البداية بعد النهاية - 448 - فُتِح القفص
مررت عبر المتاجر والنزل على كلا الجانبين التي تستهدف الصاعدين بينما أتحرك دون هدف على طول الطريق الرئيسي، تم سحبي مرة أخرى إلى أول غزوة لي في هذا العالم المصغر لثقافة ألالكريان فكل جانب منها شديد التركيز، تذكرت محاولة البلطجي غير المدروسة لسرقتي ومواجهتي مع “هايدريغ” وإقتراني المؤسف مع الغرانبيلز.
‘من المؤسف أن كل هذا تم بناؤه في عهد أغرونا دون أي سبب سوى بحثه عن السلطة’ فكرت مقارنا ذهنيًا ثقافة الصاعدين بالمغامرين في ديكاثين.
‘من الممكن أن يكون هذا المكان رائعًا حقًا’ حتى عندما فكرت في ذلك أدركت أن الفكرة وراء الصعود بعيدة جدًا عن نية الجن الأصلية لجلب أي بصيرة حقيقية عن الأعمال الداخلية للمقابر الأثرية.
‘في نهاية المطاف لا يدرس المرء كتابًا عن طريق تمزيق صفحاته’ بعد أن أدركت كآبة أفكاري غير المركزة عدت عمدًا إلى المهمة التالية في قائمتي.
بما أن سيريس مستعدة للتحدث معي من المهم رؤية رفاقي – على الرغم من أنني لم أجد كايرا – فقد علمت أن الوقت قد فات لمعرفة ما خططت له سيريس من أجل شعبها، بعد التحقق مرة أخرى من حانة دريد – تحول النزل المحصن إلى قاعدة عمليات لسيريس نفسها – تلقيت توجيهات من أحد الحراس للذهاب إلى برج معين غالبًا ما تتجه إليه سيريس عندما تحتاج إلى التفكير دون فصل نفسها عن الناس تحت رعايتها.
فوجئت عندما وجدت البرج المعني متوقعا أن يكون رمزًا لمكانة أحد الأثرياء أو ربما برج حراسة مخيف، بدلاً من ذلك وجدت صومعة بسيطة مخبأة في أقصى زاوية من المنطقة وسط المباني تبدو مثل منزل في الطابق الأول بين المناطق الصناعية، صعد درج معدني مكشوف يقود لأعلى الهيكل الذي يبلغ إرتفاعه 70 قدمًا ويمكنني أن أشعر بتوقيع مانا سيريس في الأعلى.
رن المعدن مصدرا صريرًا عندما صعدت وحينما وصلت إلى قمة السقف المسطح رأيت سيريس – ترتدي الجلباب الداكن – بتعبير بعيد، في البداية لم تقل شيئًا بل لوحت لي إلى حيث تقف بينما تنظر إلى المقابر الأثرية.
لم أتحدث متأثرًا بإشاراتها فقط نظرت إلى المنظر كما فعلت هي…
بدت المقابر الأثرية مختلفة من هنا لم تتمكن السماء الزائفة من الحفاظ على وهمها تمامًا حينما يكون بإمكانك رؤية المنطقة بأكملها منتشرة من حولك، تبدو مثل قبة مطلية بدلا من السماء نفسها حيث لا تتماشى الحواف تمامًا مع الأرض والمباني، بإستثناء إثنين من المتنزهات تم بناء المنطقة بأكملها تقريبًا مما يمنحها هواءًا مكثفًا وخانقًا من الأعلى، حتى مركبات الدماء العليا بدت صغيرة ومكتظة من هذه الزاوية مثل وهم تم تصميمه بعناية.
لا بد أن أفكاري قد ظهرت على وجهي لأن نظرة سيريس إجتاحت المدينة ببطء قائلة “مثل حظيرة وحوش المانا مصممة بعناية لإخفاء حقيقة أن سكانها محصورون في قفص”.
كنت أعلم أنها تتحدث عن أكثر من مجرد المقابر الأثرية فطريقة حياة الألكريان بأكملها هي التي حبستهم، وُضِع وهم الإختيار فوق الوهم التالي مما أدى إلى حبسهم جميعًا تمامًا بينما جعلهم يشعرون بالحرية في نفس الوقت.
“كيف سيبدو الأمر إذا فتحت أبواب القفص؟” سألت متكئا على حاجز يلتف حول سقف الصومعة.
“هذا ما أنوي معرفته” أجابت متمايلة قليلاً بنصف إبتسامة حزينة وأسندت نفسها إلى المعدن البارد متمسكة بالحاجز للحصول على الدعم “كنت أتمنى أن أسمح لقواي بالعودة بشكل كامل لكن…”.
“رسالة أغرونا” جلست بجانبها.
“نعم” حدقت في المنطقة لعدة ثوان قبل المتابعة “إن عرضه – والإنذار الأخير – سوف يضغط على أولئك الذين يدعمون قضيتي – أولئك الذين ليسوا في الحظيرة هنا – على وجه الخصوص، تشكلت الشقوق وعولج الجرح الأن رأى الألكريان الآلهة تنزف وتتوسل لذا سوف يتفاقم هذا في عقولهم وقلوبهم، لاحقا عندما يتعين عليهم الإختيار بين الموت من أجل السيادي الأعلى أو العيش من أجل أنفسهم سيختار العدد الأكبر أنفسهم”.
