سبب رغبة الشرير في امتلكِ - 59
──────────────────────────
🌷 الفصل التاسع والخمسون –
─────────────────────────
في ورشة صغيرة في أحد الأحياء الفقيرة، كانت هناك حرب غير متوقعة على قدم وساق.
لقد كان اليوم هو اليوم الذي تُوَزّع فيه سيدات لايدر النبيلات الخبز على الفقراء.
في الشوارع الرطبة والقذرة، كان الفقراء يتجمعون في صفوف طويلة للغاية، وعلى الجانب الآخر، كانت تقف السيدات النبيلات اللواتي لم يناسبن هذا المشهد على الإطلاق.
من بين هؤلاء السيدات، كانت آنيت هي المرأة التي لا تتناسب مع مشهد الشارع أكثر من غيرها.
بادئ ذي بدء، على عكس السيدات النبيلات الأخريات، فقد ربطت آنيت شعرها للخلف وارتدت فستاناً بسيطاً.
باستثناء وجهها الناعم والجميل، كان كل شيء ترتديه عاديًا للغاية.
كانت أخبار زواج الدوق الأكبر بالماركيزة معروفة جيدًا بين عامة الناس وكذلك النبلاء.
لذلك كان هناك أشخاص يقفون من أجل الطعام، ولكن كان هناك الكثير من الناس الذين جاؤوا بدافع الفضول لرؤية الشخصية الرئيسية للقيل والقال والتي كانت تنتشر عنها الأحاديث في كل أنحاء لايدر لفترة من الوقت.
كل من أخذ الخبز من آنيت نظر إلى يديها البيضاء والناعمة بغض النظر عن عمره أو جنسه.
كان مظهرها نادرًا ورائعًا كما سمعوا في الشائعات، ولكن عندما كانت آنيت ترفع صوتها في وجوههم بحزم وتطلب منهم احترام الصف، كان الجميع يقومون بإطاعة كلماتها بشكل طبيعي.
بسبب حزمها وقوة شخصيتها، تم توزيع الخبز بالتساوي بين الفقراء في الزقاق المضطرب.
لقد كان هذا شيئًا لم يحدث من قبل أبداً.
من ناحية أخرى، تَخلّت السيدات النبيلات الأخريات منذ فترة طويلة عن روح الخدمة وانسحبن بالفعل.
“أليس هذا كافيًا؟ دعي الخدم يقومون بتوزيع ما تبقى من الخبز.”
“هذا صحيح. من الأفضل أن يقوم الخدم بتوزيع الخبز على هؤلاء الفقراء. كما يجب أن نأكل نحن شيئًا أيضًا.”
نظرًا لأن العمل التطوعي قد استغرق هذه المرة وقتًا أطول من المتوقع، اشتكت السيدات النبيلات من الجوع وبدأن بالتذمر.
لقد كانوا يشعرون بالشفقة على أنفسهم بسبب تضييعهم لشرب شاي العصر في حديقة منزلهن أكثر من شفقتهم نحو الأطفال الذين كانوا جائعين لأيام وأيام.
بصرف النظر عن آنيت، كانت لاسيسيا زيتليتس هي المرأة الوحيدة التي ساعدت في العمل التطوعي دون أن تنبس ببنت شفة.
لقد كانت تخدم الجميع بإخلاص أكثر من آنيت.
شعرت آنيت بالعناد في قسمات وجه لاسيسيا الصغير وبالصرامة في حركات يديها الماهرة.
أدركت آنيت في لمحة أن السبب وراء استمرار الأنشطة التطوعية لجمعية النساء، حيث لم يتعاون أحد وكان كل ما يشغل بال السيدات النبيلات هو التذمر، هو لاسيسيا.
مع ارتفاع صوت التذمر، صرخت آنيت مرة أخرى.
“أعلموا أنكم لن تحصلوا على أي شيء إذا أخذتم نصيبكم من الخبز بالفعل وعدتم للوقوف في الصف! أولئك الذين تلقوا خبزهم بالفعل، لقد أخبرتكم أكثر من مرة أن لا تقفوا في الطابور مرتين!”
جفلت السيدات في انسجام تام.
لقد لاحظن أن آنيت كانت تصرخ عليهن وليس على الفقراء.
بدأت فتاة، كانت تنتظر دورها في الصف، في النظر إلى آنيت كما لو كانت خائفة منها.
عندها ابتسمت أنيغت للطفلة كما لو أنها لم تكن غاضبة أبدًا.
“أنا لستُ غاضبة منكِ، لذا لا داعي للاختباء.”
رفعت الفتاة التي كانت خائفة في وقت سابق رأسها مرة أخرى.
