سبب رغبة الشرير في امتلكِ - 94
──────────────────────────
🌷 الفصل الرابع والتسعون –
──────────────────────────
بعدما وجد ثيودور آنيت خفت تعابير وجهه في ارتياح.
آنيت، التي كانت تنام نوماً خفيفاً، استيقظت بسرعة عندما شعرت بوجود ثيودور حولها.
“لماذا أنتِ نائمة في مكان مثل هذا؟”
عندما التقت أعينهما، احتضنت آنيت المسدس الذي كانت تحمله بقوة أكبر دون أن تنطق بأي كلمة.
خرج ثيودور من الممر السري نحو غرفته الخاصة بينما كان يحمل آنيت، التي لم تفتح فمها البتة، بين ذراعيه وكأنه يُريحها ويُحاول إشعارها بالأمان.
وضعها ثيودور على سريره وفحص جبهتها بشكل عاجل، لكنها لحسن الحظ لم تكن تعاني من الحمى.
مع الأخذ في عين الاعتبار أنها كانت نائمة بجسدها الضعيف في الممر السري البارد الذي يُشبه القبو تحت الأرض في يوم شتوي بارد، فقد كانت هذه مجرد ضربة حظ.
وبينما استمر ثيودور في رعايتها لتشعر بالراحة، كانت آنيت لا تزال تُحدّق به بصمت.
كان الجو لا يزال صاخبًا في الخارج بينما كان الجميع مشغولين بالبحث عن آنيت، لذلك خرج ثيودور وأمرهم بإيقاف البحث أولاً.
وبعد أن طلب من الخادمة إحضار بعض الماء من أجل أن تشربه آنيت، أمرهم ثيودور بعدم الدخول إلى الغرفة أبداً.
وعندما عاد، وجد آنيت مستلقية وعينيها مغمضتين.
لقد نامت المرأة التي كانت تُعاني من الأرق في الأيام القليلة الماضية مرة أخرى كما لو أنه قد أغمي عليها.
لم يتمكن ثيودور من الاستلقاء على سريره أو مغادرة جانب آنيت حتى.
هذا خطأه.
لقد كان قلقها وخوفها كله خطأه.
لم يكن عليه أن يُخبرها عن الممر السري…
لا، لقد كان عليه أن يحميها من التعرض لأي خطر ومن تلقي أي تهديدات في المقام الأول.
لكن لم يكن بيده حيلة الآن سوى مشاهدتها وهي مستلقية على السرير بلا حول ولا قوة.
لقد بدت وكأنها كانت تغط في نوم عميق، لكنها استيقظت بسرعة مرة أخرى فزعة عندما شعرت بمحاولته الحذرة لتغطيتها بالملاءة.
لقد كانت مثل حيوان عاشب شعر بالتهديد من حوله.
حيوان عاشب لا يتخلى عن حذره أبدًا ولا يستطيع النوم لفترة طويلة لأن هناك الكثير من المخاطر الكامنة حوله.
“تفضلي بعض الماء.”
عرض ثيودور الماء على آنيت، التي استيقظت فزعة، لكنها صفعت يده بعصبية وأسقطت الكوب على الأرض.
تَدَفَّقت المياه الباردة على جسدها وبَلَّلَت بيجامتها الرقيقة التي كانت ترتديها.
رفع ثيودور الملاءة بسرعة وحاول مسح الرطوبة عن ملابسها.
عندها شعر أن جسدها قد أصبح هزيلًا مجدداً كما كان عندما التقى بها لأول مرة في مصحة إليسيا للأمراض العقلية.
بدا أن آنيت قد قبلت لمسته بهدوء هذه المرة، لكنها فجأة أبعدت يده عنها وبدأت في خلع ملابسها المبللة بالماء.
“مـ – مهلاً! انتظري إلى أن أخرج أولاً. سوف أطلب منهم إحضار ملابس نظيفة لكِ لترتديها، لذلك غطي نفسكِ بهذه الملاءة بينما أ …”
“هل تريد مني أن أعطيه لكَ؟”
“ماذا؟”
“سوف أعطيه لك.”
بدأت آنيت بطرح سؤال غير معروف ثم تحرّكت بنوايا غير معروفة.
ركعت آنيت على السرير بشكل مغري بينما اقتربت من ثيودور ببطء ولفت ذراعيها حول رقبته …
ثم بدأت في تقبيله.
لقد كانت قبلتها يائسة ومؤلمة إلى حد ما.
أمال ثيودور رأسه بشكل غريزي إلى القبلة، لكنه سرعان ما عاد إلى رشده، ودفع آنيت بعيدًا عنه على وجه السرعة.
لكن آنيت لم تتوقف.
حتى أنها أمسكت بملابس ثيودور وحاولت فك أزرار قميصه واحدًا تلو الآخر.
