البداية بعد النهاية - 450 - صراع صامت
– كاثيلن غلايدر :
أسرعت عبر القاعات الطويلة الفارغة بشكل غريب في قصر إتيستين بإتجاه الجناح الشرقي حيث ينتظرني ضيفان غير عاديين للغاية.
ظل قلبي ينبض بسرعة في حلقي مدفوعًا بعصبيتي التي لا يمكن تفسيرها.
‘هدئي نفسك يا كاثيلن’ فكرت بينما صوتي العقلي يشبه إلى حد كبير صوت أمي المتوفاة إلا أن كل شيء تحرك بسرعة كبيرة بعد ظهور التنانين، إجتاحني الوضع مع كورتيس في مد لم نتمكن من السيطرة عليه أو محاربته وبدأت للتو في تسوية رأسي حول هذا الوضع الطبيعي الجديد، من الطبيعي أن يجعلني هؤلاء الزوار الذين يطلبون مقابلتي لوحدي أشعر بالتوتر نظراً للسياق السياسي.
تردد صوت خطى قدمي على الأرضية الرخامية والجدران ثم عاد إلي كصدى خفي كما لو أن شخص ما يسير خلفي مباشرة، عادة لا تكون مثل هذه الأصوات ملحوظة في القصر بل صوت المحادثة الباهت والمستمر أو الخطى المتسارعة أو يبتلعهم صوت رنين أنصال التدريب القادم من الفناء، قليلون هم الذين يستطيعون البقاء في القصر الآن بالقرب من هالة التنانين الثقيلة – قوة الملك – كما أطلقوا عليها، مررت بجانب أحد الحراس الذي إستقامت وضعيته بشكل أكبر عند رؤيتي ولم يلتقي بعيني لكنني شعرت بنظرته في ظهري بمجرد مروري.
‘هل يستطيع أن يستشعر قلقي ويقرأني مثل كتاب مفتوح؟’ إستمعت إلى الخطوات المدرعة للرجل الذي يتجه إلى أسفل القاعة لإبلاغ الحارس شارون بسلوكي الغريب.
‘أنا حمقاء’ إعترفت ‘لا تستسلمي لتفكير عقلك المفرط’ مرة أخرى ترددت الأفكار بصوت أمي…
عندما إقتربت من غرفة الجلوس حيث يقف ضيوفي في إنتظار وصولي قمت بتسوية ملابسي مظهرة إبتسامة ترحيب على وجهي، عندما دخلت كان كلاهما واقفين بالفعل وأعينهم الغير إنسانية على الباب: إحداهما كزوج من الذهب السائل الناتج عن إنعكاس الشمس على الماء والآخرى مثل ياقوتتين لامعتين.
“سيدة سيلفي” قلت مشيرة إليها بإنحناء حاد لأني لست متأكدة تمامًا من تصنيفها في السياسة المعقدة حاليًا لإفيوتس وديكاثين.
ردت الإنحناء بشكل أعمق بكثير في لفتة محترمة ولكن أيضًا خالية من الهموم جعلتني أندم على تحيتي المحسوبة، تساقط شعرها الشاحب على وجهها كاشفا عن القرون الداكنة المتقوسة من جانبي رأسها وعندما إستقامت مبتسمة أذهلني طولها وحدّة ملامحها.
لا ينبغي أن تكون كذلك لكن من الطبيعي أن تكبر وتنمو لأنه في المرة الأخيرة التي رأيتها فيها – في وقت ما خلال الحرب لست متاكدة تمامًا من المدة التي مرت – بدت كطفلة في شكلها البشري، الآن هي إمرأة شابة ومع ذلك فإن الثقة والنضج اللذين يشعان منها مثل الهالة التي جعلتها تبدو أكبر سنًا، تقدمت بسرعة إلى الأمام ليتطاير فستانها الأسود ممتصا للضوء وتتلألأ آلاف الحراشف السوداء الصغيرة.
تصلبت عندما لفتني في عناق قصير ولم تلاحظ ذلك حيث أطلقت سراحي ولا تزال تشع بإشراق “سيدة كاثيلن من الجيد رؤيتك مرة أخرى وشكرًا لك على لقائنا في هذه المهلة القصيرة… ليس لدي أدنى شك في أنك مشغولة للغاية وأتفهم أن طبيعة وصولنا إلى حد ما… غير عادية”.
عندما قالت ‘لقائنا’ إلتفتت إلى رفيقتها ذات العيون الحمراء.
تساقط الشعر الأزرق الداكن على كتفي المرأة كاملة الجسم مع قرون سوداء تلتف حول رأسها مثل التاج ومشرقا عندما يحيط بتلك العيون الياقوتية، إتضح أنها ألكريان إحدى الكائنات التي أطلقوا عليها إسم دماء فريترا، قمعت للمانا الخاصة بها ومنعتني من قياس مستواها الأساسي بشكل صحيح على الرغم من أن ذلك وحده أخبرني بشيء: إنها أقوى مني، قامت المرأة بتقليد إنحناءة السيدة سيلفي على الرغم من أنها لم تقطع الإتصال البصري مما أعطى الحركة طابعًا عدوانيًا تقريبًا.
