البداية بعد النهاية - 464 - وضع الخطة

الفصل 464: وضع الخطة

من منظور آرثر ليوين:

وجهته خطوات فاجراكور المتوترة من اليسار إلى اليمين ووصل مرة أخرى أمام عرش الأقزام. كان صوت كل وقع أقدام مكتومًا بواسطة السجادة الحمراء السميكة التي تمتد على طول غرفة العرش، وهي غرفة باردة وكهفية مدعمة بأعماد حجرية طويلة منحوتة. حدق فاجراكور عند قدميه لكنه سرق نظرة سريعة عليّ أو على الأشخاص الآخرين في الغرفة كل بضع خطوات. وقف حارس ازوراس واحد على يسار العرش، وحدق إلى الأمام مباشرة.

وعندما وصل الصمت إلى حد الإحباط، قال: “لماذا لا تدفن نفسك في أعمق حفرة يمكن أن تجدها، في مكان لا يستطيع أحد أن ينتشلك منه؟”

“لقد فكرت في ذلك.” قلت. “نشر قصة مفادها أنني سأذهب في رحلة إلى المقابر الآثرية أو شيء من هذا القبيل للتأكد من أن غيابي لم يثر حالة من الذعر وبعد ذلك، كما قلت، الاختباء في مكان ما من غير المرجح أن يتم العثور علي فيه. لكن الإرث موجود في ديكاثين، أو على الأقل كانت كذلك، مما يعني أن أغرونا يستعد لشيء ما. إن الوضع يتصاعد.”

كورتيس جلايدر، الذي وقف بالقرب من فاجراكور مع أخته، عابسًا وهو يسأل: “سامحني يا آرثر، لكن لماذا وجودها مهم جدًا؟”

“لأن هناك شيئًا مهمًا يحدث خلف الستائر مباشرةً، لكننا لا نعرف ما هو”، أجبت وأنا أحافظ على صوتي مستويًا. “ولكن الأهم من ذلك هو أن الإرث تتمتع بإحساس وسيطرة على السحر لا أستطيع حتى تفسيره. وقد أظهرت بعض الفهم للطريقة التي يتفاعل بها المانا والأثير مع بعضهما البعض، مما يعني أنني لا أستطيع التأكد من أنني أستطيع حقًا الاختباء في أي مكان. ليس من دون أن تطاردني.”

سألت كايرا، كانت كلماتها الأولى منذ بدء الاجتماع: “لكنها لا تستطيع أن تتبعك إلى المقابر الأثرية. لماذا لا تعزل نفسك بعيدًا – يمكنك العثور على مكان آمن باستخدام البوصلة، أنا متأكدة من ذلك – وتنتظر هناك.”

هززت رأسي. “لقد اختبرت هذه النظرية بالفعل. لا أستطيع خرق الإجراءات الأمنية لحجر الأساس الاخير داخل المقابر الأثرية. هناك شيء مختلف هذه المرة.”

ساد هدوء متوتر خلال المحادثة، ونظرت حولي إلى جميع الحاضرين، والتقيت بكل عين على حدة.

وقف بايرون وايكس بشكل مستقيم وطويل بجانب فيريون، الذي بدا بدوره نحيفًا ومتضائلًا إلى حد ما، على الرغم من أن نظرته ظلت ثابتة ووضعيته متوازنة.

بجانبهم، كان كل من جيدون ورين كاين يقفان بفارغ الصبر. وقفت امرأة ذات ظهر مستقيم ويداها خلف ظهرها إلى جانبهما، وظهرها عارٍ باستثناء شريط من القماش الداكن على صدرها. كانت مغطاة بالندوب.

وقفت كايرا خلفهم مباشرة، كما لو كانت تستخدمهم لحماية نفسها من فاجراكور. نظرت عيناها الحمراء في عيني، وتمايل رأسها قليلاً، وتطاير شعرها الأزرق السماوي حول القرون المرئية التي تلتف حول رأسها. وقف ريجيس إلى جانبها، واستقر بينها وبين التنانين، وحدق بها بلا خجل.

حضرت ميكا وفاراي أيضًا. كانت ميكا غير مرتاحة، حيث كانت تنقل وزنها من قدم إلى أخرى باستمرار. قفزت عينها المتبقية من شخص إلى آخر في حلقة لا نهاية لها، بينما بدا الحجر الأسود النفاث لعينها الأخرى كما لو كان مثبتًا عليّ باستمرار. وبجانبها، كانت فاراي لا تزال مثل كتلة من الجليد، وشعرها الأبيض القصير ثابت وغير متحرك.

على الجانب الآخر من فيريون، بالقرب من فاجراكور، وقف كل من آل غلايدرز في وضع ملكي مثالي. على الرغم من الجهود الواضحة لعدم القيام بذلك، استمر كلاهما في إلقاء نظرة خاطفة على الجندي المصاب بالندوب بجوار جيدون.

وبجانبهم وبالقرب مني، وقفت هيلين شارد بعيدًا عن الحشد قليلًا مع ياسمين، المغامرتين اللتين كانتا في غير مكانهما قليلًا بين العائلة الملكية والازوراس. من بين جميع الحاضرين، كان هذان الصديقان القديمان – اللذان عرفتهما لفترة أطول حتى من تيسيا وفيريون – هما من جلبا لي الراحة، الأمر الذي ربما جعل ما كان علي أن أطلبه منهما أكثر صعوبة.

وأخيرًا، وقفت إيلي إلى جانبي كالظل. تململت بعصبية، وركزت عينيها في أي مكان باستثناء الأشخاص الآخرين في الغرفة. رٌبِطَ النسخة القوسية من سلاح ألدير، سيلفرلايت، على ظهرها. لم تكن قد تعلمت كيفية استخدامه بعد، لكنني اعتقدت أن وجوده يريحها.

أطلق فيريون همهمة منخفضة ومدروسة. “لماذا هذه المواقع على وجه التحديد؟ ولماذا هذا العدد؟”

أعطيته ابتسامة ناعمة بينما هززت رأسي. “أعلم أن طلبي أصبح أكثر صعوبة بسبب عدم قدرتي على تقديم تفسير شامل. لكن هذه العملية تتطلب قدراً معيناً من السرية. أنا حقا لا أستطيع أن أقول لك المزيد.”

قالت هيلين: “حتى الآن، تحدثت كما لو كنت تعلم أننا سنتعرض للهجوم، ولكنك لم تخبرنا حتى عن سبب هذا الهجوم. كيف يمكنك أن تكون على يقين من أن العدو سيضرب الآن؟ “

“لا أستطيع.” أجبت ببساطة. “قد يصبح كل هذا غير ضروري، لكن الاستعداد لا يضيع أبدًا، خاصة في الحرب. لقد أثبت أغرونا أنه أكثر من ماهر في التسلل والتجسس وتحويل حتى أعلى مستويات قيادتنا. لقد اجتاح جواسيسه ديكاثين لعقود من الزمن، وكان يسبقنا في كل منعطف تقريبًا. سيكون من الحماقة أن نأمل ببساطة أنه لن يكتشف ويحاول الاستفادة من غيابي، إما لملاحقتي مباشرة أو لشن نوع من الهجوم على ديكاثين. لذا علينا أن نكون جاهزين.”

ارتفعت حواجب كاثيلين قليلًا، والتقت عيناها في عيني. “هذه الأماكن – سوف تصبح أهدافًا. هذا ما تعنيه.”

