دليل البقاء في الاكاديمية للإضافي - 165 - اكتئاب ذئب (1)
”ليس باليد حيلة أن هناك العديد من الأرواح التي تجد صعوبة في التواصل مع البشر. بما أن عمر البشر قصير، بالنسبة للأرواح فإنهم يبدون دائمًا غير صبورين.”
[أنت تتحدث كما لو أنك لست إنسانًا. أنت تمامًا نفس الشيء في عيني أيضًا!]
كان ذلك قبل إنشاء الأكاديمية في جزيرة آكين الشاسعة.
كان هناك الجبل الأيمن الشاهق، والغابة الشمالية الشاسعة، والسهول الكبيرة في الجنوب الشرقي، والخط الساحلي في الغرب. وكانت هناك أيضًا مراعي في الجنوب.
وعلى عكس ذلك، أثناء السير نحو حافة الجرف في الشمال، مرورًا بالأشجار عريضة الأوراق، وتسلق الجبل الأيمن، والمشي فوق الجدول الذي يمر عبر الغابة، ستجد عددًا لا يحصى من الأرواح المتنوعة.
بالنسبة لميريلدا، التي أصبحت للتو روحًا رفيعة المستوى، ترك هذا المنظر الدافئ انطباعًا قويًا.
بسبب ذلك، بقت في جزيرة آكين لفترة طويلة. وبحلول الوقت الذي أدركت فيه ذلك، أصبحت عالقة بالفعل في الجزيرة، غير قادرة على المغادرة.
حتى جزيرة آكين، الواقعة في الطرف الجنوبي الغربي من القارة، لم تكن تخلو من سكانها الأصليين.
المزارعون الذين فروا من منطقة زاهول الحدودية للعثور على موطن جديد، أو المستكشفون الذين جاءوا بحثًا عن الموارد الطبيعية مثل الأحجار السحرية في الكهوف على ساحل جزيرة آكين. مثل هؤلاء الأشخاص غالبًا ما يأتون للزيارة.
استوطن فيها عدد قليل من المستوطنين، مع ظروفهم الخاصة، وشكلوا قرية صغيرة تضم حوالي ست أو سبع عائلات.
كان الجنس البشري وجودًا لا يمكن التنبؤ به… في بعض الأحيان، بدا أنهم ينسجمون مع الطبيعة، ولكن في أحيان أخرى كانوا يهددون الطبيعة عندما يعتبرون ذلك ضروريًا. واجهت ميريلدا، التي وقعت بالفعل في حب الغابة الشمالية، صعوبة في معرفة كيفية التعامل معهم.
وغني عن القول، لكن كانت هناك لحظات من الصراع وأيضا لحظات من الانسجام. كانت هناك أوقات عملوا فيها معًا للتعامل مع الكوارث التي حلت بالجزيرة، وكانت هناك أوقات كانت فيها غاضبة من البشر الذين يمارسون الصيد وقطع الأشجار بشكل مفرط.
“سأبني أكاديمية.”
إذا كان عليها أن تختار المخلوق الأكثر تميزًا من بين كل هؤلاء الأشخاص، فستكون هي تلك الفتاة.
فتاة, مع شعرها الفضي اللامع مربوط إلى الخلف بينما ترتدي ما يشبه الرداء الذهبي وسترة جلدية، والذي غالبًا ما كان يرتديه السحرة. من الخواتم البسيطة متعددة الألوان على يديها، والقلادة على شكل سن تنين حول رقبتها، والمجوهرات الموجودة على حاشية رداءها، كانت كل قطعة مليئة بالقوة السحرية.
تم الإشادة بها باعتبارها حكيمة عظيمة في الأرض الشمالية البعيدة، ولكن تم القبض عليها وهي تستخدم السحر المحظور، بالتالي تم طردها من منشأة الأبحاث الإمبراطورية… الشائعات كانت أنها هي أكبر منبوذة بينهم جميعًا.
لقد حققت بالفعل إنجازات مذهلة باسمها، لذا لم تشعر بأي ذنب على الإطلاق تجاه أفعالها. ولكن، بالنسبة لتلك الفتاة الفضولية التي كانت حريصة على معرفة المزيد عن العالم، لا بد أن الهرب إلى جزيرة ليس بها أي شيء كان شيئًا مخيفًا للغاية.
رغم ذلك، البيئة السيئة لم تكن كافية لإيقاف تلك الباحثة السحرية الشهيرة – سيلفينيا روبستر – أو شغفها.
