203
🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
📖 “وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا” (سورة طه، الآية 114)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفكرة الأساسية هي أن هذا الجهاز يجب تصنيعه
بدأ يي فِي تصميم جهاز يغيّر الفضاء ضمن نطاق صغير
الأمر صعب جدًا؛ شياوباي لا يستطيع إجراء الحسابات بعد لعدم كفاية البيانات الداعمة
ولتحقيق ذلك لا يوجد سوى طريق واحد: المحاولة مرارًا وتكرارًا
صعوبة التصميم هائلة لأن ما يملكه يي فِي ليس سوى نظرية
هذا المستوى من الصعوبة أكبر بكثير من محرك المادة المضادة؛ فمحرك المادة المضادة يمتلك على الأقل مسرّع جسيمات
إذ يكفي استخدام مسرّع الجسيمات لالتقاط الجسيمات المضادة ثم إجراء تجارب التصادم وأخيرًا تصنيع الحاوية
يبدو ذلك معقدًا جدًا لكن في الواقع أصعب الأجزاء ــ التقاط الجسيمات المضادة ــ قد أُنجز بالفعل
أما محرك الانحناء فحتى الآن مجرد مفهوم نظري خالص
مع أن العديد من العلماء يعتقدون أن الأمر قابل للتنفيذ ويمكن تطبيقه بسرعة
لكن ذلك يبقى اعتقادًا فحسب
لم يُكثر يي فِي التفكير واستقر بهدوء وانصرف إلى البحث
مرّ أسبوع دون أن يحرز يي فِي تقدمًا، لكن العميد تانغ جاء بأشخاص من أجل السبات بالتجميد
أُحضر شخصان مسنّان وكانا ممدّدين على أسِرّة المستشفى
كانت حالتهما حرجة ولا علاج لهما
حين رآهما يي فِي كانا يلفظان أنفاسهما الأخيرة وقد انتشرت الخلايا السرطانية في جسديهما، ومع التقنيات الطبية الحالية لن يعيشا سوى بضعة أيام على الأكثر
ربما تمسّك ذووهم ببصيص أمل ليحظيا بفرصة للاستيقاظ بعد سنوات وتلقّي علاج حين ترتفع المعايير الطبية
وبالطبع قد يكون أقاربهم أرادوا الحصول على إعانة
هذه التقنية مُثبتة على الحيوانات لكنها لم تُجرّب بعد على البشر لذا لا تزال تجريبية
والتجريب على البشر، خاصة في ما يخص الحياة، يتطلب الاحترام حتى لو لم يتبقَّ للمشاركين سوى بضعة أيام
رافقهما عدد من أفراد العائلة
لم يطلب يي فِي من الروبوت منعهم فربما يكون هذا آخر لقاء لهم لوقت طويل
ولما دخلوا المختبر وأتمّ الشيخان ترتيباتهما الأخيرة أغمضا عينيهما
تقدّم الروبوت وبدأ يفحص جسديهما
سأل يي فِي: «يا شياوباي، هل توجد إمكانية للعلاج»
أجاب الروبوت القريب: «نعم»
بُهِت العميد تانغ الذي حضر هذه المرة بكلام شياوباي، فهؤلاء لا يبقى لهم فعليًا سوى أيام قليلة، ومع ذلك توجد إمكانية للعلاج
قال يي فِي: «أعدّ خطة علاج»
انطلق صوت شياوباي: «تدمير الخلايا السرطانية باستخدام آلات نانوية مع تقليل الضرر على الخلايا السليمة قدر الإمكان ثم البدء بالعلاج الدوائي بأسرع وتيرة»
«إصلاح كل الأنسجة المتضررة»
«إن ظهرت مضاعفات أثناء الجراحة يمكن إدخال المريض في سبات بالتجميد ومواصلة الجراحة خلال السبات»
«احتمال التعافي: 95 بالمئة»
«وحتى إن فشلت الجراحة يمكن إدخالهم مباشرة في سبات بالتجميد»
