سبب رغبة الشرير في امتلكِ - 57
──────────────────────────
🌷 الفصل السابع والخمسون –
──────────────────────────
كان ثيودور يجلس بينما يتكئ على دعامة السرير.
لقد قام هو أيضًا بالاستحمام، لذلك كان شعره الفضي رطباً قليلًا، كما أنه غَيَّر ملابسه إلى ملابس مريحة وكان يرتدي عباءة نوم فوقها.
(م.م: صورة العباءة آخر الفصل)
عندما التقت عينا آنيت بعينيه في الغرفة المظلمة، شعرت وكأنه قد سُكِب على رأسها دلو من الماء المُثلج فجأة، ولذلك استيقظ عقلها النعسان تماماً وفتحت عينيها على مصراعيها.
“ألم تذهب إلى غرفتك؟”
“لقد قالت لي الخادمة بأنكِ سوف تتخطين وجبة العشاء، لذلك اعتقدتُ أنه سيكون من الأفضل أن تتناولي شيئًا بسيطًا معي في غرفتكِ بدلاً من الذهاب إلى غرفة الطعام بمفردي.”
كان فوق الطاولة حصتان من الطعام ونصيب آنيت من الأدوية الروتينية.
“أوه … لم يكن لدي أي فكرة عن هذا.”
قامت آنيت برفع جسدها الثقيل مرة أخرى وقامت بتقويم ظهرها.
عند رؤيتها واقفة، أشاح ثيودور بوجهه بعيداً عنها، ثم خلع عباءته ولفّها حول جسدها.
قام ثيودور بمساعدة آنيت على ارتداء العباءة التي كانت أكبر بكثير من حجمها بينما كان ينظر في الإتجاه الآخر، لذلك شعرت آنيت بالفضول حول سبب تصرفاته الغريبة هذه وسقطت نظراتها على صدرها.
لقد كان فستانها الرقيق غارقًا في الماء، لذلك التصق بجسدها وكشف عن جلدها الناعم والعاري.
شعرت آنيت وكأن خديها بدآ يحترقان من الخجل.
لقد شعرت بالحرج، لذلك رمت نفسها على الفور فوق السرير وقامت بإخفاء وجهها تحت الوسادة.
شعرت آنيت أن مظهرها الحالي، الذي كان يشبه قطة تستلقي على بطنها بينما تخبئ رأسها، كان محرجاً أكثر من كون جسدها مكشوفاً أمام رجل يُعتبر زوجها الشرعي.
“سيكون من الأفضل أن تذهب وتأكل وجبتكَ في غرفتكَ يا سموك. أريد أن أنام الآن.”
“سوف آكل هنا معكِ. لكن من أجل القيام بذلك، يجب أن نتعامل مع هذا الشعر المبلل أولاً، أليس كذلك؟”
“هل تريد أن تقوم بتجفيف شعري يا سموك؟”
“أنا لا أجيد فعل هذا النوع من اللطف.”
سحب ثيودور آنيت فجأة ووضع رأسها في حجره.
“ماذا تفعل الآن؟”
“لا يمكنني تجفيف شعركِ، لكن يمكنني أن أتبلل أيضاً معكِ.”
أصبحت ركبتي ثيودور مُبتلّتين بالماء الذي كان في شعر آنيت الرطب.
لم يستطع ثيودور أن يُجفف شعرها بمودة، كما أنه لم يكن زوجاً رقيقاً يعرف كيفية مساعدتها على النوم بلطف، لذلك لم يستطع سوى أن يضعها في حجره بينما بدأ يمسح على رأسها وكأنه يُحاول تهدئة قطة صغيرة.
قد يعتقد الآخرون أن تصرفاته هذه كانت غريبة ومثيرة للريبة، لكنها كانت أفضل شيء يمكن أن يفعله الشخص الذي لم يتلقى أي نوع من الرعاية طيلة حياته.
لقد كان ثيودور يُريد أن يمنح آنيت الراحة التي لم يتلقها من أحد من قبل، وكان يريد أن يكون بجانبها في فترة حزنها بينما لم يشاركه أي شخص في أحزانه، لذلك بالطبع كان لا يسعه إلا أن يُكافح بشكل أخرق ويُحاول كل ما في وسعه ليكون بجانبها في لحظات ضعفها.
كانت آنيت هي الوحيدة التي شعرت بالرقة في لمساته الخرقاء والتي لم يكن من الممكن أن يُطلق عليها اسم مواساة حتى.
لأنه بعد كل شيء، عندما شعرت بالدفء من يده الخرقاء، تذكرت أنها إنسان أيضاً.
“لقد فاجئني هذا حقاً، لكن … هل إصابتكَ بخير؟”
“لقد مر وقت طويل منذ أن شفيت.”