“أيتها الملاك، هل تصرخين لأنكِ جائعة أيضًا؟”
“هل أنا ملاك؟”
“عندما كنتُ في آخر الصف، قال البالغون أنكِ كذلك. فقط الملائكة هي التي تمتلك مثل هذه الأيدي البيضاء والناعمة. هل حقاً لديكِ أجنحة مثل الملائكة في القصص؟”
أي ملاك في العالم يتزوج بشيطان مثل ثيودور؟
خطرت هذه الكلمات على بال آنيت، لكنها لم ترغب في أن تكون أول شخص بالغ يكسر براءة هذه الطفلة، لذلك قامت آنيت بمداعبة رأس الطفلة كإجابة على سؤالها.
عندها قطعت الطفلة جزءاً من الخبز الذي كانت تحمله ومدته نحو آنيت.
“هل تعطينه لي؟”
أومأت الطفلة برأسها، لكن آنيت ترددت في أخذه.
نظرت السيدات النبيلات الأخريات إلى الأوساخ على يد الطفلة، وغطين أفواههن وأدارن رؤوسهن.
لكن عدم قدرة آنيت على الأكل لم تكن لأن الطفلة كانت قذرة.
ربما قد يكون تم تسميم هذا الخبز من دون علم آنيت.
لقد أصبحت آنيت الآن في وضع يجعلها تشك في لطف هذه الطفلة البريئة حتى.
عندما أنزلت الطفلة يدها ووجهها متجهم قليلاً، أخذت آنيت قطعة الخبز وأكلتها في قضمة واحدة.
هي لم تمت حتى بعد تناول السم يومياً لمدة شهر، كيف سوف تموت من رغيف خبز؟
ابتسمت الطفلة ابتسامة مشرقة وغادرت المكان وهي سعيدة للغاية.
بعد الطفلة، كانت تقف مرأة غجرية ترتدي الخرق البالية.
لسبب ما، لم تتقدم المراة للأمام وبقيت مُسَمَّرة في مكانها.
“التالي.”
قدمت لها آنيت الخبز وقالت لها أن تأتي لتأخذه، لكن الغجرية لم تتزحزح من مكانها البتة.
عندما صرخ الناس من حولها لتتحرك وأن لا تعطل الصف، قفزت المرأة فجأة إلى الأمام وأمسكت يد آنيت بعنف.
لقد أمسكتها الغجرية بقوة لدرجة أن الخبز الذي كانت تحمله بين يديها سقط على الأرض.
في تلك اللحظة، شعرت آنيت بألم شديد وغريب بالقرب من قلبها.
“أنتِ مجرد منافقة تحمل قطعة خبز وتعيش في عالم من الوهم، لذا لا تستطيعين أن تري الضرر الذي سوف يُلحقه بكِ الوحش الأكبر الذي يتبعكِ في الأرجاء.”
“ماذا ….”
كانت آنيت، التي نظرت إلى الغجرية بعينين مرتعشتين، مرعوبة لدرجة أن فمها تصلب في مكانه.
لقد كان هذه الغجرية هي نفس المرأة التي ظهرت في مصحة إليسيا في حلمها وقامت بتحذيرها.
لقد ظهرت تلك المرأة المجهولة هذه المرة في الواقع.
“على الرغم من أنني حذرتكِ منه، إلا أنه يبدو أنكِ لا تفهمين أي شيء. إنه ليس الوقت المناسب لتتصرفي مثل قديسة في مكان كهذا. لا تنسي ما عليكِ أن تقومي به، ليس من الآمن أن تقتربي من ذلك الرجل أكثر من هذا. إنه عدوكِ.”
وبينما كانت آنيت ترتجف وهي تمسك بصدرها الذي كان يؤلمها وكأنها سوف تُصاب بذبحة صدرية، هرع الفرسان المرافقون القريبون نحوها بينما يركضون.
ضحكت المرأة الغجرية بشراسة وهربت من الحراس بحركات شبحية لا تشبه البشر.
وبينما كانت الغجرسة تجري حافية القدمين، التفتت إلى أنيت مرارًا وتكرارًا وضحكت في وجهها بشكل مخيف.
بالكاد عادت آنيت إلى رشدها عندما اقتربت منها السيدات النبيلات وبدؤوا في دعمها ومساندتها.
“يا إلهي… إن هؤلاء الغجر شرسون للغاية. يجب أن تعودي وتستريحي في العربة.”
“أنا بخير.”
قالت آنيت أنها كانت بخير، لكنها لم تستطع إكمال العمل التطوعي وانسحبت منه قبل الأوان.
تم توزيع الخبز المتبقي من طرف الخدم.
أخذت آنيت استراحة قصيرة في العربة وخرجت مرة أخرى.
