البداية بعد النهاية - 427 - تعويضات
– أرثر ليوين :
أصبح الدانجون أكثر قتامة وأشبه بالمتاهة مع تقدمنا حيث تناثرت جثث وحوش المانا في القاعات وبقايا أجسادهم المكسورة دليل على قوة العملاق المذهلة، كبرت الجثث كلما تعمقنا في الأنفاق حتى صار الدانجون أكثر من مجرد جدران متشققة مليئة بأعشاش الوحوش المحفورة، بينما يقود أفيير الطريق حاولت إجراء محادثة مع إفاسكير لكنه إقترح فقط أن أحفظ أسئلتي لشخص سيجيب عليها بشكل أفضل.
أكملنا طريقنا عبر المستوى الثاني من الدانجون أين مررنا عبر غرفة لا يقل عرضها عن 100 قدم و50 في إرتفاعها مع وجود عشرات الخدوش في الجدران، ملأت كومة شاهقة من جثث وحوش المانا وسط الغرفة بما في ذلك واحدة أكبر بعدة مرات من حجم الجثث الأخرى، مشابهة في الشكل لكن مع نتوءات غريبة بارزة تحت بطنها – بعضها مقطع – وحرارة مشتعلة محبوسة في قرونها الثلاثة التي تتوهج مثل الفحم.
“إمبراطور الكارثة” قال أفيير مشيرا إلى إتجاه نظرتي “وحش مانا يستحق الصيد حتى بالنسبة للأزوراس”.
شخر إفاسكير لكنه بدا مسرورًا بنفسه عندما قال “لقد قتلت إمبراطور هذا الدانجون مرات أكثر مما يمكنني العد لكنها دائمًا معركة تستحق إعادة سردها”.
من هذه الغرفة صار الطريق قصيرًا إلى وجهتنا الظاهرة: مجموعة ثانية من الأبواب الكبيرة مع خشب أسود منقوش في صورة طائر ضخم بأجنحة منتشرة على نطاق واسع، النقش مدمج مع نوع من المعدن الذي يلتقط أي كمية صغيرة من الضوء ويومض بلمعان برتقالي خافت، زحفت الكروم إلى أسفل من صدع في السقف لتأطير الباب بأوراق برتقالية بلون لهب الخريف، تحرك إفاسكير قدما حيث نمت عصا حجرية طويلة ضاربة إلى الحمرة في قبضته ليطرق بها على الأرض، فتحت الأبواب كاشفة عن غرفة مساحتها 20 قدمًا مربعا ومجموعة أخرى أبسط من الأبواب المغلقة، تولى رفيقه المتعاقد موقعه على جانب واحد من الغرفة بينما إفاسكير يقوم بفتح الأبواب الداخلية.
“ينتظرونكم في القاعة” قال لأفيير الذي أومأ برأسه متقدما.
فعلت الشيء نفسه رغم أني فضولي: من هم؟ وأين هذا المكان؟ لكنني حجبت أسئلتي، لم يشاهدنا إفاسكير نبتعد لكنه أغلق الباب خلفنا وعاد إلى واجبه المجهول.
“هل هذا نوع من… معقل للأزوراس؟” سألت بهدوء.
تأثر ذيل أفيير في حالة من الإثارة قبل أن يتوقف مؤقتًا لينظر إلي “لم يتم فتح هذه الأبواب أمام إنسان أو قزم أو جان منذ أن تم نحتها من أول قطعة خشب حتى نضجت في غابة الوحوش، على الرغم من دعوتك من الأفضل أن نرى ما إذا كان وجودك موضع ترحيب كما سوف تناسبك نعمة الملك هنا أفضل بكثير من بنية التنين”.
دون إنتظار الرد واصل السير في الردهة.
بدلاً من الحجر الخشن الداكن في الدانجون هذا الممر الداخلي عبارة عن رخام رمادي دافئ مرصع بشمعدانات فضية إشتعلت منها ألسنة اللهب البرتقالية الصغيرة، نمت المزيد من الكروم على طول الجدران وعبر السقف المنحني مما أضاف جوًا ريفيًا ورائحة الخريف الحلوة التي جعلت من السهل نسيان أننا تحت الأرض، تم فتح المدخل القصير على شرفة بارزة لجدار غرفة ضخمة مظهرا حديقة أكبر من تلك الموجودة في أي قصر ملكي، برية مفرطة من الألوان مليئة بأشجار عالية مكسية بالفضة ومغطاة بأوراق برتقالية زاهية حيث طفت العديد من الكرات الأرضية بالقرب من سطح الحدائق مما أعطى ضوءًا لطيفًا شعرت به على بشرتي مثل شمس الصيف المعتدلة.
“إعتقدت أن الأقزام قاموا بعمل جيد في جعل كهوفهم تبدو مثل المنزل لكن هذا…” أطلق ريجيس صافرة مكتومة “يبدو مثل إفيوتس أكثر من ديكاثين”.
تمايل رأس أفيير في نهاية رقبته الطويلة “بالفعل في بعض النواحي أشجار خشب الفحم والنباتات وهؤلاء الأشخاص الذين تراهم هنا كلهم من بقايا نبات إفيوتس”.
