سبب رغبة الشرير في امتلكِ - 83
──────────────────────────
🌷 الفصل الثالث والثمانون –
──────────────────────────
سرعان ما نام ثيودور في مكتب آنيت.
يبدو أنه قد تعب كثيرًا مؤخرًا.
شعرت آنيت بالحزن قليلاً لأنها لو كانت تعلم أنه كان متعباً لدرجة أن ينام على أريكة مكتبها غير المريحة، لكان من الأفضل أن تعتني به جيدًا أثناء نومه وتُغلق الستائر وتُغطّيه بملاءة ما.
لكن ثيودور لم يسمح لها ولو للحظة واحدة بالوصول إلى حبل الجرس واستمر في إمساك يدها بعناد حتى أثناء نومه.
ربما كان يفعل ذلك من أجل أن لا تستدعي أي خدم، ولكن بطريقة ما شعرت أن يده كانت تُمسك بها لمنعها من الذهاب بعيدًا عنه.
في النهاية، اتكأت آنيت على الأريكة أثناء نومه ونامت معه.
لم تتمكن آنيت أيضًا من النوم أبداً مؤخرًا، لكنها نامت بسرعة هذه المرة.
عندما فتحت آنيت عينيها مرة أخرى، كان الظلام قد حلّ وكان ثيودور قد اختفى، ووجدت نفسها مستلقية على الأريكة …
لكن الجو لم يكن بارداً لأنها كانت مغطاة ببطانية.
* * *
وبينما استمرت الاحتجاجات في الخارج، غالبًا ما كان ثيودور يقضي وقت فراغه مع المتظاهرين يستمع إلى شكاويهم.
وسرعان ما انتشرت الشائعات بأن ثيودور يزور موقع الوقفة الاحتجاجية شخصيًا لتقديم المشورة والمساعدة اللازمة للمتضررين.
كان الناس الذين لا علاقة لهم بالمظاهرات يأتون إلى أمام قصر شيرينجن أيضاً لأنهم كانوا فضوليين بشأن الدوق الأكبر.
بدأ الناس يحملون تقييماً إيجابياً جديداً لثيودور في أذهانهم، وبدأ الرأي العام السلبي يتشكل ضد المتظاهرين الذين لم يتفرقوا رغم معاملة الدوق الأمبر والماركيزة الجيدة لهم.
ويبدو أن الضحايا أيضًا أصبحوا يُريدون إنهاء هذا الاحتجاج والتراجع.
هذا لأنهم حصلوا على العلاج المجاني الموعود في المستشفى، والأهم من ذلك، وعدتهم آنيت بتعويض غير متوقع.
وعندما أصبح معروفاً للملأ أن الدوقة الكبرى كانت تُخطّط لبناء مذبح يحمل لقب “مولر” بعد الانتهاء من كاتدرائية ريجينز، لعب ذلك دورًا حاسمًا في تليين قلوب الضحايا.
كان معظم المشردين يحملون لقب مولر.
لذلك، عندما قالت الدوقة الكبرى ذات المكانة النبيلة أنها ستصنع لهم مذبحًا مقدسًا، أصيبوا بالصدمة، لكنهم تأثروا بهذه المعاملة الكريمة التي تلقوها لأول مرة في حياتهم.
لقد خرج أولئك الذين وقعوا كضحايا في حادث الكاتدرائية للاحتجاج على أمل الحصول على مبلغ صغير من المال كحد أقصى، لكن لم يتوقع أحد الحصول على تعويض كبير حقًا مثل هذا.
ظن أولئك الذين استمروا في الاحتجاج في الشوارع أنهم قد حطموا روح ثيودور عبر تناول الطعام عالي الجودة الذي أمر الدوق الأكبر بإعداده بنفسه لمدة ثلاثة دون أن يفكوا الاحتجاج، لكن في الحقيقة، كانوا هم الذين تحطمت روحهم المعنوية بعد أن تم إرهاقهم من طرف أسئلة الصحفيين الفضوليين التي لا تنتهي حول سبب استمرار الاحتجاجات رغم تلقي التعويضات المُطالب بها.
شعر أدولف أن هناك خطباً ما، لكنه لم يتمكن من تفريق المتظاهرين دون أوامر من هوغو، وفي الكفة الأخرى، لم يتمكن من الجدال بشراسة مع الأشخاص الذين فقدوا دوافعهم وقرروا التخلي عن الوقفة الاحتجاجية.
الاحتجاجات لم تعد احتجاجات بعد الآن.
حاول الصحفيون استغلال المتظاهرين لانتقاد الدوق الأكبر وزوجته، لكنهم لم يحصلوا على أي شيء سوى الخبز اللذيذ المخبوز في قصر فلوريس.