تحركت إيلي بجانبي، ووضعت يدي على كتفها، وألقيت عليها نظرة تحذيرية. “صحيح, من المرجح أن تصبح هذه المواقع أهدافًا لـ أغرونا. هذا يسمح لنا بالتحصين والاستعداد بطريقة لا يمكننا القيام بها بطريقة أخرى، ويحمي المناطق الأقل قابلية للدفاع من خلال الانسحاب.”

أجابت كاثيلن بصوت هادئ لكن قاطع: “لذلك فإننا نعرض شعبنا لخطر أكبر مما قد يتعرضون له من خلال اتباع طلبك.”

“ما لم تصبح إيتيستين هدفًا على أي حال.” أجابت ياسمين، وطردت المرأة الشابة بنظرة واحدة.

أطلق كورتيس نظرة خاطفة على ياسمين، لكنه تراجع سريعًا عندما التقى بها، كانت عيناها الحمراء الفاتحة تشتعل مثل الرماد.

قال فيريون وقد بدا عليه التعب: “لا أستطيع أن أرى كيف يمكن أن يقدم الجان المساعدة هنا. لم نعد قوة عسكرية في هذا العالم يا آرثر كما تعلم جيدًا.”

“ليس الجان ما أحتاجه،” شرحت بلطف. “إنه أنت يا فيريون. لقد كنت قائد قوات الاتحاد الثلاثي أثناء الحرب. لا أحد هنا يمكنه أن يضاهي عقلك الاستراتيجي والعسكري. لا يوجد شخص آخر أستطيع الوثوق به، على الأقل هنا لحل هذا المنصب.”

عبس فاجراكور لكنه لم يقاطع. عبس فيريون أيضًا، لكن تعبيره نقل شيئًا مختلفًا تمامًا عن تعبير التنين.

لقد تم التعبير عن مخاوف أخرى، وقد بذلت قصارى جهدي لتخفيفها دون التقليل من المخاطر. وكان من المهم أن يفهم كل من القادة الحاضرين ما هو المطلوب منهم وما الذي سيطلبونه بدورهم من رجالهم ونسائهم المقاتلين. كانت هذه هي القرارات المطلوبة من الحكام، لكن حقيقة أنني لم أتمكن من أن أكون صادقًا تمامًا معهم كان ثقلا على ضميري. إذا مات الناس أثناء مطاردة المصير، فهم يستحقون أن يكونوا مستعدين، حتى لو لم يتمكنوا من معرفة حقيقة السبب.

همهم رين في الصمت الذي أعقب موجة الأسئلة. “وهل تتطلب هذه التحصينات نفس الجدول الزمني المتصاعد مثل مشروعي؟” عدّل وهو ينظر بوضوح إلى جيديون.

رفعت ذقني، وقابلت العديد من أزواج العيون التي تحولت في اتجاهي بمسحة واحدة. “إسبوعين. هذا هو كل الوقت الذي يمكننا فيه اتخاذ الاستعدادات. أود أن أفعل ذلك عاجلاً، لكنني أفهم أن ما أطلبه لا يمكن إكماله بين عشية وضحاها.

“إسبوعين!” قال فاجراكور بضحكة مدوية خالية من روح الدعابة. “شهران لن يكونا كافيين.”

رفع حاجبا رين إلى خط شعره الأشعث، ورمقني بنظرة تقول بوضوح شديد: “لقد أخبرتك بذلك.”

“مهمتي لا يمكن أن تنتظر أكثر من ذلك. لو كان ذلك ممكنًا، ولو لم يكن الخطر على ديكاثين مرتفعًا جدًا، لكنت قد بدأت بالفعل.” شعرت باللحظة المناسبة لتشتيت الانتباه، فألقيت نظرة على رين وأومأ برأسه بمهارة. “أنتم جميعًا بحاجة إلى وقت للتفكير في الأمور. أفهم. أود التحدث مع كل واحد منكم على حدة للإجابة على أسئلتكم بشكل أفضل والتخطيط للدفاعات المناسبة. لكن بينما أنتم معًا، أردت أن أعطي السيد جيدون فرصة للتحدث أيضًا. “

قام المخترع العجوز بتطهير حلقه وخدش رأسه بينما كانت كل العيون تتجه إليه.

“كما يعلم البعض منكم على الأرجح، فإننا نعمل حاليًا على مشروع عسكري مصمم للمساعدة في مواجهة العدد المتفوق من السحرة في أغرونا.” أوضح جيدون. لقد قدم لمحة عامة عن الأسلحة المملوءة بملح النار، والتي كانت نقابات الحرفيين ومحركي الأرض تعمل بالفعل على إنتاجها بأعداد أكبر. ثم أشار إلى المرأة التي بجانبه. “كلير، هل يمكنكِ التحدث عن المشروع الآخر؟”(لا اتذكر بصراحة ماذا كان يترجم المترجم السابق هذه النقابات)

تحركت بطريقة عسكرية صارمة، وشعرها القرمزي الطويل يقفز مع كل خطوة قوية، وخرجت إلى منتصف الغرفة. كانت ترتدي فقط قطعة قماش داكنة، وكانت الندبة الكبيرة المسننة على عظمة القص مرئية بوضوح. على الرغم من أن هذه الندبة كانت قديمة وتم شفاؤها، إلا أن الندبات الأحدث كانت تشع من حولها، أحدثها لا تزال حمراء ومتهيجة، ولم تلتئم إلا مؤخرًا.

“الضابطة كلير بليدهارت، المسؤولة الحالية للوحدة صفر صفر واحد،” قالت بدقة عسكرية متقنة، ثم انحنت، أولاً لفاجراكور، ثم للجميع.

ارتدت كاثيلين ابتسامة خافتة ولكن فخورة، بينما ظلت عيون كورتيس تنسحب إلى الندبات الموجودة على جذع كلير قبل أن تعود إلى وجهها.

انطلقت على الفور في ما بدا وكأنه شرح متدرب حول دورها في المشروع السري، معطيةً للحاضرين التفاصيل الكاملة للأسلحة الجديدة وما هي قادرة عليه. “مع الجدول الزمني المقدم، أعتقد أنه سيكون لدينا ما لا يقل عن اثني عشر مرشحًا سيكونون قادرين على تقديم التعليمات للأشبال الجدد، بمجرد إنشاء الدفعة التالية من الوحدات.”

“وكم عدد هذه الوحدات… التي ستكون قابلة للعمل خلال الأسبوعين المقبلين؟” سأل بايرون متشككا.

“ربما مائة أو ما يقرب من ذلك – إذا امتلكنا الناس بالطبع.”

شخرت ميكا. “هل يمكن لمائة أن تحدث فرقا؟ وليس ضد المناجل فقط، بل ضد الأطياف، أو ايا كان اسمهم، وحتى الازوراس.”

ذهبت كلير ذهابًا وإيابًا مع عدد قليل من الآخرين، حيث قدمت بعض التفاصيل الإضافية حول إمكانيات المشروع.

وبينما كنت أستمع إليها وهي تشرح أشياء كنت أعرفها بالفعل، شعرت بأن داخلي يتشنج قليلاً بسبب عدم الراحة. كان هناك نوع معين من الميزة المرضية لاختراع رين وجيدون، لكنني فهمت ضرورة ذلك. وربما، مع مرور الوقت، قد يصبح التنفيذ أكثر قبولا. على أقل تقدير، كان اختراعًا بالكامل من هذا العالم، ابتكره رين وجيدين وحدهما، وهو اندماج براعة الإنسان والأزوراس.