“سيدة كاثيلن غلايدر إسمي كايرا من الدماء العليا دينوار وكما قالت سيلفي شكرًا لك على مقابلتنا”.
أشرت إلى أريكة مقابل كرسي ذو ظهر مرتفع بينما أخذت الكرسي لنفسي، تحركت أصابعي تلقائيًا إلى الأخاديد المنحوتة بعناية في الذراع الخشبية متتبعة الخطوط كلما فكرت فيهم.
“سيدة سيلفي أجد أنه من المقلق إلى حد ما أنك طلبت مني بعض السرية بينما هناك أفراد من عرقك موجودون في هذا القصر بالذات، لماذا لا تطلبين المشورة من نفس عرقك؟ وعلاوة على ذلك لماذا تبقين وجودك سرا؟”.
جلست سيلفي بشكل صحيح للغاية ونظرتها لا تتزعزع لذا من السهل جدًا رؤيتها كأميرة إلهية من أرض التنانين البعيدة، أصبح وضع الإعتبار والتوجيه الذي تلقيته من الحارس شارون وويندسوم حول كيفية معاملة أرثر ورفاقه في حالة عودتهم إلى إتيستين أكثر صعوبة بعض الشيء، من المؤكد أن اللقاء بهم سرًا خلف ظهر الحارس شارون لم يكن جزءًا من التوجيه المذكور.
“أرسلني أرثر لإبلاغك بهجوم محتمل على القصر” قالت وتمكنت من أن تكون واثقة ومواسية “هجوم يستهدف التنانين من شأنه أن يعرضك أنت وأخيك لخطر شديد”.
شعرت برغبة في العبوس لكنني أحكمت قبضتي وأبقيت كل عضلة في وجهي في مكانها الطبيعي تمامًا كما علمتني أمي منذ الصغر.
“أتمنى أن يكون لديك المزيد مما تقولينه أكثر من هذا… هجوم على التنانين؟ من يجرؤ على فعل مثل هذا الشيء؟، حقيقة أنك هنا تقدم تحذيرًا يوضح أنك تجدين التهديد صادقًا لكن لا يمكنني أن أتخيل من بإستثناء الأزوراس المعارضين سيكون خطرًا ذا صلة”.
بدت سيلفي وكأنها تفكر في شيء ما للحظة ثم تدفقت الكلمات منها بينما تنسج قصة عن رؤيتها لقتلة الأزوراس وحتى موتي، لم أتأثر بشكل مدهش عندما شرحت هذا الجزء على الرغم من أن ذكرها لوفاة أخي أثار قشعريرة في جميع أنحاء بشرتي، حافظت على وضعيتي وتعبيراتي طوال الوقت لكن من الداخل أصبحت في بحرٍ هائجٍ من عدم اليقين لأنني على علم بقتال أرثر ضد هؤلاء “الأطياف” في فيلدوريال مثل ويندسوم والحارس شارون، إلا أن رأي التنانين هو أن جنود أغرونا لا يشكلون لهم أو لنا أي تهديد فقد إنتهت الحرب وأصبحت التنانين من تحمي ديكاثين.
ربما لم يكن هذا عادلاً بالنسبة للسيدة سيلفي لكنني أيضًا متشككة في رؤيتها لأحداث مستقبلية لأن والداي ظلوا محاطين بالعرافين الذين يحاولون الترويج للنبوءات في كل منعطف، بإستثناء العجوز رينيا لم أقابل أبدًا أي شخص يدعي أنه عراف يمكنه معرفة الكثير عن طقس اليوم التالي، إستمعت المرأة من ألاكريا كايرا بإهتمام كبير مثلي ومن الواضح أنها لم تكن تعرف القصة كاملة حتى تلك اللحظة – نقطة أخرى من الغرابة تعمل ضدهم، عندما إنتهت ظلت السيدة سيلفي صامتة منتظرة ردي مما أتاح لي الوقت لصياغته بشكل صحيح.
“إغفري لي هناك الكثير مما يجب إستيعابه” قلت بينما أبحث في عينيها الذهبيتين عن أي علامة على الخداع ولكن لم أجد شيئًا.
تخيلت أرثر يطارد مخلوقًا عديم الوجه من الظلال في شوارع إتيستين في تلك اللحظة بالذات وشعرت بقشعريرة في داخلي.