شاهدنا رجلاً يرتدي الزي الأسود والقرمزي لموظف المقابر الأثرية يخرج من أحد المباني المجاورة عبر باب خلفي، أغلق الباب خلفه ثم إستند إلى الحائط غاصًا فيه بينما جسده الصغير من بعيد مثقل بالتنهدات.
“إتضح أن الإرث هي بالضبط ما قال أغرونا إنها ستكون عليه” قالت سيريس بهدوء بينما تراقب الرجل من بعيد بتعبير فضولي ولكن ليس مهمل “ربما إعتقدت أن أغرونا لن يرسلها إلى المقابر الأثرية بعد لأنه لم يكن يريد أن تفشل علنًا مرة أخرى لكنني الآن أعتقد أنني أفهم السبب الحقيقي”.
عندما لم تتابع سيريس على الفور حثثتها بلطف قائلا “ما هي نواياه الحقيقية إذن؟”.
“أخشى أن يكون تقسيم ألاكريا قد خدم خطته” قالت بحدة “أظن أنه رغب في فتح البوابة بين عالمنا وإفيوتس ونحن ساعدنا في جعله يبدو ضعيفًا مما يضمن ظهور التنانين في النهاية”.
“هذا ما أردت أليس كذلك؟” قلت متذكرا حديثها مع أصحاب النفوذ عن هدفهم الكبير “يعمل كل من أغرونا وكيزيس على التفوق على الآخر وفي الوقت نفسه علينا أن نكتشف كيفية التأكد من أن شعبنا – كل من الديكاثيين والألكريان – سينجون من الحرب القادمة”.
شدت أظافرها بينما أتحدث لكنها تجمدت عندما بدت وكأنها تدرك ما تفعله لذا أنزلت يديها ببطء “نعم سيكون من المهم أن يستمر كلاهما في الإعتقاد بأن لهما اليد العليا، أنا أعرف أغرونا أكثر من أي شخص آخر لكنك تفهم كيزيس إندراث أفضل مني بكثير هل تعتقد أنه يمكن إقناعه بالحد من نطاق حربه ضد أغرونا؟”.
“إنه يريد شيئًا في الوقت الحالي أستطيع أنا فقط أن أعطيه إياه: فهم أعمق للأثير” توقفت مؤقتًا مراقبا الرجل الباكي من بعيد بينما يمسح دموعه ويعود عبر الباب الذي خرج منه “طالما أنه يستطيع أن يبقيني ودودًا بأقل جهد أو تضحية من جانبه فسوف يفعل ذلك، ليس لدي أدنى شك في أنه بمجرد أن تتغير المعادلة فإنه سوف يخون أي وعد قطعه… لا يمكن الإعتماد عليه إلا في فعل ما يقربه مما يريد”.
“إذا أغرونا وكيزيس متشابهان كثيرًا… على الرغم من الحكمة التي ربما إكتسبها هؤلاء الأزوراس على مدى حياتهم الطويلة فإن أنانيتهم المتأصلة وثقتهم بأنفسهم هي نقطة ضعف يجب علينا إستغلالها، على سبيل المثال أنا الآن على قناعة تامة بأن أغرونا يعمل على تحريضك أنت وسيسيليا ضد بعضكما البعض عمدًا، قد يبدو من الحماقة بالنسبة لنا أنه يخاطر بأعظم أصوله في مناوشات معك – أقوى خصم له خارج الأزوراس أنفسهم – لكنه عالم في جوهره ويعمل وفقًا لجدول زمني بقرون وليس أيام، ما هي بضعة أشهر من الحرب الأهلية أو فقدان عشرات الآلاف من الأرواح لمثل هذا الكائن إذا كان بإمكانه تعلم شيء جديد عن المانا أو الأثير؟”.
“لقد قالت شيئًا عن رغبته في الحصول على نواتي” تذكرت قائلا “أعتقد أنني جذبت إنتباهه أخيرًا”.
ضربت سيريس بأصابعها على الدرابزين المعدني “يريد كيزيس إستنزاف المعرفة من عقلك بينما يريد أغرونا أن يقوم بتشريحك ومعرفة كيفية عملك، ليس موقفا لا تحسد عليه لكنني على ثقة من أنك قوي بما فيه الكفاية أو سوف تصبح قويا بما فيه الكفاية للتعامل مع هذا الضغط، هذا يعطينا فرصة فإذا إستمر أغرونا في إرسال الإرث خلفك هذا يعني أنه سيكون لديك فرص أخرى لهزيمتها”.
تم إجبار ذهني على العودة مرة أخرى إلى معركتي مع سيسيليا على الرغم من الأفكار الصغيرة التي إكتسبتها أعلم أن هناك حاجة إلى خطوات أكبر، لا ليس خطوات بل قفزات لأنه من الضروري الآن أن أجد حجر الأساس الثالث في أقرب وقت ممكن، يجب أن أكتسب نظرة ثاقبة على رون الإله الموجودة في حجري الأساس الثالث والرابع لأنه لم يعد بإمكاني الإنتظار أو إعطاء شيء آخر الأولوية.
هناك الكثير مما يجب القيام به والعديد من الأشخاص الذين يعتمدون علي لحمايتهم مثل الأشخاص المحاصرين حاليًا في هذه المنطقة، على الرغم من أن قوات ألاكريا الموالية بقيادة دراغوث قد فشلت حتى الآن في إختراق البوابات المدرعة التي تفصل هذا المستوى عن المستوى الأول، لا أستطيع التأكد من أن سيسيليا ليست قادرة على القيام بذلك كل ما أعرفه هو أنه إذا كان هناك من يستطيع ذلك فهي تستطيع، ما يعني كما قالت سيريس أن أغرونا إختار عدم إرسالها إلى هنا مما سمح للوضع بالإستمرار على الرغم من إحتمال وجود وسائل لوقفه.
