7 - الأم الشريرة (1)
تريب..
تريب..
( م.م : تغريد العصافير…)
“…..”
ملأ ضوء الصباح الغرفة، بينما كنت أحدّق في السقف بلا تركيز، مستلقيًا على السرير.
لا أتذكّر كيف أو متى وصلت إلى السرير ليلة البارحة.
لم أغمض عيني طوال الليل، وكان رأسي ممتلئًا بتوتر وضغط لا يمكن وصفه.
استمرّ الصداع المزعج في النبض، لكن عقلي بات مخدّرًا تجاه الألم.
لا أذكر شيئًا مما حدث لي الليلة الماضية، كل ما يتردّد الآن في رأسي هو ذكريات “آزاريا” المنقوشة في ذهني.
وفوق ذلك، لا أستطيع استرجاع أغلب ذكرياتي الخاصة كـ”إيندر”.
هل هذا ما يشعر به الإنسان حين يُجبر على أن يصير شخصًا آخر؟
عقلي الآن في فوضى، ولا أعلم من أكون… أو ماذا أكون.
“من أنا؟”
تمتمتُ بصوت متعب، عيناي مثبتتان على السقف.
ونعم، هناك أمر آخر…
=========================== الاسم: آزاريا نواه الجَنَّة [50]، إيندِر سِفْتِس [50].
العمر: 15
الرتبة: البدائي الثاني (48٪)
القوة: 10
الردود: 19
الذكاء: 38
القوة العقلية: 5 [40]
الجاذبية: 13
(المعدل الطبيعي للبدائي الثاني هو 20، والحد الأقصى الذي يمكن بلوغه بالبركات أو سلالة الدم هو 40)
سلالة الدم: لم تستيقظ بعد.
البركة: بركة آمون-رع.
الحالة السلبية: إنهاك المانا / مريض / ضعيف.
هذه الشاشة اللعينة كانت تحجب رؤيتي منذ الصباح الباكر.
“مرحبًا، أجبني، من أنا؟” سألتُ وأنا أضغط على الشاشة.
تومضت، لكنها بقيت معلّقة في مكانها.
“أجبني!” زمجرتُ وأنا ألكمها، لكن يدي اخترقتها بلا أثر.
“أعرف أن أشياءً تافهة مثلك يمكنها التحدث، لذا أجبني، بحق الل— آرغ!” وبينما حاولت النهوض فجأة، عاد الألم يمزّق ضلعي المكسور، فأطلقت أنّة مؤلمة.
“اللعنة.” تمتمتُ، وعيناي عاودتا التحديق في الشاشة.
كلمتا “مريض” و”ضعيف” طعنتاني بشعور مؤلم يُذكّرني بمدى هشاشة هذا الجسد الآن.
بمدى خراب جسد آزاريا حقًا.
“اسمع أيها النظام اللعين. أطلب منك بلُطف… للمرة الأخيرة: لماذا أنا في جسده؟” سألتُ بنبرة مهدّدة، أحدّق في الشاشة أمامي.
“أجبني! لماذا بحق الجحيم أنا هنا؟!”
صرخت، عيناي المحتقنتان بالدماء مثبتتان عليها، لكنها بقيت صامتة، بلا رد.
“هاهاها…”
ضحكتُ ضحكة خاوية، قبل أن أسقط مجددًا على السرير، عيناي تحدقان في السقف.
بالطبع، لا بد أن هذا سيحدث…
أن أستيقظ في مكان غريب…
وفي جسد غريب…
لا، ليس غريبًا تمامًا، أليس كذلك؟
كنت أعرف هذا الجسد… أعرفه جيدًا.
راودتني الفكرة، فأغمضت عيني، أُحاول جمع أشلاء ذكرياتي كإيندر من بين آلاف الشظايا المحطّمة.
نعم… تذكّرت. آزاريا نواه الجَنَّة ، شخصية في اللعبة؟ “حبيبي العزيز”؟
تلك الشخصية المزعجة، التي رغم ضعفها ومرضها الدائم، كانت تملك القدرة على التسبّب في النهاية السيئة للّعبة.