هناك عدد قليل من الناس يتسكعون أو يتجولون في الحدائق ويتجاذبون أطراف الحديث أو يجلسون فقط ووجوههم تتجه نحو القطع الأثرية المضيئة، ظلالهم المتطابقة ذات اللون الأحمر الحقيقي أو الأسود والرمادي الدخاني مع عيونهم البرتقالية النابضة بالحياة تميزهم على أنهم أعضاء في عرق طيور العنقاء، بدأت تلك العيون تتجه نحونا عندما لاحظ المزيد من طيور العنقاء وجودنا فبعضهم شاهدنا بفضول فقط لكن البعض الآخر تخلوا عن أوقات فراغهم وخرجوا بسرعة من الحديقة.
‘لم أكن أعتقد أنني سأرى طيور أقل صداقة من مرشدنا السياحي هنا’ تواصل ريجيس عقليًا.
“خذ مقعدك على ظهري” قال أفيير كما لو أنه إستمع لأفكار رفيقي “سوف نطير من هنا”.
إرتفعت حواجبي عند فكرة الطيران عبر دانجون تحت الأرض لكنني فعلت ما إقترحه بعد أن تم وضع ريجيس في داخلي بأمان، صعد أفيير برفق من حافة الشرفة وإنجرفنا فوق الحديقة – الأزوراس لا يزالون هناك يشاهدوننا نذهب بجو من الفضول المتخوف، طرنا بين شجرتين ثم نزلنا إلى مدخل نفق متسع – هذا النفق أكثر وضوحًا مما رأيته سابقًا – عبارة عن رخام مكشوف مغطى بخطوط سوداء رمادية مثل علامات الإحتراق، إنشق النفق لينحرف أفيير إلى اليمين ثم عاد إلى اليسار حيث إنضم نفقنا إلى نفق آخر لينتهي الممر فجأة منفتحا عالياً إلى غرفة أخرى كبيرة للغاية، إنطباعي الأول عنها أنها مثل مسرح به عدة مستويات من الشرفات تطل على منصة مركزية لكنني لم أستطع على الفور رؤية أي طريقة للإنتقال إليها.
مثل الغرف الأخرى التي رأيتها الأعمال الحجرية في الغالب من الرخام الرمادي – هناك أعمدة من الخشب الأسود يحمل الشرفات – وقد نمت حولها المزيد من الكروم المليئة بأوراق الخريف الملونة، تواجدت طاولة دائرية كبيرة حاليًا على المنصة المركزية حيث يجلس حولها أربعة أشخاص – إثنان منهم أعرفهم جيدًا – وواحدًا يمكنني تخمينه بالفعل لكن الرابع غريب وغير مناسب إلى حد ما، حلَّق أفيير حول الفضاء مرة واحدة ثم هبط برفق – عندما نزلت إلى الأرض تحول مرة أخرى إلى بومة – ورفرف إلى شرفة قريبة جالسًا على الدرابزين ليراقبنا بعينيه الكبيرتين.
وقف الأربعة من مقاعدهم حول الطاولة مراقبين إقترابنا: ألدير – الأقرب إلي – غير زيه العسكري القاسي مرتديا سترة مريحة وسروال تدريب خفيف، شعره الأبيض الطويل ملفوفًا على كتف واحد لكنه لم يتغير ظلت العين الأرجوانية الزاهية في جبهته تراقبني بلا عاطفة بينما عيناه المعتادتان مغمضتين، وقف رين كاين على يساره مرتديًا عباءة بيضاء ملطخة بالسخام وبدا بشكل واضح أنه في غير مكانه داخل هذه القاعة الكبرى، لديه نفس الشكل مثل أخر لقاء بيننا حينما كنت أتدرب معه في إفيوتس: قذر ومتعب وغير مهذب تقريبا لكن الشيء الوحيد الذي برز هو ريشة برتقالية زاهية في شعره، بدت نظرته الملحوظة وكأنها تحفر في صدري حتى صميمي إلا أن أول من تحدث لم يكن ألدير أو رين.
تجاوز رجل طويل القامة ذو لياقة بدنية رشيقة ألدير برداء ذهبي مطرز بالريش المنمق مع لهيب فوق سترة حريرية بلون الكريم وسروال داكن، يديه مطويتين في جلباب مشدود عند الخصر بحزام أسود وتتوهج علامات حواجب الريش مثل الفحم على جوانب وجهه، لديه نفس هواء الشباب الأبدي مثل كيزيس – يمكن أن يظهر اللورد إندراث فقط غير عاطفي ومتعجرف – إلا أن وجه هذا الرجل ذو الخطوط الحادة ينقل إحساسًا لا يمكن إنكاره من الحكمة والفضول، ظل يبتسم مع أن هناك شيء معقد في التعبير ذلك البسيط – ربما بسبب الطريقة التي إشتعلت فيها النيران في عينيه اللتين مثل شمسين أسرتين.
“أرثر ليوين إبن أليس ورينولد ليوين المتعاقد مع سيلفي إندراث بروح الملك الأرضي غراي” أخرج الرجل إحدى يديه من حزامه ومرر أصابعه من خلال بطنه الجامح ذي الشعر البرتقالي “أنا مورداين طائر العنقاء من عشيرة أسكليبيوس مرحبًا بك في الموقد”.