تمامًا كما هو الحال في ديكاثين لقد خسرنا الحرب أمام جيش يتكون بشكل رئيسي من العبيد والجنود غير المدربين، لم يتطلب الأمر سوى مشاركة إثنين من المناجل لضمان هزيمتنا وبإمكان أشباح أغرونا أن يهدموا قارتنا في أسبوع لأنه حتى الرماح غير قادرين على خوض قتال ضدهم، لديه الوسائل لكنه بدلاً من ذلك خلق شعوراً بالصراع مما سمح لنا بتخيل أنفسنا في معركة يمكننا الفوز بها في حين أن الواقع لم يكن كذلك.
لم نكن حملان للذبح بل سمكة في الشبكة…
“لفت الأنظار” تمتمت.
أومأت سيريس برأسها مغمضة عينيها وفركت جسر أنفها لتدعم نفسها بذراع واحدة “نعم أظن ذلك أيضا مسرحية مصممة بعناية على الرغم من أنها ليست في صالحنا ومع ذلك لن أعطيه الفضل أكثر مما يستحق، لا أتخيل أن مظهرك وتصرفاتك في فيكتورياد هي جزء من تصميمه الكبير فلم يسبق لي أن رأيته غاضبًا كما حدث عندما إختفيت من تحت أنفه”.
إبتسمت وأعطت سيريس ضحكة صغيرة لكنها تمايلت قليلاً لتتلاشى الضحكة بالسرعة التي جاءت بها، إنتقلت إلى الجانب في محاولة للحصول على مزيد من الراحة لذا إستدرت أيضًا ووضعت ظهري على ظهرها، أصبحت متصلبة ومن الواضح أنها تفاجأت لكنها إسترخت ببطء وإستقرت على ظهري حتى أصبح ثقل أجسادنا يدعم بعضنا البعض.
“لن ألومك على وضعنا الحالي لكني أستطيع ذلك كما تعلم” قالت مازجة كلماتها بروح الدعابة الساخرة.
نظرت إلى السماء الزرقاء مراقبا الأثير الجوي يتحرك نحو أهوائه الغريبة في كل مكان حولنا “هذا ما إعتقدته الخادم ليرا – أنك بدأت التمرد لإجبار عين أغرونا على العودة إلى الوطن وإعطائي الوقت لإستعادة ديكاثين – هل تندمين على ذلك مع العلم أن هذا ربما هو بالضبط ما أراده؟”.
“لا” قالت دون تردد “كما قلت لقد جرحنا صورته وحتى الجرح الصغير يمكن أن يغير مجرى المعارك المستقبلية بأكملها، لا أستطيع أن أسمح لك بالحصول على مثل هذا الفضل أيضًا يا أرثر ليوين فقد قمت فقط بتعديل الأمور إلى الأمام ولم أقم بهذه الحركة بأكملها لصالحك وحدك”.
ضحكت بينما كتفي يتحركان ضد سيريس حتى شعرت بكل أنفاسها تمر من خلالي لكننا كنا مرتاحين وهذا غريب لأن هناك عدد قليل جدًا من الأشخاص الذين بإمكاني إجراء هذه المحادثة معهم براحة، من الصعب أن أتخيل أنني شاهدتها ذات مرة وهي تنزع قرني رأس أحد الخدم – وهو الخادم الذي هزمني أنا وسيلفي معًا – بنفس سهولة سحب جناحي الذبابة.
تغير مشهد ديناميكية القوة العالمية بشكل كبير منذ ذلك الحين أو على الأقل تغير مكاني فيه.
‘أليس كذلك؟’ فكرت فجأة غير متأكد ‘هل نموي ونجاحي مجرد رقص على أنغام كيزيس وأغرونا أم هناك شيء آخر لذلك؟’.
‘إنه المصيييير…’ تدخل ريجيس فجأة وبدت الكلمة كأنها قيلت من قبل شبح.
‘لا’ فكرت مرة أخرى بحزم ‘إنه أنا بعملي وقوتي الخاصة لأن سيطرتي على الأثير – ووضعي كساحر رباعي العناصر قبل ذلك – لم تكن مكيدة من الآلهة أو المصير أو أي شيء آخر، عملت على تحقيق ذلك وبنيت قوتي بطريقة ربما لم يتمكن أي شخص آخر في هذا العالم من تحقيقها…’ درست أفكاري الخاصة ‘لم أتمكن من إستخدام العناصر الأربعة إلا لأنني تجسدت من جديد مع الحفاظ على ذكريات حياتي السابقة سليمة، على الرغم من أن قوة إرادتي هي التي شكلت جوهر الأثير إلا أنني ما زلت لا أعرف حقًا كيف إنتهى بي الأمر في المقابر الأثرية في المقام الأول، بالنظر إلى الأمر بهذه الطريقة من الصعب التنصل من أي تأثير لقوة ما خارجة عن إرادتي حتى المصير…’.
‘محق بحق اللعنة’ أعطاني ريجيس المعادل العقلي لإيماءة التقدير ‘على الرغم من أن لديك هيكل دعم جيد جدًا مما سمح لك بالحصول على أقصى إستفادة من قدراتك الطبيعية والفرص المتاحة لك على سبيل المثال…’.