عندما وصلت إلى جزيرة آكين، قامت بقطع بعض الأشجار في الغابة الشمالية لتصنع عصا سحرية لدراسة سحر التحول المادي، مما تسبب في جدال كبير مع ميريلدا. معظم الوقت الذي قضوه معًا كان في القتال.
انشاء شط فجأةً في محاولة لتحويل طاقة الماء إلى قوة سحرية. امساك الأرواح عن طريق القيام بابحاث في الدوائر السحرية المتعلقة بالختم. محاولة نقش ‘سحر البدائل’ – والذي كان من المحرمات الرئيسية – على شاهد قبر ضخم.
تصرفاتها غير المتوقعة دفعت ميريلدا إلى الجنون، لكن سيلفينيا واصلت القيام بابحاث عن جميع أنواع القوة السحرية بابتسامة على وجهها حتى النهاية.
في مكان لم يكن هناك حتى معهد أبحاث واحد، تمكنت سيلفينيا من كتابة كمية وفيرة من الأوراق البحثية التي من شأنها أن تدخل في التاريخ.
كان من المستحيل أن تتمكن ميريلدا من إيقاف حماس تلك الفتاة للتعلم.
ميريلدا كانت بالفعل قد أعدت نفسها عقليًا، حيث كانت معتادة على قيام سيلفينيا بأشياء لا يمكن التنبؤ بها تمامًا. لكن هذه المرة، الآن كانت تقول إنها ستقوم ببناء أكاديمية.
“حسنًا، نظرًا لأنها لن تكون بتلك الضخامة، فمن الأفضل أن نطلق عليها مبنى أكاديمية بدلاً من أكاديمية كاملة!”
[ما هو نوع الهراء الذي تتحدثين به الآن؟]
نظرًا لميلها لبدء مشروع جديد كلما كان لديها وقت فراغ، لم يكن هناك يوم واحد هادئ منذ قدوم سيلفينيا إلى جزيرة أكين.
كان وقتًا عصيبًا بالنسبة لمريلدا، التي استمتعت بقضاء وقتها مع الريح على مهل في الغابة الشمالية على حافة البحيرة أو على تلال الجبل الأيمن.
“أحتاج إلى بناء مبنى خشبي صغير في السهول الشرقية لتعليم السحر والمهارات القتالية الأساسية. وإذا أمكن، الخيمياء أيضًا.”
[يبدو أن لديكِ الكثير جدًا من الوقت.]
“ليس حقًا. أنا دائمًا ما أخبركِ. على عكس الأرواح، ليس لدى البشر الكثير من الوقت، لذا عليهم دائمًا أن يعيشوا بأنشغال.”
وضعت سيلفينيا يديها على وركها وهي تبتسم. أصبحت ميريلدا متوترة بالفعل.
“سيأتي عدد قليل من الأطفال إلى جزيرة آكين بعد أن طردتهم العائلة الإمبراطورية أو المنطقة الخارجة عن القانون. إنهم جميعًا أطفال رائعون، لكنني أعتقد أنهم جميعًا تم طردهم جانبًا بعد أن طُلب منهم عدم القيام بأي شيء عديم الفائدة في المسكن الإمبراطوري. يبدو أن كل واحد منهم لديه قصته الخاصة.”
[هذا صحيح. بعد كل شيء، أنت أيضًا تسببتِ في جميع أنواع الحوادث، ولهذا السبب تم نفيكِ إلى جزيرة آكين. يبدو أن العائلة الإمبراطورية كانت تواجه صعوبة في التعامل معهم جميعًا، لذا أرسلوهم إليكِ.]
“حسنًا، شعرت بالسوء قليلاً لأنني اعتقدت أنهم يجعلونني أتعامل مع بعض الأطفال الصغار، ولكن… المثير للدهشة, أنهم جميعًا طيبون ومجتهدون؟ علاوة على ذلك، فقد جاءوا جميعًا من خلفية عالية بالاحرى، لذا اعتقدت أن هناك بالتأكيد سببًا في تكليفي بهم بينما كنت أُدعى بالحكيمة العظيمة!”
بعد قول ذلك، رددت سيلفينيا كل طفل من الأطفال الذين سيدخلون جزيرة آكين قريبًا.
تيسلين ماكلور، سليل السياف الأول لودن. الساحر الذي نال بركات النجوم, غلوكت إلدربان. فيلونا بلومريفر، الخيميائية التي صنعت ‘كاشفًا قاتلًا’ حتى قبل حفل بلوغها سن الرشد.
بالنسبة لهؤلاء الأطفال الثلاثة، الذين تفوقوا في القتال والسحر والخيمياء، كان المستقبل الذي حكموا فيه القارة كأول تلاميذ للحكيمة العظيمة سيلفينيا بعيدًا جدًا.
