سبب رغبة الشرير في امتلكِ - 67
──────────────────────────
🌷 الفصل السابع والستون –
──────────────────────────
لم تستطع آنيت تذكر كيف عادت إلى غرفة نومها.
لقد شعرت أن يد ثيودور كانت لا تزال تمسك بها.
في اللحظة التي ضغط فيها بشفتيه على شفتيها، نسيت كل شيء وكادت أن تدفن نفسها بين ذراعيه، لذلك كان عليها أن تكافح لكبح جماح نفسها من الاستجابة له في تلك القبلة.
لكن لا بد من أن يكون ثيودور قد لاحظ عقل آنيت المهتاج.
بالطبع، من تلك المسافة القريبة، كان من المستحيل أن لا يشعر بارتجاف شفتيها المترددة.
كان ثيودور مضطربًا أيضًا، لكنه لم يستفسر عن تصرفاتها أكثر.
لم يعرف أي من آنيت ولا ثيودور ماهية مشاعر بعضهما البعض، رغم أنه كان من الواضح ما تعنيه المشاعر الخفية التي نشأت بين الاثنين.
لكن تلك المشاعر كانت ببساطة شيئًا غير مقبول.
لم تكن تلك المشاعر مجرد جاذبية سطحية غير محسوسة سوف تختفي مع مرور الزمن، لذلك كان على آنيت أن تنهيها بشكل أسرع قبل أن تتفاقم إلى شيء أكبر.
رغم أن المشاعر بدأت تتفتح داخل قلبيهما بالفعل، لكن آنيت أرادت إنهاءها قبل أن تصبح أعمق.
حتى لو لم تظهر تلك المرأة الغجرية فجأة في ذلك اليوم وقامت بتحذيرها، لكانت آنيت قد نبهت نفسها بنفسها.
‘كلما اقتربتُ من ذلك الرجل، كلما ابتعدتُ عن نفسي.’
‘إذا أحببته، سأفقد نفسي.’
‘فكري في أيهما أكثر أهمية، ثيودور أم نفسك.’
تساءلت آنيت بلا نهاية عما إذا كانت هذه المشاعر شيئاً يستحق أن تتخلى عن عالمها من أجله.
منذ ذلك اليوم …
منذ اليوم الذي رأت فيه ثيودور وهو يقترب منها في التلة بجانب مزرعة الكرم …
بينما كانت آنيت تداعب سيلفر على التل وسط الريح الناعمة، سمعت صوت حصان يطقطق من بعيد، وبعد فترة ظهر ثيودور.
في الواقع، كانت آنيت تعلم أنه قادم، لكنها تظاهرت بأنها لم تلاحظه.
لقد تظاهرت بأنها لم تكن واعية باقترابه منها حتى سقط ظله فوق رأسها.
لقد ضحكت في ذلك اليوم بصوت عالٍ وتجاهلت وجوده عن قصد، وتظاهرت بأنها كانت تتحدث مع الكلب.
ثم اقترب ثيودور منها ومد يده لها …
“أنا هنا لاصطحابكِ.”
كان المكان الذي سوف يأخذها إليه ثيودور مثل ساحة المعركة، لكن آنيت أمسكت بيده على الرغم من معرفتها أنها إذا قفزت إلى تلك المعركة فسوف تتأذى.
لأنه في تلك اللحظة…
بدا أن ثيودور لن يسمح لأي مكروه بأي يمسها.
عندما نظر ثيودور إلى آنيت وسقط ظله على رأسها، كان بإمكانها رؤية السماء الزرقاء العميقة فوق اللون الداكن لظله.
لكن ما نظرت إليه آنيت عن كثب في ذلك اليوم كانت هي عيون ثيودور.
بين السماء الزرقاء والظلال القاتمة، كان بإمكانها رؤية عيونه الزرقاء العميقة.
لقد رأت آنيت ذلك واعتقدت أن عيونه كانت تبدو وكأنها قطعة من البحر تطفو في السماء.
لم تفكر وقتها في أنه شرير قد قتل عددًا أكبر من عدد الأشخاص الذين قام بإنقاذهم.
لقد اعتقدت فقط أنه كان هناك شيء ما مختلف في تلك العيون الواضحة التي كانت تنظر إليها.
لم تعرف آنيت طبيعة الجاذبية التي شعرت بها تجاهه في ذلك اليوم، لكن لسبب ما، بدا أن مكانها أصبح بجانب ثيودور.
