سبب رغبة الشرير في امتلكِ - 47
──────────────────────────
🌷 الفصل السابع والأربعون –
──────────────────────────
ابتسم ثيودور ببرود وسار باتجاه إيفون.
عندما اقترب ثيودور من المضيف الذي كان يحمل الجائزة، ظنت إيفون أنه يتجه نحوها لذلك أمسكت بهوغو واختبأت وراء ظهره.
هوغو، مستغربًا أيضًا من تصرفات ثيودور أمام الناس، نظر ببرود نحو ثيودور بينما تخلى عن ابتسامته اللطيفة التي كانت تعتلي وجهه طوال الوقت وغطى إيفون بذراعه.
لكن ما كان يهدف إليه ثيودور هو تاج ملكة المهرجان الذي كان وراء إيفون.
أمسك ثيودور بالتاج وسار نحو آنيت حتى قبل إعلان من هو المنتصر في مسابقة اليوم.
رأت آنيت ذلك وتنهدت بارتياح.
لقد كانت قلقة، دون أن تدرك، بشأن ثيودور الذي ذهب إلى الغابة مرة أخرى.
لقد كان ثيودور هو زوجها في الوقت الحالي، لذلك كان من الطبيعي أن تشعر بالارتياح لرؤيته بأمان.
اقترب ثيودور من آنيت ووضع التاج فوق رأسها.
وهكذا تأكد ثيودور من أنه قد أظهر لجميع الناس مَن هو كنزه الثمين الذي سوف يحميه مهما كان الثمن.
لكن بالنسبة لآنيت، لم يكن هناك شيء يبدو واقعياً اليوم.
ليس فقط الدب ومحاولة الاغتيال، ولكن حتى لعبة الصيد هذه برمّتها بدت وكأنها كابوس مرعب.
اشتمَّت آنيت رائحة الزهور التي كانت تفوح من التاج.
لقد كانت رائحتها قوية بما يكفي لتغطي رائحة الدماء في المكان.
و كانت يد ثيودور الدافئة تداعب خدي وجهها الناعم وتُشعرها بالارتياح.
أزالت آنيت يد ثيودور بهدوء ورفعت أصابع قدمها وقامت بتقبيل خده.
“كان يجب أن أفعل هذا في وقت سابق، لكنني نسيت. الوقت متأخر الآن، لكن اعتبر هذه القبلة كتهنئة لكَ بالنصر.”
كان ثيودور لا يزال الشيطان الذي جر آنيت إلى قعر الجحيم.
لكن لم يكن هناك من يستطيع حمايتها غيره في هذا العالم المظلم.
“هذا لأنني كنزكَ الثمين.”
لذلك دعنا نخرج من هذا الجحيم معًا.
***
كان ذلك بعد انتهاء مهرجان الصيد.
التقى إرنست المذهول وآنيت الفاتنة وجهاً لوجه في غرفة المعيشة في قصر فلوريس.
أراد إرنست إنكار الواقع أمامه.
كيف بحق خالق الجحيم انتهى به المطاف في مكان مثل قصر فلوريس؟
كان القصر الذي أحضرته إليه آنيت أكثر روعة بشكل لا يُضاهى من قصر اللورد ديلبيرغ.
كما لم يسبق أن رأى إرنست قصرًا يحمل اسماً في حياته حتى.
لكن أثناء جلوسه في غرفة المعيشة في هذا القصر المبهر، شعر إرنست بإحساس مشؤوم.
بالطبع، كان مصدر هذا الإحساس هو المرأة، الشبيهة بالساحرات، التي أحضرته إلى قصر فلوريس.
رفعت آنيت، التي شعر أنها كانت ساحرة اليوم أكثر من اليوم السابق، فنجان الشاي الخاص بها في وضع مريح.
“لماذا لا تتوقف عن صنع مثل هذا الوجه الغبي أمامي؟”
“……؟”
“كلما أنظر إليكَ أشعر وكأنكَ رجل بليد وأحمق يسيل اللعاب من فمه. لقد آمنتُ بقدراتكَ وأحضرتكَ إلى هنا، لكن ألن أندم إذا ما واصلتَ التصرف بهذا الغباء أمامي؟”
اختفت آنيت التي كانت تبتسم بشكل مشرق أمام سيده سابقاً.
الآن، لم يكن أمام عينيه سوى سيدته الجديدة، والتي كانت تنظر إلى إرنست بنظرات واثقة ومليئة بالشفقة تجاهه.
لقد باع اللورد ديلبيرغ إرنست لآنيت.
“لماذا أحضرتِني إلى هنا؟”
“لماذا تستمر في تكرار نفس السؤال بينما أنتَ شخص ذكي بالفعل؟ لقد أخبرتكَ أنني أريدكَ أن تعمل في قصر فلوريس. فقط افعل ما كنتَ تفعله في منطقة ديلبيرغ حتى الآن. اهتم بأمور التهرب الضريبي، وإنشاء الأموال غير المشروعة، وأشياء من هذا القبيل.”