كان السيناريو الذي رسمه ثيودور يعمل جيداً بشكل غامض ولم يكن ليحدث أي شيء سيئ إذا بقيت الأمور تسير كما هي الآن، لكن آنيت لم تستطع التكهن بمتى قد تنقلب الظروف ضدهم وتميل الكفة لصالح هوغو.
لذلك كانت آنيت تنوي الاستعانة بمساعدة لاسيسيا لإنهاء هذه الاحتجاجات.
نظرًا لأن لاسيسيا كانت تتطوع في ورشات خيرية لفترة طويلة، فقد حظيت بسمعة جيدة للغاية بين الفقراء والمشردين أكثر من رجال الدين، وباستخدام علاقتها القوية مع عامة الناس، سوف تتمكن من إقناع المتظاهرين بالتراجع بسلام وفك الاحتجاج.
ولهذا السبب أرسلت آنيت دعوة إلى لاسيسيا، لكنها لم تستجب لها.
لذلك لم يكن لدى آنيت خيار سوى التظاهر بأنها مجرد صدفة وتدبير لقاء مع لاسيسيا في الصالون الاجتماعي.
“لقد مرّ وقت طويل منذ أن رأيتكِ آخر مرة.”
“هذه هي المرة الأولى التي لا تأتين فيها إلى نادي الكتاب منذ آخر مرة رأيتكِ فيها في الحفل الخيري.”
“لقد كنتُ مشغولة قليلاً بسبب بعض المشاكل التي لا يمكن تجنبها. سوف أحاول الحضور بالتأكيد في الاجتماع القادم.”
“حسنًا، أتمنى أن تُحل هذه المشاكل قريباً.”
أعربت لاسيسيا عن قلقها بشأن آنيت، لكنها لم تسألها عما حدث.
على الرغم من أنها كانت تعرف بالفعل كل ما يحدث وحتى أنها قد تكون خمّنت بالفعل الغرض من قدوم آنيت إلى الصالون الاجتماعي اليوم، إلا أنها استمرت بادعاء السذاجة وقررت عدم فتح الموضوع.
عندما لاحظت آنيت هذا، قررت أن تدخل في صلب الموضوع مباشرة بلا خجل.
“في الواقع، من الصعب عليّ قليلاً حل المشاكل التي أواجهها مؤخراً، لذلك جئتُ لطلب مساعدتكِ يا لاسيسيا.”
“لم أتوقع منكِ أن تطلبي مني هذا مباشرة في مكان به الكثير من الناس.”
أخيرًا، عندما وصلت آنيت إلى هذه النقطة، ابتسمت لاسيسيا.
ربما لم تكن تتوقع أن تطلب منها المساعدة في الأماكن العامة.
في الواقع، كان من الشائع أن ينسى النبلاء كبريائهم لتقديم طلبات، مهما كانت تافهة، لكن ذلك يكون في الخفاء.
“إذن أنتِ تعرفين بالفعل ما سوف أقوله لكِ.”
“لكنني مضطرة إلى سماعكِ في النهاية، أليس كذلك؟”
بناءً على كلمات لاسيسيا، ضغطت يد آنيت التي كانت تحمل فنجان الشاي ببعض القوة.
لقد كان لديها شعور سيء بأنه سيكون من الصعب عليها تحقيق هدفها بإقناع لاسيسيا اليوم.
“كما توقعتِ، أنا أود أن أطلب مساعدتكِ في أمر الاحتجاجات.”
“لا أستطيع تقديم أي مساعدة لكِ.”
“لستِ مضطرة لفعل أي شيء، سيكون من المفيد جدًا بالنسبة لي أن تتمكني فقط من الوقوف بجانبي بصمت للحظات أثناء لقائي بالمحتجين.”
“الموضوع ليس أن أكون مضطرة لفعل شيء كبير أو صغير، بل أنني لا أستطيع مساعدتكِ البتة. لقد تخلى زوجي عن كل شيء ليعيش حياة مستقلة عن السياسة. لذلك لا أستطيع أن أدخل في هذه الدوامة مرة أخرى من أجل أي شخص كان، حتى لو كان هذا الشخص هو أنتِ ذات نفسكِ يا صاحبة السمو الدوقة الكبرى.”
“بما أنكِ تتكلمين بهذا الحزم، فأنا لا أستطيع أن أُصِرَّ على طلبي مرتين.”
“أنا سعيدة لأنني لستُ مضطرة إلى مواصلة رفض طلبكِ بشكل غير مريح.”
لو أن لاسيسيا أهانت آنيت ثم رفضت طلبها، لكانت آنيت قد حاولت دفعها أكثر والإصرار عليها بطريقة أو بأخرى.
لكنها لم تستطع فعل ذلك لأن لاسيسيا رفضت بشكل صادق ومحترم دون تقديم أي تفاصيل غير ضرورية.