حدقت آنيت بهدوء في خصر ثيودور.
على الرغم من أنه أخبرها أنه قد شُفي بالفعل، إلا أنه لم يكره القلق الذي أبدته آنيت تجاهه دون سبب.
كانت ركبتي ثيودور مبللتين بالماء بسبب شعر آنيت، لكنه لم يشعر بالبرد على الإطلاق.
لقد كان يرغب في التحدث معها أكثر من ذلك بقليل.
لذلك في ذلك اليوم، تبادل الاثنان كلمات لا معنى لها طوال الليل حتى جف شعر آنيت وخلدت إلى النوم.
* * *
“هل قمتِ باستدعائي يا سيدتي؟”
“آه، هل أتيتِ يا ليزا؟”
استقبلت آنيت، التي كانت في مكتبها، ليزا بابتسامة دافئة.
يبدو أن شيئًا لطيفًا قد حدث معها في الليلة الماضية.
بجانبها كان إرنست يُكافح مع كومة أوراق مكدسة مثل الجبل.
كانت لديه هالات سوداء تحت عينيه وكان خديه أجوفان وبلا حياة.
في غضون أيام قليلة، أصبح إرنست شخصًا مختلفًا تمامًا عما كان عليه عندما جاء إلى قصر فلوريس لأول مرة.
في ذلك الوقت، أثارت الخادمات ضجة حول المكان الذي جاء منه هذا الرجل الوسيم والجذاب، لكن إرنست اليوم لم يكن قادرًا حتى على الابتسام بابتسامته الساحرة واللطيفة المعتادة التي خطفت قلوب الخادمات بسبب إجهاده في العمل.
على عكس ليزا، التي لم يكن لديها ما تفعله في القصر، كان إرنست يتعرض لسوء المعاملة من طرف آنيت التي لم تكن تسمح له بالراحة حتى.
“هل يمكنني علاج هذا الشخص؟”
اقتربت ليزا بشكل طبيعي من إرنست وحاولت فحصه.
“هاهاها .. لقد أصبحتُ أبدو مريضا الآن؟”
ضحك إرنست بشكل غريب.
لقد كانت ضحكته مؤلمة وبائسة لأي شخص يراها.
بالطبع، بدا أن صحته العقلية، وليس الجسدية فقط، كانت متدهورة أيضاً.
“سوف يُصبح على ما يرام مع بضع ساعات من النوم، لذلك لا تكثرتي له.”
الشخص الذي قالت آنيت أنه سوف يتحسن بعد نومه لبضع ساعات كان في الواقع ينام أقل من ساعتين في اليوم.
لقد كان إرنست يعاني من مشكلة صحية بالفعل من وجهة النظر الطبية، لكن ليزا لم تستطع أن تشير إلى ذلك عندما قالت آنيت أنه كان بخير.
“إنكَ صاخب للغاية، لذا اذهب إلى غرفتك وأكمل عملك هناك.”
“كم أنتِ لئيمة. بعد كل عملي الجاد طوال الليل، ألا تستطيعين معاملتي بشكل أفضل من هذا ولو قليلاً؟”
“إن لم تصمت الآن، سوف أخصم من راتبك الأسبوعي.”
“سوف أذهب الى غرفتي وأكمل باقي الأعمال هناك، احصلوا على محادثة هنيئة.”
قفز إرنست من مكانه وغادر الغرفة على عجل، كما لو أنه لم يتذمر البتة قبل دقائق معدودة.
أصبحت ليزا بمفردها في الغرفة مع آنيت بينما كانت تنتظر تعليماتها.
“لديّ معروف أطلبه منك.”
“من فضلكِ تحدثي معي بأريحية يا سيدتي.”
شعرت ليزا بطريقة ما أن آنيت كانت مختلفة عن المعتاد اليوم.
على الرغم من أنها كانت تعيش كخادمة لها، إلا أن آنيت لم تجعل ليزا تقوم بأي عمل على وجه التحديد.
لقد كان كل ما تفعله ليزا هو الخروج مع آنيت عندما تذهب خارج القصر أو تدردش معها من وقت لآخر.
لم تستطع أن تقول ذلك بنفسها، ولكن بعد تحسن صحة آنيت، شعرت ليزا أنها أصبحت عديمة الفائدة.
لكن هذا لم يكن يعني أنها تستطيع مغادرة قصر فلوريس.
أبقت ليزا فمها مغلقًا، لكنها كانت مدركة تمامًا للخطر الذي كانت فيه.
لقد خمنت مصيرها منذ الوقت الذي قابلت فيه ثيودور في الفيلا.
كانت ليزا تعرف الكثير من الأسرار حول صحة الدوقة الكبرى وبعض الأشياء المتعلقة بزواجها، والتي لا يمكن لممرضة بسيطة معرفتها.