لم يستطع إرنست معرفة ما يجب عليه أن يفعله.
لقد كان غاضباً حقاً، لكن كان الأمر الأكثر إلحاحًا هو تهدئة قلبه الذي بدأت تتسارع نبضاته من الخوف.
كان ذلك لأن آنيت تحدثت كما لو كانت تعرف إرنست جيدًا.
“في ديلبيرغ، أنتَ تظاهرتَ باتباع كلام اللورد هناك، لكنك كنتَ تقوم بجمع الدلائل حول أعماله غير المشروعة خلف ظهره، أليس كذلك؟”
“كيف لكِ أن …!!”
غطى إرنست فمه على عجل.
لقد عرفت آنيت سبب بقاء إرنست الموهوب مسؤولاً عن الشؤون المالية تحت سيادة اللورد غريب الأطوار.
“أنا أعرف لماذا عملتَ تحت سيادة اللورد على الرغم من أنكَ كنتَ تشتمه بداخلكَ وتدعوه باللقيط حتى الآن.”
“كيف تعرفين أنني كنتُ أدعوه…”
“هل هذا مهم الآن؟ إنكَ تحاول جمع سجل بكل جرائم اللورد الجديد ومظالمه لخلق الأدلة وتمهيد الطريق لطرده من منصبه وعودة إيفون كالسيدة الجديدة لمنطقة ديلبيرغ.”
لم يتخيل إرنست أبدًا أنه سيتم ذكر اسم إيفون فجأة في هذا المكان.
لم يكن كافيًا ذكر اسم حبه الأول، بل عرفت آنيت أيضا لماذا أصبح إرنست بمثابة الكلب الخنوع لسيد المنطقة الجديد، وحتى أنها كانت تعرف اللقب الذي كان يُطلقه عليه في السر والذي لم ينطق به أمام أي مخلوق كان من قبل.
مات والد إيفون، الذي كان اللورد السابق لمنطقة ديلبيرغ، دون حماية الأرض أو العائلة.
وأخذ اللورد الحالي القلعة كذريعة لسداد الديون.
حُرمت إيفون من جميع الحقوق واختفت وكأنها مجرمة.
أما السيد الجديد فقد نهب ثروات القرويين.
كان التمرد ضده مستحيلًا، لكن إرنست أراد تخفيف معاناة القرويين ولو قليلاً.
لحسن الحظ، كان إرنست ذكيًا بما يكفي وعرف كيف يُرضي الطرفين، لذلك لفت انتباه اللورد وأعطاه مهمة أساسية في القصر عبر إدارة الشؤون المالية.
جمع إرنست سرًا أدلة ضد أعمال اللورد غير الشرعية عبر قيامه بالأمور غير القانونية بيده وكسب ثقة سيده.
لكن لم يكن ذلك بسبب إحساسه بالعدالة.
‘لقد كانت تلك القرية عزيزة على إيفون. ولهذا كنتُ أريد أن يكون لديها مكان تعود إليه.’
خَيَّمَت الذكريات والحزن على وجه إرنست.
والغريب في الأمر أن أفكاره الداخلية الحقيقية ظهرت على وجهه بوضوح أمام آنيت.
لم يتساءل إرنست حتى عن كيف عرفت آنيت عن إيفون.
آنيت لم تكن وِدِّيّة في التعامل معه على الإطلاق، لكن إرنست شعر بالوِدّ في كلماتها بشكل غريب.
لقد كانت امرأة نادرة جدًا.
“لقد أتيتَ إلى لايدر لأنكَ أردتَ مقابلة إيفون، أليس كذلك؟ لكن إيفون لن تكون سعيدة بلقائكَ.”
“هذا مستحيل.”
“صديقتكَ نسيتكَ ووجدت لها حبيبًا جديدًا. لا. أنتَ لم تكن أبدًا حبيبها في السابق، لذا فهو لا يُعتبر حبيبًا جديدًا. ولي العهد هو الحب الأول لإيفون. أنتَ تعرف ما يعنيه الحب الأول للشخص، أليس كذلك؟”
تجهم وجه إرنست بشكل مؤلم وكأنه أكل شيئاً حامضًا للغاية.
لقد أزعجته ثقة آنيت في كلامها.
كان إرنست يعلم جيدًا أن إيفون لم تكن تراه كرجل يمكن أن تنجذب إليه.
وكان يعلم أيضًا أنه، وهو شخص من عامة الشعب، لا ينبغي أن يطمع في حب إيفون التي كانت أحد النبلاء.
ولكن مع مرور الأيام ….