رفع الشيخان رأسهما وهما على طاولتي الفحص داخل المختبر: «ماذا؟ أتقدرون على إنقاذي الآن»
وأُصيب شاب يقف بجوارهما بالذهول والدموع في عينيه ثم ركع فجأة أمام الأكاديمي يي قائلًا: «يا أكاديمي يي، أرجوك أنقذ جدي، سأتعاون في تجاربك، ويمكنك أخذ ما يلزم من رسوم علاج»
وكان شاب آخر مترددًا قليلًا
قال يي فِي: «سأقدّم إنقاذ الحياة على التجارب»، وأشار إلى الروبوت لينهض الشاب الراكع، «لن أتقاضى مالًا، فقط احسموا قرار العلاج»
قال الشاب الذي نهض بلا تردد: «عالجوه»، فمع احتمال 95 بالمئة ففرصة النجاة كبيرة جدًا
وحتى لو تعذّر الشفاء التام فيمكن إدخال المريض في سبات بالتجميد
وهذا أفضل بلا قياس من الخيار الذي فكّر فيه سابقًا
نظر يي فِي إلى بقية العائلة: «هل تريدون إنقاذه»
«أنقذوه»
لاحظ يي فِي ترددهم، إذ كانت ستتوفر إعانة أصلًا، لكن بعد العلاج لن تكون هناك إعانة
هذا من طبائع الناس لكنه لا يعنيه
ما دام قادرًا على إنقاذ الناس فخيارُه الأول هو الإنقاذ، أما التجارب فلا يوليها يي فِي اهتمامًا كبيرًا
وهو ينظر الآن إلى تقنية السبات بالتجميد كوسيلة لإنقاذ الحياة فحسب بإرسال من لا يُعالجون اليوم إلى المستقبل ليتلقّوا العلاج
كما أن السبات بالتجميد ليس مطلوبًا دائمًا
فقد وُلدت هذه التقنية أساسًا لإنقاذ الأرواح لكنها شاعت في أفلام كثيرة وصارت كبسولة السبات المعهودة في أفلام الخيال العلمي
وقد تأثر بحث يي فِي في السبات بالتجميد بتلك الأعمال السينمائية
وفي رحلات الفضاء الطويلة تُحتاج هذه التقنية
ومن منظور آخر لم يفكّر يي فِي في رحلات فضائية طويلة، ولهذا طوّر محرك الانحناء
فمتى نجح تطوير محرك الانحناء ستزداد سرعة السفر الفضائي كثيرًا، فلماذا سنحتاج إلى السبات بالتجميد آنذاك
لذا كان تقييم يي فِي لتقنية السبات بالتجميد موضوعيًا للغاية؛ فهي ليست عديمة الجدوى مطلقًا إذ تمنح بصيص أمل لليائسين
لكن القول إنها مفيدة على نحو باهر ليس دقيقًا تمامًا
وفوق ذلك فإدخال البشر في سبات بالتجميد لا يواجه صعوبة تُذكر بالنسبة إلى يي فِي من ناحية نظرية
قال: «إذن اخرجوا وانتظروا في الخارج»، وقادهم يي فِي خارج المختبر، وحين أُغلِق الباب توتر أفراد العائلتين قليلًا
لكن عمّ كان توترهم تحديدًا فلم يكن يي فِي متأكدًا
أما العميد تانغ فاستغرب أن يي فِي يعالج من جاؤوا أصلاً من أجل التجربة
وكان أسفه الوحيد تعذّر إجراء التجربة، لكنه لم يشعُر أن يي فِي أخطأ، فلو كان مكانه لاختار هو أيضًا إنقاذ الأرواح ما دام ذلك ممكنًا
وما أدهشه حقًا هو أن يي فِي يستطيع شفاء مرضى في مراحل نهائية
وبما أن الجراحة ستستغرق وقتًا طويلًا فقد اصطحب يي فِي العميد تانغ إلى المختبر الذي يبحث فيه في الطيران بالانحناء
وفي الطريق لم يستطع العميد تانغ إلا أن يسأل: «هل علاج هذا النوع من المرضى مكلف جدًا»
قال: «لا توجد كلفة كبيرة، فالآلات النانوية يمكن تدويرها، ولأجل التعميم نستطيع اختيار بعض الأشخاص للتجربة أولًا لملء قاعدة البيانات بالمعطيات التجريبية مما يفضي إلى نسبة نجاح عالية جدًا مستقبلًا»