“بغض النظر عن ذلك، عندما أبدأ في بناء الأكاديمية في السهول الشرقية، فأنا متأكدة من أنكِ سوف تنزعجين مرة أخرى، لذا أنا هنا لأخبركِ مقدمًا. لن أزعج المنطقة المحيطة بالغابة الشمالية أبدًا، ولذا سيتم تركها كما هي. لذا، آمل ألا تزعجني بشأن الأمر أيضًا!”
مشهد جزيرة آكين، التي كانت لا تزال أرضًا أقرب إلى كونها طبيعة من أكاديمية.
وهي تتجاهل الشؤون الإنسانية، جلست ساكنة على قمة الجبل وهي تراقب الأشجار تتمايل.
الحكيمة العظيمة، التي كانت تستمتع بالرياح العابرة التي تضرب وجهها، كانت تدندن دائمًا كما لو كانت في مزاج جيد. من قبل كان من المثير للاشمئزاز رؤيتها تتصرف بهذه الطريقة، ولكن ربما لأن ميريلدا اعتادت على ذلك، كانت سعيدة نوعًا ما برؤيتها تتصرف بهذه الطريقة.
التكيف كان شيئًا مخيفًا حقًا.
تمامًا مثل قطرة ماء تسقط وتتسرب إلى صخرة، بحلول الوقت الذي عادت فيه إلى رشدها، كانت الفتاة بالفعل تفرك نفسها بها… وقد أصبح من الطبيعي أن تكون بجانبها دائمًا.
بالنسبة لميريلدا، التي مرت بمثل هذه التجربة، اعتقدت بشكل غير متوقع أنه قد لا يكون من السيء للغاية التقرب من البشر.
على عكس ما اعتقدته من قبل، بدأت الآن تعتقد أن التواصل مع البشر لم يكن سيئًا إلى ذلك الحد. كان فقط من المزعج القيام بذلك.
مع إمتلاك مثل هذه الفكرة، نظر ذلك الذئب إلى منظر جزيرة آكين لفترة من الوقت.
كان مرور الوقت بالنسبة للأرواح مختلفًا تمامًا عن مرور الوقت بالنسبة للبشر.
أشرقت الشمس في البحر الشرقي وهبطت بهدوء في البحر الغربي. وكلما تكرر الأمر، تغير المشهد الطبيعي للجزيرة قليلاً.
أزهرت أزهار الكرز، وكبرت النباتات، وتساقطت الأوراق، وتراكم الثلج. يمكنك القول أن كل لحظة في جزيرة آكين كانت مشهدًا جميلاً، لكنه لم يكن دائمًا نفسه.
أكاديمية سيلفينيا الصغيرة، التي بنيت على الجانب الشرقي من الجزيرة، بدأ حجمها ينمو تدريجياً. زاد عدد الطلاب القادمين والمغادرين، وفي مرحلة ما، بدأ تشييد المباني الكبيرة والجليلة. ما بدأ كمجرد مبنى أصبح الآن أكاديمية تسمى أكاديمية سيلفينيا. اسم مناسب يكرم إنجازات الفتاة التي لم تعد موجودة في هذا العالم.
مع مرور السنين, أصبحت مباني الأكاديمية الشرقية تعرف باسم ‘المنطقة التعليمية’.
قرية البشر، التي كانت تقع في الغرب وتتكون من عدد قليل من الأسر، زادت تدريجيًا جنبًا إلى جنب مع حجم الأكاديمية… وفي أحد الأيام، تشكلت منطقة تجارية عندما بدأ العديد من الأشخاص في القدوم إلى الجزيرة بحثًا عن فرصة.
أصبحت القرية الواقعة إلى الغرب تسمى الآن ‘المنطقة التجارية’، وبدأ بناء مسكن تديره الأكاديمية.
مع مرور الوقت، تغيرت المناظر الطبيعية في جزيرة آكين كثيرًا.
أصبح مشهد جزيرة آكين، حيث كانت تتجول الحيوانات البرية فقط، شيئًا من الماضي.
أستطاعت الشعور بمرور الوقت وهي تنظر إلى المباني التي تقام بين الحين والآخر وإلى منظر الطلاب وهم يتجولون في أرجاء الأكاديمية.
