سبب رغبة الشرير في امتلكِ - 58
──────────────────────────
🌷 الفصل الثامن والخمسون –
──────────────────────────
توقف كل من آنيت وثيودور أخيرًا عن تجنب بعضهما البعض.
من أجل تسوية الأمور التي تراكمت خلال فترة خصامهما، قرر الاثنان دعوة هانز وإرنست وليزا لحضور اجتماع وتناول وجبة معاً.
ومع ذلك، بسبب زيارة آنيت وليزا لمستشفى فافوريتين بشكل عاجل، فقد تأخروا عن موعد الوجبة.
عندما وصلت المرأتان إلى المطعم، كان الآخرون قد بدؤوا بالأكل بالفعل.
نظرت آنيت الى طبق الأسقلوب الذي كان أمام ثيودور كطبق رئيسي، ثم استدعت الخادم.
(م.م: معلومات عن الأسقلوب نهاية الفصل)
“قم بإخبار الشيف بإضافة لحم بقر إلى المكونات التي سوف تستخدمونها في طبخ وجبة الغد. وإذا كانت المكونات اللازمة موجودة في المطبخ الآن، أطلب منه تغيير الطبق الرئيسي لسموه إلى شريحة لحم.”
“حسناً، سوف أخبره بهذا على الفور.”
اختفى الخادم بسرعة في المطبخ.
جلست آنيت بجانب ثيودور.
“إذا لم يعجبكَ طعامك، فاطلب منهم تغييره لشيء آخر. لماذا أنتَ عابس هكذا؟”
“هذه هي تعابير وجهي الدائمة.”
“توقف عن التصرف مثل الأطفال. إذا عبستَ بجبينك إلى هذا الحد، فسوف تزعج الآخرين أيضًا وتسد شهيتهم على الأكل.”
“… أنا أحاول جاهداً بلع هذا الطعام المقزز. لماذا حتى تتأثر شهيتهم بتصرفاتي؟”
“لا أستطيع أن أرى أي جهد في تصرفاتك بغض النظر عن المكان الذي أنظر إليك منه.”
“لا تختلقي الأعذار. أنتِ فقط تكرهين الأسقلوب، لذلك تستخدمينني الآن كذريعة لتحضير اللحم في وجبة الغد.”
“عن ماذا تتحدث؟ أنا لا أحب المحار الصغير، لكني أحب أكل الأسقلوب.”
واصل الاثنان معركتهما الكلامية ببطء.
بعد أن نظر هانز وإرنست إلى عيون بعضهما البعض للحظات، سقطت نظراتهما على الأطباق التي كانت موضوعة أمامهما.
لقد كان الطبق الموجود أمامهم فارغاً بشكل نظيف.
تم إعداد طعام العشاء للدوق الأكبر وزوجته، لذلك كان لذيذًا جدًا.
لقد كان طبق الأسقلوب البحري مناسبًا تمامًا لكل من إرنست، الذي كان يتمتع بشهية مفتوحة ويستطيع أكل أي شيء مهما كان طعمه، وهانز، الذي كان شخصا انتقائياً من الصعب إرضاء ذوقه في الطعام.
لم يظن أي أحد منهما أبدًا أن الطعام كان مريبًا، ولم يشعروا أبدًا أن ثيودور كان يعاني من وقت عصيب في تناول الأسقلوب.
ومع ذلك، بمجرد أن دخلت آنيت غرفة الطعام، استطاعت أن تعرف ما كان يفكر فيه ثيودور.
أصرت آنيت على أن ثيودور كان مستاء من الطعام الذي لم يناسب ذوقه، لكن بصراحة، كان وجهه خالياً من التعابير مثل المعتاد.
شعر الخدم الذين قَدّموا الوجبة ووقفوا في مكان قريب بالحرج.
لقد كانت هذه هي المرة الأولى التي يعرفون فيها أن سيد القصر كان يكره الأسقلوب.
حتى الآن، كان الجميع يعتقد أن ثيودور يتناول الطعام جيدًا دون أي تفضيلات خاصة، لكن ما قالته آنيت اليوم كان يعني أنه كان يخفي عدم رضاه عن الطعام فقط.
لقد كان سيدًا من الصعب فهم نواياه وتصرفاته.
حتى بعد سنوات من مشاركة الأفراح والأحزان مع بعضهم البعض، لم يستطع أي أحد فهم نوايا ثيودور الداخلية أو معرفة فيما كان يفكر.
لكن لم يكن ذلك بسبب افتقارهم للقدرات.
لقد كان الجميع مستعدين لأن يقسموا بالإله أن لا أحد في هذا العالم يستطيع قراءة التغيير في تعابير ثيودور.