هل سألها لماذا كانت غاضبة؟
لأن هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكنها فعله.
كل ما يمكن أن تفعله آنيت المسكينة في هذه العلاقة المستحيلة هو البكاء أو التوسل.
لكنها لم ترغب في القيام بالأمرين، لذلك أصبحت غاضبة.
عضت آنيت شفتيها وتحملت الألم لأنها أرادت إخفاء رغبتها في أن تكون محتضنة بقوة بين ذراعي ثيودور الآمنة.
“هذا خطأ. أنا لا أكرهكَ، أنا أكره نفسي.”
أنا أكره نفسي لكوني عاجزة أمامك.
لم تستطع آنيت تحمل نقل هذه المشاعر المدفونة في قلبها إلى ثيودور.
فتحت آنيت باب غرفتها واستلقت على السرير، وقمعت رغبتها في الذهاب إلى ثيودور.
إذا كانت تريد الهروب من هذا العالم بنجاح، فلا يجب أن تعتاد على القيود.
لا مزيد من المشاعر الإنسانية نحو ثيودور بعد الآن.
بمجرد أن أدركت آنيت هذا، قررت مغادرة قصر فلوريس.
لقد قررت أن تبتعد عن ثيودور جسديًا على الأقل، وربما هكذا سوف تجعله بعيدًا عن قلبها وذهنها أيضاً.
في اليوم التالي، عندما أوشكت آنيت أن تطلب من الخدم حزم أمتعتها للذهاب إلى قصر شيرينجن، أدركت أنها لم تكن تملك شيئًا في هذا العالم.
من المستحيل أن تملك أغراضاً في مكان ليس حتى عالمها الخاص.
حتى الجسد الذي كانت تعيش بداخله لم يكن جسدها الخاص، فكيف يمكن أن تكون الملابس التي ترتديها لها؟
لقد ارتدت فقط الملابس التي كانت ترتديها عادة وخاتم الزواج على يديها مع خاتم النسر الخاص بالماركيز ثم توجهت إلى قصر شيرينجن دون أي أمتعة إضافية.
لقد خرجت مثلما جاءت إلى قصر فلوريس لأول مرة.
فوجئ الكثير من الناس بنبأ رحيلها، لكن لم يستطع أحد منعها.
كان ثيودور هو الشخص الوحيد الذي يمكنه منعها، لكنه لم يظهر إلا بعد أن غادرت آنيت في العربة.
* * *
“هيا-!”
كان صوت العربة المغادرة مرتفعًا بشكل خاص في ذلك اليوم.
شاهد ثيودور زوجته تغادر القصر من نافذة الغرفة التي كانت تُرسم فيها لوحة آنيت.
كان يمكنه رؤية آنيت وهي تغادر المنزل حتى من الردهة البعيدة حيث نادرًا ما يأتي الناس.
أدار ثيودور رأسه بعصبية بمجرد مغادرتها.
لقد رحلت تلك المرأة من المكان، ولكنها تركت لوحتها وراءها.
في اللوحة التي كانت لا تزال غير مكتملة، كانت آنيت تنظر إلى ثيودور بعيونها الخضراء الفاتحة.
في النهاية، تركت آنيت ثيودور مع لوحتها في هذا القصر الكبير وغادرت بعيداً عنه.
لم يكن هناك أي تردد في قرارها.
هي لم تفكر حتى في الالتفات له ورؤية كيف كان يشعر كما لو أنها لم تكن تشعر بأي ندم من قرارها.
عندما نظر ثيودور إلى لوحة آنيت في ثوب الزفاف، انفجرت المشاعر التي دفنت في قلبه لفترة طويلة.
الاستياء… الشعور بالخيانة… الخذلان وخيبة الأمل الناتجة عن تحطم كل تلك المودة التي كانت تجمع بينهما في أحد الأيام.
لقد كانت هذه كلها مشاعر حاول ثيودور محوها من حياته.
أليست هذه الكلمات هي المشاعر غير المجدية التي يشعر بها المرء عند إعطائه المودة للآخرين؟
إذا كان لا يتوقع تلقي المودة من الناس، فلم يكن يجب أن يحمل مثل هذه المشاعر تجاه أحدهم.
لقد ظن ثيودور أنه قد نسي كل المشاعر التي يشعر بها الضعفاء.