“أعترف أن سماع حكايتك جعلني أكثر حيرة إذا كان الهدف هو منع هذا الهجوم على الحارس شارون فلم لا تتحدثون معه مباشرة؟” فكرت في السؤال بينما أطرحه وتوصلت إلى الإجابة بنفسي “أنت لا تريدين أن تعرف التنانين الأخرى أنك هنا حتى يكون أرثر معك وأرثر لا يريد الذهاب إلى شارون دون دليل على وجود الأطياف” شعرت بعبوس صغير في شفتي وقمت بتلطيفهما “هل مثل هذه الموهبة (الرؤية) شائعة بين نوعك سيدة سيلفي؟”.
“لا” أمالت رأسها قليلاً إلى الجانب عندما نظرت إلي “وثق بك أرثر دائمًا يا كاثيلن لذا إخترت أن أفعل ذلك أيضًا وأتمنى أن أكون قد إتخذت القرار الصحيح”.
لو أن هذه الكلمات الشائكة قادمة من أي شخص آخر ستثير غضبي لكن عندما جاءت من التنين ذات العيون الذهبية تمنيت أن تكون على حق.
“هناك إجتماع للمجلس العام غدًا” قلت بعد صمت طويل “ما تصفينه يبدو مثل ما نحن…”.
إنفجرت المانا من بعيد لأنسى ما كنت سأقوله وبدلاً من ذلك حدقت في الحائط بإتجاه المصدر.
“فن المانا من النوع المتحلل” قالت كايرا عابسة “هناك الكثير من المانا”.
وقفت فجأة بينما أقوم بتنعيم فستاني “إبقوا هنا لن يزعجكم أحد لكن لا بد أن التنانين والمدينة شعروا بذلك أيضًا أحتاج إلى التأكد من عدم وجود أي ذعر” قبل أن تتمكن أي من المرأتين من التحدث إستدرت وخرجت من الغرفة.
تحرك الحارس السابق من موقعه ووقف في منتصف القاعة محدقًا كما لو يتوقع أن جيش من الألكريان سيأتي لينزلوه في أي لحظة.
إستدار وألقى التحية عندما سمع إقترابي لكنني تجاوزته متجهة إلى مدخل القصر الرئيسي، كما هو متوقع وجدت كورتيس هناك بالفعل واقفًا في الفناء الخارجي ومحدقا بالشرق.
نظر إلي عندما تقدمت للوقوف بجانبه.
“هل شعرت بذلك؟” سأل عابسًا ليطلق غراودر أسده هديرًا منخفضًا لكنه ربت على عرفه.
لم أجب حيث دخل ويندسوم إلى الفناء في تلك اللحظة مع كل شعرة في مكانها وبدلته العسكرية أنيقة ومحفوظة جيدًا كما هو الحال دائمًا، ظلت عيناه الأثيريتان المرصعتان بالنجوم تحدقان إلى أعلى لذا تبعت نظرته حتى ظهر تنين متحول إجتاحنا ظله مسرعا نحو مصدر الإنفجار.
قلت بفتور مدركة أن إحتجاجي لن يجد آذانًا مصغية “إعتقدت أننا إتفقنا على أنه لن يكون هناك تنانين متحولة داخل المدينة”.
إلى جانبي نظر كورتيس بعصبية فقد جعلته التنانين عصبيًا لسبب غير مفهوم وكره كلما قلت أو فعلت أي شيء إعتبره “وقحًا”.
لم يكن علينا الإنتظار طويلا لعودة التنين فقد هبط الزاحف الأزرق الضخم في الفناء والرياح التي تهب من أجنحته جعلتني أتعثر، تحرك غراودر بيننا ليحميني أنا وكورتيس بجسده لذا لم أر على الفور الراكب الذي على ظهر التنين حتى أنزلت ذراعي ودرت حوله.
تغير مظهر أرثر الجسدي لدرجة أنني مازلت أفاجئ برؤيته وحينما نزل بدأ يمشي بإتجاهنا غير مبالٍ بالتنين الذي يقف على ظهره.
‘كما لو أنه ركب التنانين طوال الوقت’ أذهلني الأمر وكدت أضحك في نفسي على الرغم من أن إحساسي باللياقة الذي مارسته منذ فترة طويلة حال دون ذلك.
‘بالطبع لأنه يركب على تنين’.
“نداء للحارس شارون!” أعلن إديريث التنين الأزرق بصوته الهائل تمامًا مثل شكله الوحشي “لقد أحضرت الشخص المسمى أرثر ليوين! نداء للحارس!”.
تقدم ويندسوم إلى الأمام ورفع يده ليصمت إديريث ويعود لشكله البشري، إبتسم ويندسوم بحرارة لأرثر وفتح فمه ليتحدث لكن الأخير مر بجواره مباشرةً وبدلاً من ذلك إقترب مني ومن كورتيس، تتبعت ملامحه الحادة بعيني بحثًا عن الصبي الذي عرفته في أكاديمية زيروس أو الجنرال الشاب الذي أصبح عليه أثناء الحرب، تمامًا كما رأيته آخر مرة لم يقدم أرثر الجديد هذا سوى القليل جدًا من الذي كان عليه ومع ذلك فهو ربما أصبح أكثر وسامة من ذي قبل.