أكثر من الكلام نفسه، وجدت نفسي أركز على كلير. لقد علمت للتو بمشاركتها كمسؤولة، ولكن كان هناك شيء صحيح بشأن وجودها. زميلتي القديمة، رئيسة اللجنة التأديبية في أكاديمية زيروس. لقد مرت حوالي ست سنوات منذ أن تم تدمير نواتها أثناء هجوم دارنيف على الأكاديمية، وعندما رأيتها آخر مرة، بدت شبحًا لذاتها السابقة.

الآن وقفت منتصبة وفخورة، وتفسيرها حازم وينضح بالطموح.

لقد أعطتني الأمل.

وبعد مناقشة مطولة حول المشروع، غادرت كلير، وذهب معها جيدون ورين، متعذرين للعودة إلى عملهما، الذي أصبح الآن ضمن جدول زمني صارم. بدا ذلك بمثابة إشارة للآخرين أيضًا للخروج، لكنني وعدت بزيارة كل واحد منهم في أقرب وقت ممكن وتقديم أي مساعدة ممكنة من أجل وضع خطتي موضع التنفيذ. ترددت كايرا، لكنني أرسلتها للخارج بلفتة خفية، وعاد ريجيس إلى جانبي.

إيلي، آخر من غادر، لقد عانقتني سريعًا. “هل يجب ان انتظر؟”

قلت بسخرية: “لا، لقد تم أمرك بالخروج أيها الجندي. سألقاكِ مرة أخرى قريبًا حتى نتمكن من التدريب.”

أومأت برأسها، وأسرعت بالخروج، ولم تترك معي سوى فاجراكور وحارسه في غرفة العرش. جلس الحارس على العرش وهو يراقبني بفضول.

“لا أنوي لفت المزيد من الاهتمام إلى فيلدوريال، لكنني أخشى أن تكون هدفًا على أي حال،” قلت، وتحركت للوقوف أمام العرش، مما يعني أنه كان علي أن أنظر إلى فاجراكور. “عليك أن تكون جاهزًا. لا أستطيع أن أقول ما قد يلقيه أغرونا عليك.”

سخر. “هذا إذا هجم أصلا. يبدو أنك تعاني من بعض التفكير السامي فيما يتعلق بأغرونا، كما لو كان لديه رؤية سحرية لكل ما يحدث. يبدو لي أنه حتى إخبار هذه المجموعة من الناس كان خطأً.” انحنى فاجراكور إلى الأمام، ومرفقيه على ركبتيه. “لم نر حتى أي علامة على الإرث، كما يبدو أنك تخشاها.”

“هذا لا يغير حقيقة وضعنا، وهو أنني أرفض التقليل من قدرة أغرونا على رؤية نقاط ضعفنا والاستفادة منها. الآن، دعونا نناقش ما يمكن أن تفعله فيلدوريال للتحضير لهجوم محتمل آخر.”

***

بعد محادثة محبطة مع فاجراكور، غادرت وريجيس ورائي، ووجهت أفكاري بالفعل نحو المحادثة التالية التي كنت بحاجة إلى إجرائها، لكنني شعرت بثقل الوزن عن كتفي بنزاح عندما دخلت الغرفة الخارجية لمدخل القصر ووجدت سيلفي تنتظرني.

على الرغم من تقدمها في السن خلال عملية “الموت” و”الولادة الجديدة”، إلا أن سيلفي لا تزال تبدو شابة بعيدًا عن عدد قليل من أمراء العشائر وأعضاء النقابة رفيعي المستوى الذين بقوا حول القصر. ذات مرة، كانت تبرز أينما ذهبت، مع قرنيها الداكنين من شعرها الأشقر الشاحب، لكنها الآن لم تكن حتى التنين الوحيد في الغرفة، حيث ظل حارس آخر من حراس فاجراكور بالقرب من المدخل، يلوح في الأفق فوق كل من جاء.

‘كيف سارت الأمور مع الناجين؟’

“جيدة بما فيه الكفاية،’ قالت، وقد قطعت خط من الحزن كلماتها. ‘هؤلاء الناس – القلة الذين نجوا – لن يتعافوا بسرعة من الصدمة التي مروا بها.’

“من مأساة إلى أخرى…” أضاف ريجيس بحزن.

تنحنحت وأشرت لها أن تتبعني، وتترك القصر وتتجه للأعلى على طول الأنفاق والسلالم المؤدية إلى تراجع فيريون. أطلعتني سيلفي على كل ما يحدث في زيروس أثناء سيرنا.

كان دخول الكهف الذي يضم آخر شجرة متبقية من إلينور بمثابة المرور عبر بوابة إلى عالم آخر. مشرقة وخضراء جدًا، كان من السهل أن تنسى أنك كنت تحت الأرض.

لقد تغير الكهف إلى حد ما منذ آخر مرة كنا هناك. تم حرث جزء كبير من الأرض وأصبحت الآن ملئية بمجموعة متنوعة من النباتات، معظمها شتلات الأشجار الصغيرة. وضع فيرون يديه وركبتيه في التربة، ويقتلع بعناية إحدى الشتلات باستخدام مجرفة. وقف بايرون خلفه وهو يرتدي زوجًا من قفازات البستنة ويحمل جرة زجاجية نصفها مملوءة بالتربة.

“لقد وصلت مبكرًا،” تذمر فيريون تحت أنفاسه، وهو يضع الشتلة في الجرة، التي وضعها بايرون بعناية جانبًا في عربة مليئة بالنباتات المشابهة. “لقد افترضت أن فاجراكور سيبقيك معه طوال اليوم.”

“ما كل هذا إذن؟” سألت، وأنا أقود سيلفي وريجيس إلى الحديقة. وأضفت بإلقاء نظرة خاطفة على بايرون: “تبدو جيدًا بهذه الملابس.”

نظر إليّ ببرودته المعتادة. “سواء كنت أرتدي قفازات فولاذية أو قفازات جلدية للبستنة، فإنني أفعل ذلك من أجل مصلحة ديكاثين.”

أعطى فيريون شخيرًا عاليًا وغير حساس. “لقد قمت بإجراء تجارب على التربة من إيفيتوس وشتلات هذه الشجرة العظيمة. لقد قمنا بالفعل بنقل عدد قليل منها إلى مناطق مختلفة بعيدة عن الطريق حول نفايات إلينور. آمل أن أستقرئ الصفات الفريدة للتربة وكيفية تأثيرها على البذور، لكن تيسيا كانت دائمًا الخبيرة في المانا الخاصة بالنباتات.”

حل الهدوء بينما كان الجان العجوز يحدق في الجرة.

“تيسيا…” رفع فيريون نظرته، باحثًا عن أي مظهر من مظاهر الأمل. “كيف دخلت في كل هذه المتاعب؟”

كنت أتوقع هذا منه وأمضيت الكثير من الوقت في التفكير في كيفية التعامل مع الإرث. “إذا هاجم أغرونا، علينا أن نتوقع أن الإرث ستكون في المقدمة.” – التقيت بنظرة بايرون الصارمة – “لكن لا يمكن لأحد غيري أن يأمل حتى في تأخيرها، ناهيك عن خوض معركة. حتى أنني لست متأكدًا من قدرتي على هزيمتها في المعركة. ولهذا السبب لن نقاتلها على الإطلاق.”