ومع ذلك، فإن جسدها، الذي لم يشرب حتى كمية كافية من الماء ناهيك عن تناول الطعام لعدة أيام، كافح دون أن تتمكن من فتح زر واحد حتى.
عندما لم تسر الأمور كما هو مخطط لها، زمت آنيت شفتيها في عدم رضا وغيرت هدفها.
انتزع ثيودور بسرعة وفزع اليد التي حاولت الوصول إلى سرواله.
“أنا أسألكِ ماذا تفعلين!”
“إذا فعلتُ هذا، هل ستتركني أذهب؟”
“عن ماذا تتحدثين؟”
“إذا أعطيتك جسدي، هل سوف تحميني؟”
“تكلمي بشكل واضح حتى أتمكن من فهمك.”
“لا. بعد كل شيء، سوف تتخلى عني عندما تنتهي فائدتي، أليس كذلك؟ لقد قلتَ ذلك منذ البداية.”
ابتسمت آنيت لفترة وجيزة، لكن ثيودور رأى ذلك على أنه صرخة استغاثة، وليس ابتسامة.
“عانقني.”
قمع ثيودور مشاعره المتخبطة وحضنها بين ذراعيه بيد حذرة بينما كان يُحاول مواساتها والتربيت على ظهرها ليجعلها تشعر بالراحة، لكنه في الوقت ذاته كان يتفادى بحذر لمس بشرتها العارية الناعمة.
أبعدت آنيت يد ثيودور الحذرة عنها بينما عبست في انزعاج.
“توقف عن التظاهر وكأنكَ رجل ساذج لم يفهم قصدي. أنا لا أمزح معك.”
بالطبع، عرف ثيودور أيضًا ما كانت تعنيه آنيت عندما طلبت منه أن يُعانقها …
لكن بغض النظر عن مدى برودة جسدها أو إصرارها العنيد على ذلك، إلا أن ثيودور لم يكن يرغب في لمس آنيت الآن.
“أخبريني لماذا تفعلين هذا.”
“لماذا تتصرف وكأنكَ لا تحب ذلك؟ أليس هذا هو سبب إصراركَ على بقائي بجانبك؟ أنتَ تريد الحصول على جسدي.”
“هذا مستحيل.”
“أسرع وعانقني الآن. تعال وسوف أتدحرج معك في السرير كما تشاء. يبدو أنني يجب أن أكون مفيدة بهذه الطريقة لتقوم بحمايتي.”
“حتى لو لم تفعلي أي شيء، فسوف أحميكِ دائماً.”
“كاذب.”
سخرت آنيت من كلماته كما لو كان لا يملك أي مصداقية.
استطاع ثيودور الآن رؤية الأذى التي تعرضت له آنيت في تلك الابتسامة المكسورة.
“لقد قلتُ بأنني سوف أفعل كل ما تريد، وسوف أتحرك كما تريد، وسوف أخبرك بكل ما أعرفه. ولكن لماذا لا يمكنك حمايتي على الإطلاق؟ لماذا تستمر في تعريضي لخطر الموت؟”
غطت آنيت جسدها وجلست على السرير.
أصبحت الكلمات التي انطلقت من ألمها سوطاً يجلد قلب ثيودور.
آنيت، التي كانت تُحدّق في ثيودور بنظرة ممتعضة، نهضت من السرير وتَرَنَّحَت بخطوات متعبة نحو زاوية الغرفة، ثم التقطت سواراً كان يحتفظ به على المنضدة وألقته عليه.
“أنا لستُ بحاجة إلى مثل هذه المجوهرات التافهة. ما فائدة الحجارة التي لا تستطيع حتى حمايتي من الموت؟ أنا أريد فقط أن أبقى على قيد الحياة وأن أعيش في أمان، لكن لماذا أنتَ لا تستطيع ضمان حتى مثل هذا الطلب الصغير لي؟ هل هذا لأنني لا أملك شيئاً يمكنني أن أعطيه لك في المقابل؟”
وطأت آنيت على الجواهر المتناثرة على الأرض واقتربت من ثيودور.
“لذلك سأعطيه لك. أنتَ تريد جسدي. سأعطيك هذا الجسد الذي لا ينتمي لي، لذا خذه بقدر ما تريد وافعل به ما تشاء طوال الليل والنهار. فقط أنقذني. خذ متعتك مني بقدر ما تريد لكن احمني في المقابل.”
“من فضلكِ توقفي عن هذا الهراء يا آنيت!! أنا لا أرغب بجسدكِ!”
لقد وعد ثيودور نفسه بأنه لن يغضب أو يوبخ آنيت أبدًا، لكنه شعر بالعجز.
هو فقط لم يستطع تحمل إنكار آنيت لحبه الصادق لها واعتبار جهوده بأكملها مجرد شهوة عابرة لجسدها.