اعتقد إرنست أنه إذا بقي بجانب إيفون لبقية حياتها، فقد تنظر إليه كرجل لمرة واحدة على الأقل.
وحتى لو لم تفعل ذلك، إذا كان بجانبها بينما تبتسم في وجهه كما السابق ولو لمرة واحدة، فسوف يُحاول أن يكون راضيًا بذلك ويعيش بقية حياته على تلك اللحظة.
لكن أن تكون مع رجل آخر؟
إذا كان رجل آخر يستطيع أن يكسب قلبها، فلماذا لا يستطيع هو؟
هل كان يعاني إرنست من خطب يجعله أقل من الرجال الآخرين؟
“لكن إذا كنتَ تعمل من أجلي، فسوف أعيد لكَ إيفون.”
“سوف تعيدينها لي؟”
“ربما سوف تستطيع استخدام الأدلة التي جمعتها حول أعمال اللورد غير الشرعية مثل الكلب. وقد تقنع إيفون أيضاً على العودة إلى مسقط رأسها وأن تصبح السيدة الجديدة لمنطقة، لكن …”
لقد همست آنيت بالخطة التي كان يخطط لها إرنست منذ فترة طويلة وتركته مذهولاً في مكانه بينما يفتح عينيه على مصراعيهما من الصدمة.
“في الوضع الحالي، لن تعود إيفون معكَ أبدًا إلى ديلبيرغ حتى لو قمتَ بكل هذه الأشياء على نحو مثالي. لقد مر وقت طويل منذ أن تخلت عن اهتمامها بمسقط رأسها ووجدت السعادة في هذه المدينة.”
الشيء الذي جعل إرنست يَتَحَمّل معاملة سيده له مثل الكلب هو تفكيره في الوقت الذي سوف تعود فيه إيفون إلى مكانها الطبيعي يومًا ما.
لكن إيفون تخلت عنه وعن ديلبيرغ بالفعل.
اعتقد إرنست أنه كان هناك سبب وراء نسيان إيفون له وعدم تواصلها معه لسنين، لكن لم يكن الأمر كذلك.
في طريقه من أراضي الصيد إلى قصر فلوريس، فَكَّر إرنست في كل ما حدث خلال ذلك اليوم.
ظن إرنست في البداية أن آنيت كانت تكذب عليه، لكن إيفون التي رآها في أرض الصيد، لم تفارق عقله ولا للحظة.
لقد كانت سيدة مختلفة تمامًا عن الفتاة المسترجلة ذات الشعر الوردي من ديلبيرغ.
بدأ إرنست في الوقوع في الفخ الذي نصبته له آنيت ببطء.
لم يستغرق الأمر منها سوى لحظة حتى تقوم بتشويه قلبه النقي مجدداً.
لم يكن إرنست في الأصل شخصًا جيدًا.
لقد كان يخبئ طبيعته الحقيقية من أجل أن يبدو جيداً في نظر إيفون التي كانت في حياته مثل شعاع الشمس الذي يخترق بحراً من الظلمات.
لذلك ما الذي يمكن أن يكون أسهل من التلاعب بقلب رجل ساذج يحمل حباً نقيًا وحقيقياً تجاه صديقة طفولته؟
سيكون صديق طفولة إيفون الذي يمكنه الاقتراب منها بشكل طبيعي مفيدًا للغاية.
لذلك، صممت آنيت على زرع شرارة من الشك في عقل إرنست واستخدامها لصالحها.
“لو كانت بحاجة إليكَ، لكانت إيفون قد أخذتك بجانبها منذ زمن طويل.”
“توقفي عن هذا. سأصدق فقط الكلام الذي سوف أسمعه من فم إيفون شخصيًا.”
“حسنًا. يبدو أنكَ تحتاج إلى بعض الوقت لتستطيع التحقق من كلامي وقبوله. سوف أوَفِّر لكَ مكاناً لتُقيم فيه لبضعة أيام. تعال إلى قصر فلوريس متى ما قمتَ بتسوية الأمور مع إيفون.”
وقفت آنيت برشاقة، ثم غادرت غرفة المعيشة تاركة وراءها إرنست بمفرده في حيرة من أمره.
***
مع مرور مهرجان الصيد الصاخب، كان هناك حدث اجتماعي مماثل له قاب قوسين أو أدنى.
لقد كان الحفلة التنكرية.
كانت آنيت تجلس على الأريكة في مكتب ثيودور، وتُحدِّق في الدعوات الموجهة إليها.
“سيد هانز. هل هناك أي أخبار من إرنست حتى الآن؟”
“نعم. لقد قمتُ بحجز غرفة له في نزل، لكنهم قالوا أنه لا يقطن في تلك الغرفة أبداً. أعتقد أنه عاد إلى مسقط رأسه ورفض عرضكِ بالفعل.”
