305 - مشاركة الذكريات
فصل مدعوم بواسطة “reem”
“وااه.”
غطت كايرا رأسها وهي تدخل عبر مدخل الكوخ.
“هذه العاصفة تزداد قوة كل يوم.”
حتى مع حديثها وصوتها العالي إلا أن ضجيج الرياح التي تعصف عبر الجبال المحيطة بقرية مخالب الظل أغرقت جميع الأصوات الأخرى تقريبًا ، بما في ذلك صوتها.
ومع ذلك ، رغم فتح باب الكوخ ودخول الهواء البارد ، إلا أن الرياح نفسها بالكاد كانت مثل النسيم عند وصولها إلى القرية.
“يبدو أنك تستمتعين بوقتك هنا ” تحدثت ، وأنا أحس بالغيرة نوعا ما.
أمسكت كايرا بالمنشفة الموضوعة فوق طاولة بالقرب من المدخل و مسحت العرق الذي كان يسيل على رقبتها وأذرعها.
“نحن عالقون هنا ، وأنا ارغب في أن ألحق بك ، لذا يجب أن أبذل قصارى جهدي في التدريب أيضًا “.
رفعت جبيني ونظرت إليها.
“هل كان ذلك تدريبا؟ كل ما رأيتك تفعلينه هو مطاردة القطط الصغيرة “.
عبست كايرا وأجابت.
” همم ، من يتحدث هو شخص ظل ملتصق بالارض للثلاث الأيام الماضية.”
صححتها وأجبت
“أنا لا أجلس فقط”.
“أنا أتعلم طريقة تنقية…. آه!”
أمسكت رأسي وصرخت من الالم ، ثم إلتقطت الملعقة الخشبية التي ضربت رأسي من الجانب الآخر من الكوخ.
” الخطوات الثلاث “….
لقد كان يمسك بهدوء وعاء حجري ، وينظر إلي ، ثم زمجر بشكل حاد وأشار إلى أعينه بمخلبه.
“نعم … أجل أعلم ، كنت أقوم بتجديد الأثير قليلا ”
تذمرت بسخط لاني كنت أعلم أنه لا يستطيع فهمي.
مما جعل كايرا تضحك بشكل مكتوم.
أبعدت نظري عن كايرا و “الخطوات الثلاثة” ، وركزت عقلي قبل أن أفعل خطوة الاله مرة أخرى.
بسرعة شديدة أصبح الرون الموجود أسفل ظهري دافئا جنبا إلى جنب مع خروج الأثير من نواتي.
لكن لم أستطيع إلا أن أشعر بالانزعاج والقلق قليلا بسبب الجسم الاسود الذي أصبح يحوم بإحكام حول نواة الأثير الخاصة بي…
لقد كان ريجيس.
‘ ريجيس ‘
‘ مرت ثلاثة أيام إلى الآن ، إما أن ترد علي، أو تتوقف عن إستهلاك كل الأثير ‘.
بعد انتظار رده لعدة دقائق أخرى ، استسلمت.
بشكل ما فقد حدث شيء لريجيس بعد وصوله إلى قرية مخالب الظل.
فقد ظل نائما أو الأصح فقد كان يتأمل لكنه فتح عيناه فجأة ودخل جسدي ورفض الخروج.
منذ ذلك الحين ، فقد ظل يمتص كميات غير عادية من الأثير مني.
كنت أشعر أن جسده يتحرك ذهابا وإيابا بين نواتي و الرونات الإلهية على ظهري.
لكن على الأقل مع إستهلاك ريجيس للكثير من احتياطيات الأثير الخاصة بي فقد حصلت على فترات راحة أكبر.
وهذا ما جعل “الخطوات الثلاث” يغضب..
لقد كانت الأيام القليلة الماضية مرهقة بطريقة لم أكن أعتقد أنها ممكنة حتى.
حتى مع جسدي الهجين إلا أنني شعرت بالإرهاق..
بعد أن وافق “الخطوات الثلاث” على تعليمي فنون أثير عشيرته ، فقد بدأ يشاركني ذكريات عن دروسه التي حصل عليها من ” النائم في الثلج”.