اللعبة التي دارت حول الحب والموت…
حول حياة “إيثان فارون”، وانتقامه ممّن قتلوا عائلته.
والآن… أنا في جسد [صانعة الأشرار] في الجزء الأول من تلك اللعبة.
فتحتُ عيني ببطء، وعدتُ أحدّق في السقف بذات التبلد.
“يا له من سقف جميل…”
تمنيتُ لو كانت حياتي جميلة هكذا…
“ما الذي أفعله هنا بحق الجحيم؟!”
نهضت فجأة من السرير، متجاهلًا الألم الذي سبّبه لي ضلعي المكسور.
“لماذا أنا هنا؟” تمتمت مجددًا، يتردّد صدى السؤال في الغرفة الخالية.
لكن لا أحد يُجيب… فقط الصمت.
“ماذا حدث لها؟”
همست وأنا أحدّق إلى الأسفل، جالسًا عند زاوية السرير.
لقد نسيتُ اسمها، لكنني أتذكّر أنني كنت أحب فتاةً ما…
أتذكّر ابتسامتها، وعينيها الحمراوين الجميلتين…
أتذكّر طعامها المفضل، وأتذكّر شعرها…
آخر ما أذكره عنها أنها دفعتني من فوق مبنى…
لكنني لا أستطيع تذكّر وجهها.
ولا اسمها.
ولا صوتها.
لا… لا أستطيع تذكّر أي شيء…
“هاه؟”
خرج صوت مبهوت من فمي، حين بدأت رؤيتي تتشوّش.
لمستُ عيني، فشعرت برطوبة.
“دموع؟” تمتمت، أحدّق في يدي المبللة.
“هاهاها… ما الذي أفعله؟”
مسحت دموعي بخشونة.
“الرجال لا يبكون.
الرجال لا يبكون أبدًا.” تمتمت، محاولًا قمع مشاعري.
“آرغ…”
دفعت نفسي ببطء للنهوض عن السرير، متألّمًا من ضلوعي، وبدأت أتمشّى داخل الغرفة.
تناولت الكرسي الموضوع بجانب الطاولة،
رفعته و…
ضربة!
رميت الكرسي بكل قوتي نحو الحائط، محطّمًا الكرسي والجدار معًا.
“آآآه، اللعنة!”
رفعت الكرسي ثانية، وبدأت أضربه بالأرض مرارًا وتكرارًا، حتى تحطّم بالكامل، ولم يتبقّ منه إلا قطعة خشب في يدي.
“اللعنة…”
همست بها، جالسًا على الأرض، أستند إلى الطاولة.
“همم؟”
سقط بصري على إطار صورة مكسور ملقى على الأرض.
متجاهلًا شظايا الزجاج المتناثرة حوله، التقطتُ الإطار.
كانت صورة لطفلين يعانقان بعضهما، يفركان وجهيهما ببعض.
كانت وجوههما تبتسم، ابتسامات طاهرة بريئة.
ورغم أنها صورة لطفلة، إلا أنني تذكّرتها.
أعرفها من ذاكرتي…
كانت البطلة الرئيسية للجزء الأول من اللعبة.
“…..”
بينما كنت أحدّق في الصورة، امتدت يدي اليمنى لا شعوريًا نحو الخاتم في الإصبع الرابع من يدي اليسرى.
خاتم خطوبة…
“تنهد…”
تنهدتُ بعمق، مغمضًا عيني مجددًا وأنا أفكر بما ينتظرني لاحقًا.
عادت عيناي تدمع، لكن هذه المرة… شعرت وكأن هذه الدموع ليست لي.
أجل… هكذا هو الأمر، أليس كذلك؟
أنا… سأموت، أليس كذلك؟
طق… طق.
نظرتُ إلى الباب حين سمعت الطرق.
“سيدي الشاب؟” جاء صوت أنثوي من خلف الباب.