“أعلم أن هذا فظ، لكنكِ شخص مثير للاهتمام حقًا أيتها الماركيزة. على الرغم من أنني أحاول تجاهل هذا السؤال، إلا أنه يزعجني بشكل غريب.”
“أنا؟”
“هناك الكثير من الطرق لإخافتي أو تهديدي لمساعدتكِ، لكنكِ لم تحاولي استخدام أي منها. لماذا؟”
“لأن هذه المشكلة يُمكن حلها حتى بدون مساعدتكِ يا لاسيسيا. لكن لأكون صادقة معكِ، مازلت أبحث عن طرق لمهاجمتكِ وتهديدكِ بالانضمام إلى صفي. لذلك أنا أعتذر مقدمًا قبل أن يأتي ذلك اليوم الذي قد أفعل فيه هذا.”
“هذه المحادثة الصادقة ممتعة حقًا. أنتِ تُدلين بتعليقات تهديدية دون تردد، لكن تجعلين من الصعب على المرء أن يكرهكِ. كما أنكِ تفعلين الكثير من الأشياء الجيدة التي لا تتماشى مع سمعتكِ السيئة. بصراحة، لم تكن لدي أي فكرة على أنكِ قد تدعمين مستشفى فافوريتن بهذه الفعالية.”
سكبت لاسيسيا الشاي في كوب الشاي الفارغ الخاص بها ثم ملأت كوب آنيت أيضًا.
لم تكن آنيت تُحب الشاي، خصوصاً الأسود، لكنها كانت تروي عطشها الناتج عن التوتر بالكوب الذي ملأته لاسيسيا لها.
“أعلم أنكِ ربما تريدين شيئًا ما من زوجي، لكن لا يمكننا أن نُعطيه لكِ. آمل ألا تشعري بخيبة أمل من كلماتي هذه. أنا أعامل الجميع بنفس الطريقة التي أعاملكِ بها أيتها الماركيزة. بل من الممكن حتى أنني أعاملكِ بشكل مميز عن الآخرين.”
“مميز؟ لقد رفضتِني حتى قبل أن أقول لكِ أي شيء. وبما أنك تحدثتِ أولاً، سأقول أيضًا ما لديّ دون أي ضغط. لا يمكنكِ يا لاسيسيا البقاء في عزلة إلى الأبد ولا حتى البقاء في موقف حيادي بيننا أنتِ لستِ معزولة تمامًا عن العالم الاجتماعي بوضعكِ الغامض هذا. ألم يحن الوقت المناسب للتوقف عن انعزالكِ والبدء في البحث عن حليف مناسب لكِ؟”
“السبب الذي يجعلني أزور الصالونات الاجتماعية والتجمعات الأرستقراطية من حين لآخر هو استجداء المساعدة والتبرعات الخيرية لا غير. سوف أصمد لأطول فترة ممكنة حتى لا أفشل في تحقيق أي من أهدافي.”
تنهدت آنيت بهدوء.
وكما قالت لاسيسيا، كان من السهل جدًا إقناعها بالوقوف إلى جانبها عبر التهديد.
كل ما كان عليها فعله هو منع أولئك الذين يدعمون الورشات الخيرية من تقديم التبرعات.
وبما أن لاسيسيا كانت صادقة في عملها التطوعي، فإنها سوف تنحني وتقف بصف آنيت قسراً إذا انقطعت جميع الأموال عن أعمالها الخيرية.
لكن إذا حدث ذلك، فإن الضرر سيقع بالكامل على الفقراء الذين كانوا يتلقون المساعدة.
ولذلك كانت لاسيسيا تقول كلامها هذا في وجه آنيت دون تحفظ؛ هذا لأنها كانت متأكدة من أنها لن تصل إلى هذا الحد.
لقد قيّمت لاسيسيا آنيت على أنها صادقة، ولكن في الواقع، كانت لاسيسيا هي الشخص الذي أظهر مشاعره الحقيقية دون إضافة أو طرح.
ولكن في الوقت نفسه، كان الأمر أكثر إحباطًا لأنها لم تكن مهتمة بالمشاركة في السياسة.
كان لدى آنيت شعور داخلي بأن موقفها هذا لم يكن فقط لأنها لا تحب السياسة وتريد الابتعاد عنها.
من الواضح أن رفض لاسيسيا كان لسبب آخر مخفي تماماً.
“لا أعرف ما إذا كنتِ قد لاحظتِ ذلك أم لا، ولكنني لا أكرهكِ أيتها الماركيزة.”
“وااو~ أنا لم أكن أملك أدنى فكرة عن هذا. سيكون من الرائع أن تخبريني في المرة القادمة عن كم تُحبّيني جداً بشكل أكثر تفصيلاً يا لاسيسيا. لقد كنتُ أعتقد أنكِ تكرهينني بوضوح بما أنكِ قد رفضتِ طلبي على الفور.”