لقد كانوا يتناقشون في كثير من الأحيان حول قدرات الأثير الخاصة بمخالب الظل بشكل عميق ومفصل ، مما خلق لي قاعدة معلومات قوية جدا لبدأ تعليمي.
من خلال كل هذا ، فقد إكتشفت أن مخالب الظل تولد مع قدرة رؤية مسارات الأثير التي تسمح للمرء بالإنتقال عبر الفضاء أنيا.
ومع ذلك ، بالنسبة إلى الوحوش حديثي الولادة ، فإن هذه القدرة مثل اللعنة لهم.
مباشرة بعد ولادة أحد مخالب الظل فستكون هناك الكثير من المعلومات التي ستدخل أدمغتهم غير المتطورة.
وبسبب هذا الضغط ، دائما ما يكون هناك عدد معتبر من الوفيات وسط أطفال هذه الوحوش.
وبالنسبة لمن ينجوا فسيصبح الأمر متروكا لأبائهم وكذلك ” الموجهين” لتعليم الاطفال حديثي الولادة بشكل صحيح.
وكل هذا من أجل مساعدتهم على تعلم كيفية إغلاق [ عين العقل ] حتى يمتلكوا من العمر والقوة ما يكفي لكي يتعلموا [ خطوة الظل ]
وهذا هو الإسم الذي أطلقوه على الإنتقال الأني الذي يستخدمونه.
من خلال الذكريات التي رأيتها ، فقد تعلمت بشكل ما الطريقة التي يستعملها قوم مخالب الظل للتدرب.
لكن لم يستوعب “الخطوات الثلاث” أي شيء عن الرونات الإلهية..
في الجانب الاخر ، حتى أنا لم أستوعب كيف تمكنت هذه المخلوقات من إستعمال الأثير بدون رونات أو تعاويذ ، بل بدون حتى نواة أثير.
رغم هذا ، فقد كنت أمل أني سأصبح أفضل في إستخدام خطوة الإله بعد تعلم الطريقة التي يتبعونها.
لكت على ما يبدو…
أنا في نظرهم ، لست حتى في مستوى شبل ذو عامين.
في هذا السن ، تبدأ أشبال هذه الوحوش في تعلم طريقة تصفية المسارات اللانهائية للأثير.
لكن رؤية مسارات الأثير بشكل مباشر من منظور ” الخطوات الثلاث ” وهو يقوم بتصفيتها والتنقل بينها كان شيء رائعا وممتعا.
بعد تصفيتها تتبقى دائما عشارات المسارات التي تجعل ” الخطوات الثلاث ” قادرا على التنقل من خلالها بحرية شديدة وتمنحه القدرة على البقاء مخفيا في الظلال وجاهزا
حتى مع إمتلاكي لحياتين مليئتين بالتجارب في عالمين مختلفين وإعتبار نفسي شخصا فطنا وحادا إلا أنني إندهشت..
بالمقارنة بقدراتي ، وقدرات ” الخطوات الثلاث ” وطريقته هو وبني شعبه في تحليل المسارات وتصفيتها ، فقد كنت ناقصا جدا..
في النهاية كان التنبؤ بطريقة عمل ونقل هذه المسارات بناء على حركتها مهمة جعلت عقلي يشعر بالحيرة.
تجاهلت أفكاري ، ثم ركزت نظري على صخرة موجودة في وسط بركة خارج كوخ ” الخطوات الثلاث “.
وبينما كنت أركز عليها ظللت أراقب أيضا المئات من المسارات الأثيرية المتفرعة والتي تتقاطع في الفضاء من حولي.
كنت قد وجدت بالفعل المسار الذي سينقلني إلى الصخرة منذ فترة طويلة ، لكن لم تكن لدي أي نية لاستخدام خطوة الإله.
واصلت مراقبة كل ما يحيط بي لكني ظللت أركز على الصخرة محاولا تصفية المزيد والمزيد من المسارات التي تملأ بصري.
كان الأمر أشبه بمحاولة تحريك مجموعة محددة من العضلات بين عيناي ودماغي بحسب رغبتي الخاصة.
