سبب رغبة الشرير في امتلكِ - 63
──────────────────────────
🌷 الفصل الثالث والستون –
──────────────────────────
“سموك؟”
في البداية نادته آنيت باسمه الأول عن طريق الخطأ، لذلك صححت كلامها ونادته بلقب سموك، لكن ثيودور لم يعجبه الاسم المصحح.
لقد كانت هذه أول مرة يشعر فيها بهذه الطريقة بعد سماع اسمه من طرف شخص آخر، لذلك شعر ثيودور بالحزن عندما نادته آنيت بـ’سموك’ مرة أخرى وأصبحت نبرته حادة.
“هل تركتِ الضيوف لوحدهم رغم أنكِ مضيفة الحفلة؟ أنتِ غير مؤهلة لتكوني دوقة كبرى.”
“أنتَ تقول هذا الكلام رغم أنني أبذل كل ما في وسعي للتصرف مثل آنيت الحقيقية ؟ يا لك من رجل لئيم.”
نظرت إليه آنيت بعيون مليئة بالسخرية.
“لقد تركتَ يا سموك الرجال بمفردهم أيضاً وهربت إلى هنا. من منا لا يعرف أنك تسللت بعيداً لأنك لا تريد أن تتظاهر بأنكَ سيد طيب؟”
أخذت آنيت رشفة من النبيذ المتبقي ووضعت كأسها على درابزين الشرفة.
كان صوتها خشنًا، لكنها لم تبدُ غاضبة.
“لقد قالت جميع السيدات أن الجو كان حارًا، لذلك شربوا هنا في الشرفة قبل أن يدخلوا إلى غرفة المعيشة مرة أخرى. لقد كان الجميع في حالة سكر للغاية وكان من الصعب التعامل معهم، لذلك أخبرتهم أنني بحاجة لاستنشاق بعض الهواء النقي خارجاً.”
“الشيء نفسه معي. لقد خرجتُ لأنني لم أرغب في رؤية الجميع في حالة سكر ويتحدثون عن الهراء.”
“أنتَ أيضًا؟”
كانت “أنتَ” أقل من اسم “ثيودور”، لكنها كانت أفضل من لقب “سموك”.
آنيت، التي بدأت تتحدث مع ثيودور بكلمات غير رسمية، أسندت ذقنها على الدرابزين ونظرت إليه بعيون لامعة.
شعر ثيودور بالسعادة عندما رأى نظراتها التي كانت تطلب منه الاقتراب منها.
عندما اقترب ثيودور، مالت آنيت برأسها قليلاً ونظرت إليه بعيونها الجميلة.
لقد كانت تفوح منها رائحة النبيذ.
في اللحظة التي نظرت آنيت إليه، شعر ثيودور بشيء غريب.
شعور بالدغدغة في زاوية عميقة من صدره … شعور بتسارع نبضات قلبه وتخبط أنفاسه … شعور وكأنه … شعور غير مفهوم كان يشعر به كثيرًا هذه الأيام.
ولكن بغض النظر عن مقدار المرات التي يشعر فيها بكل هذا، إلا أن ثيودور لم يستطع أن يعرف ما هي هذه المشاعر.
“في ماذا تفكرين الآن؟”
ابتسمت آنيت وضحكت برقة.
“في أنكَ تبدو لطيفاً للغاية اليوم.”
لم تكن النساء اللواتي يجلسن في غرفة المعيشة هم الوحيدات فقط اللاتي سكرن…
لقد كانت آنيت واحدة منهم أيضاً.
لقد كان هذا واضحاً من احمرار خديها وتعابير وجهها المرتاحة.
وفوق كل شيء…
تلك الضحكة الصادقة.
كان من الواضح أن آنيت كانت مخمورة لأنها لم تتوقف عن الابتسام أبداً أمام ثيودور، ناهيك عن الحذر منه كما كانت تفعل عادة.
“هل شربتِ كثيراً؟”
“لقد أخبرتني أنه مسموح لي بالشرب اليوم فقط، لذلك حاولتُ أن أشرب أكبر قدر ممكن. لقد مر وقت طويل منذ أن تناولتُ مشروبًا بفضل أوامر أحدهم، لذلك ليس من المنطقي أن أتناول مشروباً واحداً فقط، أليس كذلك؟”
لقد كانت تُسمى حفلة نبيذ، لذلك لم يستطع ثيودور منع آنيت من الشرب.
أصرت ليزا على أنها يجب أن تشرب مشروبًا واحدًا فقط، لكن آنيت لم تكن من النوع الذي قد يستمع إليها.
عندما أخبروها أنها تستطيع أن تشرب اليوم فقط، قامت آنيت بشرب أكبر قدر ممكن من النبيذ.