رفعت يدي، محبطًا وابلًا من الأسئلة التي كنت متأكدًا من أنها قادمة. “لا أستطيع أن أعطيك التفاصيل، لكن لدي بالفعل خطة حول كيفية إخراجها من المعركة، على الأقل لفترة من الوقت – دون إيذاء تيسيا،” أضفت على عجل بينما تشكل عبوس على وجه فيريون. “أما بالنسبة لك، فأنا أعتذر عن وضعك في موقف محرج في وقت سابق من الاجتماع. أنت محق. يجب أن تأخذ أفرادك وتذهب للاختباء في مكان ما، بعيدًا عن الأهداف المحتملة. ربما تكون الأراضي الحدودية عند قاعدة الجبال الكبرى، أو شمال شرق سابين، حيث لا يوجد ما يلفت انتباه أغرونا.”

وقف فيريون، ويبدو أنه يتخلص من بعض التعب والإرهاق. أعطاني نظرة ثاقبة. “لا، انت على حق. لا يمكن الوثوق بـ فاجراكور والتنانين للحفاظ على المصالح للجنود البشريين والأقزام. لا أستطيع أن أترك حماية هذه القارة لنفس المخلوقات التي دمرت وطني يا آرثر.”

فكرت في كلامي قبل أن أقول: “ليس هناك عيب في الابتعاد عن القتال، ليس بعد كل ما ضحى به شعبك في هذه الحرب. إلينوار تستحق أن تُعاد زراعتها، وأنت تستحق أن تكون الشخص الذي يحقق ذلك.”

عندما ابتلع فيريون بشدة ريقه، التفت بايرون، واقترب نصف خطوة.

“ربما لن تكون إعادة زراعة غابات إلينور كافية للتخفيف من ذنب إخفاقاتي العديدة.”، قال فيريون بصوت خشن يخفف بالكاد عن الهمس. “وإذا واصلت القتال، ربما لن أعيش حتى لأرى ذلك. إذا كان هذا هو ما يتطلبه الأمر لضمان قدرة الجان على النهوض، يومًا ما، و العودة إلى الغابات التي ولدتهم، فهذه تضحية أنا على استعداد لتقديمها.” أخذ نفسا ثابتا وأكمل. “على الرغم من ذلك، إذا كانت لدي أمنية أخيرة، فستكون المشي تحت أشجار إلشاير مرة أخرى مع تيسيا إلى جانبي. وبعد ذلك، يمكنني أن أقول إن وقتي في هذا العالم قد أُنفق جيدًا.

مددت يدي ولففت ذراعي حول جسده النحيل، خائفًا بحماقة من أن أقسمه إلى نصفين وأنا أعانقه بخفة. “شكرًا لك على كل شيء أيها العجوز.”

لقد أطلق شخيرًا خشنًا. “أيها الشقي.”

بمصافحة بايرون القوية، جمعت سيلفي وريجيس، واتجهنا عائدين إلى أسفل الدرج الطويل الذي سيعيدنا إلى القصر. ومن هناك، كانت محطتي التالية في عمق المدينة، وهكذا سلكنا الطريق السريع الذي يحيط بالمدينة، والمبني داخل جدران الكهف الكبير.

بمجرد أن تجاوزنا الجزء المأهول بالسكان من المدينة، قمت بتفعيل مناورة الملك. من خلال إضفاء الأثير على رون الاله بشكل خفيف، لم أتمكن من تنشيطه إلا جزئيًا. وبينما كان لا يزال يتوهج باللون الذهبي من العمود الفقري، إلا أنه لم يستحضر التاج المشتعل فوق رأسي – والذي بدا وكأنه طريقة رائعة لوقف بدء أي عدد من الشائعات غير المرغوب فيها عني.

وكانت النتيجة قدرة أقل قوة مما استخدمتها ضد أولوداري، لكنها ما زالت تسمح لي بتقسيم أفكاري إلى أجزاء بطريقة لم تكن ممكنة بدون الـ رون الاله. لقد وجدت هذا بالفعل لا يقدر بثمن حيث حددت الثغرات العديدة الموجودة في الخطة التي كنت أحاول وضعها موضع التنفيذ.

تابعت سيلفي وريجيس أفكاري بهدوء، وحاولوا الحفاظ على تناغمهما أثناء تفكيري في محادثاتي السابقة، وكيف يمكن أن تؤثر مواقف جميع المعنيين على تنفيذ هذه الخطة، وكذلك تحديد المحادثات القادمة. كان هناك عزاء بارد لكونك تحت تأثير مناورة الملك؛ كان من الأسهل تجريد المشاعر – كل الخوف والشعور بالذنب – والتعامل مع الحل الضروري بموضوعية ومنطقية.

نظرًا لأن خطتي لا تزال مثل أحجية الصور المقطوعة مقسمة إلى العديد من القطع المتباينة، كان من الصعب رؤيتها كلها دون وجود رون الاله ولذلك كنت أقضي كل لحظة فراغ مع مناورة الملك نشطًا.

عندما عبرنا إلى أحد الكهوف الكبيرة في طريقنا إلى ورش العمل العميقة، أعاد وميض من ريجيس كل أفكاري إلى وضعها الصحيح.

وقفت كايرا بمفردها فوق صخرة مسطحة تقسم جدول نهرٍ يمر عبر الكهف. لم يكن شكلها أكثر من مجرد صورة ظلية في الضوء الخافت للنار المشتعلة من شاطئ النهر.

تحركت ببطء وأخذت نفسًا ثم دفعت يديها إلى الخارج. ملأ الضوء الكهف عندما انطلقت منها موجة نارية من الحرارة، وهسهست المياه وتبخرت ردًا على ذلك. ألقيت نظرة سريعة على التشويه الحراري حيث بدا وكأن كايرا تختفي وتذوب في الظل والبخار. كانت تومض داخل وخارج الأنظار، ثم تضاءلت موجة الحر والبخار.

وعندها فقط التفتت لتنظر إلينا، وأظهرت ابتسامة سعيدة نصف مكبوتة. “كنت أتمنى أن أراك قريبًا.

“كايرا،” قلت. “كيف حال اسرتك؟”

قالت ببساطة: “في الحقيقة…” لقد اهتزت، “أعتقد أن هذا القرار يشكك في اتباعهم لـ سيريس… ليس حقًا، لكنك تعرف ما أعنيه. ومع ذلك، لم أتمكن من إجبار نفسي على البقاء معهم لذا أنا سعيدة بعودتي. لقد كنت أساعد (جيدون) و(إيميلي) في المرحلة التالية من اختبارهم للالقاء. لقد أرادوا دراسة رونية ألاكريان، ومعرفة ما إذا كان الشخص الذي لديه بالفعل بعضًا منها سيختبر هذه … الأشكال التعويذية بشكل مختلف.”

قلت ببساطة: “لقد افترضت ذلك” مشيرًا إلى الجدول الذي كان منذ لحظات فقط يهسهس بالبخار.

فجأة ظهرت ابتسامة على ملامحها، واستدارت ورفعت قميصها، وكشفت عن الأحرف الرونية المخبأة تحتها، بما في ذلك واحدة أعلى وأكبر من البقية. “لقد تلقيت ريجاليا*! أو…” قطعت نفسها، ويبدو أنها أدركت الوضع الذي كانت فيه، ثم أنزلت قميصها ببطء. وتابعت وهي تطهر حلقها: “هذا… لم يكن مهذبًا جدًا. أنا أعتذر.”