مررت لساني على أسناني مفكرا في كلامي “شكرا لك على الترحيب اللطيف أدرك أن السماح لي بالمجيء إلى هنا يجب أن يكون قرارًا مدروسًا بعناية لكن علي أن أسأل… هل أنا هنا بناءً على طلب ألدير أو بناءً على طلبك؟”.
“من المسلم به أن الأمر تطلب مني بعض الإقناع من جانب ألدير ورين لدعوتك إلى هنا” أجاب مورداين دون تردد “الحقيقة هي أن عيني قد إبتعدت عن عالمك لفترة طويلة جدًا بإستثناء…” توقف مع بعض المشاعر التي لم أتمكن من التعرف عليها تجاوزت ملامحه لكنها تراجعت بنفس السرعة “وجدت نفسي متفاجئًا تمامًا عندما أداروا رأسي وأطلعوني عليك لكنني لم أكن مقتنعا على الفور بأن الإجتماع معك وجها لوجه يستحق المخاطرة”.
على الرغم من أن الشيء اللطيف الذي يجب القيام به هو تبادل عدة جولات من التحيات من أجل الإقتراب من الهدف الحقيقي للمحادثة إلا أني لا أعتقد أن موردين أو أنا لديهما الصبر أو الإهتمام بمثل هذه الألعاب.
“هل تخطط لمساعدتنا ضد عشيرة فريترا؟ أو حتى إفيوتس؟”.
“مباشرة في صلب الموضوع لكن سؤالك صحيح” تراجع مورداين خطوة إلى الوراء مشيراً إلى الطاولة “أرجو أن تنضم إلينا هناك الكثير لمناقشته”.
عندما عاد مورداين إلى مقعده قابلت عين ألدير الذي نظر بعيدًا وجلس على كرسيه.
تحركت من حوله ،وجلست بجوار رين الذي عض شفته بينما ينظر إلي بتكهنات ملقيا نظرة جانبية على مورداين ثم إنحنى نحوي في ترقب خفي بالكاد “إذا؟ أين السلاح؟ أستطيع أن أشعر بطاقة الأكلوريت بداخلك لكن…”.
أعطيت ريجيس دفعة وأجبرته على الخروج من جسدي.
إشتعل اللهب الأرجواني على حواف ظلي حينها تجلى ريجيس ما جعل فكه (رين) يسقط للحظات من الدهشة.
“مظهر واعي…” تمتم رين ومال إلى الأمام للحصول على نظرة أفضل “هذا شكل فريد من نوعه ستحتاج إلى إخباري بكل شيء عن حالة وجودك عندما ظهر السلاح والتعديلات قبل الظهور، تعتبر سمات الشخصية ذات أهمية أساسية عند تقييم سلاح واع ولكن القوى المكتسبة ضرورية أيضًا…”.
تباطأ رين بعينيه اللتين تندفعان بسرعة يمكنني فقط أن أتخيله وهو يصنف عقليًا كل هذه الأفكار.
“قل مرحباً لصانعك ريجيس” قلت مع قمع ضحكة مكتومة.
“أبي؟” رمش ريجيس بعينه متفقدا رين.
تجعدت حواجب رين وعبس في وجهي “هل هذا السلاح وصفني ب…؟”.
“إذن أنت الرجل الذي صنعني أليس كذلك؟ نحن بحاجة حقًا إلى التحدث” تابع ريجيس وتغيرت لهجته “أود تقديم شكوى فأن تكون على قيد الحياة أمر رائع ولا أمانع حتى في أن أكون سلاحًا – أنا حقًا شخص مذهل – ولكن هل كان يجب وضعي في صندوق مع فتاة (أرثر) الحمم المشتعلة؟ هل لديك أي فكرة عما وضعني به هذا الرجل؟”.
بدا رين مرتبكًا تمامًا حيث نظر بصراحة بيني وبين ريجيس.
طهر مورداين حلقه “يبدو أن كلاكما لديهما الكثير لمناقشته بإذن أرثر ربما يمكنكما متابعة هذه المحادثة في مكان آخر على الأقل حاليا؟”.
‘أنت تعرف كم أحب إجتماعات العمل الصغيرة المشحونة سياسياً والمربكة إجتماعيا لكنني على إستعداد للتضحية بحضوري إذا كنت تفضل ذهابي للدردشة مع هذا العجوز الوغد؟’.
‘إذهب لكن أبقي عينيك مفتوحتين’ حذرت ‘أريد أن أعرف أي شيء يمكنك إكتشافه عن هذا المكان’.
صار كرسي رين يطفو بعيدًا عن الطاولة حينها أدركت أنه كان جالسًا على تعويذة حجرية، تحدث بالفعل بحماس وإنجرف نحو أحد المداخل السفلية القليلة للغرفة مع ريجيس الذي يقف بجانبه، بعد مشاهدتهم يغادرون أعدت إنتباهي إلى مورداين لكن الطاولة التي بيننا هي التي لفتت إنتباهي لأنه تم نحت سطحها بتفاصيل رائعة مما يضفي الحيوية على منظر المدينة الجميل…
إنها مدينة تعرفت عليها.