لذلك عرفت أنه سيتم قتلها في يوم ما.
لقد كانت تعرف الكثير عن الدوقة الكبرى لدرجة أنه كان من الطبيعي أن يحاولوا إبقاء فمها مغلقًا بشتى الطرق
كانت آنيت شخصًا جيدًا وطيّباً للغاية، لكنها كانت نبيلة بعد كل شيء، لذلك لم يكن من الممكن أن تشعر ليزا بالارتياح التام معها.
ربما اليوم سوف يكون هو يوم وفاتها ….
كما هو متوقع، طرحت آنيت سؤالاً كان من الصعب أن تجيب عليه ليزا.
لكن ليزا لم تقلق بشأن هذا بعد الآن لأنها أصبحت مقتنعة بأن هذا كان هو آخر يوم في حياتها البائسة.
“هل يمكن أن تخبريني عن الحادث الذي تسببتِ به يا ليزا؟”
“إذا كان حادثاً قمتُ به، فهل تقصدين…؟”
“أنا أسألكِ عن الخطأ الطبي الذي جعلهم يطردونكِ من المستشفى الذي كنتِ تشتغلين فيه في الماضي.”
عضت ليزا شفتها.
سيكون طردها من قصر فلوريس أقل قسوة من قتلها، لكن رغم ذلك، هي لم تكن ترغب في قول ما حدث في الماضي بلسانها.
“كما هو متوقع، يبدو أنها قصة يصعب سردها. أنا آسفة لإجباركِ على طرح مثل هذا الموضوع الحساس، لكنني أود أن أعرف كل التفاصيل حول هذا الأمر.”
“لا تقولي هذا يا سيدتي. إنه ليس بالأمر الجلل، لكنه ليس قصة مسلية أيضاً.”
بعد أن حسمت ليزا رأيها، أخبرت آنيت بالقصة وراء اتهامها بالتسبب في خطأ طبي خطير.
“لقد أردتُ في الأصل أن أكون طبيبة … ومع ذلك، كان الأمر صعبًا لتحقيقه في الواقع، لذلك أصبحتُ ممرضة بدلاً من ذلك.”
لم تستطع ليزا أن تصبح طبيبة لأنها كانت امرأة.
حتى تلك اللحظة، كان هذا شيئًا عادياً يمر به الجميع، لذلك لم تشعر آنيت بوجود أي أشياء غير إعتيادية في قصة ليزا.
لكن المشاكل الحقيقية بدأت بعد أن أصبحت ليزا ممرضة.
لقد كانت ليزا معروفة حتى لدى الأطباء في المستشفيات الأخرى لتميزها في مهنتها ومهاراتها الكبيرة في علاج مرضاها.
هي لم تقصد أن يتم الثناء عليها، لكن موهبتها فاقت الحدود.
أصبح الأطباء غير مرتاحين عندما أصبحت ممرضة وضيعة مشهورة أكثر منهم.
وفي أحد الأيام….
تسبب طبيب في المستشفى في حادث طبي.
لقد ماتت المريضة، وأخبرت ليزا أسرتها حقيقة الأدوية التي كان يستخدمها طبيبها وأنه كان السبب في وفاتها.
لكن المستشفى انقلب رأسًا على عقب بعدها وطُردت ليزا من عملها بعد أن ألقى المدير باللوم عليها من أجل التستر على خطأ الطبيب.
وهكذا أصبحت ليزا ممرضة تسببت في حادث طبي، فقدت وظيفتها بين عشية وضحاها وانتهى بها المطاف في الفيلا مع آنيت.
قالت ليزا:
“لقد استخدم مدير المستشفى سلطته لذلك لم يتم قبولي في المستشفيات أخرى أيضًا، كما أنه نشر شائعات تقول بأنني دائماً ما كنتُ أتسبب في المتاعب أثناء فترة عملي. لذلك لم يعد لدي أي مكان آخر أستطيع أن أعمل فيه كممرضة.”
غرق صوت ليزا في الحزن.
لقد ذكّرتها هذه القصة بوضوح بالأشياء التي أرادت نسيانها من الماضي.
لقد كَرَّسَت ليزا نفسها لخدمة المرضى في المستشفى، لكنها طردت في النهاية دون أن تحصل على خطاب توصية حتى.
بغض النظر عن مقدار طرقها على الأبواب، لم يقبل أحد توظيفها.
في آخر وظيفة وجدتها بعد المخاطرة بحياتها، أصبحت تشتغل عند سيدة جديدة اسمها آنيت.
في البداية، سعت ليزا لعلاج آنيت لأن حياتها كانت سوف تصبح على المحك إن لم تستطع إنقاذها وكان سوف يقتلها الدوق الأكبر بنفسه.