(نوع من الملابس الملكية الفاخرة)

سمعت الكلمات تستعد للانبثاق من ريجيس مثل نبع ماء حار قبل أن يبدأ في الكلام، لكنه داس بقدمه بثقل.

أجبت: “لا، لم يكن الأمر كذلك”، على الرغم من أنني لم أحاول إخفاء الضحك في لهجتي.

“على أية حال، هناك شيء أقل قوة بشكل واضح في التطبيق الديكاثي للأشكال التعويذية”، قالت، بتسلية ساخرة تضفي لمسة متطورة على لهجتها. “لست متأكدة تمامًا من أن هذه التعاويذ تتوافق مع نفس التصنيفات المستخدمة في الكاريا خاصة بالنسبة لأولئك منا الذين استفادوا من… قربك.” نظرت بعيدًا بينما كانت إحدى يديها تتطاير من خلال شعرها وهي تعيده خلف قرنيها.

صمتت للحظة، مفكرًا، ثم التفت إلى رفاقي. “هل يمكنني… أن أحظى بلحظة بمفردي مع كايرا، من فضلكم؟”

ارتفعت حواجب سيلفي بمقدار جزء من البوصة قبل أن تتحكم في تعبيراتها. وضعت يدها على عرف ريجيس وقالت فقط: “بالطبع. سنبقى في الخارج إذن.”

“توقفوا هذا غير عادل. نحن الثلاثي الشهواني. الثلاثي، وليس الثنائي -“

أمسكت سيلفي بأحد قرنيه، وقامت بتوجيه ريجيس بعيدًا، وقطع احتجاجاته. رفعت كايرا يدها في موجة صغيرة من الضحك ثم نظرت إليّ متأملة.

انتظرت حتى رحلوا ورفع الحاجز العقلي بيننا. “هل تعرفين لماذا نحن هنا؟”

لقد ترددت. “لقد رأيت وحوش المانا، ولكن لا شيء أكثر من ذلك. يتجول جيدون أحيانًا، لكن إميلي تبدو فعالة في إبقائه على المسار الصحيح.”

اقتربت بضع خطوات، وتوقفت على ضفة النهر، وحدقت في قدمي. “أنا آسف يا كايرا.”

على الرغم من أنني لم أكن أنظر إليها، إلا أنني سمعت تغير وضعيتها. “لماذا تعتذر؟”

هززت رأسي وأنا أكافح. قفزت أفكاري على الفور إلى مناورة الملك لكنني تراجعت عن الفكرة، لعدم رغبتي في تسليم هذه المهمة إلى المنطق البارد للآلهة. “هناك شيء لم أتمكن من إخراجه من رأسي. في إتيستين، بعد الهجوم على أولوداري، كذبت ليرا بشأن شيء ما، لكن الكذبة لم تكن لنا. بل للتنانين. وأنا أعرف السبب.”

أخذت نفسا قويا وأمسكت بنظرتها. “يخطط أغرونا لاستخدام الالكريان في ديكاثين. لقد أمر الاطياف الخاصة به بتركهم على قيد الحياة، ولكن أيضًا بإرسال رسالة إليهم. لقد رأيت اللعنات التي يمكن أن يمارسها شعبك، والتي يمكن أن يمارسها أغرونا. انفجر أحد الاطياف أمامي قبل أن يتمكن من إفشاء أي من أسرار أغرونا.”

“أنت تعتقد أنك لا تستطيع أن تثق بي بسبب دمي الأكرياني.” عبست في وجهي. “لكنني كنت من بين هؤلاء الأشخاص يا آرثر. ليس بينهم مخلصون، ليس بعد كل ما رأوه وجربوه. لم أسمع قط عن شيء كهذا يحدث لجنود المشاة النظاميين. بالتأكيد هو-“

“لا أعرف كيف أو نوع القوة التي يتمتع بها على شعبك، لكن التهديد كان حقيقيًا بدرجة كافية لدرجة أن ليرا لم تتمكن حتى من التحدث عن الفكرة أمام الآخرين. أنا آسف، كايرا. لا يمكنكِ أن تتورطي في أي من هذا. لا يمكنكِ معرفة ما نفعله… لا شيء.”

انخفض رأسها، وسقطت ستارة من الشعر الأزرق على وجهها. لم تمر سوى لحظة قبل أن ترفع شعرها عن وجهها، وتنظر إلي بهدوء. “بعد كل شيء، كل الوقت الذي قضيناه معًا – لقاء والدي، ومشاركة فراشي – كل ذلك يعود في النهاية إلى الدم.” على الرغم من بذلها قصارى جهدها لجعل العبارة تبدو وكأنها مزحة، إلا أنها لم تتمكن من ذلك تمامًا.

“الأمر ليس بهذه البساطة -“

قالت: “أوه، آرثر”، متبعةً الشكليات القسرية التي فرضتها تربيتها. نزلت في الماء، وخاضت عبرها حتى وقفت أمامي، دخل كاحليها في التيار البارد. “قد أكون من آلاكريان، لكني من ذوي الدم العالي. أستطيع أن أتقبل الأخبار السيئة بسرعة.”

مدت يدها كالكاهنة في انتظار الدعاء. أخذتها، وانحنيت، وضغطت شفتي على الجزء الخلفي من يدها التي ترتدي القفاز، وأنا ألعب معها. ولكن عندما نظرت إلى وجهها، كانت هناك دموع في عينيها.

ثم انتزعت يدها من يدي، وابتعدت، والماء يتطاير أمامها مع كل خطوة. ومع ذلك، عندما وصلت إلى مخرج الكهف، توقفت ونظرت إلى الوراء. “أتساءل كيف من الممكن أن يصبح كل هذا مختلفًا لو ولدت في هذه القارة. ربما لكنا التقينا في ظروف مختلفة، أتسائل كيف يمكن أن تصبح علاقتنا حينها؟”

وبينما كانت تختفي في ظلمة الأنفاق، أجبرت نفسي على عدم مناداتها. لقد فعلت ما كان يجب علي فعله، ولم أستطع التراجع عنه. ليس إذا كنت سأحافظ على (ديكاثين) آمنة.

استغرق الأمر بضع دقائق حتى أتحرك مرة أخرى، وأخذت وقتي بينما كنت أسير على طول الأنفاق نحو المنشأة الضخمة التي بناها رين وجيديون في الأعماق.

وقفت مجموعة من الحراس الأقزام في حالة انتباه خارج باب قبو ثقيل، لكن الباب كان مفتوحًا جزئيًا، وقاموا بسحبه لفتحه بمجرد أن رأوني، ومن المحتمل أنهم كانوا يتوقعون وصولي بالفعل عند وصول ريجيس وسيلفي.

في الداخل، كانت هناك غرفة صغيرة محاطة بنوافذ زجاجية مملوءة بالمانا وتطل على بقية المجمع. كان ريجيس، وسيلفي، ورين، وجيديون، وإميلي هناك بالفعل، وتوقفت محادثتهم عندما دخلت.

عقدت إميلي ذراعيها عندما اقتربت وأعطتني نظرة نصف عابسة. “إسبوعين؟ هل أنت مجنون؟”

لم أستطع أن أحمل نفسي على الابتسام. “أنا متأكد من أنك تستطيعين أن تفعلي ذلك. لأنه لا يوجد خيار آخر.” أضفت إلى رين: “لقد اكتشفت الباقي. أعرف ما أريدك أن تفعله.”