‘أعرف’ أجبت بإبتسامة صغيرة ‘لم أفتقر أبدًا إلى الهدف وجاء الكثير من ذلك من المحيطين بي – عائلتي’.
‘يا للهول’ فكر ريجيس بينما يقرأ القصد من وراء كلماتي بنفس السهولة التي يسمع بها الكلمات نفسها.
تحركت سيريس على ظهري متوترة قليلا “الآن يا أرثر أنا من يحتاج إلى مساعدتك لأنني قررت ما سيفعله شعبي بعد ذلك”.
إنتظرت معطيا إياها الوقت الذي تحتاجه لصياغة الكلمات.
“فشلت جميع خططي الخاصة بالمقابر الأثرية وحتى لو لم يفعلوا ذلك لم يعد بإمكاني التأكد من إبقاء الإرث خارجًا عندما يقرر أغرونا أخيرًا إطلاق العنان لها علينا” أخذت وقتها متنفسة بعمق لتفكر في كلماتها قبل أن تتحدث “لست مستعدة لتدمير البوابات إنها توجه ضربة ضد الأشخاص الذين أعمل لمساعدتهم وكذلك أغرونا، قد تعتمد الأجيال القادمة على هذا المكان بطرق لا يمكننا فهمها بعد لذا فإنني سأنسحب من المقابر الأثرية”.
توقعت هذا إن مساعدة ريجيس في حماية الدروع حل مؤقت في أحسن الأحوال، بدون إمدادات ثابتة من المستوى الأول والعالم الخارجي لا يمكن لعدد كبير من السكان أن يعيشوا لفترة طويلة من الزمن.
“وهنا يأتي دوري؟”.
“على الرغم من أنني لن أجبر أحدًا على إتباعي للخروج من هنا إلا أنني سأخذ أي شخص يرغب في ذلك إلى إيلينوار حيث طرد جنود ألالكريا من ديكاثين”.
أخذت لحظة لإستيعاب هذا وحرصت على كبح حكمي الفوري، في الداخل كنت أكره دعوة المزيد من الألكريان إلى شواطئ ديكاثين لكن رغبتي لم تكن حتى المشكلة الأكبر.
“تريدين مني أن أساعد في تسوية هذا الأمر مع التنانين”.
“بالضبط” قالت مع تنهد “أريدك أن تتحدث نيابة عني قم بإقناع التنانين – كيزيس نفسه إذا كان عليك ذلك – للسماح لنا، ليس ذلك فحسب ربما يقرر أغرونا أن هذا أمر نهائي ويتحرك ضد شعبنا في إيلينوار إن حماية التنانين مطلوبة أيضًا”.
إستدرت إلى سيريس التي تميل إلى الأمام ولدي إنطباع بأن عينيها مغلقتين “هذه الخطوة تضعك أيضًا في وضع يسمح لك ببناء تحالف وربما حتى بعض حسن النية، بل إنه سيقربك خطوة من أذن كيزيس وهو أمر ضروري إذا كنت تنوين الإستمرار في تغذية الصراع بين الإثنين”.
إختفى وزن سيريس من ظهري عندما وقفت حيث تلاشى الحذر ونظرت إلي بإستبداد حتى رأيت مرة أخرى المرأة التي أنقذتني من أوتو منذ فترة طويلة.
“أرثر أنوي مساعدتك على القيام بذلك”.
بعد أن وقفت على قدمي أيضًا صرت أنا من ينظر إليها “إذا ماذا يتعين علينا أن نفعل؟”.
—
“هنا” قلت معطيا سيلريت إعوجاج تيمبوس.
نظر إلى الغطاء الخارجي الذي تم إصلاحه قبل تثبيته على الأرض بجوار الذي أحضرته سيريس بنفسها، هما الوحيدان المسموح بهما في منطقة المقابر الأثرية لأنهما يشكلان أكبر تهديد للتطفل من الخارج.
“هل تمكنت من إصلاحه؟”.
أصبح الشق مغلقًا وفي حالة جيدة حيث إستخدمت قداس الشفق عليه إستعدادًا للرحلة، ما لم أتمكن من إدارته هو إستبدال السحر الذي تم إنفاقه من داخله وإلا لن تكون القطعة الأثرية على شكل سندان أكثر من مجرد قطعة من المعدن.
أومأ برأسه كما لو أنه يتوقع ذلك “لا عجب الأجهزة نفسها ليست مصنوعة مثل التي يتم إستخلاصها من قطع آثار الجن القديمة كبوابات النقل الآني إنها محدودة مثل القطع الأثرية البعدية”.
رمشت في مفاجأة لأني لم أكن أعرف هذا من الناحية الذهنية لذا كتبت ملاحظة لأطلب من جايدن ورين إجراء إختبار على إعوجاج تيمبوس حتى يتمكنوا من تأكيد ما قاله سيلريت، بعد أن فعلت ما طلبته سيريس قمت بتوديع سيلريت مؤقتًا وإنسحبت إلى قسم أقل إزدحامًا من الفناء.
إحتشد الناس حول بوابات الوصول التي لا تزال معطلة بسبب قطع سيريس الأثرية المدعومة من ريجيس، على الرغم من أن سيريس أطلعتني على عدد الأشخاص الموجودين في المستوى الثاني بالضبط إلا أنه لا يزال من المذهل رؤيتهم جميعًا في مكان واحد.
