165 - الهجرة - 15

الفصل 165: الهجرة (15)

________

عندما وصل روان إلى مبنى الحراسة، رأى مجموعة من الجنود متحلقين حول دي أندري ، الذي كان يؤدي خدعًا سحرية مبهرة للتسلية. كان الجو مليئًا بالضحكات والدهشة بينما كان دي أندري يستعرض قدراته، تتحرك يداه برشاقة وهو ينسج التعاويذ.

“انظروا إلى هذا.” قال دي أندري بابتسامة ماكرة، وهو يمزج بين سحر الضوء وسحر الرياح ليُنشئ عدة كرات صغيرة من الضوء تدور بسرعة في الهواء حوله، تاركة خلفها خيوطًا متوهجة من النور.

“واو! رائع جدًا!”

“لا يصدق! لم أرَ شيئًا كهذا من قبل!”

“لو كنت أستطيع فعل هذا، لكنت متزوجًا الآن!”

انجذب الجنود الشباب بسهولة إلى العروض المبهرة لدي أندري، وقد اتسعت أعينهم بالانبهار وهم يصفقون ويهتفون بحماس.

كان دي أندري لا يزال يؤدي عروضه حين لمح روان و إيلارا يقتربان من بعيد. أضاءت ابتسامته على الفور، وأوقف التعويذة فجأة، مما جعل الكرات المضيئة تتلاشى إلى شرارات، ثم هرع للقائهم.

ابتسم روان أيضًا ومد يده لمصافحته: “مرحبًا بعودتك إلى قريتي—”

لكنه توقف عن الكلام عندما تجاهله دي أندري، متجاوزًا إياه ليلقي التحية على إيلارا أولًا. بقيت يد روان معلقة في الهواء، وظهر على وجهه لمحة من الضيق.

“جميلتي إيلارا، المرأة التي تسيطر على أحلامي بوجهها البهي منذ التقينا.” قال دي أندري، تتلألأ عيناه بالإعجاب. “لا أستطيع أن أطرد فكرة وجهك الجميل من رأسي…” وأخذ يطلق كل الكلمات الغرامية التي تخطر بباله، كل واحدة أكثر مبالغة من الأخرى.

تشنج وجه روان غضبًا وخيبة، ولم يصدق أن دي أندري تجرأ على ترك يده معلقة فقط ليغازل امرأة قد لا تبادله حتى المشاعر. اجتمع داخله خليط من التوتر والغيظ وهو يقبض كفه بشدة.

(يا لهذا الأحمق السخيف!) شتم روان في داخله، قبل أن يستدير نحو الاثنين.

فتح دي أندري ذراعيه محاولًا احتضان إيلارا وهو يغدقها بكلمات الغزل، لكنها قابلته بردها البارد المعتاد، متراجعة للخلف لتحافظ على مسافتها.

اكتفت بالرد بكلمة محايدة: “مرحبًا بك”، دون أي تعبير على وجهها، وهي تتفادى احتضانه بخطوة رشيقة.

“هيا، لا تكوني باردة معي. قلبي الضعيف سيتحطم إن بقيتِ بعيدة هكذا.” توسّل دي أندري، مع ابتسامة لم تفارقه. وحاول جولة أخرى من الكلمات الرقيقة، لكن أياً منها لم يجدِ نفعًا مع إيلارا.

(تستحق هذا، أيها الأحمق!) ابتسم روان ابتسامة خبيثة.

في تلك اللحظة، بدا الجنود خلف روان في غاية الدهشة؛ حتى شخصية ملائكية مثل دي أندري لم تستطع كسب قلب إيلارا. تبادلوا النظرات وبدؤوا يتهامسون.

“كنت أظن أنها تتجاهلني لأني لست وسيمًا أو قويًا بما يكفي.” قال أحد الجنود. “لكن بعد أن رأيت كيف تعامل السيد الملاك، ربما لستُ سيئًا جدًا.”

“نعم، وأنا أيضًا! لسنا نحن القبيحين، إيلارا فقط لديها ذوق باهظ!” رد آخر ضاحكًا.

بدأ الجنود الشباب يتهامسون بارتياح ومرح، مما جعل روان يبتسم ساخرًا حين سمعهم، مستمتعًا بمحاولات دي أندري الفاشلة.

