طبيب البلاء - 132 - تآكل عقلي
كانت في الأصل غرفة عمليات معقمة، لكنها أصبحت الآن أشبه بمشهد من داخل مصحة. قبض الطاقم الطبي رؤوسهم منتحبين من الألم. برزت الأوردة على وجوههم الشاحبة، لكن الروح كانت تتضاءل بسرعة من أعينهم. مراكز مثل المقر وقسم علم النفس كانوا مصدومين من هذا التطور!
صرخات غرفة الجراحة كانت تضيق حول قلب كل باحث. ماذا كان يحدث ؟ أظهر التخطيط الدماغى لتشين وينوي معدل فوضوي من التذبذبات، مما شكل رسم تخطيطى متنافر على الشاشة.
«اسحبوهم من هناك الآن!» هتف البروفيسور تشين عبر الميكروفون. كانت هناك فريق من أعضاء قسم العمل بزيًا معقمًا منتظرين خارج الغرفة، على استعداد للتصدى لأي حالة طارئة، ولكن في هذه اللحظة، كانوا ملتوين بتجهم متألم على وجوههم. في الوقت نفسه، رأى الأشخاص الواقفين خلف الكاميرا غو جون، الوحيد الذي كان يقف، وهو يندفع نحو طاولة الجراحة. ممسكاً بكرة قطنية نظيفة من الصينية القريبة وحشرها في فم تشين وينوي. ضغط وضغط حتى لم يعد من الممكن سماع الغمغمة الغريبة. صُدم الناس في كل الأماكن. غو جون… كان لا يزال بإمكانه التحرك ؟
ليس هذا فقط، بدا وكأنه لا يزال بإمكانه التحكم في جسده بوعيًا ذاتيًا كافيًا ليصيح، “أديروا رأسكم بعيدًا عنه. لا تستمعوا إليه! فكروا في شيء آخر! “.
وبينما كان يصرخ، خلط جرعة مخدر مع ليدوكين وتتراكين (1) على طاولة طبيب التخدير. مصوبها إلى الجزء السفلي لأذن تشين وينوي، فوق الخشاء مباشرة. برقت الإبرة الحادة وهي تغرس في جلد الرجل، وصولاً إلى الثقبة الوداجية (2). تم ضخ الدواء في جسد المريض. نظرًا لأن المخدر المكلف بتبليد الجهاز العصبي قد فقد تأثيره، حاول غو جون القيام بانسدادًا مقطعيًا للجهاز العصبي. إذا تمكن من تخدير عصب اللسان البلعومي (3)، فسيتراخى نشاط لسان تشين وينوي. كانت الجملة تعويذة، كان من شأن هذا التقليل من تأثيرها.
«إنه هجوم عقلي!» صاح غو جون. «قيادة، لا تدعى أحدا هنا!»
داخل غرفة الاجتماعات فوقهم، أوقف البروفيسور تشين على الفور فريق قسم العمل الواصل للتو من اقتحام الغرفة. هتف: “توقفوا، استمعوا إلى آه جون!”
كان البروفيسور تشين مطلعاً على الوضع بعض الشئ. كان المريض يطلق إشارة دماغية غير طبيعية وقوية، مما تسبب في اضطرابات للجميع داخل غرفة الجراحة. تمكن غو جون من النجاة نتيجة تدريبه الشاق على القوة العقلية أو ربما لسبب آخر. الا ان الأشخاص من قسم العمل تلقوا تدريبًا عاديًا فقط. نعم، كانت قوتهم العقلية أفضل من المتوسط، لكنها لم تكن كافية لمجابهة ذلك. إذا اقتحموا غرفة الجراحة، فمن المرجح أن ينتهي بهم الأمر إلى أن يكونوا عائقًا قبل أن يتمكنوا من إخراج أي شخص.
ومع ذلك، داخل غرفة الجراحة، كانت العديد من الممرضات منهارات بالفعل على الأرض. كان الآخرون بالكاد متحملين وهم يدعمون أنفسهم على الأجهزة والمقاعد القريبة.