تم تطوير الكثير من الأسلحة، وتم إجراء الكثير من الأبحاث فيما يتعلق بتقنيات وتكتيكات القتال. وهكذا، تم تقسيم مناهج القسم القتالي في النهاية إلى عشرات الفصول الدراسية. الآن، لم يقم قسم القتال بالأكاديمية بإنتاج محاربين فحسب، بل أنتج جنرالات واستراتيجيين مشهورين أيضًا.
الشيء نفسه ينطبق على قسم السحر. في الماضي البعيد، كان هناك وقت كانت تسمع فيه صوت ساحر من النخبة يمكنه فقط إلقاء تعويذة فردية متوسطة المستوى. ولكن في الآونة الأخيرة، الآن هناك ساحرة يمكنها استخدام السحر المطلق ظهرت في الأكاديمية. رغم ذلك، كانت إنسانة قوية بشكل خارق وعلى مستوى عالٍ بشكل غير طبيعي.
تطور قسم الخيمياء في اتجاه مختلف تمامًا. لا يقتصر الأمر على صياغة الكواشف أو علم المعادن، بل يتعامل الآن أيضًا مع جميع جوانب القوة السحرية، بدءًا من الهندسة السحرية، وطب الأعشاب، والتصنيع، وبيولوجيا السحر. بدى كما لو أن كل مجال يتم الآن القيام بإبحاث عنه في قسم الكيمياء.
كان تدفق الزمن، جنبًا إلى جنب مع تطور العلوم، سريعًا وعظيمًا للغاية.
[مرة أخرى، الوقت يمر ويتركني هكذا.]
على الجبل الأيمن، كانت ميريلدا – في شكلها البشري – تجلس على شجرة طويلة جدًا.
نظرت ميريلدا إلى أكاديمية سيلفينيا، وتمتمت بصوت منخفض.
[ولسوف يكون الأمر هكذا دائمًا.]
***
[أحاول الهرب.]
إذا استمعت كثيرًا إلى الكلمات عديمة الفائدة، فسوف تكتسب مناعة تجاهها.
“…ماذا تقولين الآن؟”
[يبدو أن الجميع يعتبرونني أمرا مفروغًا منه هذه الأيام، لذا أفكر في الاختفاء. يمكنك التفكير في الأمر على أنه ثمن لأفعالي.]
كانت ألسنة لهب المخيم تتسابق مع دفء الشمس في وضح النهار.
على الرغم من أن الوقت كان في أواخر الصيف، إلا أن الطقس كان باردًا جدًا. لذا، كان من السهل الاعتقاد بأن الخريف يقترب بسرعة. لقد كانت أيضًا فترة يمكن أن تصاب فيها بنزلة برد بسهولة إذا كنت ترتدي ملابس رقيقة.
لكن بالنسبة لي، لم أكن في حالة تسمح لي بالقلق من الإصابة بنزلة برد. وذلك لأن جسدي كانت بالفعل في حالة من الفوضى الكاملة.
كانت بيل مايا تقوم بتقطيع البصل على جانب طاولة العمل بينما كنت أجلس بجوار المدفأة وأحدق في لهب المطقطق بهدوء.
لفترة من الوقت، كان الجو هادئًا حيث كان كل ما يُمكن سماعه هو صوت سكين المطبخ وهو يضرب لوح التقطيع.
“…هل ناديتني؟”
“كلا. ميريلدا… أعني, الروح التي تعاقدت معها كانت تتحدث هراء.”
“أنا أرى.”
لأن قوتي السحرية استنفدت، لم أتمكن حتى من تجسيد ميريلدا في شكلها البشري.
ولهذا السبب لم تتمكن بيل، التي ليس لديها أي رنين روحي، من رؤية ميريلدا.
بعد أن رديت لها، بدأت بيل في تقطيع المكونات المختلفة الأخرى الموجودة في السلة.
نظرًا لأنه كان موسم العطلة، بدا أن العمل الذي كان عليها القيام به في قاعة أوفيليس لم يكن كثيرًا.
كلما كان لديها وقت فراغ، كانت تأتي لتعتني بي، لأنني لم أكن في حالة جيدة. وكلما جاءت لزيارتي، كانت تتولى أيضًا الأعمال الروتينية اللازمة للحفاظ على المخيم، لذا كنت ممتنًا لها بشكل لا يصدق.
بفضلها، كل ما كان علي فعله هو إراحة جسدي والتعافي خلال بقية فترة العطلة. عندما أتحسن، أخطط لإعطائها شيئا في المقابل.
[هذا ليس هراءًا. هل تعرف كم عانيت؟]
وقفت ميريلدا من على جذع الشجرة على الجانب الآخر من نار المخيم بينما كانت تنورتها البيضاء النقية ترفرف، وركلت بخفة الهواء بقدميها العاريتين. بطبيعة الحال، بدأت تطفو في الهواء وهي تأتي، وتجلس على جذع الشجرة بجانبي.