لذا خلال هذه الأيام القليلة الماضية ومع مواصلة ” الخطوات الثلاث ” في توجيهي وإظهار ذكرياته لي على أمل تسريع تدريبي ، فقد تعلمت كيفية التحكم في رؤيتي من أجل تصفية المسارات التي تتشابك مع المسار المنشود.
بمجرد أن فعلت هذا أصبح “الخطوات الثلاث” متحمسا بشكل خاص بشأن هذا الاختراق على الرغم من أنني لم أشعر بالرضا التام.
لهذا إستمررت في التدرب على خطوة الإله باستمرار حتى أثناء نوم ” الخطوات الثلاث ” و كايرا.
لم أتوقف عن التدرب إلا عندما أجد نفسي بحاجة إلى إعادة ملئ نواة الأثير الخاصة بي.
كنت أعلم أن وقتي هنا هو وقت محدود ، لذلك أصبح من الضروري أن أحقق أقصى استفادة من بقائي.
لكني فجاة رأيت كايرا من زاوية عيني…
ثم أدركت أن ليلة أخرى من تدريبي قد مرت.
” كيف تبلي يا غراي؟”
سألتني كايرا وهي تجلس على الأرض بجانبي.
لقد كانت ترتدي قميص ضيق بدون أكمام ، مما جعلها تبدو غير رسمية بشكل غريب على عكس ما اعتدتها عليه.
فقط… لولا وجود تلك القرون اللامعة التي تطوق رأسها مثل التاج الداكن …
‘ تبا… ‘
عضضت لساني وطردت هذه الأفكار حتى قبل ان تكتمل وأجبتها
” أنا احقق بعض التقدم ، أيضا حقيقة أنني بالكاد أحتاج إلى النوم تساعدني بالتأكيد “.
جمعت كايرا ساقيها وارتجف جسدها من البرد قبل ان تتحدث.
” هل تعلم ، أنني كنت أحسدك حقا على هذه القدرة؟ ، ربما حتى أكثر من قدرتك السخيفة على معالجة نفسك “.
رفعت جبيني عند سماعها وأجبت.
“أوه حقا؟”
” كنت أفكر دائما إلى أي مدى سأكون قوية إذا كنت بحاجة فقط إلى بضع ساعات من النوم في الاسبوع من أجل البقاء بصحة جيدة ، أيضا ما يمكنني القيام به ، وكم سأصبح مفيدة داخل وخارج المقابر الأثرية “.
وضعت كايرا ذقنها على ركبتيها قبل أن تزيح نظرتها نحو الافق خارج الكوخ.
“لكن بعد أن ظللت معك لفترة طويلة ، أدركت أنها لعنة كذلك.”
“لماذا تقولين هذا؟”
أدارت كايرا رأسها ثم إبتسمت بشكل مهيب وهي تجيب.
” أنت تبدو وحيدا دائما ، أو مثل من يتألم كلما حل الليل ، لهذا السبب تتدرب دائما أليس كذلك؟ “
عند سماعها لم أجد ماذا اقول..
فقط حدقت في كايرا ، ولم أعرف كيف أرد.
كان ذهني دائما ما يعود إلى كل تلك الأوقات وتلك ذكريات مع عائلتي وأصدقائي في ديكاثين…
حتى عندما أكون مستيقظا فإنني أتذكرها ، لكنها بالفعل تصبح أسوأ في الليل.
“الأمر ليس كذلك”.
“هناك أشياء يجب أن أحققها ، وإذا كنت راغبا حتى في النجاح فأنا بحاجة إلى إستغلال كل ميزة لدي.”
أجابت كايرا وهي تضحك بخفة.
” حتى مع قوتك هذه؟ ، أنت تبدو مثل من يستعد لمحاربة الآلهة ذاتهم “.
لكن قبل أن أتمكن من الإجابة ، جذب صوت شديد انتباهنا من الوراء.
لقد كان ” الخطوات الثلاث” ، الذي يجب أن يكون قد نام واستيقظ مرة أخرى أثناء أضاعتي لوقت التدريب.
ثم طلب مني أن أتبعه قبل الخروج من الباب.
“هل ستكون بخير لوحدك؟” سألتُ كايرا التي كانت لا تزال جالسة بجانب المدخل.
أجابتني وهي تبتسم: “أنت لست الوحيد الذي يملك تدريبا “.