***

“بمجرد دخولي، لا يمكن لأي شخص ان يأتي تحت أي ظرف من الظروف”، أوضحت ذلك، مبتعدًا عن الغرفة التي بناها سنير عند جذور الجدار نفسه.

“فهمنا”، أجابت هيلين، وهي تتبعني مع الآخرين بينما كنا نتجه إلى المصعد الذي سيأخذنا إلى أعلى الجدار. “مع تولي رابطة المغامرين مهمة تحصين الجدار، سيكون من الأسهل كثيرًا ضمان سلامتك أثناء التحصن هنا. العديد من الجنود الذين كانوا متمركزين هنا – على الرغم من أنهم رجال جيدون ومخلصون – لم يعودوا إلى ديارهم منذ ما قبل بدء الحرب.”

“وهل تم إجلاء المدنيين جميعاً؟”

نظرت بين هيلين وياسمين وأنجيلا روز وسنير، الأخت الكبرى لياسمين. كانت سنير أطول وأكثر عضلية من ياسمين ولكنها امتلكت نفس العيون الحمراء والشعر الداكن. كان جلدها مصبوغًا بلون اللوز العميق، وهو دليل على العمل لساعات طويلة.

أجابت ياسمين: “اجل. معظمهم ذهبوا إلى زيروس و بلاكبيند. لقد كان فريق فتيات هيلستيا مفيدًا في ذلك.”

عندما وصلنا إلى المصعد وفتح الباب مغامر شاب ذو شعر برتقالي باهت، التفتت إلى سنير. “أعلم أنه لم يكن هناك الكثير من الوقت لتحقيق ذلك. شكرًا لكِ. إذا سار كل شيء كما هو مخطط له، سأعود خلال أسبوع تقريبًا لبدء المرحلة النهائية.”

قالت بقوة: “بالطبع، أيها الجنرال ليوين”، ثم أعطت إيماءة قوية بنفس القدر كانت بمثابة قوس تقريبًا. “شكرًا لك على هذه الفرصة لتصحيح اسم عائلتي.”

انفجر نفس حاد من خلال أنف ياسمين وهي تنظر إلى أختها بتعبير غريب. “اسم فلايمزورث لا يحتاج إلى تصحيح. فقط اسم تروديوس هو الذي يعاني.”

ابتسمت سنير بحزن. “لست متأكدة تمامًا من أن إخوتنا سيتفقون معك.” كانت يد سنير تداعب الجزء الخلفي من شعر ياسمين. “ومع ذلك، فأنا سعيدة لأننا قضينا هذا الوقت معًا يا ياسمين.”

خففت نظرة ياسمين الشديدة، وربتت على ظهر أختها الكبرى مرتين قبل أن تسرع إلى المصعد. أومأت برأسي إلى سنير، وتبعت ذلك، وبمجرد دخولنا جميعًا، بدأ المصعد يشق طريقه نحو أعلى الجدار.

طهرت أنجيلا روز حلقها، ونظرت من ياسمين إلي. “هل أنت متأكد من أن هذا هو أفضل مكان رغم ذلك؟. أعتقد أنه يمكن الدفاع عنه بما فيه الكفاية، ولكن أليس هذا واضحًا بعض الشيء؟”

قلت: “بالضبط”، وأنا أنظر خارج الشبكة بينما كانت المباني تصغر أكثر فأكثر تحتنا. “قد لا يؤدي كل هذا إلى أي شيء، ولكن -“

“آرثر،” قاطعتني ياسمين، وهي تضع إحدى يديها على ذراعي. “لقد عشنا جميعاً الحرب، ورأينا ما يستطيع عدونا أن يفعله. قد يكون بعض الأشخاص في هذه القارة منبهرين بما يكفي بالتنانين لدرجة أنهم يتوقعون أنهم سينقذوننا من أي خطر، لكننا نعرف ماهم عليه حقا. مهما كان ما تفعله، ومهما طال الوقت، فسوف نتمسك بالخطة.”

أومأت برأسي، وقمعت المشاعر التي استحضرتها كلماتها في داخلي.

وصلنا إلى القمة برعشة صغيرة وخرجنا إلى الممشى. هبت رياح باردة من الجبال، وقطعت الجزء العلوي من الجدار بصوت يشبه عواء وحش المانا. كانت سيلفي هناك بالفعل، تحدق في تلال الوحوش، وعقلها في مكان آخر. تجلى ريجيس مني، وخرج من ظلي وقفز ليضع كفوفه الأمامية فوق التموجات المحيطة بالحافتين.

وقفنا جميعًا في صمت لبعض الوقت، ونظرنا إلى الجدار وإلى تلال الوحوش خلفه. “أنتم جميعا تعرفون ماذا ستفعلون. أحتاج إلى رؤية المواقع الأخرى، وبعد ذلك سأعود.”

ضغطت ياسمين على يدي. هيلين المبتسمة وصلت يدها إلى أعلى رأسي وربتت على شعري.

فجأة، قفزت أنجيلا روز إلى الأمام، وسحبتني إلى عناق ساحق. ظهرت ذكريات أول مرة التقيت بها مع القرن المزدوج عندما نظرت إلى أعلى رأسها المضغوط على صدري.

متى أصبحت صغيرة جدًا؟

“أخبر والدتك أننا سنعتني بك جيدًا، حسنًا؟”

رددت لها عناقها، متجاهلة آلام الغيرة التي تسربت إلي من ريجيس. “سأفعل.”

أنهيت وداعي مع ياسمين وهيلين بينما ارتفعت سيلفي إلى السماء. ذاب ريجيس مرة أخرى في جسدي عندما استدرت بعيدًا، ولف البرق البنفسجي من حولي بينما أضاءت المسارات الأثيرية في نظري. لقد قاومت النظر إلى الوراء، ولم أكن واثقًا من أنني سأتمكن من منحهم نظرة الطمأنينة الحقيقية التي كنت أعلم أنهم يريدون رؤيتها. خطوت خطوة للأعلى في الهواء، وكان الجدار على عمق أكثر من مائة قدم الآن.

انحنيت إلى الأمام وبدأت في الطيران.

***

“لقد أخبرتك أنه لم يكن كثيرًا،” قالت السيدة أستيرا وهي تهز كتفيها عندما دخلنا كهفًا صغيرًا. “أنت متأكد من أن هذا هو المكان الذي تريد أن تفعل فيه ما تنويه؟”

ركعت على ركبتي، مررت أصابعي على قطعة من الأرض ملطخة بالصدأ، متخيلًا كمية الدم التي تجمعت هنا لتترك أثرًا بعد أكثر من عام. كان هذا هو المكان الذي قادت فيه أستيرا قواتها بعد هزيمتهم في معركة صقيع الدم. “أنا متأكد،” قلت ببساطة وأنا أنظر حولي. “أحتاج إلى ساحر أرضي أو حداد ليصنع قاعدة التمثال هنا.” لقد حددت مكانًا في وسط الكهف مباشرةً، وحددته بصخرة وأعطيت أبعادًا محددة.

“أشعر أنه من الضروري الإشارة إلى أن كونك قريبًا جدًا من إيتيستين يسبب بعض المخاطر للمدينة، أليس كذلك؟” سأل كورتيس بطريقة دبلوماسية.