في الواقع يستهلك هذا النوع من العلاج عددًا كبيرًا من الآلات النانوية عند يي فِي لأنه لا يستخدم الآلة النانوية مرة ثانية بعد استعمالها مرة واحدة
إذ تُطرَد أعداد كبيرة من الآلات النانوية من الجسم عبر عمليات الأيض
أما سائر المرضى فليس أمامهم سوى استخدامها للعيش، لكنها بالنسبة إلى يي فِي لا تستحق حتى نظرة ثانية
ابتسم العميد تانغ وقال: «بهذه الطريقة لن يكاد أحد يموت بسبب المرض»
وبينما يقول ذلك خطر له أمر آخر: أن رجال أكاديمية العلوم الاجتماعية سيظلون على الأرجح في حيرة وصداع
فالطب بفضل يي فِي جعل العمليات شبه مجانية، والأدوية وإن كانت مدفوعة فإن لونغقو تقدّم دعمًا مرتفعًا مما جعل الرعاية الصحية رخيصة جدًا
وأصبحت الموارد الطبية التي كانت حكرًا على المدن الكبرى متاحة في المدن الصغيرة بل صارت أحيانًا أفضل من مستشفيات الماضي الكبرى
ومع ذلك ثمة مسألة لا بد من ذكرها: ففي ظل هذه الأوضاع يُثار سؤال حول تقدّم قطاع الطب ككل
دعمٌ كامل من لونغقو؟ ذلك غير واقعي
لكن من دون دعم ستبرز مشكلة كبيرة أيضًا لأنها ستقود إلى تناقص حاد في المتخصصين وربما توقف تقدّم القطاع
شعر العميد تانغ ببعض التعاطف مع رجال أكاديمية العلوم الاجتماعية، غير أن التضحية بالتقدم للحفاظ على النظام القديم أمر أشد استحالة
وتوقّف عن التفكير في ذلك وراح يفكّر في كيفية تعميم هذا الأسلوب الطبي وقال: «وفق الآلية المعتادة سأتولى التحقيق وتوزيع الآلات النانوية»
وبذلك يوفّر العناء عن يي فِي
قال يي فِي وهو يومئ: «حسنًا»، فمصنع الآلات النانوية قادر حاليًا على إنتاج مئات الملايين يوميًا
وقد بلغ ما تراكم خلال الأيام الماضية مستوى معتبرًا جدًا
أجرى العميد تانغ اتصالًا بـ وانغ تشيان ليوجّه فريقًا لإجراء تحقيق
وحاليًا ستكون الدفعة الأولى من المستشفيات التي تُدخل علاج الآلات النانوية هي التي تضم أكبر عدد من المرضى في المراحل النهائية
ثم ينتشر الأمر تدريجيًا
ولما دخلا المختبر رأى العميد تانغ مسوّدة رسومية للتصميم بطابع يي فِي المعهود
تطلّع إليها بحيرة وقال: «عمّ يبحث هو»
قال يي فِي: «محرك الانحناء، فصعوبة البحث فيه عالية جدًا، وحتى الآن كل المعطيات نظرية خالصة»
«وكثير من النظريات المزعومة غير صحيح»
لزم العميد تانغ الصمت إلى جواره، ففعليًا على هذا المستوى من البحث قد تدوم مناقشات الصواب والخطأ سنين، إذ لا يستطيع من يزعم الصواب إثباته ولا من يزعم خطأ الآخرين إثبات خطئهم
أما مع يي فِي فهذه الأمور تتقدّم بسرعة استثنائية
سأل العميد تانغ: «فهل النجاح ممكن إذن»
ابتسم يي فِي وأومأ: «ما دامت النظرية الجوهرية صحيحة فالإمكان متاح، وبحسب ما نراه الآن فهي صحيحة»
«لكن للحسم في إمكان النجاح لا بد من إجراء تجارب وجمع مزيد من البيانات لنعرف»
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها
المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