لكن منذ أن رأت آنيت، بذلت ليزا قصارى جهدها لأنها كانت سعيدة بقدرتها على علاج المرضى مرة أخرى.
في ذلك الوقت، تخلت ليزا عن حياتها كممرضة محترفة وقررت التضحية بمستقبلها في سبيل إعادة آنيت للحياة.
ربما أصبحت ليزا مغرمة بالعمل لدى آنيت لأنها اعتقد أنها سوف تكون آخر مريضة لها في مسيرتها المهنية بأكملها.
لقد شعرت ليزا بالكثير من المشاعر المعقدة عندما رأت آنيت تعود إلى الحياة رويداً رويداً.
لقد كانت تريد أن تبقى آنيت على قيد الحياة وأن تعيش حياة طويلة للغاية.
لذلك على الرغم من أنها كانت تعرف أن ثيودور سوف يقتلها في يوم ما، إلا أنها لم تهرب من القصر وتمسكت بوظيفتها كممرضة لآنيت.
استمعت آنيت إلى قصة ليزا بهدوء وأومأت برأسها.
“كما هو متوقع، ليزا هي الشخص المناسب لهذه الوظيفة.”
“ماذا؟”
“أريد أن اسألكِ شيئاً. هل تخططين للعمل في المستشفى مرة أخرى؟ في الواقع، سأستلم ادارة مستشفى فافوريتين، لكنني بحاجة إلى شخص يمكنني الوثوق به للعمل هناك معي. لقد كنتِ يا ليزا في الأصل ممرضة موهوبة، أليس كذلك؟ بعد سماع قصتك، أشعر أنكِ تتمتعين بقدر كبير من المهارات الإدارية أيضاً. لذلك أنا أتساءل عما إذا كنتِ تفكرين في العمل كرئيسة للممرضات في المستشفى، ما رأيكِ؟”
اتسعت عينا ليزا من الدهشة وغطت فمها بكلتا يديها.
لقد ادركت معنى كلمات آنيت بشكل متأخر.
“هل … هل تريدينني أن أصبح رئيسة الممرضات؟”
“بالطبع. أنا أعتقد أن هذه سوف تكون فرصة جيدة لكِ يا ليزا لتقومي باسترجاع سمعتكُ الضائعة في المجتمع. لقد قمتُ بشراء المستشفى لأنه ضروري من أجل خططي المستقبلية، ولكن بما أنني لا أستطيع أن أوكل مهمة إدارته لأي كان بشكل عرضي، فأنا أريد منكِ أن تقومي بذلك شخصياً.”
“أنا … حقاً؟ هل تقصدينني أنا يا صاحبة السمو؟”
بالكاد التقطت ليزا أنفاسها.
لقد اعتقدت أنها سوف تموت اليوم، لكنها تلقت عرضًا غير متوقع سوف يغير حياتها للأبد بدلًا من ذلك.
“لقد تأثرتُ بقصتكِ يا ليزا. لأكون صريحة، لقد كنت سوف أطلب منكِ فقط بأن تقومي بالتجسس على ما يحدث في المستشفى وأن تخبريني بكل ما يحدث خلف ظهري، لكن مع ذلك، أظن أنه سوف يكون من الجيد أن أقوم بتوظيف شخص يُفكر في مصلحة المرضى مثلكِ لهذا العمل.”
ابتسمت آنيت بلطف.
“ما دمتِ سوف تقومين بتحقيق طلبي هذا، بإمكانكِ معالجة المرضى كما تشائين يا ليزا.”
لم تستطع ليزا احتواء دهشتها وأصيبت بالفواق.
تظاهرت آنيت بأنها لم تلاحظ ذلك واستمرت في اقتراحها.
“هل يمكنكِ أن تعملي في مستشفى فافوريتين يا ليزا؟”
“أنا … أنا لم أفكر مطلقًا في أنني سوف أتمكن من العمل كممرضة مرة أخرى في حياتي.”
“لقد أنقذتِ حياتي عندما كنت على شفى الموت بالفعل، لذلك ليزا هي أعظم ممرضة في هذا العالم بالنسبة لي.”
في اللحظة التي رأت فيها ليزا ابتسا
مة آنيت الملائكية، أرادت أن تفعل أي شيء من أجلها حتى لو كان يعني ذلك التضحية بحياتها.
لذلك في الأخير، وافقت ليزا على عرض آنيت ودموع الفرحة تبلل عينيها.
──────────────────────────
~(اتركوا أي ملاحظات بقسم التعليقات، سأقرؤهم كلهم 😊)~
──────────────────────────
أو بإمكانكم التواصل معي مباشرة على الانستغرام لأي استفسارات.
🌸الانستغرام: Asli_Khadija7@
──────────────────────────