“آه جون، متى يمكن أن يدخل الناس ؟ أخبرنى! ” تردد صوت البروفيسور تشين في غرفة الجراحة.
«أنا…» كان غو جون بالكاد صامداً. تم صدم دماغه بالهجوم العقلي، وكان الألم يتصاعد. قام بتثبيت تركيزه على نقطة واحدة محددة. وصل إلى الليكوتوم وأخذ نفسًا عميقًا. بدا الشعور بقبضته غير مألوف، لكنه أطلع على الجراحة من قبل، ورأى كيف كان الجراح سي يستخدمه في وقت سابق. قام بسحب الحلقة المعدنية موصلا ً اللوكوتوم أعمق في دماغ المريض. الآن لم يعد الوقت مناسبًا للقلق بشأن الدقة. بغض النظر عن مدى خطورة الأمر، كان الجواب الوحيد هو إكمال العملية.
ركز غو جون عقله ناقراً لقبول المهمة.
“المهمة الصعبة: راكم قيمة مساهمة شخصية بنسبة مائة بالمائة من خلال إجراء عمليات جراحية بنجمتين (ناجحة) في غضون يوم واحد. المكافأة: زوج واحد من مقص كارلوت التشريحي “.
«تم قبول المهمة!»
انتزع سناد الليكوتوم. كان يشعر بقوة تسير الى ذراعه كما لو كان يشعر بالحلقة المعدنية تدور وتستدير متدافعة بطاقة متوازنة بشكل مدهش.
جز!
تم تدمير المزيد من الأنسجة الرخوة داخل الفص الجبهي لتشين وينوي. أصبحت نظرته الفوضوية هامدة أكثر، ولم تخرج أصوات أكثر. لكن في تلك اللحظة العابرة، بدا غو جون وكأنه يسمع صوتًا يتوسل من تشين وينوي. «دكتور غو، أنقذني…»
«هل هو الإدراك فوق الحسى؟» كان يشعر بمشاعر الشاب – الخوف, الرعب, الضياع, والألم. خوفه من الاضطرار إلى القتال للنجاة في مدينة لا تعرف الكلل، قلقه بشأن مستقبله، ذكراه عن عائلته، ورغبته في العودة. لسبب ما، ظهرت شرفة صغيرة امام غو جون كالسراب.
«أخي، اصمد!» صر غو جون أسنانه، بينما يصقل الألم تركيزه. دفع الأداة بشكل أعمق ساحباً السناد مرة أخرى. مع شق آخر، تم تدمير ألياف عصبية أخرى. ثم قام غو جون بإزالة الليكوتوم ببطء من جمجمة المريض. كان يشعر بالضغط العقلي ينزلق بعيدًا، لذلك هتف، “تعالوا الآن. أنقذوهم! ”
«ادخلوا إلى هناك!» أمر البروفيسور تشين. اندفع الفريق خارج الغرفة على الفور. لقد أصيبوا جميعًا بنوبة مفاجئة من خفة الرأس، لكن لم تطغى علي أي منهم. متجاهلين البروتوكول الأعتيادى، وضعوا الطاقم الطبي على نقالات وأخرجوهم بسرعة.
“أنا بخير… اذهب وأنقذ الآخرين أولا… ” قال سي كوشيان ببطء وهو مستلقي على نقالة. كان لا يزال واعيًا كفاية للتحدث. ومع ذلك، فإن المساعد الأول، سونغ ييلونغ ؛ المساعد الثاني، تشين شينفي ؛ طبيب التخدير، قاو جون ؛ وممرضة الأأدوات، هوانغ يانيو – الأربعة أفراد من الطاقم الأقرب للمريض لم يكن لديهم لون على وجوههم. تسرب اللعاب من أفواههم المفتوحة، وتشنجت عضلات وجههم.
عرف أطباء الأعصاب الآخرون خارج الممر خطورة الموقف عندما رؤية ذلك. أشارت أعراضهم إلى نزيف دماغى حاد (4). كان لا بد الآن من نقل الطاقم الطبي الذي كان يجري عملية قبل دقائق إلى الغرفة المجاورة للخضوع لعملية.