لقد كان مزاجه حاداً وكان سريع الغضب، لكن هذه الشخصية تظهر فقط عندما يتلاعب ثيودور بهدوء بالناس من وراء الكواليس ويجعلهم كقطع شطرنج في خططه.
لكن ثيودور في الحياة اليومية كان يشبه لعبة البوكر الجامدة لدرجة أنه كان من الصعب التعرف على ما إذا كان كائناً حياً أم مجرد دمية متحركة.
لقد كان هذا نتيجة لتدريبه على عدم إظهار المشاعر للآخرين.
وكان هذا هو أصعب جزء في عمل هانز معه.
لقد كان وجه ثيودور غير مبالي في أغلب الأحيان، لذلك كان هانز يشعر بالرعب والحرج في اللحظة التي يأمر فيها ثيودور فجأة بقتل شخص ما أو التخلص منه، لذلك كان يعاني هانز من وقت عصيب قبل أن يعرف ما هي المشكلة.
لقد كان يتمنى دائماً أن تكون لديه القدرة على تخمين نوايا ثيودور فقط من خلال النظر إلى وجهه وإيماءات يده.
لكنه لم يفكر أبدًا في أن الدوقة الكبرى ستتمتع بهذه القدرة الخارقة للطبيعة.
اعتقد هانز أنه ربما بطريقة ما أصبح هذان الاثنان في طريقهما ليصبحا زوجين حقيقيين.
* * *
كان هوغو يُغمض عينيه بينما يتكئ على كرسي في المكتب حيث بدأ الظلام يخيم على المكان.
عندما بدأ يغلبه النعاس بسبب التعب، طرق شخص ما على الباب.
“أدخل.”
“لقد جاءت رسالة من الآنسة إيفون.”
“أوه~! أعطني إياها.”
عند سماع اسم إيفون، فُتِحَت عينا هوغو في لحظة.
لقد كانت إيفون هي حظه وحبه والخيط الذي يربط حياته ببعضها البعض ويمنعه من التشتت.
لقد كانت إيفون هي الوحيدة القادرة على جعل قلبه ينبض هكذا.
لو لم يقابلها بالصدفة، لما أدرك هوجو متعة الحياة.
لقد كان مشغولاً في عدة قضايا سياسية منذ فترة، لذا لم يستطع مقابلتها في الآونة الأخيرة، لذلك يبدو أنها كانت تحاول أن تتقرب منه بهذه الطريقة الظريفة.
فتح هوغو الرسالة على عجل بينما بدأ قلبه ينبض.
لكن الرسالة احتوت على شيء لم يتوقعه هوغو أبدًا.
لقد كانت إيفون تطلب منه شراء فستان لها لترتديه في الحفلة القادمة.
لقد كانت هذه هي المرة الأولى التي ترسل فيها إيفون رسالة إليه أولاً وتطلب منه شيئاً ما.
هل انفتحت عليه وأخيرًا؟
عرض هوغو على إيفون شراء منزل لها لأنه لم يكن يريد أن يراها تعاني من سوء المعاملة في منزل أقاربها الذين لم يكونوا يعاملونها حتى على أنها فرد من العائلة.
ولكن عندما قام بأخذها إلى منزل صغير في قلب العاصمة لايدر وطلب منها أن تقبله كهدية منه، رفضت وغضبت وأصبحت حزينة للغاية.
لقد جرح هوغو كبريائها دون قصد.
لم يفهم سبب تصرفاتها هذه في ذلك الوقت، ولكن نظرًا لأنه لم يكن بإمكانه إجبارها على قبول شيء ما بالقوة، فقد تركتها تفعل ما تريد.
ومع ذلك، منذ فترة قصيرة، أرسلت له إيفون رسالة وأخبرته أنها سوف تتغلب أخيرًا على عنادها وسوف تعيش في المنزل الذي أعطاها إياه.
ومنذ وقت ليس ببعيد، أصبحت لدى إيفون وصيفة، وفي مهرجان الصيد، جاءت مرتدية فستانًا فاخرًا كان قد اشتراه لها مما جعل هوغو سعيدًا للغاية.
وأخيرًا، بدا له أن إيفون قد بدأت تعتمد على نفسها وتستقل بذاتها رويداً رويداً، لذلك شعر بالفخر.
بدأ المساعد في الإبلاغ عن تقرير اليوم بينما كان هوغو في مزاج جيد بفضل رسالة إيفون.
“ولقد تعاملتُ مع ما أخبرتني عنه من قبل.”
“كيف سار الأمر؟”
“لقد أقسم على عدم القيام بذلك مرة أخرى.”
“إذن ما هو سبب قيامهم بذلك؟”
“على حد ما أخبرني به، فقد قال أنهم كانوا يريدون إثبات ولائهم لك.”
“في بعض الأحيان هناك أشخاص يتصرفون بتهور هكذا ويخطئون الظن على أنه ولاء.”