بدأت ابتسامة دي أندري الماكرة تخفت بعد رفض متكرر. ثم تنحنح، واستدار نحو روان بابتسامة محرجة، محاولًا تجاوز الموقف وكأنه لم يحدث. مد يده هذه المرة وصافحه قائلًا: “مرحبًا يا صديقي العزيز روان، لقد مضى وقت طويل.”

(تتوقع أن أصافحك بعدما تجاهلت يدي؟ لابد أنك فقدت عقلك!) فكّر روان بابتسامة ساخرة.

وفعل الشيء نفسه؛ مر بجانبه متعمدًا تجاهل يده، مما جعل ثقة دي أندري تتزعزع قليلاً.

“هاهاها، أرى أن منطقتك قد تطورت بالفعل!” قال دي أندري محاولًا التغطية على الإحراج. “لقد جلبت معي الكثير من العناصر. ستحبها بالتأكيد. لدي حتى خريطة لقارة ساوثريتش ، تتضمن بعض الأبراج المحصنة ذات المكافآت النادرة!” واصل الحديث بنبرة عادية، مستمرًا بمد يده كأنه لم يحدث شيء.

(أبراج محصنة ذات مكافآت نادرة! تلك كانت نادرة جدًا في مجال الإمبراطور ) فكر روان بحماس، لكنه سرعان ما تذكر تجاهل دي أندري له، فهز رأسه، شاعرًا بخيبة من سلوكه.

قال بحزم: “لا يمكننا مناقشة كل هذا هنا.” ثم استدار ليغادر، فيما لحقت به إيلارا بصمت.

تنهد دي أندري، مدركًا أنه ربما تمادى، ثم تبعهما نحو قاعة الاجتماعات.

في قاعة الاجتماعات، جلس روان ودي أندري متقابلين. كان وجه روان محايدًا، بينما احتفظ دي أندري بابتسامته الماكرة المعتادة.

“أن تتمكن من تطوير منطقتك في أقل من شهر منذ الانتقال، هذا يجعلك شخصًا استثنائيًا فعلًا، يا روان.” قال دي أندري وهو يسترخي على مقعده. “يجعلني أتساءل لماذا لم تكن مشهورًا على الأرض مع هذه القدرات المجنونة.”

اكتفى روان بالزفير باستهزاء. في الماضي لم يكن يملك مهارات عالية الجودة كما لديه الآن، على عكس اللاعبين الأغنياء المحظوظين مثل الوجيه ماريو ، الذين كانت الموارد تتدفق إليهم بلا حدود.

“لقد أحضرت لك الكثير من الكنوز اليوم! بما أن منطقتك وصلت إلى رتبة F، ستتمكن من شراء عناصر من رتبة F وE. لكن أحذرك، أسعار عناصر رتبة E باهظة جدًا مقارنة بما حصلتَ عليه آخر مرة.”

أومأ روان، فقد كان مستعدًا لشراء أي شيء، كما أنه يرغب في البيع أيضًا.

“أنت تاجر، أليس كذلك؟ لا تبيع فقط، بل تشتري أيضًا؟” سأله روان.

“بالطبع، هل لديك ما تود بيعه؟” قال دي أندري بلهفة.

“لدي الكثير. كما أنني أريد الحصول على عملات ذهبية، وأتمنى أيضًا أن تربط قريتي بالمناطق الأخرى من أجل التجارة وبناء العلاقات. هذا ليس صعبًا عليك، أليس كذلك؟”

هز دي أندري رأسه بتفكير. “يمكنني فعل كل ذلك، لكنه سيكلفك الكثير. لكن بما أني أعتبرك صديقي، سأمنحك خصمًا جيدًا.”

“لا مشكلة.” أجاب روان؛ طالما أن التكلفة لا تتجاوز مليار نقطة تطور، فهو مستعد.

“هل تريد أن تبيع أولًا أم تشتري؟ أيهما تختار؟”

اختار روان البيع، فتمتم دي أندري بصوت منخفض: “كشف جرد الهدف.”