بينما اشتكت آنيت مثل الأطفال متظاهرة بالسذاجة، ابتسمت لاسيسيا بلطف.
“إذا أردتِ التواصل معي لأي سبب آخر، فسوف أكون سعيدة بتلبية دعوتكِ.”
“حسنًا. لكنني أعتقد أنكِ سوف تكرهين كل المواضيع التي قد أطرحها.”
“ولكن ما زال يمكننا تناول الشاي معًا، أليس كذلك؟”
“بالطبع. بالنسبة لي، أنا ممتنة إلى حد ما لقضاء هذا الوقت المريح معكِ.”
تنهدت آنيت، التي كانت محبطة بسبب رفض لاسيسيا لمساعدتها، لكنها رغم ذلك طلبت المزيد من الشاي والكعك ببعض الحماس.
على الرغم من أنها كانت قلقة بشأن الاحتجاجات التي سوف يكون عليها التعامل معها بمفردها الآن، إلا أنها اعتقدت أنها يجب أن تُفرغ ذهنها حالياً من كل تلك الأفكار وترتاح قليلاً من الضغوطات عبر قضاء بعض الوقت الهادئ مع لاسيسيا.
بينما كانت آنيت تمضغ الكعكة ببعض النهم، نظرت لاسيسيا إليها بعيون فخورة إلى حد ما.
أصبحت آنيت متشككة من تلك النظرة لذلك أزاحت عينيها عن الكعكة ونظرت إلى لاسيسيا في حيرة.
عندما التقت أعينهما، ابتسمت لاسيسيا قليلاً وسألتها:
“ألا تُخططين للعودة إلى منزل زوجكِ؟”
“كح كح-!! ما الذي جعلكِ تطرحين هذا الموضع فجأة …؟”
كادت آنيت أن تبصق الكعكة في فمها.
بدأت لاسيسيا تضحك حينما قامت آنيت ببلع الكعكة التي علقت في حلقها بشكل عاجل عبر شرب الشاي.
“كانت هناك شائعات سمعتُها قبل الاحتجاجات وهي أن الدوق الأكبر وزوجته انفصلا عن بعضهما البعض.”
“نحن نعيش بشكل منفصل لأن لدى كل منا مسؤوليات عائلية ولقب خاص به، ولكن لا توجد أي مشكلة في علاقتنا.”
“لقد عشتُ حياتي كلها مع زوج بارد. لا أعرف كيف هم الشباب هذه الأيام، لكن المشكلة الكبرى هي أن نفس الأخطاء تتكرر بين الأزواج بغض النظر عن الجيل. أعتقد أنني الآن أكبر سناً، ولذلك أريد التدخل في شؤون الأزواج الشباب ومساعدتهم.”
تصرفت لاسيسيا وكأنها لم تسمع أعذار آنيت الواهية على الإطلاق.
كان بإمكان آنيت أن تفكر في طرق عديدة لوقف الاحتجاجات، ولكن بغض النظر عن مدى تفكيرها في ثيودور، لم تتمكن من إيجاد حل له.
قد تكون آنيت أكثر خبرة في الاستراتيجيات السياسية، ولكن عندما يتعلق الأمر بالعلاقات العاطفية، فإن الخبرة التي تأتي مع الزمن كانت تمنح لاسيسيا الإجابة الأكثر حكمة.
لم تعرف آنيت كيف شعرت لاسيسيا بذلك، لكن لاسيسيا شعرت بالتأثر قليلاً عندما أدركت تخبط آنيت في حياتها الزوجية وإحباطها الذي أرادت التنفيس عنه في مكان ما.
“كما تعرفين، أنا و زوجي مشهوران كـطيور الحب زيدليتز، لكننا لم نكن هكذا دائماً.”
أرادت آنيت أن تُخبر لاسيسيا أن مشاكلها مع ثيودور مختلفة جذرياً عن أي مشكلة فد تخطر على بالها، ولكنها هذه المرة شعرت أن لاسيسيا كانت تفهم المشاعر التي بأعماق قلبها والتي كانت تُخفيها عن الجميع.
“لقد فكرتُ أكثر من أي شخص آخر في ماهية العلاقة الزوجية. من أجل أن أبقى متزوجة بدون أطفال، كنتُ بحاجة إلى التفكير بجدية أكثر من الآخرين لإنجاح علاقتي مع زوجي وضمان استمرارها في المستقبل.”
“آه …”
فتحت آنيت فمها بحذر، وتذكرت قصة الزوجين زيدليتز.
──────────────────────────
~(اتركوا أي ملاحظات بقسم التعليقات، سأقرؤهم كلهم 😊)~
──────────────────────────
أو بإمكانكم التواصل معي مباشرة على الانستغرام لأي استفسارات.
🌸الانستغرام: Asli_Khadija7@
──────────────────────────