مددت ساقيها العاريتين نحو نار المخيم، وابتسمت ابتسامة شريرة.
[ماذا يجب أن أقول؟ أشعر وكأنني أريد الهرب. ولكن إذا اختفيت فجأةً ولم يتبق أحد لإدارة الغابة الشمالية، فإن أرواح الرتبة المتوسطة وأرواح الرتبة المنخفضة التي استقرت هنا سوف تضطرب، صحيح؟]
“لديكِ شخصية سيئة.”
[بشكل دوري، أحتاج إلى القيام بهذا النوع من الأشياء. وبما أنني أعتني بهم دائمًا من باب حسن النية، أليس هذا حقًا أستحقه؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فلن أكون أكثر من شخص سهل المنال. أحتاج أن أخبرهم بشكل دوري بما أعانيه، وأنه بدوني سيكون هناك الكثير من المتاعب. نعم.]
ابتسمت ميريلدا وهي تسحب حافة فستانها إلى الأسفل بابتسامة.
[ألن تستريح لبقية عطلتك على أي حال؟ سأتجسد قليلاً وأتجول في أنحاء المدرسة. أخطط لمغادرة الغابة الشمالية وحدي لبضعة أيام.]
“لصياغة الأمر ببساطة، أنتِ تريدين أن تأخذي قسطًا من الراحة. حسنًا، لا بأس… ولكن لوسي موجودة في المسكن الإمبراطوري الآن، لذا من الذي تخططين للتجسد بمساعدته؟”
عادةً، ميريلدا تستهلك القوة السحرية من خلالي ومن خلال لوسي على حد سواء. لكن في الوقت الحالي، لم يكن هناك أي شخص في جزيرة آكين لديه قوة سحرية كافية للقيام بذلك.
باستهلاك كل القوة السحرية التي كنت في العادة سأجمعها الآن، كان من المستحيل بالنسبة لي أن أحافظ على تجسيدها. في معركتي الأخيرة مع كريبن، لا بد أنني استهلكت كل طاقتي السحرية تقريبًا. كنت مجففًا تمامًا.
[عصاك. حتى بدون القوة السحرية، لا يزال بإمكانك إلقاء المهارات الروحية بشكل جيد بإستخدامها. لذا، من خلال قدرات العصا الفطرية، يجب أن أكون أيضًا قادر على تجسيد شكلي البشري دون أي مشاكل. لا أحتاج إلى أن أكون قادرة على القتال أو أي شيء، لذا فهي ليست بالمشكلة الكبيرة.]
“… لهذا السبب كنتِ تقولين لي مثل ذلك الهراء؟ لاستعارة قوة عصاي.”
[أنا طفلة جيدة تطلب الإذن دائمًا قبل الهرب من المنزل.]
أين يوجد في العالم مثل هذا المختل الذي يحصل على إذن بالهروب؟
كان هذا ما أردت قوله، لكن أعتقد أنه لم يكن باليد حيلة نظرًا لأنها كانت تتمتع بمكانة خاصة معي، كونها روحًا تابعة لي بموجب العقد.
[لقد مر وقت طويل منذ أن قمت بجولة في الأكاديمية، لذا ما لم يكن هناك شيء عاجل، فسوف أتركك بمفردك.]
“حسنًا. لديكِ أيضًا الكثير من الأشياء لتتعاملي معها بشكل طبيعي، لذا يجب أن ترتاحي عندما تتاح لكِ الفرصة أيضًا.”
لا أستطيع التحكم في جسدي حتى الآن، لذا طلبت من بيل أن تحضر لي العصا.
قامت بيل بغلي الماء في وعاء بجوار نار المخيم وهي تومئ برأسها ببطء. ثم تذهب إلى المقصورة.
[ينكار ولوسي قالتا أنهما ستعودان في نهاية العطلة، صحيح؟ حتى ذلك الحين، عليك أن تستمر في الراحة والتعافي. بعد كل شيء لقد تأذيت بشدة، إد.]
“هل هذا شيء يجب أن تقوله الروح التي تترك متعاقدها البشري المصاب في مخيم بمفرده لتتجول؟”
[في كلتا الحالتين، تلك الخادمة تعتني بك دائمًا. أنا متأكدة من أن لديك أفكارًا غير لائقة بداخلك، لكنك غير قادر على إظهار أي منها لأنني دائمًا عالقة بجانبك، صحيح؟]
عندما تحدثت ميريلدا مع ابتسامة متكلفة، نظرت إليها مباشرةً، جالسًا بشكل ساكن.