فَكَّرَت آنيت في كلام هانز للحظة، ثم كتبت شيئًا ما على قطعة من الورق وسلمتها إليه.
“من فضلكَ أعطي هذه إلى إرنست.”
ثم فتحت آنيت بطاقة دعوة جديدة.
لقد كانت تفوح رائحة النقود من نسيج الورق والخط الأنيق لبطاقة الدعوة التي فتحتها.
“أستطيع أن أرى لماذا يُحب الجميع حفلات التنكر كثيرًا.”
“لماذا؟”
“لأنكَ إذا حضرتَ حفلة شخص غني يستطيع إرسال مثل هذه الدعوة، فسوف تصبح الأمور ممتعة للغاية. إذا كانت الدعوات لوحدها فاخرة هكذا، فيُمكنني تخيل شكل قاعة الحفلات الفاخرة.”
“أنتِ تقولين نفس الكلام مثله.”
عبس ثيودور قليلاً كما لو أنه تذكر شيئًا غير سار.
“مثله؟ من هو؟”
“ذاك الشخص. الرجل الغبي.”
“إنه يقصد السيد والتر نوردارك. الشخص الذي أرسل الدعوة التي بين يديكِ الآن. وهو أيضًا الابن الأصغر لأغنى عائلة تُدير الأعمال في لايدر.”
أوضح هانز قصد ثيودور بدلاً منه.
“وأهم شيء أنه صديق سمو الدوق الأكبر.”
“هل هذا الرجل الذي يجلس أمامنا الآن لديه أصدقاء؟”
“لديه صديق واحد فقط.”
“لا بد أن تكون لدى السيد والتر شخصية لطيفة وصبورة للغاية!”
“هاهاهاهااا .. يا بطني!”
انفجر هانز في الضحك عند سماع كلمات إعجاب آنيت الصادقة.
عندما حَدَّق ثيودور فيه بنظرات باردة، سعل هانز وغادر الغرفة بينما يحمل خطة ميزانية آنيت لتدبير القصر.
ومع ذلك، لم يستطع هانز أن يأخذ فضول آنيت معه بعيداً.
“هل أنتما صديقين حقًا؟”
“إنه مجرد راقص مجنون. لا تهتمي به لأنه مجرد رجل ثري مثير للشفقة يُنفق المال في إقامة حفلات راقصة كهذه بغرض المتعة.”
خمنت آنيت، التي اعتادت على طريقة كلام ثيودور، أن والتر كان صديقاً لطيفًا ومقرباً منه للغاية.
حقيقة أن كلمة شخصية مثل “راقص” خرجت من فم ثيودور قبل أي تقييم آخر كانت تعني أنه كان قريباً من والتر هذا بما يكفي لمعرفة هواياته.
وحضور حفلة يستضيفها مثل هذا الشخص يعني أنها ليست مجرد حفلة عادية، إنما حدث اجتماعي مهم للغاية.
لم يخض ثيودور في تفاصيل أكثر، لذلك نما فضول آنيت أكثر وأكثر.
“إذن صديقكَ هذا شخص يُحب الغناء والرقص. أوه، بالتفكير في الأمر، إذا كانت حفلة موسيقية، فيجب أن أرقص أنا أيضًا، أليس كذلك؟ سوف يكون من الصعب بعض الشيء أن أبقى ساكنة في مكاني وسط مثل هذه الأجواء الحماسية.”
“ألا تريدين أن ترقصي في الحفلة؟ إذا لم يعجبك الأمر، ارقصي على أغنية أو أغنيتين فقط من أجل أن لا تثيري الشبهات ثم تراجعي للخلف.”
“ليس الأمر أنني لا أريد الرقص، لكني لا أعرف كيف أفعل ذلك. لقد كنتُ أتساءل ما إذا كان يجب عليّ أن أتعلم الرقص قبل الحفلة، لكنني أظن أنه لن يكون لدينا الوقت الكافي لذلك.”
“…أنتِ لا تجيدين الرقص على الإطلاق؟”
“هذا لأنني لم أحضر حفلة موسيقية من قبل.”
وضع ثيودور الأوراق التي كان ينظر إليها على المكتب.
كانت الطريقة التي نظر بها إلى آنيت غير عادية أبداً.
لاحظت آنيت الجو الثقيل في المكان، ولذلك، دفنت نفسها على الفور في الأريكة وبدأت تُحدِّق في ثيودور بنظرات تشبه نظرات الجراء الظريفة لتُثير تعاطفه.
──────────────────────────
~(اتركوا أي ملاحظات بقسم التعليقات، سأقرؤهم كلهم 😊)~
──────────────────────────
أو بإمكانكم التواصل معي مباشرة على الانستغرام لأي استفسارات.
🌸الانستغرام: Asli_Khadija7@
──────────────────────────