“أنتَ من يجب عليه أن يتوقف عن هذا الهراء! أنا لستُ آنيت، وهذا ليس هو المكان المناسب لي. أنتَ تعرف كيف يمكنني العودة إلى عالمي، أليس كذلك؟ لكن على الرغم من أنك تعرف، لماذا ترفض إعادتي؟”
“إذا كنتِ تتذكرين كل شيء حقاً عن تلك الليلة الماطرة في كوخ أرض الصيد، فأنتِ تعلمين جيداً السبب الذي يجعلني عاجزاً عن إعادتكِ حتى لو أردتُ ذلك! أنا ليس لديّ خيار أيضاً. لقد اختفت تلك المرأة، آنيت شيرينجن، بعد أن قالت لي بأنها سوف تعود عندما أصبح إمبراطورًا وتركتني هناك دون أن تُعطيني أي تفاصيل إضافية!”
وأخيراً انفجر الغضب الذي حاول ثيودور جاهداً قمعه بداخله وصرخ في وجه آنيت بعصبية.
على الرغم من أنه حاول في البداية إقناعها وتهدئتها بلطف وصبر، إلا أن ذلك لم يكن كافيًا، لذا فَقَدْ فَقَدَ ثيودور السيطرة على أعصابه وانفجر غاضباً في وجهها …
على الرغم من أنه كان يعرف أن هذا خطأ.
انهارت آنيت على السرير عند سماعها صراخ ثيودور.
“هل حقاً … ألا توجد أي وسيلة لإعادتي إلى عالمي حقاً؟”
اختفت كل المشاعر من عينيها الفارغتين، وحتى الدموع لم تتدفق هذه المرة.
لكنها بعد كل شيء، كانت تطلب من شخص يُريد أن يتوسل إليها تحت قدميها بأن تبقى بجانبه، ليُخبرها بكيفية مغادرة عالمه …
لذلك لم يكن لدى ثيودور خيار سوى الصمت.
عندما رأت رد فعله، انفجرت آنيت في ضحكة خالية من المشاعر.
“عندما رأيتكَ لأول مرة في مصحة إليسيا، أمسكتُ بيدكَ وقَبلتُ مساعدتكَ لي على الرغم من أنني كنتُ أعرف أي نوع من الأشخاص أنتَ. على الرغم من أن الجميع وصفوك بالشيطان، إلا أنني اعتقدتُ أنك ملاك بالنسبة لي طالما أنك قد أنقذتَ حياتي واستمريتَ بحمايتي. على الرغم من أن الجميع كان يدعوك بصاحب الدماء الباردة والقلب القاسي، إلا أن الطريقة التي كنتَ تتعامل بها معي كانت دافئة، لذلك حاولتُ فهمكَ والتقرب منكَ أكثر بما أنني رأيتُ الجروح التي عانيتَ منها عن قرب …”
تدفقت ذكريات آنيت مع ثيودور من فمها.
“أنا … لقد أحببتكَ حقاً.”
لقد كان هذا هو الشيء الوحيد الذي أراد ثيودور سماعه منذ فترة طويلة، لكنه كان فظيعًا للغاية الآن وشعر وكأنه يقوم بتحطيم قلبه إلى أشلاء.
كان ليكون من الأفضل لهما لو أنهما لم يكن لديهما أي مشاعر تجاه بعضهما البعض.
لو أن ثيودور لم يشعر بالانجذاب نحوها قط، ربما لم تكن آنيت لتشعر بهذا القدر الرهيب من الكراهية وخيبة الأمل الآن.
كما حذرته آنيت في البداية، لقد كان عليه فقط التظاهر بحبها وأن لا يقع في حبها أبداً.
“لكنكَ يا ثيودور … لقد قمتَ بخيانتي. بدلاً من إعطائي حياتكَ، الشيء الوحيد الذي أردته منكَ هو سلامتي، وقد خنتني بعدم قدرتك على حمايتي.”
شعرت آنيت بالخيانة من قبل ثيودور.
لماذا لم يُدرك ذلك عاجلاً؟
لقد كان سبب تعاطفها معه، هو الذي عاش طوال حياته تحت التهديدات بالقتل، هو خوفها من أن تقع في مثل هذه المواقف.
لقد أشفقت آنيت على ثيودور، الذي كان يعيش أكبر مخاوفها كل يوم.
مقابل هدفها المتمثل في جعل ثيودور إمبراطورًا، كل ما أرادته آنيت هو سلامتها.
لقد طلبت منه فقط أن يُبقيها آمنة وعلى قيد الحياة حتى يحين وقت مغادرتها هذا العالم.
لكنه قام بخيانة ثقتها ولم يستطع إبقاءها آمنة …
لذلك لم يكن بإمكان آنيت أن تغفر له ذلك.