أكدت لهم: “ستكون فاراي في المدينة للمساعدة في الدفاعات، وسيكون لديكم قواتكم الخاصة بالإضافة إلى التنانين. مع وجود دفاعات قوية عن المدينة، وانتباه العدو منقسم بين عدة مواقع، أنا واثق من قدرتكم على الصمود. وفي الوقت نفسه، حتى لو لم يهاجموا، فلن يكونوا أحرارًا في قلب كل صخرة وشجرة والمدينة خلفهم.”

تقدمت فاراي إلى الأمام وأعطتني قوسًا صغيرًا. “آرثر، في هذه الحالة، أود البقاء هنا معك. إذا كنت غير قادر على الدفاع عن نفسك، فلا يجب أن تخاطر…”

“لا.” خنقت الكلمة المنطوقة بهدوء حجة فاراي مثل الوسادة. وقفت و التقيت بكل واحدة من أعينهم على التوالي. “نجاحي يعتمد على عدم العثور علي. ربما ستكون مجرد ساعات، ولن يحدث شيء في هذه الأثناء. لكن علينا أن نستعد للأسوأ. بالنسبة لكم جميعا، هذا يعني عدم إخبار أحد – ولا حتى حلفائنا – عن هذا الجزء من الخطة. دافعوا عن مدينتكم – شعبكم – لكن لا تلفتوا الانتباه إلى هذه البقعة مهما حدث.”

“ولكن ماذا لو بدا الأمر كما لو أنهم سيجدونك؟” سأل كورتيس وقد بدا ارتباكه واضحًا.

التقيت بعينيه. “اذن اصرف انتباههم.”

سقط رأس كاثيلين، ولكن لثانية واحدة فقط. عندما نظرت إلى الوراء في وجهي، ومضت عينيها. “آرثر، أنت تطلب منا أن نقضي حياة جنودنا لجذب انتباه العدو حتى تظل آمنًا، ومع ذلك لم تخبرنا حتى بما تفعله. من فضلك، نحن بحاجة إلى معرفة المزيد. نحن لسنا رعاياك لنفعل ببساطة ما يقال لنا.”

لقد اقتربت أكثر. ذكّرني سلوك كاثيلن الجليدي بقوة بالطريقة التي كانت تتصرف بها في المدرسة، في زيروس. لكنني علمت أنه كان مجرد درع وضعته للحفاظ على نفسها آمنة من المحيطين هنا، والآن لم يكن الأمر مختلفًا.

“أنا أستعد للضربة النهائية لهذه الحرب.” تركت الكلمات تستقر على الآخرين مثل الرماد المتساقط ببطء.

تصلب فك السيدة أستيرا، وحوّلت وزنها دون وعي إلى ساقها السليمة.

نظر كورتيس مرة أخرى إلى أخته، لكن عيون كاثيلين كانت عليّ، وبدا وجهها مثل القناع الصلب.

مرت رعشة لا إرادية على جسد فاراي، وهو الشق النادر في واجهتها الباردة. “اذن سوف نضمن أن لديك الوقت الذي تحتاجه.”

بمجرد أن أوضحت كل ما أحتاج إلى القيام به وحددت الموعد النهائي بعد بضعة أيام فقط، غادرت، وحلقت باتجاه بوابات النقل الآني في اتستين بينما تركت الآخرين ليعودوا تحت سلطتهم الخاصة. طارت سيلفي بهدوء إلى جانبي.

قالت وقد سيطر القلق على أفكارها: “ليس من طبيعتك أن تعرض الناس للخطر ولا تخبرهم حتى بالحقيقة بشأن ذلك. ماذا لو عدنا من حجر الاساس ووجدنا كاثيلين، أو ياسمين، أو حتى إيلي ميتة، لأننا لم نخبرهم بما فيه الكفاية؟”

ظل ذهني فارغًا للحظة طويلة، ولم يكن قادرًا على تكوين أي فكرة متماسكة. “ستكون إيلي وأمي آمنين بقدر ما أستطيع.” أجبت مطولاً، دون أن أزعج نفسي بتبرير أفعالي.

“ماذا عن الباقي رغم ذلك؟” تدخل ريجيس، وكان إحباطه واضحًا حتى عندما حاول الحفاظ على حاجز ما بيننا. “ماذا عن كايرا؟ بعد كل ما مررنا به معًا؟”

تنهدت والرياح تحبس أنفاسي. “إذا كان أغرونا قادر على استهداف الالكريان واستخدامهم ضدهم، أو تحويل أي منهم إلى قنبلة كما فعل مع الاطياف—”

رد ريجيس: “لكنك لا تعلم أنه يستطيع ذلك. لمجرد أن رون الاله هذا يجعلك تفكر بسرعة لا يعني أنك ستفكر دائمًا بشكل صحيح. أعلم أن النجاح مهم، ولكن ما الفائدة إذا خسرت الجميع بسبب ذلك.” لقد تردد، وبحث في داخله للحظة، ثم تابع: “واو… هذه لا تبدو شخصية ريجيس. أنا أشعر باللين بسببك.”

“إنه ليس مخطئًا،” فكرت سيلفي وهي تنظر إلي من اليسار. ضربت الريح شعرها خلفها مثل العلم. “أعتقد أن رون الاله يبرز جراي بداخلك اكثر يا آرثر.”

لقد صررت على أسناني وتحركت بشكل أسرع. ربما هذا ما نحتاجه الآن.

***

لقد حان الوقت تقريبا. لقد انتهى الأسبوعان، وكان كل شيء تقريبًا جاهزًا.

في أعماق الصحراء، وبعيدًا حتى تحت بقايا ملاذ الجن المتهالكة، وقفت أنا وإيلي وسيلفي وريجيس ورين في غرفة البوابة، التي تغيرت بشكل جذري منذ أن كنا هناك آخر مرة.

“هل سيكون هذا كافيًا؟” سأل ريجيس وهو يتجول ويتفحص الغرفة.

هز رين كتفيه، الذي كان ينجرف على عرش رخامي عائم، دون التزام. “سأكون على استعداد لمضاهاة براعتي مع قوة أي شخص أقل منه في هذا العالم، لكن لا يمكنني التحدث باسم الإرث. إذا نجحت فكرة الصبي، فسوف تنجح. إذا لم يحدث ذلك…” هز كتفيه مرة أخرى.

اقتربت من قاعدة حجرية مرتفعة في وسط الغرفة، فوق المكان الذي أعرف أن بوابة المقابر الاثرية تستقر فيه الآن. “حسنًا إل. ستكون هده المرة مختلفة بعض الشيء عن المرات السابقة.”

ابتعدت إيلي عن قطعة الجدار المحززة التي كانت تتفحصها، وكان القلق محفورًا في ملامحها. “ماذا؟ لماذا؟”

لقد قمت بالنقر على القاعدة، وأسرعت نحوي. “نظرًا لأن هذا هو المكان الذي سأكون فيه بالفعل، فيجب أن تكون هذه المرة أكثر قوة لتمحو وجودي الفعلي. ولكن المانا خاصتك يتعين عليها إبقاءها نشطة. إذا انهارت أو استسلمت مع مرور الوقت…” لقد تأخرت بشكل هادف.

