأعمدة حجرية كبيرة والمغطى بالسائل الأخضر اللزج والقذر المنفجر من الجثة المنتفخة. مما جعل من الصعب عليه قراءة النقوش والحروف الموجودة على الأعمدة المحيطة. تحت هذا المكان، بدا أن هناك هاوية أعمق من قاع البحر. تردد صدى صوت غير مفهوم منه. أكان هذا صوتًا بشريًا ؟
أكان هناك وجود قديم يعرف باسم القديم العظيم فى سبات هناك ؟ أكان التمثال الحجري أفضل نسخة لمظهره يمكن تكراره بأيدي الإنسان ؟
استيقظ غو جون فجأة على معنى عبارة R ‘lyeh (ريليه). لقد كان هذا اسم هذا القصر. كان لا يزال جاهلاً ببقية الجملة، لكن كان لديه شعور بأنه قد يكون مرتبطًا بسيد قصر ريليه.
كانت مجموعة شيويا با لا تزال تقضي على المخلوقات المجنحة التي أصبحت أكثر عدوانية. محاولين إبطاء الطقوس بقدر إستطاعتهم. انتقلت عيونهم إلى غو جون و وو سيو. كانوا يعلمون أن الاثنين يمتلكون إدراك فوق حسى، لكنهم لم يفهموا سبب صمت الاثنين. كانوا متوترين، لكنهم كانوا يعلمون أن إزعاجهم لم يكن فكرة جيدة.
فجأة، فتحت أعين غو جون. كان هدوءه بكنفٍ مختلف. مما ذكّر شيويا با بالوقت الذي كانوا فيه في الضريح. كان هناك جنون, فوضى وانفصال مخيف داخله.
«Ph ‘nglui mglw’ nafh». رفع غو جون رأسه إلى سماء الليل وهتف. كان صوته أجش، الا ان الكلمات خرجت بسلاسة كالتهويدة. لقد حملت معها تعصبًا لم يلاحظه غو جون نفسه، مثلما رآه في عيني والدته. ارتفع هتافه وهبط في إيقاع، مرتفعاً إحياناً إلى نشاز، ومنخفضاً أحياناً إلى هدير. لاحظ شيويا با بصدمة أن وجه وو سيو قد اتخذ أيضًا ضرباً من عدم الألفة والغرابة. «Cthulhu R ‘lyeh wgah’ nagl fhtagn!»
عند أنهاء غو جون للمقطع الأخير، تغيرت الرؤية من حولهم بشكل كبير.
ملاحظات المترجم:
_R ‘lyeh: هي مدينة خيالية مفقودة تم ذكرها لأول مرة في قصة هوارد فيليبس لافكرافت القصيرة «نداء كثولو»، التي نُشرت لأول مرة في “حكايات غريبة” في فبراير 1928. R ‘lyeh هي مدينة غارقة في جنوب المحيط الهادئ وسجناً للكيان المسمى كثولو.
_R ‘lyeh = ريليه
فرقة فينيكس = فرقة العنقاء