قمت بتطهير حلقي والتخلص من تشتيت إنتباهي “أرثر لمن دواعي سروري رؤيتك”.
“كاثيلن” بشكل غير متوقع مد يده وسحبني إلى حضن حيث مر الوخز على بشرتي وعندما إقتربت شفتاه من أذني لدرجة أنني شعرت بهمس أنفاسه وهو يقول “الآخرون؟”.
متفهمة رددت إحتضانه كما كنت أفعل مع صديق قديم وأومأت برأسي قليلاً، تركني أذهب لذا قمت بتسوية فستاني مرة أخرى متجنبة بعناية النظر في إتجاه ويندسوم بينما يمد أرثر يده إلى أخي.
“كورتيس” قال ببساطة وهم يتصافحون “أنت تنمي لحيتك؟ لست متأكدًا من أن الأمر جيد عليك”.
أطلق كورتيس ضحكته الصبيانية التي إشتهر بها في جميع أنحاء سابين لكن فرحته لم تصل إلى عينيه، ظل حذرًا وإلتقط غراودر التوتر لذا أخفض رأسه وهز عرفه وعيناه اللامعتان مثبتتان على أرثر، ولت منذ فترة طويلة أيام الرفقة في أكاديمية زيروس بين أعضاء اللجنة التأديبية، كرهت أن تسمم السياسة أفكاري حتى في تلك اللحظة تمامًا بينما أعرف ما يفكر فيه أخي ومع ذلك لم يكن هناك مفر من ذلك، بلادنا – قارتنا بأكملها – هشة للغاية بحيث لم تتمكن من النظر في كل الخيارات يينما نحاول إعادة البناء.
“أخيرا أرثر ليوين يشرفنا بحضوره” قال ويندسوم ويداه متشابكتان خلف ظهره “مرحبا يا فتى أين حفيدة سيدي؟ أتمنى أنك لم تفقدها مرة أخرى”.
أظهر كل من أرثر وويندسوم النظرات غير الودية وهي مسابقة لم أستطع إلا أن أتوقع فوز الأزوراس فيها ومع ذلك لم يبدو أرثر كرجل يدرس منافسه، لم يكن الأضعف في مسابقة الإرادة هذه هناك شيء مفترس بشكل واضح في عينيه جعلني غريزيًا أتراجع خطوة إلى الوراء.
“سيلفي بخير وهو ما يعني في هذه الحالة أنها بعيدة عنك في الوقت الحالي” رد آرثر “لدي أخبار لمن هو المسؤول عن التنانين” بقي صوته خاليًا من أي عدم إحترام واضح بينما لا يزال قادرًا على أن يبدو قتاليًا بشكل مباشر “تخيل دهشتي عندما علمت أنه ليس أنت يا صديقي القديم؟”.
مع كل كلمة تبادلاها شعرت بعدم الإرتياح أكثر فقد أمضت التنانين أشهرًا معنا في سابين للمساعدة في إعادة البناء والحفاظ على سلامتنا من الهجمات الإضافية للألكريان، من الصعب في بعض الأحيان فهمهم ولم تكن شخصياتهم مثل أي بشر أو جان أو أقزام قابلتهم في حياتي ولكن ذلك متوقع، ليسوا مثلنا ومن غير المناسب قياسهم بمقاييسنا ومع ذلك أرثر هو الذي إجتاح القارة مثل عاصفة من النار ليحرق إحتلال الألاكريان، أرثر أيضًا مسؤول عن المعاهدة مع سيد إفيوتس التنين كيزيس إندراث الذي جلب التنانين إلى شواطئنا، تسببت رؤية الصراع بينهما في حدوث ألم شديد لاذع في معدتي فلم تكن ديكاثين قادرة على تحمل وضع هذه القوى ضد بعضها البعض، إنني أفهم سبب موقف أرثر ففي نهاية المطاف ظل الدخان يتصاعد فوق جزء كبير من إيلنوار حيث حول حليفنا القديم الجنرال ألدير الغابات إلى رماد، كنت أخشى فكرة ربط نفسي مثل الإبرة بين هاتين القوتين العملاقتين ولكن من غيري هنا ليفعل ذلك؟، هناك الكثير على المحك بحيث لا يمكن السماح للكراهية بينهما بإخراج مستقبل قارتنا بأكملها عن مساره.
تقدمت خطوة للأمام حتى تلفت الحركة إنتباههم إلي بدلًا من بعضهم البعض وأشرت نحو مدخل القصر.
“ويندسوم وإديريث من فضلكم رافقوني مع أرثر إلى الحارس شارون” واصلت الحفاظ على لهجتي المحايدة قدر الإمكان “ظل شارون إندراث حريصًا على مقابلتك يا أرثر… أنا متأكدة من أنه سيكون على إستعداد لسماعك”.