لكن حتى لو لم تشرب آنيت كثيراً، فقد كانت سوف تثمل بسرعة هكذا لأن جسدها الحالي كان ضعيفاً أمام الكحول على عكس جسدها الأصلي.
على الرغم من أن ثيودور اعتقد أنه يجب أن لا يسمح لآنيت بالشرب أكثر اليوم، إلا أنه رفع زجاجة النبيذ التي كانت في يده لأنه تذكر أن آنيت كانت ترغب في تذوقها منذ فترة طويلة.
“هل ترغبين في كأس آخر؟”
“آه؟ هذا نفس النبيذ الذي كنتَ تشربه في الفيلا، أليس كذلك؟ لقد كنتُ أريد أن أتذوقه منذ ذلك الحين، لكنك كنتَ لئيمًا للغاية وقتها.”
بعد رؤية النبيذ، تذمرت آنيت وتسلقت درابزين الشرفة لتجلس فوقه كما فعلت في الحفلة التنكرية.
كان من الصعب عليها أن تتحرك وهي مخمورة، لذلك فقدت آنيت توازنها في النهاية وأتكلت على ثيودور.
كاد ثيودور أن يُسقط زجاجة النبيذ التي كان يحملها في يده عندما أمسك بآنيت التي كادت أن تسقط فوقه.
نظر الاثنان إلى أعين بعضهما البعض وهما يعانقان بعضهما الآخر.
عندها تراجعت آنيت للخلف وابتسمت بسعادة.
لقد كانت سوف تفعل الآن شيئاً كانت قد منعت من فعله في السابق، لذلك لم تستطع أن تخفي سعادتها واستمرت بالابتسام دون توقف.
“سوف أتذوقه وأخيرًا.”
حاولت آنيت أخذ النبيذ من يد ثيودور، لكنه غَيَّر رأيه فجأة ورفع الزجاجة عاليًا حتى لا تستطيع آنيت الإمساك بها.
“بادئ ذي بدء، هذا النبيذ قوي للغاية، لذلك سأعطيكِ إياه فقط عندما تعودين إلى رشدكِ قليلاً.”
عبست آنيت وتبعت ثيودور دون إجابة.
لقد ذهب الاثنان إلى أعماق الحديقة من أجل أن تستنشق آنيت بعض الهواء النقي وتعود إلى رشدها قليلاً.
كانت تفوح رائحة التربة من الحديقة التي لم تُزرع فيها ولا حتى زهرة واحدة منذ سنوات.
توقف الاثنان بالقرب من نهاية زخرفة المصابيح الكهربائية وجلسوا على العشب.
سكب ثيودور بعض النبيذ في كأسه، وقابلته آنيت بنظرات ترقب متحمسة.
“إنه نبيذ أحمر.”
“ألا تشربين النبيذ الأحمر؟”
“ليس الأمر أنني لا أشربه، لكني أحب النبيذ الأبيض أكثر. إنه ذو طعم حلو أكثر ورائحة عطرة. الشمبانيا هي الأفضل.”
“أنا لا أحب النبيذ الأبيض، لكن لا يمكن أن تتم تسمية الشمبانيا بالكحول حتى. إنها مثل عصير غشاش يخدع اللسان بحلاوته.”
كان لدى الاثنين أذواق مختلفة في الكحول.
أحب ثيودور النبيذ الأحمر الممزوج بالكحول القوي، وكانت آنيت تحب النبيذ الأبيض الناعم والخفيف.
“بالتفكير في الأمر، كل العنب المزروع بالقرب من الفيلا كان أحمر. بالمناسبة، أليست لديك أي نية لصنع النبيذ الأبيض؟ ألا تفكر في زراعة العنب الأخضر في مزرعتك؟ إنه من بين الأصناف التي يمكن أن تصنع منه النبيذ الأبيض.”
“أبدًا. الفيلا موجودة لصنع نبيذي الخاص فقط. وفي المستقبل، سأزرع فقط الأصناف التي أريدها.”
“لا أريدك أن تزرع المزرعة بأكملها بالعنب الأخضر، أنا أطلب منك أن تزرع القليل منه فقط. حتى لو لم يكن ذلك من أجل صناعة النبيذ، ألا يمكنك زراعة القليل من العنب الأخضر لتناوله كفاكهة؟”
“لماذا يجب أن أضيع زجاجة النبيذ الخاصة بي عبر زرع فواكه تفتقر إلى النكهة؟”
“كلام تافه. حسنًا، قد لا أكون هنا خلال موسم العنب القادم، لذلك افعل ما تشاء. ما علاقتي بالأمر إذا عشتَ حياتك كلها دون أن تعرف ما هو طعم العنب الأخضر الرائع؟”
“ماذا سوف يحدث في الموسم القادم؟”
“إذا غادرتُ هذا المكان وعدتُ إلى عالمي، سوف أشتري عشر كيلوغرامات من العنب الأخضر وآكلها لوحدي.”