خرجوا من الفناء إلى الأزقة والشوارع الجانبية وصولًا إلى شارع السيادي بوليفارد حيث أظهر معظمهم درجات متفاوتة من الخوف، تجمع الأشخاص الأقل ثراءً والموظفون أو أصحاب الأعمال المحاصرين هنا عندما أغلقت سيريس المنطقة من المستوى الأول للمقابر الأثرية إلى حد كبير حول مصفوفة التعطيل، تم إبقائهم من قبل العديد من المجموعات القتالية من السحرة الذين يحرسون العديد من أصحاب الدماء العليا الذين يصطفون أيضًا حول البوابات، بدأت الشائعات تتطاير على الفور تقريبًا عندما أعلنت سيريس أن الناس سيجمعون أمتعتهم ويحزمون كل ما يمكنهم أخذه دون أي خطط للعودة، بالإضافة إلى الشائعات المنتشرة حول بث أغرونا إعتقد الكثير من الناس بشكل غريزي أن سيريس تهرب، قامت سيريس بنفسها بزيارة كبار النبلاء ورؤساء الدماء العليا الحاليين لشرح خطتها والتأكد من فهمهم لما تقدم عليه.
“حياة جديدة خارج التسلسل الهرمي الصارم لنقاء الدم لعشيرة فريترا هذه ثقافة يمكننا أن نبنيها لأنفسنا والتي لا يسري عليها قانون دماء الأقوى والأضعف” أوضحت لكوربيت دينوار في اليوم السابق فقط “دعوني أكون واضحا ما أعنيه بهذا أنه عندما نصل إلى ديكاثين فإن فكرة أصحاب الدماء العليا والدماء المسماة تتوقف جميعها عن الإحتفاظ بأي معنى، سيتعين علينا جميعًا أن نعمل معًا للبناء نحو مجتمع يستحق العيش فيه إن حظ ولادتك ومكانة دمك في ألاكريا لن يكون له أي وزن أو قوة إلى حيث نحن ذاهبون”.
أصبح وجه لينورا شاحبًا لكنها تقدمت إلى الأمام أولاً ومدت يدها إلى زوجها الذي أخذها بينما يعض شفته قائلا “لقد وصلنا إلى هذا الحد أيتها المنجل سيريس” ألقى نظرة سريعة على كايرا ثم علي “ليس لدي أي إهتمام بالزحف على بطني أمام عشيرة فريترا على أمل الحصول على تساهل السيادة العليا إن الدماء العليا دينوار معك”.
هزت كايرا رأسها وفكها متراخ بينما تنظر إلى والديها بالتبني كما لو أنها لا تعرفهما لكنها وقفت إلى جانبهم بفخر بين بقية دمائهم الذين في المقابر الأثرية، لم أستمع إلى جميع محادثات سيريس لكنني أعلم أنها لم تتم جميعها بشكل جيد، غضب هايلورد فروست من الإنسحاب إلى ديكاثين حيث رأى فيه إعترافًا بالفشل والتخلي عما يعتزمون القيام به، من ناحية أخرى أبدت ماترون تريمبلاي القليل من العاطفة عندما أعربت عن نيتها قبول مغفرة أغرونا والعودة إلى دمائها العليا المشكلة حديثًا بدلاً من ترك منزلها وراءها.
“لا أستطيع أن ألومها بالضبط” قال كايدن بينما يسحب نظري بعيداً عن المكان الذي تتجمع فيه ماترون تريمبلاي وكل أفراد عائلتها بالقرب من البوابات “بالنسبة لمعظم هؤلاء ذوي الدماء العليا إن هذا التمرد وسيلة لرفع مستوى دمائهم عن طريق إزالة عشيرة فريترا، بالنسبة للآخرين كانوا يأملون في المطالبة بالقارة لنا نحن الأدنى لذا فكرة ترك ألاكريا بالنسبة لهم هي بمثابة التخلي عن جزء أساسي من هويتهم وراءهم”.
“لست معهم؟” سألت مراقبا الحشد بعناية.
جزء من دوري في كل هذا هو التأكد من عدم تفاقم الأمور بين المجموعتين المتعارضتين – أولئك الذين يتبعون سيريس وأولئك الذين يبقون في الخلف، هز كتفيه بحركة تم تنفيذها بشكل مثالي معربا عن إفتقاره إلى العاطفة إتجاه وطنه بإزدراءه للبنية السياسية التي تخلى عنها بنشاط عندما أصبح أستاذاً في الأكاديمية المركزية.
“في سياق عالمنا لا يعد الألكريان أكثر من مجرد مصطلح يشير إلى إنسان ملوث بدماء فريترا لذا لست متأكدًا مما يعتقدون أنه يستحق الفخر به”.
بغض النظر عما إذا سيبقون أو يغادرون كلا الجانبين يائسين متخذين قرارهم بالأمل أو الخوف أكثر من المنطق، فقط أولئك الذين غادروا ألاكريا مع سيريس خائفين من العودة إلى حياتهم السابقة ويأملون بحياة أفضل في المستقبل، في حين أن أولئك الذين على إستعداد لتصديق كلمة أغرونا والتخلي عن التمرد يخشون غضبه ويأملون أن يكون عرضه حقيقي، من الناحية المثالية يجب أن يكون لدينا أسابيع للتحضير بإرسال الرسائل إلى ليرا دريد وفاجراكور أو حتى كيزيس، من أجل إعداد المأوى والمؤن لتدفق اللاجئين الجديد إلى غرب إيلينوار لكن لم يكن لدينا أسابيع بحيث لم تسمح سيريس لشعبها إلا بيوم ونصف للإستعداد.