“شوروا” قلت متتبعًا بإصبع على طول خط سطح مبنى كان من الممكن أن يكون قاعة المحكمة التي رأيتها في محاكمة الجن الأخيرة.
أطلق مورداين نفساً حاداً وإمتدت نظرته الحارقة إلى الشخص الرابع على الطاولة الذي لم يتم تقديمه بعد، الرجل عريض الكتفين ببطن منتفخ وقامة أطول من ألدير – أضخم من مورداين نفسه لكنه أقل إرتفاعًا – مع وجه عريض وملامح ناعمة وجميلة، يتشارك الشعر البرتقالي الذي يميز معظم طيور العنقاء الأخرى ما عدا أنه أغمق قليلاً مع مسحة دخانية أضاءت بالأرجواني عندما يتحرك حيث يلتقطها الضوء، على الرغم من ذلك برزت عيناه أكثر من غيرها فإحداهما برتقالي ساطع – مثل النظر إلى فوهة بركان نشط – بينما الآخرى زرقاء جليدية خفيفة وواضحة تميل للأبيض تقريبًا.
“لقد إختفت تلك المدينة – وإسمها معها – لفترة طويلة جدًا” قال مورداين الذي لفت إنتباهي إليه مرة أخرى “هذه الطاولة هي بالفعل من البقايا عندما كانت تلك المدينة لا تزال قائمة”.
تخيلت السيدة ساي أريوم إمرأة الجن التي جلست على الطاولة – كنت متأكدًا من أنها هذه الطاولة – مع كيزيس في رؤيتي.
تساءلت عن العلاقة بين المشهد وهذا المكان.
الأن علي أن أضع فضولي جانبًا لأنني لا أعرف شيئًا عن مورداين أو حتى الجن.
“كل هذا مثير للإهتمام لكني أشعر بأنني مضطر إلى معرفة سبب مجيئي إلى هنا” قلت مع التركيز على ألدير “أنا أعرف ما رأيته بأم عيني وما قاله لي كيزيس – وقدم لي لذا أود أن أسمعك ترد على جرائمك”.
رفع مورداين يده ولا شك أنه يستعد للمداخلة ببعض الشكوى لكن ألدير أوقفه بهزة صغيرة من رأسه “هذا أمر عادل فقد كان آرثر هناك عندما إستخدمت تقنية ملتهم العالم…”.
إتسعت عيني قليلاً.
“شعرت بوجودك رغم أنني لم أدرك أنه كان أنت في ذلك الوقت”.
إبتلعت غصة في حلقي كلما تذكرت وعيي وهو يحلق من ألكريا إلى إيلنوار حيث شاهدت ويندسوم يقاتل نيكو وتيسيا – التي تحولت بالفعل إلى وعاء سيسيليا على الرغم من أنني لم أكن أعرف ذلك – حيث دمر ألدير البلد الذي ناديته بالوطن لنصف شبابي وكاد يقتل أختي في هذه العملية، واصل ألدير الحديث ولم أقاطعه لأنه شرح ما حدث بعد ذلك – كيف بدأ يشك في أهدافه وأوامر كيزيس ونفيه من عشيرة ثيستيس بناءً على طلبه – بالإضافة لقتاله ضد الجنود الذين دربهم بنفسه.
أخرج صندوقًا صغيرًا من قطعة أثرية مخفية ووضعه على الطاولة أمامي “كنت أفكر في القدوم إليك على الفور وعرض المساعدة لإستعادة ديكاثين لكنني لم أكن متأكدًا من قبولك، فهمت جيدًا كيف سينظر الناس إليّ – مثل الوحش – كما إتفق رين معي لذا إنتظرنا متخذين إقامة مؤقتة في القلعة الطائرة فوق غابة الوحوش لأن قوات ديكاثين لم تحاول إستعادتها بعد”.
“لقد علمت بوجودهم على الفور” تدخل مورداين قائلاً “يعتمد أمننا بشكل كبير على معرفة متى يكون الأزوراس الأخرين موجودين إلا أن مصادري في إفيوتس جعلتني على دراية بالوضع مع ألدير لذلك كنت أبحث عنه بالفعل”.
إختتم ألدير حديثه قائلاً “لقد رحب بنا مورداين في العالم الذي خلقه لشعبه لذا إنتظرت الوقت المناسب لمقابلتك”.
خلال شرحه تحدث مع الكفاءة الباردة لجندي يسلم رسالة مهمة.
مباشر وبدون أي عاطفة.
“ألست آسفا؟” سألت بهاته الكلمات في حلقي.
قام ألدير بدفع الصندوق بالقرب مني قليلاً “لقد أحضرت لك هذا الصندوق”.
كدت أن أرمي الصندوق من على الطاولة ليتحطم على الأرض إلا أني كبحت نفسي وبدلاً من ذلك قمت برفع الغطاء عنه – إتضح أنه مليئ بعبق الأرض الداكن.
“التربة من منحدرات جبل جيولوس” قال ألدير بصلابة “آمل أنه ربما قد يساعد في التعويض عن جزء صغير من الدمار الذي سببته”.
ببطء أغلقت الغطاء “هل يمكنني إعادة تنمية الحياة التي أخذتها هناك يا ألدير؟”.
لم يبعد ألدير عينيه البشريتان عني بل قابل نظراتي.