تذمرت آنيت وأخرجت لسانها لإغاظة ثيودور.
فمها الذي كان يبدو جميلًا جدًا عندما نطق باسم ثيودور أصبح مزعجاً للغاية فجأة.
ربما سوف تقول هذه المرأة أنها سوف تغادر هذا المكان إذا فتحت فمها مجدداً.
لكن أيضًا، لم يكن ثيودور يستطيع أن يغلق فمها ولا أن ينكر كلامها لأنه كان حقيقة.
لقد كان يعرف أنه من الطبيعي أن تكره هذه المرأة عالمه، لكنه لم يستطع إلا أن يشعر بالحزن والمرارة.
كما قالت آنيت، لقد كانت شخصاً سوف يغادر هذا المكان يومًا ما.
عبست آنيت وحاولت انتزاع النبيذ من يدي ثيودور، لكنه لم يرغب في إعطائه لها بعد الكلام الذي قالته، لذلك أخذ الزجاجة وسكب محتواها على الأرض.
“هل تسكبه لأنك لا تريد أن تعطيه لي؟”
في اللحظة التي كانت آنيت على وشك البدء في مجادلته، بدأت المصابيح الكهربائية المحيطة بهم تتذبذب ثم انطفأت فجأة.
اقتربت آنيت من ثيودور، ربما لأنها كانت خائفة من صوت الطقطقة الذي تلى انطفاء الأضواء.
“إنه انقطاع للتيار الكهربائي. لقد أخبرتهم أن يتأكدوا من أن لا يحدث هذا اليوم، لكن رغم ذلك…”
نقر ثيودور على لسانه في الظلام.
لم يكن انقطاع التيار الكهربائي أمراً غير مألوف.
لم تكن الكهرباء تقنية شائعة بعد، وكانت مصابيح الحديقة تركيبًا مؤقتًا باستخدام مُوَلّد وليس باستخدام دارة كهربائية ثابتة، لذلك كان انقطاع التيار أمراً متوقعًا تمامًا.
اعتقد ثيودور ذلك، لكن رد فعل آنيت كان مختلفاً تماماً.
“لقد تم تزيين القصر أيضاً بالمصابيح الكهربائية وأغلب الشموع منطفئة. ماذا علينا أن نفعل؟ الجميع سوف ينزعجون بسبب هذا الظلام المفاجئ. أنا بحاجة للذهاب والاعتذار منهم.”
“حتى لو لم يتم تشغيل الأنوار من جديد، فلن يكون هناك أي مشاكل لأن الشموع موجودة في كل مكان. سيعتني الخدم بالأمر. هل سوف تستطيعين قطع كل هذه المسافة نحو القصر في الظلام الدامس؟”
سرعان ما حاول ثيودور تهدئة آنيت وأمسك بيدها وهي تحاول الوقوف.
لم يرغب في أن تعتذر آنيت أمام الآخرين.
“لكن اليوم يجب أن يكون مثاليًا. كان يجب أن أستمع لكلام هانز عندما قال أن هذا مستحيل. هذا خطئي لأنني كنت عنيدة.”
ألقت آنيت باللوم على نفسها على غير العادة.
لقد كانت مثل هذه الحوادث شائعة الحدوث، لذلك كان رد فعلها مفرطاً بعض الشيء.
عندما أبدت آنيت قلقها، وقف ثيودور وقرر حل الأمر بنفسه.
“انتظري هنا، سوف أعود بعد قليل.”
“لا….”
أمسكت آنيت بطوق رقبة ثيودور دون وعي.
“هل ننتظر فقط حتى يأتي الخدم بالشموع؟ إن البقاء في الظلام لوحدي مخيف للغاية.”
ارتجف صوتها قليلاً.
لقد نسي ثيودور للحظة أن آنيت كانت تخاف من الأماكن المظلمة والضيقة.
لقد كان هذا بسبب تجربة حبسها في مصحة إليسيا.
كانت غرفة نوم آنيت مضاءة دائمًا بإضاءة خافتة حتى في الليل.
وأكبر دليل هو أنها كانت يائسة جداً لدرجة أنها تمسكت بثيودور وطلبت منه البقاء بجانبها رغم أنها كانت شخصاً لا يعتمد عليه أبداً ولا يطلب مساعدته مهما حدث.
جلس ثيودور متظاهراً أنه لم يستطع مقاومة قوة قبضة يدها الضعيفة.