ابتسمت كذلك ، وشعرت بالإعجاب بصلابتها العقلية.
لقد ظلت عالقة معي في مناطق أكثر صعوبة وخطرا مما كانت معتادة عليه من قبل.
ومع ذلك ، على الرغم من جوعها حتى الموت ، وإقترابها من الموت لمرات عدة ، بل وتجمدها حتى الموت تقريبا في مرات كثيرة ، فقد ظلت صامدة وإجابية.
إتبعت الخطوات الثلاث ، وشققنا طريقنا نحو نهاية القرية ، وإبتعدنا عن التحديق الفضولي لقوم مخالب الظل.
لقد هدأ جزء كبير من العاصفة منذ الليلة الماضية ، مما سمح لبعض مخالب الظل للخروج من القرية.
كان لا يزال من الصعب علي أن أفهم ما تفكر به هذه المخلوقات لكن كان بأمكاني أن أجزم ، أن أحدهم كان حذرا مني.
لقد كان الناب الأيسر.
تحرك ” الخطوات الثلاث ” وصفر بحدة من بجانبي قبل الجلوس على الثلج مما أعاد إنتباهي إليه مرة أخرى.
ثم حدق بي بأعينه الحادة قبل أن يبدأ الحديث معي بأستعمال لغتهم.
لكني راقبت وجهه بعناية.
لاحظت أن أعينه ظلت تتحرك من وجهي إلى صدري ، بينما كان فهه متجهما بعض الشيء
لم أستطع أن أفهم كلمة واحدة مما قاله ، لكني لم أكن بحاجة إلى ذلك.
قام ” الخطوات الثلاث ” برفع كفه ، وكما فعلنا مرات عديدة ، أكملت ما فعله معه.
ثم كما توقعت ، الذكرى التي شاركها معي هي بالضبط حديثه معي وكل ما قاله لي قبل لحظات فقط.
إلا أنه كان من وجهة نظره مما جعلني أفهم ما كان يقوله لي.
بل حتى بدأت أنظر إلى نفسي ، وجدت أنني كنت أحدق به بإرتباك واضح.
” لقد شرحت لك ما يكفي من طرقنا لكي أكون مرتاح عندما أطلب شيء ما في المقابل ، لذا أود أن أعرف المزيد عن قدراتك الفريدة ، التي نقلت إليك من الخالق حتى لو لم تكن شيئ يمكنني أن أتعلمه بنفسي “
سمعته يتحدث وشاهدت هذه الرؤية ثم تحول لعرض ذكرى شاركها معي مسبقا ، لقد كانت له ول ” النائم في الثلج”.
بعد لحظات إختفت الرؤية وسحب مرشدي يديه من يدي.
ثم انتظري وعيناه لم تفارق عيناي أو تتزحح قيد إنملة ، حتى أومأت برأسي ومددت يدي إليه.
****
نظر إلي ” الخطوات الثلاث ” مرة أخرى ، لكن تعبيره تغير عن سابق عهده.
لم يعد ينظر إلي كما لو كنت طفلاً أحاول تعلم أساسيات خطوة الظل.
بل نظر إلي باحترام ، وربما حتى مع شيء من الاستغراب.
لكن حتى بعد إنفصال أيدينا ظل ” الخطوات الثلاث” في حالة ذهول لعدة دقائق…
لم يكن عرض ذكرياتي مجددا سهلا بالنسبة لي أيضا.
كانت هذه هي المرة الأولى التي أشارك فيها أحد ذكريات وصولي إلى المقابر الاثرية مباشرة بعد خسارة المعركة ضد نيكو وكاديل.
لقد جعلت ” الخطوات الثلاث ” يشهد رحلتي بأكملها ، إنطلاقا من الوحوش المسوخ العملاقة والدودة العملاقة وصولا إلى المكان قبل قاعة المرايا.
لقد شعر بمعاناتي..
بألمي….
بالظلام الذي يجثم علي ، وكذلك بشعوري بالخسارة وسط معاناتي من أجل الاستمرار في القتال..
لقد شاهد تطور قدراتي في الأثير.. لكنه لم يشعر بالرهبة.