إسترخى أرثر ووقف بجانبي ثم مد ذراعه لي لأخذها بينما إستدار ويندسوم على كعبه وإبتعد دون أن يلقي نظرة ثانية ويديه خلف ظهره، سار كورتيس بشكل محرج إلى حد ما على الجانب الآخر من أرثر وإديريث خلفه مع هالته المضطربة التي تضربنا مثل السوط، أصبح جسدي متصلبًا من التوتر وفي كل خطوة أحسست أنني أعبر زجاجًا مكسورًا لكنني تمكنت من الإمساك بكل شيء، بطريقة ما على الرغم من توتره السابق بدا أرثر مرتاحًا كما لو أننا في نزهة بعد الظهر في حدائق القصر رغم أنني أفضل أن أتجول في الحدائق بدلًا من… قمت بقص الفكرة الخاطئة بمجرد أن أدركت إلى أين تتجه لأنني الخيط الذي سيربط الجرح بين الحارس شارون وأرثر.
‘لا أستطيع أن أبدأ في إظهار المحاباة لأي منهما’ أصبحت الأفكار في النهاية أفعالًا حتى عن غير قصد.
عندما وصلنا إلى قاعة العرش لم أتفاجئ برؤية المجلس بأكمله قد إنعقد بالفعل- على الرغم من أننا إستغرقنا وقتًا طويلاً لمناقشة حتى أبسط القضايا – إلا أنه عندما دعاهم الحارس تحركوا عمليًا إلى قدميه، ومع ذلك لم أحمل ضغينة ضدهم فحضور التنانين ساحق وحضور الحارس نفسه مضاعف لذا لعبوا ببساطة لعبة السياسة بأفضل ما يعرفون، أوتو وإبنة العم فلوريان يتهامسان بحيوية أما اللورد أستور فإقترب من الحارس شارون بقدر ما تجرأ، رأيت جاكون ماكسويل والسيدة لامبرت أيضًا بينما تحدث الآخرون في المجلس بهدوء فيما بينهم أو إنتظروا في صمت متوتر.
ظل شارون نفسه جالسا على المنصة عند أسفل العرش حيث يجلس دائمًا عندما تدفعنا الأحداث إلى إستخدام هذه الغرفة، لم يكن التنين بحاجة إلى عرش ليجعله يبدو ملكيًا أو قويًا حيث إصطف الحراس على الجدران من اليسار واليمين وهو ما لا يقل عن أربعة أضعاف العدد الذي نطلبه عادة لمثل هذه الأحداث، هذا عرض مثير للإعجاب أعادني إلى أيام طفولتي في هذه القاعات بالذات عندما كان والدي يجلس على هذا العرش ووالدتي إلى جانبه، شعرت بالبرد والبعد عندما فكرت بهم مع العلم أن هذه المشاعر المحددة ستكون مفيدة لما سيأتي لذا تمسكت بها بشدة، توقف ويندسوم قبل أن نعبر ربع غرفة العرش مما أجبرني على التوقف خلفه، حاول فتح فمه ليقدمنا لكنه تردد عندما إستمر صوت وقع الأقدام الحاد في الظهور عبر الغرفة الكهفية.
إنجذبت كل الأنظار نحو أرثر الذي تركني خلفه وسار بالقرب من ويندسوم كما لو أن التنين عادي مثل النبات وإتجه مباشرة نحو الحارس، لم تتوقف خطواته بسبب الضغط أو مرارة الشك في الذات لذا لم يكن بوسعي إلا أن أشاهد منبهرة بينما يعبر غرفة العرش.
أسرع إديريث خلفه وأطبقت يده القوية على كتف أرثر “لا أحد يقترب من الحارس بدون…”.
إستدار أرثر وعيناه الذهبيتان تومضان مثل حافة النصل حتى توقف التنين ليستمر في السير دون أن يوقف خطوته أبدًا.
ظلت الغرفة بأكملها مجمدة في حالة من الترقب.
“الحارس شارون” قال أرثر وتوقف عن المشي بينما يتكلم واقفًا أمام العرش مباشرةً بصوت يشبه كسر التعويذة وبدا أن الجماعة بأكملها تأخذ نفسًا دفعة واحدة “الحارس لم أفكر في سؤال فاجراكور عن فكرة هذا اللقب لكن بعد ذلك لم نتفق أنا وهو بشكل جيد لذا آمل أن يسير هذا الإجتماع بشكل أفضل”.