ظهرت نوافذ أمام دي أندري. في الوقت نفسه…

شعر روان ببعض الحيرة وهو يقرأ النصوص على النافذة، لكنه وافق على الكشف على أي حال؛ فلم يكن لديه ما يخفيه، وكان واثقًا أن دي أندري لن يستطيع سلب محتوياته.

بعد قبول روان، انكشف جرده بالكامل أمام دي أندري.

انهارت ملامح وجه دي أندري بدهشة حين رأى محتويات الجرد: “سبعة آلاف نواة وحش! وأكثر من ستة آلاف سلاح! والعديد غيرها! أي نوع من الوحوش أنت؟ كيف تمكنت من الحصول على كل هذا في أقل من شهرين—بل ربما أقل من شهر!” صرخ دي أندري بدهشة عميقة.

لكن روان لم يتأثر؛ كان يتوقع رد الفعل هذا. ولو أنه في الحقيقة لو رأى شخصًا برتبة F يملك هذا الكم، لذهل هو نفسه.

امتلاك ألفي نواة وحش في نفس الوقت يُعد شبه مستحيل حتى لسيّد منطقة من رتبة E. ومع ذلك، سيد من رتبة F يملك أكثر من ذلك!

“هل ستبقى تحدق فيهم أم سنعود إلى سبب اجتماعنا هنا؟” قال روان بعبوس وهو يطرق الطاولة بأصابعه.

نظر إليه دي أندري ثم عاد لينظر إلى الجرد، قبل أن يعلّق بصوت مرتفع: “أنت أكثر جنونًا حتى من الوجيه ماريو حين كان في مستواك!”

ارتفع اهتمام روان حين سمع اسم اللاعب الأشهر في مجال الإمبراطور : “هل انتقل الوجيه ماريو أيضًا؟”

“لقد انتقل منذ وقت أطول من أي منتقل آخر التقيتُ به. إن لم يكن الأول، فلا بد أنه من أوائل عشرة انتقلوا.”

أخبر دي أندري روان بالكثير عن الوجيه ماريو، بل وشارك قصصًا عن مغامراتهما سويًا والتحديات التي تغلبا عليها.

اشتعل فضول روان وسأله عن رتبة ماريو الحالية، لكن دي أندري تهرّب سريعًا، قائلاً إنه لا يستطيع كشف ذلك لأنه يقدّر خصوصيته. “سيكون حاضرًا في بطولة السادة المبتدئين القادمة. لقد حدثته عنك، وهو متحمس جدًا لرؤيتك.”

“الوجيه ماريو يريد مقابلتي؟” فوجئ روان. على الأرض، كان ماريو أسطورة في مجتمع اللاعبين، وروان لم يكن استثناءً. كان يتابع بثوثه ويتعلم منه مهارات حسّنت لعبه. والآن، فكرة أن ماريو نفسه متحمس للقائه أثارت فضوله بشدة.

لكن دي أندري لم يكشف له أكثر من ذلك.

“كم من كل شيء تريد أن تبيع؟” عاد ليسأل بجدية.

“الكل.”

“ماذا؟ هل أنت متأكد؟” اتسعت عينا دي أندري.

“نعم…”

“إذن حدد السعر وبدّل 50% منهم بعملات معدنية.”

“حسنًا. سيُرسل النظام لك الأسعار، وهي غير قابلة للتفاوض. ولا تقلق، ليست لدي أي مصلحة في خداعك.”

بعد قوله ذلك، بدأ دي أندري يُشغّل النظام أمامه بتركيز شديد. تحركت أصابعه في الهواء بثبات وهو يضغط على العناصر، يتنقل بين القوائم التي لا يراها إلا هو.

وفي كل مرة يحدد عنصرًا وكمية، ظهرت نافذة أمام روان.

…

…

ظهرت سلسلة من الإشعارات المشابهة أمام روان.

بعد دقائق، حصل روان على كمية ضخمة من نقاط التطور، كما ظهرت عدة أكياس كبيرة تحتوي على عملات من فئات مختلفة في جرده. ألقى نظرة على المجموع، راضيًا تمامًا بالصفقة.

_________

المترجم : سيكون يوم الخميس و الجمعة نشر فصول لكل رواية أترجمها أكثر من 30 فصل لي الرواية الواحدة .

———-

لا تنسو كتابت رأيكم في التعليقات .

____________