تنهدت بعمق ، لكن حتى تنهدي أصبح ثقيلا ومرهقا ، لم اكن أرغب في إعطاء إنطباع خاطئ له.
صحيح أن طريقة تواصل مخالب الظل تأخذ الكثير من الوقت ، وتسبب الأرهاق ، لكنني أدركت الآن مدى فاعلية التعبير عن مشاعر الفرد من خلال مشاركة الذكريات.
لقد عرف “الخطوات الثلاث” أشياء عني ، وعن رحلتي ، أكثر من ألاريك أو حتى كايرا ، التي كانت بجانبي طوال هذا الصعود.
إن الانفتاح الشديد نحو شخص ما لهو أمر مخيف إلى حد ما ، ولكن في نفس الوقت ، رأيت الخطوات الثلاث وهو يشعر بالتعاطف والحزن …
مما جعل الأمر أشبه بإزاحة ثقل كبير من على كتفي.
ثم كما لو فهم مشاعري ، ربت ” الخطوات الثلاث ” على كتفي قبل أن يطلب مني أن أتبعه مرة أخرى.
هذه المرة ، بعد هدوء معظم العاصفة ، قادني ” الخطوات الثلاث ” للخروج من حدود القرية وإلى سفح الجبل القريب.
مرة أخرى مد مخلبه بينما إبتسم نحوي ابتسامة مرحة.
شعرت بالفضول ، لذلك لمست يديه وأحسست أن وعيي يسحب إلى يده.
بداخل الذكرى ، كنت أنا الخطوات الثلاث ، وكنت شابا إلى حد ما ، وكنت مع إثنين أخرين من مخالب الظل.
” الساقط ” و ” فارس الرمح ” ، وهم واقفين أمام قاعدة الجبل.
كنا نجري نوع من المنافسات ، حيث على كل واحد منا أن ينتقل عن بعد بقدر ما يستطيع عبر الشقوق العميقة للجبل.
ثم أول شخص يصل إلى أبعد مسافة عن نقطة البداية سيفوز بالجولة.
والان كان دور ” فارس الرمح ” للبدأ أولاً.
بينما كنت أشاهد شكل مخلب الظل ذو الفك القوي والفرو المرقط وهو يستعد لأداء خطوة الظل الخاصة به ، وجدت نفسي أفكر في شجاعته ، وكيف أنه سيكون رفيق جيدا لتعليم شبل في يوم ما.
على الرغم من أنني كنت أعلم أن هذا جزء من هذه الذكرى ، إلا أنني شعرت أنه من الغريب أن أستطيع التفكير.
في الخارج ، ضغط ” الخطوات الثلاث” بقوة على يدي وظننت انه شعر بشرود عقلي لذلك أعدت التركيز على الذكرى ووجدت أن ” فارس الرمح “، قد اختار مساره ، وقام بخطوتين سريعتين ، مما جعله يصل إلى حافة منبثقة من الصخور وسط الطريق نحو أعلى التلال العالية.
لقد كانت حركته جيدة ، ولكن كان هناك طريقة أفضل عن طريق إستخدام صخرة منبثقة موجودة خلف الحافة التي كان عليها ” فارس الرمح ” مثل موطئ قدم وسيط من شأنه أن يساعد في الوصول إلى مسافة أبعد.
كان يجب أن يكون لدى ” الساقط ” نفس الفكرة ، لأنه اختار الصخرة للتقدم إليها.
لكن لسوء حظه ، كانت هشة.
لقد تحركت الأحجار تحت قدميه ، مما جعل خطوة الظل الخاصة به تتوقف في المنتصف.
عوى ” الساقط ” من الإحباط وكان قد وصل إلى منحدر صغير على سفح الجبل.
وكان على بعد حوالي خمسين قدما من ” فارس الرمح “.
شعرت بالسعادة لأن ” الساقط ” ذهب أولاً وأظهر ضعف الحجارة ، لكني بحثت في سفح الجبل مرة أخرى ، واردت إيجاد طريق أكثر أمانًا من شأنه أن يأخذني إلى نقطة أبعد من ” فارس الرمح ” ، لكني لم أجد واحدا.
“ماذا تنتظر يا رقيق القلب؟”
صرخ ” الساقط ” نحوي.