[أفترض أنك لا تستطيع تقبل مزحة.]
“لو لم يكن الآن، فلن يكون لدي أي وقت للراحة أبدًا.”
[افترض ذلك. قبل الإجازة ستظهر أخبار عن بقايا عائلتك. وبمجرد أن يبدأ الفصل الدراسي، ستكون مشغولاً بالمناهج الدراسية. نعم نعم. لابد أن يكون الأمر صعبًا للغاية لأنك مشغول جدًا.]
بتعبير مرح، رفعت ميريلدا قدميها العاريتين وركلت بعض الحجارة القريبة. تدحرجت بعض الحجارة الصغيرة على العشب قبل أن تستقر بالقرب من نار المخيم.
بعد أن جلست هناك شارد الذهن لفترة من الوقت، خرجت بيل أخيرًا من المقصورة ومعها العصا.
“ها هي. هل تفكر في استخدام القوة السحرية؟ سيكون من الأفضل لك عدم المبالغة في ذلك.”
“لا، ليس لدي أي قوة سحرية يمكنني استخدامها على أي حال. أنا فقط بحاجة إلى استخدام قدرات العصا.”
عندما أمسكت بالعصا وركزت قليلاً، بدأت قوة العصا تظهر شيئاً فشيئاً.
على الرغم من أنها لا تستطيع استخدام أي من قدراتها القتالية على الإطلاق، إلا أن ميريلدا نجحت في تجسيد نفسها كفتاة بشرية.
في الحقيقة لم يكن هناك شيء آخر غير كونها تتجسد. لم أشعر بأي قوة سحرية منها، لذا فقط كانت مجرد فتاة جميلة ذات شعر أبيض.
عندما رأت بيل مثل هذه الفتاة تظهر على جذع شجرة، نظرت إليها بفضول للحظة. من وجهة نظر ميريلدا، كانت بيل أحد معارفها، لذا من الطبيعي أن تبتسم لها ابتسامة مشرقة وهي تقفز من جذع الشجرة.
[آها، لقد أحببت حقًا الشعور بالدوس على العشب عندما أتجسد.]
كانت قدميها واهية بدرجة كافية لشعوري بالقلق من احتمال تعرضها للخدش. مع ذلك، رفعت ميريلدا حافة تنورتها بخفة كما لو أنها لا تهتم، وحركت ساقيها بسعادة كما لو كانت ترقص.
[إذن، حتى تسمع أخبارًا من عائلتك، احصل على قسط من الراحة. سأقوم أيضًا بالتجول للحصول على قسط من الراحة بمفردي!]
بعد قول ذلك، لوحت ميريلدا بيدها لي وهي تبتعد بمشية مرحة.
ألن يكون من المؤلم المشي حافية القدمين بهذه الطريقة؟
على الرغم من أنني كنت فضوليًا، اعتقدت أنها ستكون بخير، لذا تركتها بمفردها.
قمت بوخز نار المخيم عدة مرات بالبوكر بينما كنت أتنهد، مما أدى إلى استرخاء جسدي.
لم يكن لدي أي حاسة تذوق. في كل مرة كنت آكل، كان المذاق وكأنني أمضغ الرمل. مازلت لا أسمع جيدًا من إحدى أذني، وكانت ساقي اليسرى تكافح من أجل التحرك.
تناوبت حمى بين منخفضة الدرجة وعالية الدرجة. وفي بعض الأحيان، كنت أعاني أيضًا من الغثيان والقشعريرة.
لم تبقى قطرة واحدة من القوة السحرية.
لم أتمكن حتى من استدعاء الروح المطلقة بشكل كامل. استدعيت رأسه فقط وجعلته ينفث النيران مرة واحدة.
حتى هذا التجسيد القصير كان كافياً لتدمير حالتي الجسدية. إذًا، ما مقدار الرنين الروحي الذي تتمتع به ينكار، التي جسدت روح الماء المطلقة بالكامل على مدى فترة طويلة من الزمن؟
بالطبع، اضطرت ينكار أيضًا إلى الاستلقاء لفترة طويلة تحت الرعاية الطبية بعد استدعائها. حتى مع أخذ ذلك في الاعتبار، كان ما يزال ذلك مستوى غير عادي من الرنين.
“……”
عندما فكرت في ينكار، تخيلت تعبيرها القلق وهي تستقل القطار إلى بولان. وينطبق الشيء نفسه على لورتيل وكلاريس أيضًا.