تم سحب العربات والصناديق ووحوش المانا وأي شيء يمكن إستخدامه لنقل البضائع والمؤن أو دفعها إلى ضواحي الفناء من قبل الخدم والجنود والصاعدين لكنهم ليسوا الوحيدين، رأيت بالفعل رؤية سيريس موضع التنفيذ حيث السادة والسيدات على حد سواء يفركون أكواعهم مع أدنى أفراد منازلهم من أجل أن يكونوا جاهزين في الوقت المناسب.
طفت سيريس في الهواء بالقرب من المكان الذي رتبت فيه لإعداد إعوجاج تيمبوس.
صرخ رجل يرتدي ملابس جميلة بالقرب من بوابات الخروج – وهو صاحب محل كما يبدو – بشيء قاس ليندلع شجار حين إعترضه ساحر كبير السن، سارع العديد من المارة متدخلين لمنع تصعيد القتال ما حرف إنتباهي إلى مشهد آخر مخفي تقريبًا بين حشود الناس، إحتمت مايلا وسيث معًا تحت شرفة أحد المباني الكبيرة المحاذية للفناء بينما تلف ذراعيها حوله وأعلى رأسها يدفع نظاراته للأعلى وإلى الجانب، إرتجف بدموع مكبوتة عندما وصلت إلى الأعلى لتقبّل سيث على زاوية شفتيه، نظرت بعيدًا لأني لم أرغب في التطفل على لحظتهم الخاصة على الرغم من أنني لم أتكلم معهم منذ المحادثة مع إيلي إلا أنني تمكنت من تخمين ما يحدث، لدى مايلا عائلة في إيتريل وهي أخت هذا سبب عدم مغادرتها للقارة عكس سيث الذي إختفت عائلته بأكملها كضحايا الحرب ودمار إيلينوار.
“إستمعوا أيها الألكريان والأصدقاء” قالت سيريس حيث إنتشر صوتها بشكل سحري ليتمكن الجميع من سماع كلماتها رغم بعدهم “لن أثقل عليكم بخطاب طويل ولن أجبركم بالتوسلات أو التهديد إرادتكم هي إرادتي إذا كان هناك أي غرض لتمردنا فهو لأجل هذا السبب”.
ظلت العائلات في المقابر الأثرية هادئة والحشد منتبه على كلمات سيريس حتى أولئك الذين لم يتابعوها.
“لأولئك الذين يعودون منكم إلى ديارهم ويأملون في نعمة السيادي الأعلى أتمنى لكم فقط الصحة والأمل دافعوا عن عائلاتكم وأنفسكم بأي طريقة تظنونها أفضل” إجتاحت عيونها الداكنة الحشد وخرجت منها القوة مجبرة أقرب الناس على التراجع “لن أحكم عليكم بسبب ذلك فالعديد منكم لم ينضموا إلى هذا الحصار الطويل بإرادتهم الحرة لذلك أقدم إعتذاري وشكري على معاناتكم خلال الشهرين الماضيين، أقدم شكري أيضًا لجميع أولئك الذين تابعوني وخرجوا من قفص السيادة العليا ليتجرئوا على تخيل كيف يبدو العالم خارج صراعات الأزوراس” تركت إبتسامة صغيرة تخفف من تعبيرها القاسي “لن يكون الطريق آمنا أو سهلا ولكنه سيكون من إختيارنا”.
لم ترتفع أي هتافات عندما توقفت سيريس عن الحديث حيث إنقسم موقف الجمهور بين شوق مشوب بالكآبة وإستعداد حذر، ببعض الإشارات غير المرئية من سيريس تم تنشيط إثنين من إعوجاج تيمبوس مما أدى إلى إنشاء بوابات مزدوجة تفتح بجانب بعضها البعض نحو ديكاثين، إنجرفت سيريس إلى أسفل أمام البوابات كأول من مر عبرها حينها بدأ العديد من الكتبة والمسؤولين العاملين لديها بتوجيه الحشد في نوع من الفوضى الخاضعة للرقابة، راقب سيلريت البوابات بينما بقيت عشرات المجموعات القتالية في الفناء للحفاظ على السلام.
سار الألكريان عبرهم وعلى الجانب الآخر من الفناء بقي كل أولئك الذين لا يرغبون في السفر إلى ديكاثين، لن نقوم بإلغاء تنشيط مصفوفة تعطيل الدرع حتى يرحل الجميع وعندها سيكون هؤلاء الأشخاص بمفردهم، لا يسعني إلا أن أتمنى أن يكون أغرونا صادقًا في كلمته وأن يسمح لهم بالعودة إلى حياتهم لأنه لن يكون هناك ما يمنع دراغوث وقواته من القضاء عليهم، لاحظت أن الدماء العليا دينوار باقين وليسوا من بين المتقدمين ليكونوا أول من يعبر بوابات إعوجاج تيمبوس، شاهدت كايرا التي تمر ضد تيار الحشد المتدفق حيث إلتقت بها ماترون تريمبلاي في المنتصف وتبادلا بضع كلمات، على الرغم من أنني لم أتمكن من السماع إلا أنني أعلم أن كايرا تطلب من مايليس أن تأتي معهم لكن المربية هزت رأسها فقط.