“الأشجار ليست ثقافة أو حضارة والغابة لن تعيد الجان من حافة الإنقراض” إزدادت حدة صوتي بينما كنت أتحدث وإنقبض غضبي في فكي “كيزيس يريدني أن أقتلك قائلا أن الأمر سيحقق العدالة لشعبينا وحتى لو إخترت عدم القيام بذلك فهو يمنعني من التحالف معك، في مقابل مشاركته معرفتي بالأثير سيساعدنا في حماية ديكاثين من أغرونا وهي صفقة يعرضها إستمرار وجودك للخطر”.
ضربت قبضة من اللحم على الطاولة مما جعل صندوق التربة يطير حينها إلتففنا جميعًا لمواجهة الأزوراس الصغير بعيون برتقالية وزرقاء.
“أتيت إلى هنا وتهددنا؟” دمدم بصوت عميق ووقح هز صدري “الجنرال ألدير لديه…”.
“إهدأ يا شول” قال مورداين مخفضا يده ببطء في بادرة تهدئة “أرثر لديه الحق في التعبير عن رأيه وسنستمع إليه على الرغم من أنني يجب أن أعترف أنني منزعج من فكرة إرسال اللورد إندراث للتنانين إلى ديكاثين، حتى لو أيد جزئه من صفقتك – وهو ما قد يفعله فقط إذا كانت المكافأة حقًا معرفة بالأثير – فهذا يعني أن لديه بالفعل جنودًا مخلصين في وضع يسمح لهم بالهجوم عندما لا تكون مفيدا له”.
بقيت محدقا بشدة في شول للحظات ثم خاطبت مورداين “تقصد أن وجود قوات إندراث سيعرض الموقد لخطر الإكتشاف”.
وافق مورداين وديًا على ذلك بقوله “إذا وصل الأمر إلى هذا الحد لكن الأمور تتقدم خارج نطاق معرفتك مع الإرث”.
ركزت عليه وصرخة الرعب ترتفع في جميع أنحاء جسدي عند ذكر الإرث.
“إحتجز أغرونا منذ فترة طويلة أحد شعبي في السجن وقد تمكنت من الشعور ببعض ما مرت به لكن مؤخرًا تم إعدامها” تحركت عيناه إلى شول بسرعة كبيرة جدًا بحيث لا يمكن رؤيتهما “الإرث إستوعب كل المانا خاصتها وقتلها”.
وقف شول فجأة ودفع كرسيه إلى الوراء.
“وما زلت ترفض التحرك ضد أغرونا!” صرخ بصوت يرن مثل المدفع.
قال مورداين بصوت رقيق ومليء باليأس “لقد حَزِنا على فقدان والدتك منذ وقت طويل جدًا”.
“ماذا عنك أيها الغريب؟” سأل شول ووضع كلتا يديه على الطاولة متكئا عليها نحوي “هل أنت خائف من الرد على الفريترا؟ هل ستخفي شعبك تحت أجنحة التنانين وتضع رأسك في الرمال؟”.
“سامِحه” قال مورداين معطيًا الأزوراس الشاب نظرة صارمة “السيدة داون سُجنت عندما كان شول صبيًا فقط لذا أرادنا أن نطير إلى المعركة ونمطر اللهب على تايغرين كالوم إنتقامًا”.
“هل هناك آخرون مثلك” سألت شول “من هم حريصون على مغادرة مخبئكم والقتال ضد أغرونا؟”.
عقد ذراعيه العضليتين وأدار رأسه إلى الجانب ناظرًا بعيدًا “لا، ستجد أن هؤلاء يفضلون أن يعيشوا حياتهم وهم يتجولون في الحدائق وينسون أنهم كانوا في يوم من الأيام أقوى الصيادين في إفيوتس”.
وقف مورداين وظننت أنه ربما سيوبخ شول لكنه بدلاً من ذلك أعطاني إبتسامة مشرقة “وهكذا فإن الفرصة تقدم نفسها… أرثر أنت لم تطلب ذلك بعد لكنك تريد مساعدتي في هذه المعركة وشول يرغب في المغادرة ونقل معركته إلى عشيرة فريترا”.
رأيت على الفور إلى أين يتجه مع هذا.
“إنه لأمر مدهش تقريبًا الطريقة التي يمكن أن يقوم بها الأزوراس بتحريف الأشياء من حولهم – لمحاولة جعل ما هو جيد بالنسبة لهم يبدو أفضل شيء للجميع أيضًا – يبدو نوعًا ما وكأنك تهيئني فقط لرعاية أزوراس يجهد صبرك”.
إنتفخت عيون شول غير المتطابقة وأشار بإصبع غليظ نحو مورداين “أنت تعلم أن هذا ليس ما قصدته! أريد أن… بالإضافة إلى ذلك ما هي فرصة هذا الصغير ضد الفريترا؟ ربما لا يستطيع حتى القتال!”.
رفعت جبيني نحوه بشكل سلبي.
“كم عدد المعارك التي فزت بها يا أزوراس؟”.
“إذن المبارزة” إقترح مورداين بينما يضع يديه في حزامه “فرصة لإختبار قوة وجدارة بعضنا البعض”.
سخر شول.