وقف شارون برأسه وكتفيه فوق أرثر من مكانه على المنصة لكنه لم يبق هناك بل إختار بدلاً من ذلك النزول ومقابلة أرثر وجهاً لوجه، طقطقت الطاقة مثل القوة الفيزيائية عندما نظروا إلى بعضهم البعض كما لو أن هناك صراع صامت وثابت بينهما، بالأحرى النية التي إستخدمها كل منهما مثل السلاح وبطريقة ما هما بمثابة مرآة لبعضهما البعض، يعتبر شارون بنفس إرتفاع أرثر ومع ذلك بدا وكأنه يفوق كل من حوله رغم أن بنيته لم تكن قوية وتتوافق مع اللياقة البدنية الرشيقة لأرثر، قوته الخام مرئية في كل حركة يقوم بها وله شعر مثل سيلفي ذو لون فاتح أفترض أنه من سمات إندراث.
‘هل لذلك علاقة بتحول أرثر؟’ تساءلت.
عينيه عميقتين وداكنتين من اللون الأرجواني البرقوقي وفي وجوههم لم يكن الإثنان متشابهين على الإطلاق، بالرغم من أن أرثر عاد متقدمًا في السن ووجهه أكثر حدة ونضجًا مما كان عليه قبل الحرب إلا أنه لا يزال يبدو كصبي بجوار شارون، ظلت ملامحه مشبعة بندوب آلاف المعارك ومليئة بالحروق القديمة التي تصلبت حتى أصبحت لا تختفي، وجهه يستحضر الخوف والإحترام بمجرد نظرة وما لم يفعله هو أن يبتسم كثيرًا ومع ذلك إرتعش خد الحارس المصاب بالندوب وإرتفعت زاوية شفتيه متسليا.
“نعم فاجراكور دقيق جدًا في وصفه لذلك الإجتماع وكذلك في تقديره لقدراتك ومزاجك”.
أخذ ويندسوم هذا كنوع من الإشارة وتقدم للأمام مرة أخرى ليأخذ موقعه على يسارهم حيث أحاط حراس التنين بشارون.
أردت أن يظل وضعي الجسدي محايدًا لذا وقفت أمام مجموعة ويندسوم وأخي بجانبي.
“مرحبًا بك في إتيستين أرثر ليوين” قال شارون بصوت عميق يشبه هديرًا مدويًا “من الجيد أننا إلتقينا أخيرًا حتى لو كانت الظروف أقل من مثالية، الإضطراب خارج المدينة ماذا كنت تفعل؟”.
قام أرثر بمسح حشد المستشارين والحراس.
“ربما يمكننا التحدث في مكان أقل عمومية؟” إقترح أرثر بهدوء.
قام الحارس بإشارة مفاجئة وحادة بيده حينها إستدار صفا التنانين على أعقابهم وبدئوا في الخروج من ب
غرفة العرش، خلقوا ممرًا بينهم حتى يتمكن المستشارين وغيرهم من الشخصيات النبيلة من المغادرة، على الرغم من أن هذه المجموعة الأخيرة فعلت ذلك بتردد دون الدقة العسكرية السريعة التي يتمتع بها الجيش، إلتفت كورتيس لينظر إلى المستشارين المنسحبين وأدركت أنه يتمنى الإنضمام إليهم فقد بقينا تحت قصف مستمر من “التوجيهات” من مستشارينا منذ أن أنهت ليرا دريد رسميًا إحتلال ديكاثين وتركنا أرثر مسؤولين عن إتيستين، لم تكن كل النصائح التي تلقيناها هي ما أسميه “النصيحة الجيدة” بل إن الأمر إزداد سوءاً منذ وصول التنانين، كافح كورتيس على وجه الخصوص لتحقيق التوازن بين رغباته ورغبات الناس والتنانين والمجلس المختار.
الحقيقة هي أننا كنا بحاجة إلى التنانين – بحاجة إلى قوتهم وقيادتهم – والثقة التي منحوها لشعبنا في المستقبل، حدث الكثير – موت الملوك والملكات وهزيمة الرماح وخسارة الحرب والإحتلال اللاحق وتدمير إيلينوار – حتى أن شعبنا لم يتوقع ببساطة أن نتمكن من إعادة بناء ما فقدناه، قدمت التنانين أساسًا جديدًا يمكن البناء عليه وبدونها أخشى أن الأرض ستكون دائمًا في إنتظار الإنزلاق من تحت أقدامنا، ومع ذلك نشأت حول السياسة ومؤامرات البلاط طوال حياتي لذا أرى التلاعب بالرأي العام أثناء حدوثه إن التنانين تقوض بصمت رؤية الناس لأرثر، عقلية “الخروج من القديم إلى الجديد” التي فهمتها غير عادلة إلى حد كبير بالنسبة لرجل قدم الكثير لإنقاذنا.
هو من تفاوض لتحمينا التنانين لذا شعرت أيضًا أنه من الضروري أن أثق في أنه يعرف ما يفعله.
غادر آخر الحشد وعمل حارسان معًا لإغلاق أبواب غرفة العرش الكبيرة.