كان هؤلاء النس الذين يتحدث عنهم هوغو هم من حاولوا اغتيال آنيت في مهرجان الصيد.
نقر هوغو على لسانه بسبب غباء أولئك الحمقى.
لقد كانوا يظنون أنهم سوف يستطيعون إثبات ولائهم لهوجو عبر استهداف حياة ثيودور.
أولئك الذين كانوا معه لفترة طويلة كانوا يعرفون مبادئ هوغو جيداً، لذلك لم يحاولوا فعل أي شيء متطرف مثل الاغتيال.
لقد كانت هذه في الأساس مؤامرة من قبل أولئك الذين دخلوا للتو في ميزان السلطة ليحاولوا جذب انتباه الإمبراطور التالي وجعله في صفهم.
“كيف يمكن لرجل مثير للشفقة يعتقد أن هذه هي الطريقة الوحيدة لإظهار ولائه للإمبراطور التالي أن يصبح من التابعين الارستقراطيين الرئيسيين في البلاط الإمبراطوري؟”
عبس هوغو مستنكرًا لأفعالهم.
لقد كان يؤمن بأنه يستطيع هزيمة ثيودور كما يشاء دون الاضطرار لاغتياله.
لم يعتبر هوغو ثيودور منافسًا حتى في المقام الأول.
بالطبع، صحيح أن بعض التغييرات قد لفتت انتباه هوغو في الآونة الأخيرة…
لكن هذا لم يكن يعني أنه سوف ينزل بمستواه إلى درجة محاولة التخلص من عبد وضيع مثل ثيودور.
لقد كان هذا هو فخره باعتباره الابن الأكبر الشرعي.
“هل هناك أي شيء آخر للإبلاغ عنه؟”
“نعم، لقد قام الدوق الأكبر ثيودور مؤخرًا بشراء مستشفى.”
“مستشفى؟”
“نعم، ذلك المستشفى المشهور في شارع تريستر.”
أثارت الأنباء التي تفيد بأن ثيودور قد استحوذ على المستشفى شكوك هوجو القوية.
“هل مستشفى فافوريتين مربح؟”
“مُطْلَقاً. على الرغم من أن هذا ليس مقياساً عاماً، إلا أن ذلك المستشفى يخدم بشكل أساسي عامة الناس، ولهذا السبب فهو بالأحرى يعاني من عجز قاهر. كما أنني سمعتُ أن المدير قد كان قلقًا للغاية من تعرض المستشفى للإفلاس لأنه كان من الصعب إدارته اقتصادياً.”
مع استمرار كلمات المساعد، بدأت الفجوة بين حاجبي هوغو تضيق أكثر وأكثر.
لماذا حتى يستثمر ثيودور في عمل غير مربح؟
يقول البعض أنه زنديق ذا دماء مختلطة من العائلة الإمبراطورية.
كما يقول آخرون أن ثيودور هو لعنة العائلة الإمبراطورية.
لكن في الواقع، كان هوغو هو الوحيد الذي يعرف ذكاء عمه الذي كان في نفس عمره.
أبوه، جلالة الإمبراطور العظيم الذي اعتلى العرش بأمان بالفعل، لن يتكبد أي خسائر بعد وفاته، وبما أن والدته الإمبراطورة الثانية قد توفيت بالفعل، فلا حرج في فشل ابنها في اعتلاء العرش.
لذلك، فإن الضرر الناجم عن هزيمة ثيودور سيكون في صالح هوغو.
لذلك لم يعتبر هوغو أن ثيودور منافس له أبداً، بل كان يراقبه باستمرار ويبقيه تحت المراقبة.
لقد راقبه دون فائدة لفترة طويلة بينما كان ثيودور يكرر كلامه مثل الببغاء بأنه سيُقاتل ويهزم هوغو من وقت لآخر.
لذلك أصبح هوغو يشعر بالملل وعدم الأهمية من ثيودور.
كلما فكر في الأمر أكثر، كلما اقتنع هوغو أن ثيودور ليس خصماً له البتة.
لكن في الآونة الأخيرة…
تغير سلوك ثيودور بشكل مثير للريبة.
لقد قام بسلسلة من الأشياء التي لم يكن ليفعلها في الماضي.
بادئ ذي بدء، فاز بالرهان ضد هوغو لأول مرة.
ليس مرة واحدة فقط، لكن من تمثال حورية البحر إلى مهرجان الصيد، هُزم هوغو مرتين على التوالي.
لقد كان يعتقد أنها كانت مجرد ضربة حظ عندما فاز ثيودور في الرهان، لكن بعد مهرجان الصيد، لاحظ هوغو أيضًا شيئًا غريبًا.
لم يفكر هوغو مرة واحدة في أنه سوف يُهزم أو أنه قد يفقد منصبه كولي للعهد أمام عمه.