“لا بأس بالنسبة لي” أجبته حريصا على التخلص من بعض الإحباط المكبوت.
أشار مورداين نحونا لنقف بعيدًا وبحركة من يده تم سحب الطاولة تحت الحجر كما لو أنها تغرق في الرمال المتحركة، إشتعلت نيران برتقالية زاهية ودرع نصف شفاف ينبض بالحياة فصل وسط الغرفة عن الشرفات.
طار مورداين وألدير إلى الشرفة الأكثر إنخفاضًا والأقرب للمركز.
“أنتم تحاولون تكوين حلفاء من بعضكم البعض” قال مورداين.
بجانبه أظهر ألدير عبوسًا مدروسًا.
طقطق شول رقبته ورفع قبضتيه كل واحدة بحجم رأسي “هل أنت مستعد يا بشري؟”.
حركت كتفي وعززت الأثير الذي يكسو جسدي لكنني لم أستحضر سلاحي أو درعي بدلاً من التحدث دفعت قدمي الخلفية إلى الأمام، على الرغم من حجمه شول سريع جدا فقد غير موقفه بين خطوة وأخرى لتتجه قبضته المشتعلة نحو وجهي.
سقطت على ركبتي وإنزلقت تحت اللكمة ثم ربطت ذراعي بذراعه وتركت نفسي أسحب مرة أخرى بالقوة موجها ركبتي إلى ضلوعه، إنفجرت المانا ذات السمة النارية منه في لهيب دفعني للخلف بينما لا أزال في الهواء ثم إنقض ورائي بقبضتيه المتشابكتين والمثبتتين فوق رأسه مثل المطرقة.
ما زلت في الهواء لذا دحرجت جسدي لتلقي ضربة على ساعدي فقط – قوته ليست مثل أي شيء شعرت به من قبل.
أصابتني قوة ضربة اليدين بدرجة كافية لإلصاقي بالأرض حيث إرتجفت ألسنة اللهب في الدرع.
بدلاً من الضغط علي بالهجوم تراجع وأتاح لي الوقت للوقوف على قدمي.
“لقد تأثرت تقريبًا” قال مبتسما بشراسة “كنت أتوقع أن تتحطم كل عظامك وليس نصفها”.
“كنت أتوقع منك أن تضرب بقوة أكبر” لم أذكر حقيقة أن العديد من ضلوعي تستقر بسرعة في مكانها بعد كسرها بقوة ضربته.
ضحك شول وأدركت أن هناك تغييرًا قد طرأ عليه لأنه مرتاح في المعركة أكثر بكثير مما كان عليه في طاولة الإجتماعات – أو أنه يحاول أن يصنع حياة لنفسه هنا في هذا المكان الهادئ المنفصل، هذه المرة تحرك أولاً في ضباب مشتعل وهاجمني مباشرة بعدة لكمات وركلات ملتهبة إنتشرت على بشرتي مخترقة الأثير، حاولت الرد لكن الأمر أشبه بلكم جدار من الجرانيت مع كل ضربة الطاقة المحترقة من حوله تتجمع حتى صارت أشبه بمركز جحيم مستعر حار جدًا.
إن التصدي لهجماته تركني مصابًا بحروق.
لم يتراجع.
جعلني هذا سعيدًا.
لن أتراجع أيضًا.
غمرت جسدي بالأثير وزدت من سرعتي وقوة عضلاتي وعظامي وأوتاري بإستخدام الأسلوب الذي بدأت تعلمه في المقابر الأثرية.
إتخذت خطوة قصيرة موجها قبضتي إلى الأمام بضربة مستقيمة.
إرتبطت مفاصلي بقوة مع قفصه الصدري.
تراجع شول إلى الوراء عدة أقدام حيث أن صدمة الإنفجار أدت إلى إخماد هالته المشتعلة.
إمتص نفسًا مؤلمًا وضغط بإحدى يديه على عظامه محدقا في وجهي غير مستوعب.
سمعت همهمة ألدير لذا ألقيت عليه لمحة.
ظل يمسك بسياج الشرفة بإحكام ويميل إلى الأمام منغمسًا في كل حركة.
هذه الخطوة عبارة عن تعديل أو توسيع لنفس الأسلوب الذي تم بناء خطوة الإندفاع عليه، من خلال الإنخراط بعناية في سلسلة من الإنفجارات المجهرية الأثيرية لم يعد بإمكاني التحرك على الفور فحسب بل أيضًا الضرب، إنها تقنية من شأنها أن تكسر جسدي كإنسان وحتى الآن شعرت بإجهاد إستخدامها مرة واحدة فقط لكن هذا الأسلوب البسيط أظهر لي أنه يمكن أن يجرح حتى الأزوراس.
بعد عدة ثوان عادت الإبتسامة إلى وجه شول العريض “الآن ربما سيكون هناك بعض المرح”.
مع صرخة معرك ألقى بنفسه نحوي مرة أخرى.