” الجبال سوف تقترب من بعضها قبل أن تتخذ خطوتك؟”
ضحك فارس الرمح على مزحة صديقنا وتحدث.
” ربما ينتظر العاصفة القادمة لكي ترفعه الريح إلى قمة الجبل!”
” إذا لم تستعجل يا رقيق القلب ، فسيصبح اسمك بطيئ كالحجر! “
” وأنت ستكون الغبي كالصخرة ، أيها الساقط!”
أجبته ، مما فارس الرمح يضحك.
حسمت قراري وثبت قدمي وأعددت نفسي للتقدم نحو صخرة عالية
إذا انتظرت الحجر حتى يتحمل ثقلي ، فهو لن ينكسر تمامًا ، مما سيسمح لي بالوصول إلى مجموعة من الحجارة على بعد عشرين قدمًا من حيث كان يقف ” الساقط”.
أبعدت عيناي عن الحجارة والثلج الموجدين تلى سفح الجبل ، وركزت على خطوة الظل ، و المسارات الرقيقة البنفسجية التي ستقودني إلى الصخرة ، ثم نحو الصخور العالية.
على الرغم من أن هذه الذكرى كانت تمر بسرعة إلا أن مشاهدة منظور ” الخطوات الثلاث وهو يتحرك ويقوم بتصفية المسارات كان كنوع جديد من الإدارك.
حتى بعد أيام من التدريب المتواصل ، فإن نظرتي الخاصة إلى مسارات الأثير المتفرعة ظلت أشد تعقيد وتشابك من نظرة ” الخجوات الثلاث “.
وهو ما كان مثل تذكير آخر بالطريق الذي يجب أن أقطعه إذا أردت الاستفادة من الإمكانات الكاملة لفنون الأثير.
بداخل الذكرى ، تشوش المحيط من حولي عندما أخذت خطوة الظل من السفح إلى الصخرة الصغيرة.
لكن فجاة توتر جسدي ، وتوقعت أن تنكسر الصخرة ، وهو ما حدث.
لقد كانت خطتي أن أتركها تستقر ، ثم اتقدم إلى مجموعة الصخور.
لكن تحت ضغط قدمي ، تحركت الصخرة وتحطم البعض منها مما جعلها تتحرك. ط
في ثانية ، بدأت تسقط بعيدا عن الجبل ، ووجدت نفسي فوق الصخرة غير المدعومة التي بدأت تسقط بالفعل.
لقد جعلني الذعر بطيئ جدا في تنفيذ خطوة الظل الثانية ، ثم عندما نفذتها أخيرًا ، كنت أسقط بالفعل.
عند النظر إلى الأعلى ، كان أول شيء رأيته هو الحجر الثابت الذي كان يقف عليه ” فارس الرمح”.
بعد تصفية المسارات التي تؤدي إلى هناك ، اتخذت خطوتي الثانية.
لكني أخطأت في الحكم على الحجر بشكل سيء ، لقد ظهرت بجانبه ، وليس في الجزء العلوي منه.
طعنت مخالبي في الحجر الأملس ، مما حفر عليه خطوط عميقة ، لكنني فشلت في الإمساك بأي شيء أخر وبدأت انزلق إلى أسفل ، وواجهت خطر السقوط من على مسافة مائة قدم إلى قاع الوادي ….. والموت.
لكن فجأة ظهرت فكرة شاذة وعشوائية في ذهني المذعور.
لماذا أعطى الخالق مخالب الظل القدرة على رؤية مسارات الأثير والتحرك خلالها…
لكنهم سمحوا لنا فقط بالقيام بذلك مرتين على التوالي؟
لقد جعلني هذا أشعر ببعض المرارة….
أو ربما الخطوات الثلاث من شعر بهذا فقد أصبح من الصعب التفريق بين أفكاري وأفاكره أثناء مشاركة الذكريات الأطول…
لقد اعتقدت أنه لو أعطونا فقط القدرة على تنفيذ الخطوة لثلاث مرات متتالية لما كنت سأسقط وأموت.
لكن جعلني التحول المفاجئ في الجاذبية أقوم بإبعاد هذه الفكرة ، وشاهدت مرعوبا الممرات المتفرعة التي ما تزال أمامي ولكني عاجز عن الوصول إليها..