لقد اعتقد أنه قد أصبح شخصًا قاسيًا دون مشاعر أو عواطف.
ومع ذلك، يبدو أن قلبه البشري الذي اعتقد أنه قد مات منذ زمن طويل قد عاد للحياة من جديد دون أن يدرك ذلك.
ربما هو لم يكن جاداً في موضوع الانتقام مثلما كان يعتقد؟
إذا نظر إلى الوراء، لم يكن الانتقام هو السبب الوحيد وراء رغبته في أن يصبح إمبراطورًا.
كانت ذكريات طفولته القاسية هي المحرك الرئيسي لهذه الرغبة، تلك الذكريات التي ظن أنه قد دفنها مع قلبه في الماضي.
بالطبع، كان الأشخاص الذين يُريد أن يُظهر لهم أنه يستطيع أن يصبح إمبراطورًا، والذين هم أمه وأبوه، جميعًا ميتين الآن.
لكن رغم ذلك، كان لدى ثيودور سبب أهم للانتقام من السخرية التي تعرض لها طيلة حياته.
لقد كان يسعى لأن يصبح إمبراطوراً لأنه كان يعتقد أن هذه هي الطريقة الوحيدة التي سوف يستطيع أن يعيش بها وأن لا يفقد نفسه في دوامة هذا العالم القاسي.
كما كانت هناك الكثير من الأشياء التي كان يريد أن يثبتها للعالم كإمبراطور.
لقد أراد أن يثبت مقدار الموهبة التي قد يمتلكها الأمير الثاني غير الشرعي مختلط الدماء والذي يعتبره الجميع مجرد نكرة.
كان هناك وقت كان فيه الانتقام هو كل شيء بالنسبة له حتى لو كان يفتقر للموهبة من أجل فعل ذلك، لكن ثيودور اعتقد أنه يستحق حقًا أن يكون إمبراطورًا.
هل هذا لأن آنيت كانت بجانبه وكانت تأمل في أن يصبح إمبراطورا جيداً؟
غالبًا ما أصبح ثيودور يحلم بأمه ماريا هذه الأيام.
وكانت أمه تلك تُحضر معها الذكريات التي نسيها ثيودور بشق الأنفس.
ذكريات اللحظة التي تخلى فيها والديه عنه.
أنجبت ماريا ثيودور رغبة منها في ألا يتخلى عنها دومينيك.
لم يكن لدى المرأة، التي لم تكن تملك سوى الجمال وكانت تريد من الإمبراطور السابق أن يبادلها الحب، خيار سوى أن تنجب طفلاً منه لتربطه بها للأبد.
وُلِد ثيودور لرجل وامرأة أحبا بعضهما البعض أكثر من أي شخص آخر، لكنه لم يكن مباركًا.
كان على ثيودور، الذي أحدث الفوضى بولادته عن غير قصد، أن يعيش تحت ظل ماريا.
لقد كان يُعتبر فقط بمثابة قيد يربط ماريا مع الإمبراطور.
بتعبير آخر، عندما يكون الاثنان في علاقة جيدة، يصبح ثيودور بلا فائدة.
كان ثيودور طفلاً فاسدًا يتمنى أن يتشاجر والديه دائما لأنه كان يتمنى أن تأتي والدته إليه وتهتم به قليلاً.
لكن لسوء الحظ، لم يكن الإله إلى جانب ثيودور حتى في تلك الأيام، وكانت العلاقة بين أمه وأبيه جيدة حتى الموت.
لم تأتِ اللحظة التي كانت ماريا في حاجة فيها إلى ثيودور.
بفضل هذا، تمكنت ماريا من أن تعيش حياتها القصيرة كإمبراطورة وزوجة جيدة.
لكن في النهاية، فشلت فشلًا ذريعًا باعتبارها أم.
في الأيام التي كانت تتشاجر فيها مع الإمبراطور، كانت ماريا تصبح أماً لطيفة لابنها.
لقد كان تفعل ذلك فقط لتثبت أنها كانت على اتصال أزلي مع الإمبراطور بواسطة إبنه، لذلك كانت تقوم برعاية ثيودور كلما شعرت بعدم الارتياح بشأن علاقتها الغير مستقرة مع دومينيك.
ولكن مرة أخرى، عندما يدعوها دومينيك إلى غرفة نومه المزينة واللامعة، يصبح ثيودور عديم الفائدة مرة أخرى وتتركه أمه وحيدًا وراءها وهو ينتظر متى سوف يتشاجر والديه مرة ثانية ليرى وجه أمه.