تم حشد المبنى بأكمله. وإرسال الأشخاص من الأقسام الأخرى للمساعدة.
في نفس الوقت، دخل الفريق الجراحي الاحتياطي إلى الغرفة. مع تعبيرات ثقيلة، ساروا دون تردد نحو الطاولة الجراحية. كان الجراح الرئيسي جاو غوهونغ، والمساعد الأول دينغ مينغ، تولى غو جون دور المساعد الثاني. كان يساعد الطاقم في ملء الجمجمة والخياطة.
كان بإمكان الأشخاص الواقفين خلف الكاميرا رؤية مدى ثبات عمل غو جون. كان عمليا أكثر شخص يعتمد عليه على طاولة العمليات. تأثر الآخرون باضطراب عقلي غير مرئي بطريقة ما، وقد ظهر ذلك عند تصافحهم بالأيدى. تم قيادة معظم الإجراءات الأكثر حساسية بواسطة جاو غوهونغ ولكن قام بها غو جون . أصبح أصغر شخص في الغرفة هو الحضور الأكثر ثباتًا هناك، ملهماً الأخرين.
بعد إغلاق جانب الجمجمة، سأل البروفيسور تشين غو جون عن رأيه. «آه جون، هل تعتقد أننا بحاجة إلى مواصلة هذه الجراحة ؟»
«بالطبع، نحن بحاجة إلى إنهائها». أجاب غو جون بجدية: «عندها فقط سنعرف النتيجة».
بعد ذلك سقط صمت شديد في غرفة الجراحة. ساعدت الممرضة في قلب رأس المريض وتثبيته على الجانب الآخر، عاد الطاقم إلى العمل. شفرة جراحية، منشار، حفر… قامت الأجهزة بعملها. تم الكشف عن الجمجمة مرة أخرى، وتم حفر ثقب أخر.
أبقى الطاقم الطبي عقلهم فارغ باستثناء هدف واحد، وهو إنهاء العملية! تمامًا كما قال غو جون، كان عليهم إنهاء الأمر.
إنهم مدينون بذلك للجراح سي وطاقمه. حتى لو سقطوا، سيتم إدخال دفعة ثالثة لإكمال الجراحة. كان هذا لأنهم احتاجوا إلى إكمال بضع الفص هذا لمعرفة فعاليته في علاج المرض الكابوسى.
خلال تاريخ الطب البشري، كانت هذه هي الطريقة التي تم بها العثور على طرق العلاج. لم يكن ذلك من خلال بركة من الأله، ولم يكن من خلال المساومة مع الشيطان. كان من خلال التجارب الأكلينيكية مثل هذه. تم تمهيد طريق التعافى بالدم والعرق والدموع وجسد كل من المرضى والممارسين الطبيين.
ملاحظات المترجم:
(1)التتراكين: يُعرف أيضًا باسم أميتوكائين، وهو مخدر موضعي إستر يستخدم لتخدير العينين أو الأنف أو الحلق. يمكن أيضًا تطبيقه على الجلد قبل البدء في حقن الوريد لتقليل الألم الناتج عن العملية.
(2)الثقبة الوداجية: هو واحد من اثنين من الثقوب الكبيرة (اليسرى واليمنى) في قاعدة الجمجمة، وتقع خلف القناة السباتية.
(3)عصب اللسان البلعومى: هو العصب القحفي التاسع. إنه أحد الأعصاب القحفية الأربعة التي لها وظائف حسية وحركية وعاطفية. ينشأ من النخاع المستطيل وينتهي في البلعوم.
(4)نزيف دماغى: يحدث عندما تتمزق الأوعية الدموية – عادة الأوردة – بين دماغك وأقصى طبقات الأأغشية الثلاث التي تغطي دماغك (الأُمُّ الجافِيَة). يشكل الدم المتسرب ورمًا دمويًا يضغط على أنسجة المخ. إذا استمر الورم الدموي في التضخم، يحدث تدهور تدريجي في الوعي، مما قد يؤدي إلى الوفاة.