“أحسن؟” سأل الحارس شارون ومد يديه إلى جانبيه ثم أشار حول المساحة الفارغة الواسعة “والآن ماذا تفعل هنا؟ ماذا حدث؟”.
أعاد أرثر سرد القصة التي أخبرتني بها السيدة سيلفي على الرغم من أنه حذف الجزء الخاص بها كونها شهدت الهجوم في الرؤية، في الواقع بدا أن أرثر يتغاضى عن كيفية وصول الدليل على الهجوم إليه بالضبط.
“على الرغم من أنني قمت بإقصاء واحد سيكون هناك آخرون” إختتم أرثر كلامه قائلاً “لا أستطيع أن أعد بأن هذا سوف يردع هجومهم أيضًا”.
عقد شارون ذراعيه مبعدا خصلة شعر من وجهه ونظرة الشدة التي أظهرها رأيتها عدة مرات من قبل “أؤكد لك أنني لست بحاجة إلى الحماية ضد جنود أغرونا فهزيمتك السابقة للأطياف يجب أن تحررك من فكرة أنهم قادرون على هزيمة نوعي، بالتأكيد ليسوا محاربين لكن أعدك أن كيزيس لم يرسل المزارعين أو الأطفال الصغار للتدريب على حراسة هذه القارة”.
إتخذ أرثر بضع خطوات عندما بدأ بالتحرك ثم أجبر نفسه على البقاء ساكنًا وقفزت عيناه نحوي لأقصر لحظة إتصال “حتى المعركة التي تهزمهم فيها يمكن أن تؤدي إلى مقتل العشرات وحتى المئات من سكان المدينة، كل ما أطلبه هو أن تساعدني في تنظيف المدينة والمناطق الريفية المحيطة بها دعنا نتأكد من رحيلهم”.
هز شارون كتفيه وهي حركة تتعارض مع كل شيء آخر يتعلق بوضعيته وتعبيراته والتي نادراً ما تهدأ إلى أي شيء أقل من تلك النزعة العسكرية الصارمة.
“لا أريدك أن تخيف سكان إتيستين بقلب المدينة رأسًا على عقب بحثًا عن الأطياف” نظر إلى ويندسوم “أنظر لما يمكن القيام به ربما نستخدم بعض التنانين من الدوريات – الوجوه التي لن يتعرف عليها الناس هنا – ويجب أن يكونوا ماهرين في إخفاء أنفسهم بين الأدنى”.
“بالطبع” رد ويندسوم بإنحناءة بسيطة.
“إن وجود أقوى قوات أغرونا في ديكاثين يعزز السبب الآخر لوجودي هنا” تابع أرثر بصوت يحمل ثقل الكلمات التي يتوقع ألا يتم فهمها بشكل جيد “قضيت بعض الوقت في ألاكريا أقاتل إلى جانب سيريس فريترا زعيمة فصيل المتمردين الذي يقاتل ضد أغرونا”.
“إنها طريقة كريمة إلى حد ما لصياغة ذلك” غمغم شارون وظهرت ضحكة مكتومة في كلماته.
لم يعترف أرثر بالمقاطعة “عرضت على سيريس وأي من أفرادها الذين أرادوا الإنضمام إلى الملاذ بديكاثين في بقايا إيلينوار مع جيش ألاكريان الخاضع الأمان، طلبت مني سيريس أن أمد يدي للصداقة معك ومع أقاربك فهي تأمل أنه مقابل الحماية التي تقدمها لهذه القارة يمكنها أن تزودك بمعلومات مفيدة حول دفاعات أغرونا وألاكريا من بين أشياء أخرى”.
إرتفعت حواجب شارون ببطء إلى جبهته بينما يتحدث أرثر وللحظة بدا وكأنه في حيرة من الكلمات.
“هذا بالتأكيد طلب شجاع إن لم يكن غير عقلاني… قدرتك على الإدعاء بجرأة أنك قمت بتهريب عدد غير معلوم من المقاتلين الأعداء إلى هذه القارة والتعاون مع جنرال العدو مع عدة آلاف من جنودها في هذه العملية… لا يبدو أنك تفهم العواقب ويوحي لي هذا أنه ربما سمعتك كقائد وعبقريتك الإستراتيجية مبالغ فيها هنا”.
حبست أنفاسي عندما رفع أرثر رأسه قليلاً إلى الجانب ولكن قبل أن يتمكن من الرد إتخذت خطوة سريعة للأمام، من زاوية عيني رأيت أخي يمد يده إلى ذراعي لكنني أفلتت من قبضته ووضعت نفسي بجوار أرثر مباشرة مقابل النظرة الثقيلة لعيني شارون الداكنتين.