“لكن كما تعلم … حتى في هذه الحالة التي أعيشها، الشخص الوحيد الذي يمكنني الوثوق به في هذا العالم هو أنتَ. وهذه الحقيقة تجعلني بائسة لأقصى حد.”
على الرغم من أن محنة آنيت بدأت بسبب ثيودور، إلا أنه كان الوحيد الذي يستطيع حمايتها في هذا العالم.
عندما يكون ثيودور بعيداً عن قصر فلوريس، ولو لفترة قصيرة، كانت آنيت تعاني من قلق لا نهاية له.
لقد كانت تشعر وكأن قلبها سوف يتوقف من الخوف في أي لحظة، كما لو أن أحدًا ما سوف يكسر الباب أو النافذة وسوف يدخل عليها في أي لحظة ليطعن قلبها بالسكين.
لقد كانت خائفة جدًا، لذلك شعرت أن المكان الأكثر أمانًا هو غرفة ثيودور.
“لكنني لستُ بحاجة إليكَ بعد الآن.”
حتى ابتسامتها القسرية الخافتة اختفت ولم يتبقى في وجهها سوى تعبيرها الخالي من الحياة.
قاد حزنها هذا ثيودور إلى حافة اليأس.
“ليست هناك أي حاجة لحمايتي بعد الآن. إذا لم تكن سوف تتركني أعود إلى عالمي، فسوف أموت في عالمك هذا أمام عينيك.”
جعلت تلك الكلمات الصغيرة ثيودور يشعر وكأنه يقف على حافة الهاوية.
“أبداً.”
رفع ثيودور رأس آنيت وجعلها تنظر إلى عينيه اللتان كانتا ترتجفان من الخوف.
“لا يمكنكِ أن تموتي. لن أترككِ تموتين أمام عيني أبداً. سوف أنقذكِ حتى لو كان ذلك يعني التخلي عن كل ما تبقى لي من حياتي لأجلكِ.”
“إذا أنقذتني، فلن يكون لدي خيار سوى أن أكون بجانبك، لكنني لن أحبك أبدًا.”
“هذا يكفيني.”
لم يكن حبها له مهمًا ما دامت بجانبه.
لقد كان هذا بالضبط ما أراده (؟)
حتى لو كانت آنيت في حالة يُرثى لها، فقد كان من الأفضل له أن تبقى بجانبه بدلاً من أن تتركه وراءها.
لقد كان من الكافي بالنسبة له أن يُشاركها محنتها وأحزانها.
لقد كان يعرف أن آنيت قد سئمت من هذا العالم، لكنه لم يستطع أن يتركها تذهب.
أجبر ثيودور زوايا فمه على الابتسام ليُخفي القلق بداخل قلبه المهتز.
صفعت آنيت يد ثيودور بقوة لتُبعده عنها ثم غادرت غرفته ببرود.
في اللحظة التي رآها فيها وهي تختفي من أمامه، ظهرت مشاعره ثيودور الحقيقية على وجهه واستبدلت ابتسامته بالخوف والقلق.
لقد كان ثيودور يعتقد أنه لن يكثرت بأي شيء طالما تبقى آنيت في قصر فلوريس معه، لكن لم يكن الأمر كذلك …
كيف يمكنه أن يتحمل رؤيتها تُدير ظهرها له بهذه الطريقة مرة أخرى؟
لم تكن مهمة إدارة كتفيها الرقيقتين بالقوة لتنظر إليه مجدداً بالأمر الصعب، لكنه إذا فعل ذلك، فلن تبتسم له آنيت أبدًا لبقية حياتها.
لكن مخاوفه كانت قصيرة الأجل.
إذا قررت آنيت أن تُدير ظهرها له، فكل ما عليه أن يفعله هو أن يجعلها تستدير لتنظر إليه مجدداً.
إذا كانت آنيت لا تزال على قيد الحياة بجانبه، فقد كان متأكداً من أنها سوف تنظر إليه لمرة واحدة على الأقل قبل أن يموت.
ما كان مهماً حقاً هو أنه طالما ما تزال آنيت تعيش في هذا العالم، فلن تتمكن من ترك جانبه أبداً.
في الوقت الحالي، كل ما استطاع ثيودور التفكير فيه هو ما قد يمنعها من تركه، لذلك لم يكن لديه الوقت للتفكير في أي شيء غير ذلك.
لقد كان هذا خطأ ارتكبه رجل أدرك معنى مشاعر الحب متأخراً لكنه لم يتعلم كيف يُحِبّ الآخرين في حياته.
──────────────────────────
~(اتركوا أي ملاحظات بقسم التعليقات، سأقرؤهم كلهم 😊)~
──────────────────────────
أو بإمكانكم التواصل معي مباشرة على الانستغرام لأي استفسارات.
🌸الانستغرام: Asli_Khadija7@
──────────────────────────