تبادلنا الضربة تلو الضربة وتزايد قتالنا بشكل أسرع حيث سعى كلانا لدفع الآخر إلى أقصى حدوده، بعد بضع دقائق لاحظت أن أشخاصًا آخرين بدأوا يتسللون إلى الغرفة ويراقبوننا في البداية بفضول ثم بدهشة متزايدة، لم يمض وقت طويل قبل أن يتعرق شول بغزارة وضاق صدره مع كل نفس لكن إبتسامته ظلت ثابتة في مكانها بغض النظر عن مدى صعوبة القتال، بعد أن أمسك بي بركلة دوارة كنت أتوقع أن تكون خدعة لكنه تراجع إلى الوراء وسمح لي بإلتقاط نفسي مرة أخرى.
إستطعت أن أقول من الطريقة التي يتنفس بها أن طاقته تتضاءل لكن فجأة رفع يده وفتح راحته ليشتعل منها لهب صاخب إلى الخارج، إندفعت بخطوة مباشرة عبر النيران – متوقعًا أن أمسكه على حين غرة – ولكن عندما إتخذت هذه الخطوة شبه الفورية غُمر شول في وميض من الضوء الذهبي ومررت مباشرة عبر مكان وقوفه، غمرني السطوع لذا توقفت حينها وجدت نفسي ملفوفا بذراعين ضخمتين من حولي أين أمسك بجانبي ورفعني.
إشتعل كلانا أنا وشول بنيران طائر العنقاء.
“إشتعال!” هدر بينما الحاجز الأثيري الخاص بي يكافح لحمايتي من الحرارة الشديدة.
إشتكت عظامي بصوت عالٍ مهددة بالتحطم تحت قوته الأزوراسية وبدأت بشرتي تتقرح وتتحول إلى اللون الأسود.
إبتسامة كبيرة ووحشية مثل شول شقت وجهي.
مستشعرا بالمسارات الأثيرية إنتقلت إليها تاركا شول ورائي.
ظهرت على الجانب الآخر من أرضية القتال لكنني لم أمنحه الوقت للتعافي.
إندفعت بخطواتي مرة أخرى بحيث الأثير يمر عبر جسدي في دفعات قصيرة ومسيطر عليها، شعرت وكأنني أتمدد في ثمانية إتجاهات مختلفة لكنني تحملت الألم وركزت كل جزء من الثانية للحفاظ على السيطرة بشكل صحيح، إنحنى شول جانبياً عندما تم رفعه عن الأرض غير قادر حتى على فهم ما أصابه تبع ذلك لكمة مستقيمة أرسلته نحو الدرع مثل الصاروخ، تصاعدت خصلات رقيقة من الدخان المصبوغ باللون البنفسجي من ذراعي التي تم إصلاحها بينما إصطدم طائر العنقاء الصغير بشدة على الحاجز الوقائي المحيط بنا وسقط على الأرض، إختفت الدرع حينها إنتقل مورداين لجانبه في لحظة وبشكل عرضي إنجرف ألدير من الشرفة نحوي متفقدا إياي بجدية.
إسترخيت للحظة حتى تلتئم جراحي بينما تسرب الأثير من نواتي إلى عظامي المكسورة واللحم المحترق.
“أرى أن لياقتك البدنية لم تعد تشكل حاجزًا أمام إستخدام خطوة السراب أو على الأقل نسختك من التقنية” قال ألدير وهو يطفئ اللهب الذي لا يزال عالقًا على ملابسي “معركة مضيئة للغاية”.
في هذه الأثناء كافح شول من أجل الوقوف على قدميه على الرغم من محاولة مورداين إبقائه هادئا أثناء فحص جروحه، تحرك طائر العنقاء الكبير في طريقه وسار نحوي بقبضتيه المشدودتان والمنتفختان مثل ثور القمر المذهول.
“قتال جيد” قلت بينما أمد يدي.
نظر إلى اليد الممتدة وضربها جانبًا ثم لفني بعناق ساحق.
“قتال جيد!” صرخ ما جعل أذني ترن.
أطلقني فجأة وتراجع خطوة إلى الوراء بقبضتيه على وركيه.
“أنت تقول أنه قتال جيد” كرر بإبتسامة مشرقة “أنا سأقول أنه قتال لعين جيد”.
لم أترك حماسه يحجب سبب مبارزتنا لذا فتحت عينيه حتى بدأت الإبتسامة تتلاشى.
“لقد لاحظت قرب النهاية أن طاقتك بدأت تنفد”.
إستيقظ بسرعة ونظر إلى الأرض لعدة ثوان قبل أن يجيب “أنا فقط نصف طائر العنقاء تميل المانا إلى… أن تحترق بسرعة إذا انجرفت بعيدًا” رفع ذقنه “لكنني قوي مثل أي أزوراس في عمري يمكنني أن أعدك بذلك”.
“أنا أصدقك” قلت “إذا كنت تريد أن تأتي معي فسأصطحبك بكل سرور”.
أطلق شول صيحة متحمسة ودفع قبضته في الهواء.
مرر مورداين يده من خلال شعره وحركه “أعلم أنه بالنسبة لك يا أرثر سيكون هذا مجرد الذهاب إلى المنزل إذا جاز التعبير ولكن بالنسبة لعشيرة أسكليبيوس – وجميع الأزوراس الآخرين الذين إنضموا إلينا هنا – ستكون هذه مناسبة بالغة الأهمية إذا كنت لا تمانع أود ترتيب إحتفال بمناسبة رحيل شول”.