مع ذلك، سأتعافى طالما أتمكن من الراحة باعتدال. لذا، لم أستطع أن أجعلهم يؤجلون عودتهم إلى الوطن والتي طال انتظارها أو جداول أعمالهم المزدحمة.
أفضل طريقة بالنسبة لي لرد جميلهم هي الحصول على أكبر قدر ممكن من الراحة خلال فترة العطلة وإظهار مظهر أكثر صحة لهم.
الشخص الذي كان يقلقني أكثر شيء هو تانيا.
تانيا، التي حثتني للعودة إلى جزيرة آكين، كانت ترتدي عباءة منقوش عليها صورة نسر، ترمز إلى رئيس العائلة.
عندما أغمضت عيني ببطء، تمكنت من رؤية ظهر تانيا وشعرها مربوط وهي تنظر إلى قصر روثستايلور المنهار.
كنت قلقًا عليها، لكن كان من الصعب علي فعل أي شيء مع حالتي العقلية الضبابية وجسدي المدمر. على الأرجح سأكون عبئًا بدلاً من مساعدة.
في الوقت الحالي، كان التعافي السريع هو أهم مهمة لدي.
بمعرفة هذه الحقيقة، أرخيت جسدي بقدر ما أستطيع… ودفعت الأرز عديم الطعم بالقوة إلى فمي.
***
عندما وصل ماغنوس كالامور، قائد الجيش في المنطقة الشمالية، إلى قصر روثستايلور، كان كل شيء قد انتهى بالفعل.
كان من المقرر أصلاً أن يقوم بالزيارة في نهاية اللقاء الاجتماعي. مع ذلك، تمت إعادة جدولة الاجتماع العسكري فجأةً، وبالتالي لم يتمكن من الوصول في الوقت المحدد.
لم يستطع إلا أن يوسع عينيه عند رؤية قصر روثستايلور المدمر بالكامل والخيام التي تم نصبها مؤقتًا أمامه.
“القائد ماغنوس. أنا آسفة لأنني لم أتمكن من الترحيب بك.”
وعلى الطاولة الوسطى لأطول خيمة، جلست الفتاة التي كانت تعتني بالوضع الحالي برمته.
كانت تانيا روثستايلور، رئيسة مجلس الطلاب في أكاديمية سيلفينيا والرئيسة الحالية لعائلة روثستايلور.
لا يزال وجهها يبدو شابًا ويبدو مرهقًا أيضًا. رغم ذلك، تحدثت تانيا بشكل لائق مع القائد الذي كان أكبر منها عدة مرات.
“كما ترى، الوضع الحالي لقصر روثستايلور هو هكذا…”
“ماذا حدث؟”
بعد توضيح الجو، تحدث ماغنوس بأدب إلى تانيا. لقد لاحظ بسرعة أن منصبها قد تم ترقيته.
خفضت تانيا عينيها من سخرية الموقف وهي تجبر إبتسامة.
العديد من الضيوف البارزين الذين بقوا حول تانيا شرحوا حالة القصر. عاد معظم النبلاء إلى ممتلكاتهم، لكن بعض الشخصيات الرئيسية ما زالت موجودة في مكان الحادث للمساعدة في إدارة الوضع.
وكان أحدهم رئيسة عائلة بلومريفر، سينير بلومريفر.
كانت سينير امرأة مسنة، وعلى وجهها بعض التجاعيد. تعرفت على ماغنوس وأحنت رأسها قليلاً لتحيته.
كما استقبلها ماغنوس بتحنية، ثم جلس أمام تانيا.
كان كل من سينير وماغنوس والدين لديهما أطفال يذهبون إلى أكاديمية سيلفينيا.
كان نجل ماغنوس، واد كالامور، هو الطالب الأعلى بشكل عام بين طلاب السنة الأولى. وكانت ثاني بنات سينير التوأم, ترايكانا بلومريفر، هي الطالبة الأعلى حاليًا بين طلاب السنة الرابعة في قسم السحر.
نظرًا لأن كلاهما كانا آباء لطلاب أعلى في الأكاديمية، فقد كانا يعرفان رئيسة مجلس طلاب سيلفينيا تانيا روثستايلور جيدًا.
ومع ذلك، فإنهم لم يلتقوا بها شخصيا من قبل. لم يتمكنوا إلا من تخمين نوع الأشخاص الذي كانت عليه.
منصب رئيس مجلس الطلاب المسؤول عن جميع الطلاب الملتحقين بأكاديمية سيلفينيا الشهيرة. بالإضافة إلى ذلك، فقد ورثت منصب رئيسة العائلة لتحمل مسؤولية عائلتها المدمرة الآن.