قالت بحزم: “لن يحدث ذلك. إنها مثل… شظية عالقة في رأسي. على الأقل بعد أن يتم إعدادها. انها مزعجة بعض الشيء، لكنها لن تشكل عائقًا، ولن أسمح لها بالانهيار أو الفشل أو أي شيء آخر. أستطيع أن أفعل هذا يا آرثر.”

أعطيتها ابتسامة دافئة. “أنا أعلم أنك تستطيعين.”

أخذت إيلي يد سيلفي، وبدأت في صب المانا الفضية في التجويف المنحني أعلى القاعدة. وقد تشكلت على شكل بيضة، مجوفة من المنتصف ولها جدران سميكة. قامت سيلفي بوضع توقيعها الخاص بها أيضًا، مما سمح لتوقيعها بالخروج من المانا المصبوبة.

قلت: “من الأفضل تعزيزها أكثر”، ثم شاهدت إيلي وهي تستجيب للأمر، وهي تشكل شكل الحاوية بينما تقوم بإدخال المزيد من المانا.

عندما التف حولها ليقترب من نهايته في الأعلى، قمت بتشبع الخزان المركزي بالأثير، تمامًا كما فعلنا في منطقة العقل للتنقل من منصة إلى أخرى. ضغطت الأثير داخل الحاوية، وضغطت قدر استطاعتي دون تهديد سلامة الاستحضار. عندما هدأت، تنفس ريجيس الأثير الخاص به في البيضة، فقط ليكون آمنًا، ثم تولت إيلي زمام الأمور مرة أخرى، وملء المساحة الصغيرة في الأعلى وإغلاق الأثير عن العالم الخارجي.

كانت تتنفس بصعوبة، ورجعت خطوة إلى الوراء وتمايلت. أمسكت سيلفي بمرفقها، وابتسمت لها إيلي ابتسامة تقدير. “أنا بخير. كان هذا مجرد الكثير من المانا. على الأقل هذا هو الأخير. كم العدد، سبعة؟”

“نعم”، أجبت، وأنا أفرك مؤخرة رقبتي وأنا أنظر إلى أختي الصغيرة الشجاعة. “شكرًا لك، إل. أعلم أن كل هذا لم يكن سهلاً. هذا الأمر برمته يتوقف عليكِ، على سحرك. انت تعرفين ذلك صحيح؟ إن مصير ديكاثين معلق بخيوط المانا هذه.”

قال ريجيس وهو يخفض لسانه: “لا يوجد اي ضغط.”

اقتربت مني إيلي، وانحنت إلى الأمام، ولفت ذراعيها حولي، وضغطت خدها على عظم القص. “أنت حقًا ستجلس هنا وتتأمل أو أي شيء آخر؟ لعدة أيام؟ أسابيع؟”

قال ريجيس بشكل مفيد: “قد يستغرق الأمر أشهرًا”، ودفعته سيلفي بركبتها.

لفت ذراعي حول إيلي وسحبتها بالقرب. “آمل أن يتم ذلك في يوم واحد وأن تذهب كل هذه الاستعدادات هباءً.” ومع ذلك، لم أتمكن من وضع هذا الأمل في لهجتي. قبل يوم واحد، وصلت أخبار من الريك في الكاريا تفيد بوجود الكثير من التحركات الغريبة بين قوات أرغونا مما عزز قراري باتخاذ مثل هذه الخطوات المتضمنة للاستعداد.

أطلقت سراحها، وتراجعت إيلي خطوة إلى الوراء، وتحدق بعمق في عيني، وكان تعبيرها غامضًا. “لماذا يبدو هذا مثل الوداع إلى حد كبير؟” هي سألت.

تفاجأت، وتعثرت في الرد. قالت سيلفي وهي تضغط على أختي من الجانب وتبتسم بارتياح: “هذا مجرد توتر. سوف نعود قبل أن تعرفي ذلك، ليس لدي أدنى شك. عليك أن تصدقيني، أستطيع أن أرى المستقبل، أتذكرين؟

ضحكت إيلي ووضعت أنفاسها في كتف سيلفي.

قال رين بفظاظة: “حسنًا، حسنًا، لدي أشياء مهمة جدًا لأقوم بها في فيلدوريال. هيا يا فتاة، حان وقت التحرك.”

لفتت انتباهه وأومأت له برأسه شاكرًا، لكنه سخر فقط في الرد.

سارت إيلي إلى الوراء بينما كانت تتبع رين الذي كان يسير بعيدًا بالفعل. لوحت، ثم استدارت وركضت للحاق بها. وفي لحظات، خرجوا من الغرفة الصغيرة وصعدوا عائدين عبر الأنفاق. انتظرت، أتتبعهم بحواسي حتى ابتعدوا، ثم التفت إلى البقية.

“هيا،” قلت، مشيراً إلى ريجيس وسيلفي.

لم تستغرق الرحلة إلى الملجأ الذي أعددته وقتًا طويلاً.

في الداخل، خلعت حذائي ونزلتُ إلى بركة السائل المتوهج. سحبت حجر الاساس، واتخذت وضعية الجلوس حتى وصل السائل إلى معدتي.

حدقت في شكل حجر الاساس غير الملحوظ.

غاصت سيلفي في حمام السباحة بجانبي. تناثرت ملابسها على جسدها، وتحولت لتصبح قماشًا أسود ضيقًا يغطي جسدها بالكامل من الرقبة إلى الأسفل. جلست في وجهي. “نحن معك يا آرثر.”

“سواء أحببنا ذلك أم لا،” قال ريجيس ساخرًا من مكانه بالقرب من قلبي.

كل ما يمكن القيام به قد تم بالفعل. كان حماة ديكاثين على استعداد لمواجهة أي تحد قد يأتي من أغرونا. كل ما بقي لي… هو الدخول إلى حجر الاساس.

تدفق الأثير من نواتي وشبع حجر الاساس وتبع عقلي أحجار الاساس الأخرى كما فعل مرات عديدة من قبل.

سمح لي التطبيق اللطيف لقداس الشفق بالاقتراب من الحاجز الأثيري، بينما أرشدتني رؤية نطاق القلب عبر المسارات غير المرئية إلى الداخل. للمرة الأولى، واجهت وابلًا من الذكريات التي تشبه الصاعقة مع مناورة الملك والتي قمت بتنشيطها على الفور.

أفكاري، بدلاً من أن تطغى عليها العاصفة، تم استيعابها بسهولة ومعالجتها وترتيب ردود الفعل العقلية والضوضاء. عندما تم تركيب المعلومات الثابتة في مكانها – مثل قطع اللغز التي تنزلق معًا، أو المفتاح في القفل – ذابت المنطقة الأثيرية الداخلية لحجر الاساس في ظلام دامس.

لا، ليس أسود مطلقًا. لأنه، في المسافة، كان هناك بصيص من الضوء. لقد كان ينمو بشكل كبير مع اقترابه، أو عندما اقتربت انا منه.

كما لو كنت أنظر من خلال نافذة ضبابية، تحول كل شيء من حولي إلى ضبابية مشرقة، مما أجبرني على إغلاق عيني. هاجمت أصوات لا يمكن تمييزها أذني، مما جعلني أشعر بالدوار. عندما حاولت التحدث، خرجت الكلمات على شكل صرخة. تنافرت الأصوات التي لا يمكن تمييزها ببطء، وسمعت صوتًا مكتومًا.

“تهانينا يا سيدي وسيدتي، إنه ولد يتمتع بصحة جيدة.”

_________

ترجمة: Scrub

برعاية: Youssef Ahmed