توتر مزاجي على الفور عندما فكرت في كل ما يحتاج إلى إنتباهي مرة أخرى في فيلدوريال وما بعدها.
“أنا آسف مورداين قد يظل الوقت ثابتًا هنا لكنه يندفع هناك ولا أعرف متى سيضرب أغرونا مرة أخرى”.
بدا أن عيون مورداين تتقدم في العمر بسرعة عندما نظرت إليها ولكن عندما رمشت صار هو نفسه كما كان من قبل.
“بالطبع… شول إذهب وإستعد للمغادرة”.
ترهل وجه شول وإستطعت أن أرى حقيقة وضعه.
“بالطبع” أجاب بغرابة بعض الشيء ثم إنطلق مسرعاً فوق أحد الأنفاق العديدة الخارجة من المسرح.
قال مورداين بينما يشاهد مغادرته “لديه مزاج أمه الناري مع قوتها لن تجد حليفًا أكثر شراسة منه في معركتك ضد الفريترا”.
شعرت بنفسي أعبس لذا قلت شيء لم يقله مورداين.
“ماذا عن والده؟ قال إنه نصف طائر العنقاء؟ من…” قفز عقلي إلى الطاولة المختبئة الآن تحت الحجر “إنه نصف جن”.
أومأ مورداين برأسه وبصره يتحرك إلى الأرض كما لو أنه يقرأ أفكاري “جاء البعض معنا عندما وجدنا هذا المكان… القليل جدًا… كان بإمكاننا توفير المزيد لكنهم لن يتركوا ‘حياة العمل’ كما أطلقوا عليها، شرعوا في الإنتهاء من الأقبية الأثيرية الخاصة بهم – المقابر الأثرية كما يدعوها أغرونا – حيث زعموا أنه سيتم تخزين كل معارفهم الواسعة”.
حدقت في مورداين الذي أعطاني ذكره للمقابر الأثرية فكرة.
صارت الأرض مموجة وطاولة الجن تطفو من خلالها لذا إسترحت بمجرد أن تصلب سطح الحجر مرة أخرى.
تحرك مورداين للجلوس متكئا على مرفقه “كان هناك عدد قليل جدًا للتزاوج ومن بين النسل الصغير الذي ظهر معظمهم يحمل نفس القدر من دم الجن وطائر العنقاء… إلا أن حياتهم محدودة في الطول على الأقل بالنسبة لطول عمر الأزوراس”.
إختار ريجيس تلك اللحظة للظهور مرة أخرى متجاوزا رين كاين.
“ماذا فاتني؟” سأل في إبتهاج جيد.
“في الوقت المناسب أتمنى أن تجلب ما تحتاجه سنعود إلى فيلدوريال بمجرد أن يكون شول جاهزًا”.
‘سنجلب رأس اللحم معنا؟ سنحتاج إلى وايفرين أكبر’.
‘ربما لا’.
“اللورد مورداين لقد ذكرت المقابر” سألت وأنا أعلم أن هناك الكثير من الأمل في أن يتمكنوا من تلبية الطلب الذي كنت على وشك تقديمه “إكتشفت بوابة معطلة في المقابر الأثرية تحت قرية الجن القديمة في دارف وقد كنت في غابة الوحوش منذ قرون… هل وجدت أي بوابات قديمة أخرى؟”.
تجعدت حواجبه في عبوس مما جعله يبدو أكبر سناً بشكل ملحوظ “الموقد مثل العديد من الدانجون المحصنة التي تنتشر في المناظر الطبيعية لغابة الوحوش تم إنشائها بواسطة الجن، هناك بوابة قديمة هنا ظلت قابلة للتشغيل لفترة قصيرة بعد أن إتخذنا هذا المكان كمنزل لنا لكن الجن الذي عاش هنا قام في النهاية بإلغاء تنشيطها”.
“هل تستطيع أن تريني؟” أضاء وجهي.
بعد إرسال كلمة إلى شول قادني مورداين والآخرين عبر سلسلة من الأنفاق متجاوزين العديد من طيور العنقاء الفضوليين ومتحركين في إتجاه هبوطي عام، في النهاية وصلنا إلى كهف صغير نما الطحلب الأخضر والذهبي مثل السجادة السميكة على الأرض ونبتت بلورات متوهجة من السقف ملقية ضوءًا أزرق باهت على مستطيل حجري منحوت في الوسط…
قديمة ومتداعية ولم تعد الأحرف الرونية في الحجر قابلة للقراءة.
إنزلق أفيير عبر الكهف وهبط فوق الإطار “إذا كنت تأمل في إستخدام هذه لنقل نفسك مرة أخرى إلى دارف فلا أعتقد أنها ستكون مفيدة”.
“لم أتي إلى هنا منذ سنوات عديدة الأمر أشبه بالسير عبر ذكريات حية” قال مورداين بحسرة.
صعدت بجانب طائر العنقاء ولمست بلطف القوس الحجري قبل أن أستدير لمواجهة ألدير.
مددت يدي وكشفتت عن حجر سيلفي في راحتها.
“قلت أنك تريد أن تكفر عن ذنبك أليس كذلك؟ هذه هي الطريقة التي يمكنك أن تبدأ بها”.
–+–
– ترجمة : Ozy.