الفتاة التي تحمل العبء الثقيل لهذا المقعد كانت أصغر من المتوقع. وهكذا، لم يكن أمامهما خيار سوى النظر إليها بعيون قلقة.
مع ذلك، تحدثت تانيا أولًا، كما لو أنها لم تكن منزعجة.
“سأكون واضحة. أنا في موقف صعب. لذا، ليس لدي الوقت للقلق بشأن كل قضية.”
من وجهة نظر ماغنوس، الذي لم يسمع بعد عن الوضع في قصر روثستايلور، لا بد أن الأمر بدا كما لو كانت تتحدث هراء.
ورغم ذلك، تحدثت تانيا دون تردد.
“سوف أسقط الأميرة سيلا.”
سيلا، بيرسيكا، بينيا.
كانت المعركة على العرش معركة ثلاثية. إذن، ما هو المسار الذي ستسلكه تانيا للبقاء على قيد الحياة؟
“هل أنتما على استعداد للتعاون معي؟”
ماغنوس، المولود بدماء محارب، صعد إلى رتبة قائد مسؤول عن الحدود الشمالية بأكملها.
سينير، رئيسة عائلة بلومريفر، التي قادت عائلة الساحرة الشهيرة.
إذا أرادت إقناع هذين الشخصين بالوقوف إلى جانبها، فسوف تحتاج إلى سبب وجيه أو قوة للقيام بذلك.
ولكن، في الوقت الحالي، كانت تانيا هي رئيسة عائلة على وشك الانقراض. لا يوجد أحمق في العالم والذي يمكن أن يتبع شخصًا كان في مثل هذا الموقف.
على الرغم من أنها عرفت هذه الحقيقة، إلا أن تانيا تحدثت بثقة. وطلبت منهما أن يقفا إلى جانبها.
كما لو كانت الإجابة الصحيحة… لم تكن هناك حتى لحظة تردد.
* * *
“السيد الشاب إد.”
“…صباح الخير, بيل.”
“أنا آسفة لإزعاجك بينما تستريح، ولكن… وصلت رسالة.”
“… رسالة؟”
كان ذلك في صباح اليوم التالي.
بينما كنت أتعافى بجوار نار المخيم، نظرت إلى بيل، التي أتت منذ الصباح الباكر وعلى وجهها تعبير مشوش.
“… لي؟”
“نعم. لقد وصلت تحت عنوانك في قاعة أوفيليس. لذا، استعدتها وأحضرتها معي.”
“… ولكن مر وقت طويل بالفعل منذ أن تم طردي من قاعة أوفيليس. لماذا الآن فقط تلقيت رسالة من هناك؟”
“أنا أيضًا فضولية بشأن ذلك…”
أخذت الرسالة من بيل، وفتحتها على الفور.
كانت في ظرف رث، لكن الحبر كان نظيفاً كما لو أنه كتب حديثاً.
لم تكن الرسالة طويلة جدًا، لذا ألقيت نظرة سريعة عليها.
[إشعار إلى أسوأ خاطف تم القبض عليه، إد روثستايلور.]
“؟”
بيل، التي كانت تقرأ الرسالة من خلفي، تواصلت معي بصريًا وهي تميل رأسها.
[أنا أعرف الأفعال الشنيعة التي ارتكبتها ضد تلك الفتاة الضعيفة. لا أستطيع مسامحتك أبدًا، لأنك ضايقت فتاة بكماء يرثى لها لم تستطع حتى المقاومة، ناهيك عن الرد بكلمة واحدة.
شخصياً، أنا أود أن أبلغ المجلس الأكاديمي فوراً بكل أعمالك الشريرة. مع ذلك، تحت رحمة ضحيتك الطيبة والتي أوقفتني، سأؤجل عقوبتك إذا تقدمت شخصيًا واعتذرت.
بمجرد أن تقرأ هذه الرسالة، اذهب إلى قاعة غلوكت.
مرسل بواسطة باتريشيانا بلومريفر، طالبة في قسم السحر.]
“……؟”
“؟؟”
نظرنا أنا وبيل إلى بعضنا البعض لفترة من الوقت وواصلنا تبادل النظرات، كما لو كنا في حيرة من أمرنا.
“هل اختطفت وسجنت مؤخرًا أية فتاة؟”
“……”
“… أعذر ما قلته.”
بحق، مجرد النظر إلى سرعة اعتذارها عن أفعالها، كانت بالتأكيد تستحق أن تُسمى خادمة من الدرجة الأولى.