لقد كان يحدث هذا معه لعشرات أو مئات المرات.
كان ثيودور مجرد أداة لمحبة الآخرين منذ لحظة ولادته.
لقد غيّر حب والديه معنى وجوده.
هل آنيت هكذا أيضاً؟
هل تعتبر ثيودور كشخص يتم اللجوء إليه فقط عندما تحتاجه؟
هل ستتخلى عنه أيضًا؟
هل هذا لأنه أصبح غير مفيد الآن؟
برز وريد من الدم في قبضته المشدودة بقوة.
لقد كان غاضبًا من آنيت لأنها كانت غاضبة منه دون أن تخبره بالسبب.
رأى آنيت في اللوحة مرة أخرى.
لقد كانت ترتدي فستانًا أبيض نقيًا وعلى وجهها ابتسامة لطيفة.
رفع ثيودور اللوحة غير المكتملة بغضب في الهواء وكان على وشك رميها على الأرض وتكسيرها، لكنه توقف في اللحظة الاخيرة.
“عليكِ اللعنة.”
بغض النظر عن مدى غضبه، لم يستطع ثيودور رمي صورة آنيت على الأرض.
لم يستطع تحمل التخلص من اللوحة غير المكتملة، لذا فقد شتمتها فقط دون حول ولا قوة.
بدأ ثيودور يشعر بالألم في جميع أنحاء جسده.
كان ثيودور يعاني من ألم نفسي يشبه الألم الجسدي الذي كان يشعر به في اليوم الذي قامت أمه بحرق ظهره فيه.
لقد شعر أن الفراشة مكسورة الجناحين التي كانت مطبوعة على ظهره قد بدأت تحترق بنار حقيقية تمنعها من الطيران مرة أخرى.
عندها بدأ الماضي يطارده من جديد.
لقد غادرت المرأة ذات الشعر الذهبي مثل أشعة الشمس.
شعر ثيودور وكأنه سقط في الهاوية بينما كان يسير في وضح النهار.
كانت آنيت امرأة لم يُحبها منذ البداية.
وفقًا لكلمات آنيت، ما زال ثيودور لا يعرف ما هو هذا الشعور الذي كان يحرق قلبه الآن بعد رحيلها.
لكنها مخطئة.
لقد كان الحب هو العاطفة الوحيدة التي تستطيع تدمير ثيودور أكثر من غيرها.
لقد كان شعورًا يجعل الناس ضعفاء، لذلك لم يدرك ثيودور حبه تجاه آنيت عن قصد.
كما أنه لم يسبق لأحد أن أخبر ثيودور عن ماهية هذا الشعور أو أحبه أحدهم بصدق.
بشكل غير متوقع، كانت العاطفة تنتج عن التعلم من محيط المرء، والحب كان تصرفاً بشرياً لتقليد الآخرين في الطريقة التي يُعاملون بها أحباءهم.
لكن ثيودور لم يتلقى هذا النوع من العواطف من قبل، لذلك لم يكن يعرف أن ما كان يشعر به هو الحب.
لم يخبر أحد ثيودور ما هو هذا الشعور الذي يجعله يرغب بالتمسك بالطرف الآخر على الرغم من أنه سوف يسبب له فقط الألم والدمار.
لم يكن يعرف ما هو هذا الشعور، لكنه شعر أنها ستكون مشكلة كبيرة إذا أدرك ماهيته.
لذلك ظن أنه سوف يكون من الأفضل تجاهله وتجاوزه.
لأنها سترحل قريبًا على اي حال.
إذا عادت آنيت الأصلية إلى ذلك الجسد، فسوف تنتهي العلاقة بينهما على الفور.
ومع ذلك، حتى لو حاول غسل دماغه بهذه الكلمات لآلاف المرات، إلا أنه لم يتمكن من إيقاف الشعور بالخيانة الذي
غمره.
لقد اعتقد أنها ستكون مختلفة عن الجميع …
لكن لم يكن الأمر كذلك.
──────────────────────────
~(اتركوا أي ملاحظات بقسم التعليقات، سأقرؤهم كلهم 😊)~
──────────────────────────
أو بإمكانكم التواصل معي مباشرة على الانستغرام لأي استفسارات.
🌸الانستغرام: Asli_Khadija7@
──────────────────────────