إنحنت إلى الأمام وضربت السيدة المهيبة قرنيها على قرني كايرا ثم بإبتسامة إستدارت…
بقي شول وسيلفي حولي يقظين وصامتين أما إيلي فحريصة على المساعدة وما زالت تشعر بالحرج من فورة غضبها، سارعت في جعل نفسها مفيدة أينما إستطاعت سواء ذلك في تهدئة طفل خائف أو قيادة وحش مانا نحو البوابة لمساعدة أحد الدماء الأقل، ظل ذهني هادئًا بشكل غريب بينما النزوح مستمر وبعد إن إستغرق الأمر ساعات غادر خلالها العديد من المقيمين الفناء بحثا عن بيئة أكثر راحة، نظرًا لعدم الحاجة إلى أي شيء مني راقبت فقط مبقيا نفسي منفصلاً فهذه رحلتهم بعد كل شيء وأنا مجرد دخيل، بمجرد مرور معظم الناس قام جنود سيريس ومجموعة من الصاعدين بنقل المؤن المخزنة وبدأ الباقون في التصفية مرة أخرى، مرت إيلي مع مجموعة من السحرة الذين يسحبون العناصر السحرية وألقت علي نظرة تقول بوضوح شديد: “أنا آسفة” و”أنا بخير” عندما غادرت.
بمجرد مرور آخر أفراد سيريس إلى ديكاثين قام سيلريت بإلغاء تنشيط إعوجاج تيمبوس الخاص بي وسحب يده إلى الخلف عندما لمسه، توهج الجهاز بشكل مشرق بضباب حراري واضح فوقه وحينما رأني سيليريت أومأ برأسه لبدء الخطوة التالية من قبل ريجيس.
‘حسنًا حان الوقت’ هكذا قلت له في مرطبانه الزجاجي الصغير عندما بدأت في تشغيل إعوجاج تيمبوس ‘كن سريعًا لا يمكننا التأكد من مدى سرعة إستجابتهم’.
إنجرفت كرة الضوء الصغيرة ذات القرون من الجرة الزجاجية ثم تشكلت على هيئة ذئب الظل الذي هز عرفه مما جعله يتوهج بالضوء البنفسجي، صرخ أقرب الألكريان بعيدًا عنه حيث إندفعوا نحو الأشخاص الذين خلفهم ما خلق نوعًا من التدافع المصغر، ظل التأثير على القطع الأثرية التي أوقفت مجال التعطيل فوري فالأثير دون نية ريجيس في الحفاظ على تدفقه توقف عن القيام بذلك، بدأ يتسرب من الأسلاك والبلورات وبدون وجود ما يكفي من الأثير بدأ الحقل في الوميض ذهابًا وإيابًا، سارع ريجيس عبر الفناء ويجب أن يكون لدى إثنين من الألكريان أفكار أخرى لأنهم إنفصلوا عن صفوف أقرانهم وتبعوه.
بدون كلام قادهم سيرليت عبر البوابة…
“إذهبوا” قلت لسيلريت وكذلك إلى شول وسيلفي “أنا خلفكم”.
بمجرد رحيلهم إلتقطت إعوجاج تيمبوس ووضعته تحت ذراع واحدة حين توقف مجال التعطيل، إندفع الناس إلى ضفة بوابات الخروج حينما بدأ جنود ألكريا بالتدفق من بوابات الدخول، إرتفع الصراخ من كلا الجانبين عندما ألقت إمرأة نفسها على أحد الجنود ممسكة بمقدمة عباءته القتالية ومتوسلة لمساعدته، إصطدمت بعقب رمحه وكسرت ضلوعها حينها إشتد الصراخ رغم طلب أصحاب الدماء العليا المتبقين بالنظام، حاولوا السيطرة على الوضع بينما قاتل أصحاب الدماء المنخفضة للخروج من بوابات الخروج وكافح الجنود لتحليل الوضع، لاحظ البعض أنني أقف أمام بوابة إعوجاج تيمبوس الباهتة لكن أيديهم مشغولة بالحشد.
ظهر دراغوث بنفسه وقرونه الضخمة والمرتفعة تجعله يبدو كأنه عملاق في مواجهة سرب الألكريان، وجدت عيناه عيني على الفور حينها إتخذ بضع خطوات عدوانية إلى الأمام ومن جميع أنحاء المنطقة شعرت بخوفه، إعتقدت أنه أمر جيد آملًا أن يكون الخوف كافيًا للتأكد من أن هؤلاء الأشخاص سيكونون بخير وبعد أن شعرت بأن البوابة تختفي قفزت عبرها، كل شيء تغير وبدا أن التحول سلس ولم يكن فوريًا حيث تم إستبدال الضوء الزائف لسماء المقابر الأثرية الزرقاء بأشعة الشمس الحقيقية، بدلاً من جو الفناء الخانق إستنشقت رئتي من الهواء النقي وهب نسيم بارد على بشرتي.
إلتفت محاولا معرفة مكاني لأننا ظهرنا في قطعة الأرض العشبية الواسعة الواقعة بين غابة الوحوش وإحدى مستوطنات الألكريان على مشارف منطقة غرب إيلينوار، بحثت في المئات من عمال المطاحن عن أختي وكايرا أو سيريس لكنني لم أر أيًا منهم على الفور ومع ذلك وقف شول وسيلفي بجانبي.
“هل رأيت إل…”.