“الحارس شارون شكرًا لك على إشراكي أنا وأخي في هذا الإجتماع” بدأت كلماتي بوضوح وبأدب “أصبح كلانا يقدر كثيرًا علاقة العمل الصحية التي حافظت عليها مع الهيئة الإدارية الجديدة لإتيستين وآمل أن تسمح لي بالتحدث نيابة عن أرثر، بعد أن عرفته منذ أن كنا أطفالًا وإستفدنا بشكل مباشر من تصرفاته في مناسبات متعددة منذ ذلك الحين، أستطيع أن أخبركم دون أي تردد أو شك أن حقيقة إنجازاته تذهب بإنتظام إلى ما هو أبعد من الشائعات التي تتبع في أعقابه”.
أخذت نفسًا بعد أن أسرعت في إخراج كل شيء قبل أن تتم مقاطعتي حيث نظر ويندسوم إلي بإنزعاج مستتر لكن شارون بقي منتبهًا.
“على الرغم من أنه لم يتخذ أبدًا خطوات لتحقيق ذلك إلا أن الكثيرين ينظرون إلى أرثر بإعتباره الزعيم الفعلي لديكاثين لأنه يوحد البشر والجان والأقزام بإحترامهم له، إن وجود أقاربك هنا نعمة أيها الحارس لن نتمكن أبدًا من سدادها ولكن ليس لدى الجميع القدرة على المسامحة والثقة في أن التنانين تعني السلام حقًا” نظرت بين الإثنين بينما أحثهم عقليًا على الإستماع إلي “أنتما بحاجة إلى بعضكما البعض وديكاثين تحتاجكما لكي ينجح هذا الأمر… بصفته الوصي على عرش القارة أعتقد أن أرثر في نطاق سلطته توفير الملاذ…”.
“الوصي ليس لقبًا نعترف به” قال شارون بسلاسة وصوته العميق يبتلع صوتي “لقب إخترعه الغزاة وقبله المرتدين لا توجد شرعية فيه” توقف مؤقتا “لكنك على حق وجودنا في ديكاثين يرجع إلى هذا الإتفاق بين أرثر واللورد إندراث وأنا لا أنوي العمل ضد غرض سيدي لكنني لن أتجاهل أيضًا أفضل أحكامي”.
قبل أن يتمكن من مواصلة الحديث لفت طرق قوي على الأبواب إنتباه الجميع، فُتح أحدهم جزئيًا ولكن بدلاً من الحارس دخلت السيدة سيلفي إندراث بشعر أشقر يتوهج عمليًا مقابل ظلام قرنيها وملابسها، شعرت بموجة من الخوف المقلق لكنني علمت أن أرثر يمكنه التحدث معها بشكل تخاطري لذا لا أستطيع إلا أن أفترض أن وصولها في هذا الوقت عن طريق الصدفة…
“العم شارون” قالت بينما تسير في الممر نحونا بسرعة ونعل حذائها يصدر صوت طقطقة مع كل خطوة.
مرت كايرا من الباب خلفها وتبعتها بينما تجعد أنف ويندسوم بسبب الإنزعاج أو الإحباط لكني لم أستطع التأكد من ذلك لأنه نظر إلى أرثر.
أعطى شارون إبتسامة دافئة خففت من ملامحه القاسية وإنفصل عن مجموعتنا متجهًا للقاء السيدة سيلفي.
“العم الثاني فقد تمت إزالت الثالث لكنني أعتقد أن هذا لا يهم خارج إفيوتس، هل كنت تتجولين في القصر طوال هذا الوقت؟”.
“بالطبع” صرخ ويندسوم وزاد غضبه “شارون ستتم إعادة سيلفي إلى اللورد إندراث على الفور وفقًا لتعليماته الصريحة للغاية” حدقت عيون ويندسوم بلون المجرة في أرثر “هذا ليس طلبا أرثر إذا كنت تقدر هذه القارة فسوف…”.
“الحارس شارون هل أنت أم ويندسوم من يقود التنانين في ديكاثين؟” سأل أرثر بهدوء وملاحظاته التي تتسم بالفضول المصطنع مثل الخنجر الملتوي.
“ويندسوم…” قال شارون بنبرة مليئة بالتحذير.
عندما تبادل الأزوراس القويان نظرة طويلة وذات معنى إنزلق نظري بعيدًا عن دراما المواجهة بينهما حيث شارك أرثر وسيلفي نظرة ذات مغزى خلف ظهور الأزوراس، إنجرفت بعض الإتصالات الصامتة عبر الهواء مرسومة على الخط المرئي تقريبًا للإتصال البصري المشترك بينهما.
بعد حفنة من الثواني الطويلة جدًا قام ويندسوم بتعديل زيه الرسمي وأومأ برأسه.
ترك شارون نظرته المظلمة معلقة على ويندسوم للحظة طويلة ثم عاد بصره إلى سيلفي “الآن أعتقد أننا كنا نحظى بإجتماع من فضلك دعينا نذهب إلى مكان أكثر راحة لدينا الكثير للحديث عنه”.
–+–
– ترجمة : Ozy