كان الفقراء قد غادروا بالفعل المكان وأصبح الزقاق هادئًا منذ فترة طويلة.
“لاسيسيا…”
كانت لاسيسيا زيتليتس ما تزال في المكان بينما كانت تنظف الورشة الفارغة بنفسها.
“أنا آسفة، لقد أفسدتُ العمل التطوعي اليوم.”
“لم يعمل أحد بجد مثلكِ أيتها الماركيزة. كان عملي اليوم أسهل بكثير من المعتاد بفضلكِ.”
كانت لا تزال لاسيسيا تُشير إلى آنيت باسم الماركيزة بدلاً من الدوقة الكبرى، وكانت ما تزال ترتدي السوار الذي رأته آنيت في مسابقة الصيد.
“لو كننا في الأيام العادية، لكننا قد انتهينا سريعاً بسبب نقص الخبز. لكن اليوم، لقد قمتِ بإحضار كمية أكبر مما كان متوقعًا أيتها الماركيزة، لذلك تأخرنا في التوزيع وكان جميع الفقراء سعيدون جداً.”
“أنا ممتنة لأنكِ الوحيدة من بين النبلاء التي سعدت بتصرفي هذا يا سيدة لاسيسيا.”
“ربما أنا لست أرستقراطية مثل السيدات الأخريات.”
“لقد كنتِ يا لاسيسيا امرأة أرستقراطية أكثر من أي شخص آخر اليوم. عكسي أنا التي كنتُ أصرخ في وجه الجميع بعنف.”
“إذا كان النبل يعني إبقاء فمك مغلقًا، ورفض رؤية كل الأشياء التي لا تريد رؤيتها، والبقاء نبيلًا بغض النظر عن الظروف، فقد كنتُ دائمًا أرستقراطية منذ الولادة. ولكن إذا كان من الأساسي أن أكون لطيفة مع الآخرين وأن أحب الضعيف، فأنا لم أكن يومًا أرستقراطية.”
بدت لاسيسيا فارغة في مكان ما.
شعرت آنيت بالحيرة لأن لاسيسيا بدت وكأنها تشعر بالذنب بدلاً من الفخر أثناء العمل بجد أكثر من أي شخص آخر في الأنشطة التطوعية.
عندما كانت آنيت على وشك أن تسأل عما يجري…
“مرحباً!”
جاءت الطفلة التي أعطت قطعة الخبز لآنيت مسرعة بينما تلوح للاثنتان بيدها.
“هل أضعتِ والدتكِ؟”
“ليس لدي أم! لقد تخلت عني في طفولتي.”
كانت الطفلة ما تزال تجيب بعيون لامعة وابتسامة مشرقة.
لقد بدت وكأنها لا تهتم بهذا بعد الآن لأن هذا السؤال أصبح سؤالاً سمعته لمرات لا تحصى.
كان من الواضح أن الطفلة التي لم تتجاوز العاشرة من عمرها سمعت الكثير من الأشياء التي لا تحتاج إلى سماعها.
ربما حتى لو أخبرتها آنيت بأنها قد تزوجت من الشيطان، فإنها لن تصبح أول شخص بالغ يدمر براءتها.
هذا لأن الكثير من البالغين قد خدشوا بالفعل قلب هذه الطفلة الرقيق.
“هل يمكنكِ الانتظار هنا لدقيقة؟”
بحثت أنيت عن بقايا الطعام من أجل تلك الطفلة.
شعرت آنيت بالسعادة عندما وجدت السندويشات والبسكويت المحضر كوجبات خفيفة للسيدات النبيلات.
عندما التقطت آنيت حصتها من الطعام التي لم تلمسها حتى الآن، جاءت لاسيسييا وأخذت السلة بأكملها وأعطتها لآنيت.
“لم يبقى سوى نحن الاثنين هنا، لذا يمكنكِ أن تعطيها حصتي من الطعام أيضًا.”
وضعت آنيت الشطيرة التي كانت تمسكها في السلة ودفعتها نحو لاسيسيا.
“يمكنكِ إعطائها إياها مباشرة.”
ترددت لاسيسيا للحظة بعد استلام السلة.
كان يبدو أنها كانت تحب الأطفال إلى حد الذهاب إلى دار للأيتام بشكل دوري، لكن يبدو أنها تجد صعوبة في التعامل معهم.
دفعت آنيت السلة نحوها مرة أخرى، وأخيراً، اقتربت لاسيسيا من الطفلة بحذر ومدت السلة نحوها.
انفتح فم الطفلة دهشة عندما تم تقديم الأشياء اللذيذة والغير متوقعة لها.
“هناك اثنان من الملائكة في هذا العالم!”
كانت عيون الطفلة مشرقة.