“بالنسبة للضيوف … أنتَ تعرف … لا أظن أنهم سوف يمانعون حدوث مثل هذا الأمر الشائع. إنهم أشخاص بالغون على أي حال.”
لن يهتم أحد إذا تم تشغيل الكهرباء أم لا لأنهم كانوا ثملين على أي حال.
فجأة هدأ المكان وأصبحت الرؤية واضحة أكثر.
لقد كانت الحديقة مظلمة، لكن شكل آنيت كان واضحاً مثل وضوح الشمس في السماء.
خاصة شفتيها الصغيرتين.
ابتلع ثيودور ما تبقى من النبيذ في الزجاجة، وشعر بحلقه وكأنه يحترق.
إذا استمرت آنيت في التشبت به بهذا الشكل، فقد يرتكب نفس الخطأ الذي حدث في حفلة ذلك اليوم.
اليوم أيضًا، شعر ثيودور بإحساس بالوخز في جسده والذي بدا أنه من المستحيل إيقافه وبدأت أنفاسه تتخبط.
لا يمكنه أن يتصرف بشكل فوضوي أمام الضيوف في منزله.
لم يكن يمانع إرسال الجميع إلى منازلهم على الفور، لكنه لم يرغب في فعل ذلك لأن آنيت كانت قلقة من أن انقطاع الكهرباء قد يفسد الاجتماع.
لكن دون أن تعرف آنيت فيما كان يفكر، اقتربت منه أكثر قائلة أنها كانت تخشى الحديقة المظلمة.
أراد ثيودور أن يخبرها أنه قد يكون أكثر خطورة من الظلام في الوقت الحالي، وأراد أن يخبرها أنه قد لا يستطيع التحكم في نفسه أكثر إذا استمرت في الاقتراب منه دون اكثرات هكذا، ولكنه فكر في أنه بعد ذلك سوف تشعر هذه المرأة بالخوف منه حقًا وتبتعد عنه أكثر.
لقد كانت آنيت شخصًا يُفكر في تركه ومغادرة هذا العالم من وقت لآخر، لذلك لم يستطع إثارة خوفها هنا وجعلها تبتعد عنه الآن.
من اللطيف تشبثها به هكذا الآن، لكنه لم يستطيع حتى تخيل ما الذي قد يشعر به عندما سوف تتخلى عنه في المستقبل وتتركه بمفرده.
في النهاية رفع ثيودور زجاجة النبيذ شبه الفارغة وأخذ رشفة أخرى بينما كان ينظر إلى آنيت بزاوية عينيه.
“ولكن لماذا تم إهمال الحديقة؟ إذا لم يكن هناك سبب قاهر لهذا، ألا يمكنني زراعة بعض الزهور هنا والاعتناء بها؟”
كيف يمكنه أن يرفض اقتراحها بينما كانت تسأله بشكل ظريف هكذا؟
كانت حديقة قصر فلوريس عبارة عن مساحة بناها والده مع رعاية خاصة لوالدته التي كانت تحب الزهور.
“لم أعتني بها لأنني كنتُ مشغولاً للغاية وكان سوف يكون من المزعج أن أهتم بالحديقة أيضاً. في الأصل، لقد سمعتُ أن هذا ما تفعله سيدة القصر.”
هل هذا ما شعر به والده عندما وقع في حب أمه وتسبب في تدمر حياته واهتزاز استقرار البلاد؟
“…… لذلك بإمكانكِ أن تفعلي ما تشائين.”
عندما أُعطي الإذن، رفعت آنيت زاوية فمها وابتسمت ابتسامة واسعة كما لو كانت سعيدة.
هل كان هذا هو التعبير الذي كان ثيودور يريد رؤيته في كل مرة كان يشتري لآنيت الملابس باهظة الثمن والمجوهرات اللامعة؟
يبدو أن هذه المرأة كانت أقوى من الكحول واستطاعت إغواءه وجعله يفقد عقله للحظة ويوافق على ما كل تريد.
في غضون ذلك، سألت آنيت ثيودور شيئًا.
لقد كان سؤالًا لم يتوقع أن يسمعه أبداً، ولم يكن ليجيب عليه لو سأله أحد عنه.
ولكن …
ربما بسبب الجو أو بسبب الكحول، اعترف ثيودور بشيء لم يقله لأحد مطلقًا في حياته.
──────────────────────────
~(اتركوا أي ملاحظات بقسم التعليقات، سأقرؤهم كلهم 😊)~
──────────────────────────
أو بإمكانكم التواصل معي مباشرة على الانستغرام لأي استفسارات.
🌸الانستغرام: Asli_Khadija7@
──────────────────────────