لم يتعرض هوغو في حياته للخيانة حتى، ولم يكن لديه أي إخوة لينافسوه في منصب الإمبراطور.
لم يجرؤ أي نبلاء على معارضته، فقد أحبه كل سكان الإمبراطورية، وكان يتمتع بصفات الحاكم التي اعتبرها هو ذات نفسه مقبولة للغاية.
لقد كان قويًا جسدياً بشكل مدهش، وعزا ذلك إلى حقيقة أنه كان إمبراطورًا مُختاراً من السماء.
لقد وُلد هوغو ليصبح إمبراطورًا.
لم يجرؤ أحد على معارضة هذه الحقيقة.
باستثناء شخص واحد فقط…
ثيودور.
كان ثيودور يطمع بوقاحة في العرش علانية.
لكن هوغو كان ولي العهد المثالي، لذلك لم يكن يجب أن يتعرض للهزيمة.
خاصة أمام حثالة متواضعة مثل ثيودور.
عندما كان هوغو طفلاً، شاهد ماريا بينما ترفع الختم بنفسها وتقوم بوشم ظهر ابنها بوشم العبيد.
لقد كان ثيودور يصرخ ويعض شفتيه إلى أن تمزقت وسالت بالدماء بينما كان يحدق في هوغو.
ولكن كان هذا كل شيء.
مهما شتم ثيودور ولعن هوغو، لم يحدث أي شيء له واستمر في كونه ولي العهد.
كلما زاد تمرد ثيودور ومحاولته هزيمة ولي العهد، كلما أصبح وشم الفراشة ذات الأجنحة الممزقة مترسخًا بعمق في ظهره.
تعلم الصبيان البالغان من العمر 10 سنوات هويات بعضهما البعض بتلك الطريقة في ذلك الوقت.
من ذلك اليوم فصاعدًا، أصبح ثيودور ابنًا وضيعاً لعشيقة حقيرة وعبدًا تحت أقدام هوغو.
لم يكن هوجو يعرف شيئًا عن ثيودور، لكنه كان يعرف أن هذا الأخير كان دون شك ما يزال يُعاني من آثار تلك الصدمة التي سببتها والدته له في طفولته.
ولهذا السبب لم يستطع ثيودور هزيمة هوغو ولو لمرة واحدة قط في الماضي، هذا لأن عقله قد تمت برمجته على كونه شخصاً خاسراً بالفعل.
لذلك كانت انتصاراته الأخيرة مزعجة بشكل قذر.
“هذا لا يمكن أن يحدث…'”
“عفواً؟”
“لا شئ. فقط اخرج.”
أشار هوغو إلى المساعد بالرحيل.
هوغو، وحده مرة أخرى في غرفة المكتب، ضاع في دوامة التفكير.
في الآونة الأخيرة، وقعت حوادث مختلفة في أماكن غير متوقعة.
لم يكن يعرف ما هو الخطأ، لكن هوغو لم يكن يشعر بالارتياح بشكل خارج عن إرادته في مكان ما.
لقد كان هذا أيضًا أحد التغييرات التي قام بها ثيودور.
لا…
“إنه ليس ثيودور.”
حذرته غرائزه بحدة.
سبب هذا التغيير كان شخصًا آخر غير ثيودور.
لكن يجب أن يكون السبب بالقرب من ثيودور.
إذا كان هناك تغيير حديث في حياة ثيودور اليومية فسوف يكون هو……
“آنيت شيرينجن.”
تلك المرأة.
كانت آنيت شيرينجن هي مركز كل التغييرات.
عندما فكر بها، أضاءت عينا هوغو.
يبدو أن الوقت قد حان لتذكير ذلك العبد بمكانه، رغم أنه لم يكن يريد أن ينخفض إلى نفس مستواه في السابق.
──────────────────────────
✨فقرة الشروحات:
الأسقلوب أو المحار المروحي (scallop) هو حيوان من الرخويات البحرية ثنائية الصدفة من فصيلة المشطيات (Pectinidae). والأسقلوبيات فصيلة عالمية توجد في جميع محيطات العالم. ويحظى الكثير من أنواع الأسقلوب بالاستحسان الكبير كمصدر غذائي. كما تحظى الأصداف مروحية الشكل زاهية الألوان في ب
عض أنواع الأسقلوب بإعجاب وتقدير مقتنيي الأصداف بفضل أشكالها المحززة البراقة، كما تُستخدم كأفكار رئيسية متكررة في الأعمال الفنية والتصميمات.
~(اتركوا أي ملاحظات بقسم التعليقات، سأقرؤهم كلهم 😊)~
──────────────────────────
أو بإمكانكم التواصل معي مباشرة على الانستغرام لأي استفسارات.
🌸الانستغرام: Asli_Khadija7@
──────────────────────────