نظرت الطفلة إلى الشوكولاتة التي تغطي البسكويت مثل الألماس بعيون واسعة ومتلألئة.
لقد كانت هذه الوجبة الخفيفة التي سوف تأكلها الطفلة في رمشة عين أغلى بالنسبة لها من الجواهر التي قد ترتديها في إصبعها وتبيعها في السوق.
قامت آنيت ولاسيسيا، اللتان أصبحتا من الملائكة بفضل قطعة بسكويت صغيرة فقط، بالضحك لإخفاء خجلهما من هذا الكلام اللطيف.
في الوقت المناسب، جاء بعض الخدم الى الورشة وأعربوا عن امتنانهم للسيدتين قائلين إنهم سيُنهون التنظيف بأنفسهم.
انتقلت المرأتان إلى عربتهما الخاصة بينما كانتا تجران ملابسهما المتسخة.
كانت آنيت متأكدة من أنها قد تقربت من لاسيسيا ولو بقدر طفيف اليوم، لذلك هي لم تُفوّت الفرصة وحاولت فتح حديث أكثر بقليل.
“لابد من أنكِ كنتِ تفعلين كل هذا بنفسكِ عندما لم أكن أشارك في الأعمال التطوعية.”
“إن السيدات الأخريات يقمن بعمل أكثر قيمة مني. لا يمكنني تحمل دفع نفس المبلغ الذي يدفعه الآخرون، لذلك أحاول التعويض بالجهد البدني.”
“لا تكوني سخيفة. إذا كان فعل الخير سهلاً إلى هذه الدرجة، لكنتُ قد قدّمتُ التبرعات أكثر من أي شخص آخر. أنا لدي ثقة في أنني أستطيع أن أدفع أكثر من أي شخص آخر في هذه الإمبراطورية.”
لم يكن لدى أي شخص في المجتمع النسائي أموال أكثر من آنيت.
لذلك كانت كلماتها هذه تسخر من الناس الذين يتفاخرون أمام الآخرين بأنهم يقومون بتبرع واحد أو اثنين في السنة.
كانت المرأتان تُمازحان بعضهما البعض بطريقتهما الخاصة، لذلك ضحكت الاثنتان بخفة.
بعد أن توقفت لاسيسيا عن الضحك لفترة وجيزة، قالت كما لو أنها كانت تعبر عن أفكارها الداخلية.
“ومع ذلك، لو أنهم لم يكونوا يُظهرون هذا التعاطف الزائف، لكان عدد الأيام التي يتضور فيها هؤلاء الأطفال جوعاً قد ازداد. أنا لستُ غنية بما يكفي لتقديم تبرعات ضخمة في كل مرة، لذلك قد يكون الشخص الذي يشتري الخبز أكثر أهمية من من الشخص الذي يقوم بتوزيعه.”
“يبدو أنكِ تهتمين كثيرًا بالأطفال.”
سألت آنيت بحذر.
اشتهرت لاسيسيا زيتليتس بأنها لم تنجب أي طفل على الإطلاق بعد إجهاض طفلها الأول منذ سنوات.
لقد كان هذا سرًا معروفاً عند الجميع.
لقد كانت لاسيسيا عقيمة وغير قادرة على إنجاب الأطفال.
“إذا كنتِ تريدين أن تسأليني عن شيء ما، فقومي بطرح السؤال مباشرة. أنا لا أجيب عن أسئلة الأشخاص الملتوية.”
تصلبت تعابير لاسيسيا.
بالمقارنة مع العقبات والإهانات التي مرت بها بالفعل خلال السنوات الماضية، كان هذا المستوى من الأسئلة ضعيفاً للغاية كما لو كان يدغدغ جلدها فقط.
“أنا أعلم أنكِ تشعرين بالفضول. أنتُ تفكرين في أنه في هذا العالم الكبير، هناك آباء يريدون أطفالًا وأطفال يريدون أن يكون لهم آباء، فلماذا لا يمكنهم العيش كآباء وأطفال، أليس كذلك؟ أنتِ تتساءلين لماذا لا أقوم بتبني طفل ببساطة، أليس كذلك؟”
“أنتِ محقة. لكن يبدو هذا صعبًا بالنسبة لكِ، أل
يس كذلك؟”
“لن تفهمي مشاعري لأنكِ لا تملكين أي أطفال بعد.”
نظرت لاسيسيا إلى خصر آنيت النحيف.
فوجئت آنيت بالتغيير المفاجئ للموضوع.
──────────────────────────
~(اتركوا أي ملاحظات بقسم التعليقات، سأقرؤهم كلهم 😊)~
──────────────────────────
أو بإمكانكم التواصل معي مباشرة على الانستغرام لأي استفسارات.
🌸الانستغرام: Asli_Khadija7@
──────────────────────────