أصبح وجه سيلفي شاحبًا والعرق يلمع على جبهتها بينما عيناها متجمدتين وتحدقان في الفراغ بلا تركيز لذا بعبوس تقدمت إليها ممسكا بذراعها بينما عقلي يتفقدها، تركتني القوة لأشعر أن ساقي تضعفان ولم يكن لدي الوقت حتى للتساؤل عما حدث قبل أن يتم سحب عقلي بعيدًا عن جسدي بسبب فكرة خطرت على بال سيلفي، ومض الضوء واللون من جميع الجوانب وظهرت صور غير واضحة ثم إختفت مرة أخرى بسرعة كبيرة جدًا بحيث لا يمكن فهمها، على الرغم من أنني لم أتمكن من رؤيتها إلا أنني شعرت بسيلفي أمامي.
ذاب العالم وكنا وحدنا نحن الإثنان فقط نسرع مثل السهم عبر نفق الأضواء هذا.
حاولت أن أتكلم لكن لم يكن لدي صوت وعندما حاولت التواصل مع عقلها لم أتمكن من الوصول إليها.
‘ما الذي يحدث؟’ أردت أن أصرخ ‘إلى أين نحن ذاهبون؟’ بمجرد أن طرحت السؤال عرفت.
إنطلقنا بسرعة نحو بركة من الألوان المتموجة وتزلجنا على طول تيار رقيق من الضوء الفضي في ضبابية اللون والحركة، إندمج العالم مرة أخرى في شكل يمكن التعرف عليه من حولنا وبترنح أخذت لحظة لأحدد إتجاهي لكن المشهد أصبح مألوفًا، غرفة الإجتماعات المكان الذي رأيت فيه آخر مرة وتحدثت مع آل غلايدرز لكنها بدت مختلفة تمامًا الآن.
تمت إزالة الطاولة الطويلة لإفساح المجال لعرش فخم يجلس عليه تنين على شكل رجل ذو شعر فضي طويل وعينين عميقتين بلون البرقوق، لم أتعرف على هذا التنين لكن إسم شارون جاءني من ذكرى بعيدة: قائد قوات كيزيس في ديكاثين، هناك تنينان آخران كلاهما أيضًا في شكل بشري يحيطان بشارون الذي يحدق في عشرات البشر الذين جلسوا جميعًا على ركبهم على الأرض مثل الأطفال، رأيت كاثيلين وكورتيس مع العديد من مستشاريهما رغم أنهم لم يتبادلوا الكلمات، بدت الرؤية كما لو أنها تحت الماء وعلى مسافة طويلة جدًا لذلك لم أتمكن من تمييز أي شيء.
فجأة تغير شيء ما مثل سحابة داكنة طفت فوق المشهد حيث ذابت خمسة شخصيات من الظلال والشفرات والتعاويذ في أيديهم، لم يكن هناك محادثة ولا تردد حتى عندما إنطلقوا نحو شارون ظهر خمسة آخرون حول حارسي التنين وقطعوا الطريق عليهما، ظلت الرؤية غير واضحة ومتذبذبة بشكل خطير مما صعب متابعة التفاصيل وعندما إستقر الوضع أصبح الجدار الخلفي للغرفة مدمرا، إثنان من الأطياف ميتين مع تنين حيث خرجت أصوات المعركة النشاز من الغبار والأنقاض التي حجبت رؤيتي خارج الغرفة، لا يزال شارون محاطًا بأفراد الأطياف الخمسة الآخرين الذين يعملون معًا في سيمفونية سلسة من العنف، إستشاط غضبًا في صمت وتضخم جسده إلى شكل تنين فضي مروع ممزقا بمخالبه الضخمة وذيله.
لم أستطع فعل أي شيء بينما أشاهد كاثيلين تختفي تحت مخالبه وبجانبها تم طرح كورتيس الذي غمر الضوء الذهبي جسده لكنه تلاشى عندما مر سيف أسود من خلاله بسهولة، تناثر الدم بسبب قطعه من الورك إلى الكتف وبذعر شاهدت متجمدًا خارج المكان والزمان غير متأكد مما أراه أو كيف أراه، أطاح تحول شارون بالسقف ودفن معظم البشر تحت جبل من الأنقاض متجاهلاً أي ناجين محتملين، طار التنين وشق طريقه بيأس للهرب من القصر محلقا في الهواء حيث قام بنفخ الموت على كل من هم بالأسفل، أسفر هذا عن مقتل عدد أكبر من الديكاثيين مقارنة بالأطياف في محاولته الدفاع عن حياته.
تحطم المشهد مثل مزهرية مرسومة وتناثرت القطع في كل إتجاه قبل أن تذوب في نفق اللون والضوء مرة أخرى، فتحت عيني وحدقت في وجه شول الذي يميل فوقي ويبدو عليه القلق بينما ريجيس وإيلي بجانبه، الحركة تحت يدي جعلتني أنظر إلى يميني وإتضح أني مستلق على الأرض مع سيلفي وما زالت يدي ممسكة بذراعها.
“أرثر!” شهقت إيلي وسقطت على ركبتيها منحنية نحوي لتلف ذراعيها حول رقبتي “هل أنت بخير؟ ماذا حدث؟”.
من خلال شعرها كنت لا أزال أشاهد سيلفي التي إستدارت ببطء لتلتقي بعيني.
‘رؤية؟’ سألت بأفكار بطيئة.
‘من… المستقبل’ بعينين مغلقتين ردت بشكل مشؤوم.
–+–
ترجمة : Ozy