لقد كانت تتحرك وتختفي ، مما أظهر لي طريق إلى الأعلى … نحو الأمان..
لكن لا أستطيع أن أسلكه.
بينما كنت أراقب هذه الذكرى ، فأنا أصبحت مفتونا بالطريقة التي تمكن بها ” الخطوات الثلاث ” من الاستمرار في إيجاد المسار الذي من شأنه أن يأخذه إلى بر الأمان بشكل شبه تلقائي.
لكن أكثر من هذا كله…
لقد كانت هذه هي المرة الأولى التي أدرك فيها أنه بينما يستطيع وحوش مخالب الظل رؤية مسارات الأثير ، إلا أنه لم يكن ضروريا أن يجدوها من خلال أعينهم حقا.
وسط هذه ذكرى استطعت أن أشعر بالمسارات من حولي حتى وأنا أسقط.
سابقا ، كنت أضنها مجرد إهتزازات في المسارات الحقيقية ، لكن لقد تطلب الأمر مزيج من حواس ” الخطوات الثلاث ” وإدراكي الهجين لأعلم أن هناك طرق أخرى لرؤية المسار بإستعمال شيء غير عيناي.
لقد كانت مثل العزف ، أو الموسيقى التي ترن من بعيد ، كانت صاخبة و قوية.
كما لو كان الأثير نفسه يريد المساعدة ، ليريني الطريق للخروج.
من دون أي تفكير ، دفعت مخالبي إلى الأمام وأتبعت ذلك الصوت.
بمجرد فعل هذا شعرت بألم شديد جدا في البداية لدرجة أنني لم أعد متأكد مما إذا كنت قد نجحت في أخذ الخطوة الثالثة أو إذا كنت قد اصطدمت بالأرض وبدات ألفض أنفاسي الأخيرة قبل موتي.
رأيت ضباب بنفجسي غطى كل بصري ، لكني شعرت بشيء بارد وقاسي تم وضعه على جسديمما أدى إلى تسطيح فروي.
ثم سمعت صراخ من بعيد … وسرعان ما أصبح الصراخ بجواري ، وشعرت بكفوف قوية تقلبني.
ببطئ تلاشى ذلك الضباب.
ثم وجدت كل من ” فارس الرمح” و ” الساقط ” يقفان فوقي بأعين واسعة وأفواه مرتجفة وهما ينتظران إكتشاف ما إذا كنت على قيد الحياة أم ميتًا.
في هذه الأثناء ظل قلبي يخفق بقوة لدرجة أنني اعتقدت أنه قد ينفجر.
كما كان هناك ألم رهيب في كل جزء من جسدي ، بل وشعرت وكان كل جسدي تحطم.
لكن ما زلت حيا!!!.
شعرت بجسدي الحقيقي وأنا أبتسم ابتسامة عريضة قبل أن يعود وعيي الى جسدي.
أمامي رايت ” الخطوات الثلاث ” ، يبتسم نحوي ابتسامة شقية أيضًا ، لقد كان من الواضح أنه فخور بهذه الذكرى التي شاركها معي للتو.
” إذن هذا هو سرك”
تحدثت وجسدي يرتعش من الإثارة.
كما لو انه فهم حديثي ، رفع ” الخطوات الثلاث ” إصبعه ووضعه أمام فمي.
أومأت برأسي بشكل منافق وشعرت بالرضى بسبب الذكرى التي رأيتها للتو.
لقد كان من الواضح أنه كان يقدر هذه الذكرى وقد عرضها مقابل كل ما عرضته له.
لكن كل ذلك كان يستحق ، لأنني من خلال هذه الذكرى تعلمت شيئًا مهما..
بل أكثر من مجرد تعلم ، لقد تمكنت من تجربته بشكل مباشر.
عندما فعلت خطوة الإله ، تركت بصري يشرد ويصبح غير مركز ، لكن هذه المرة ، فعلت أكثر من ذلك.
عوض التركيز بشدة على تصفية المسارات التي أراها بواسطة عيناي ، قمت بترك تركيزي لكي يتوسع نحو حواسي الأخرى.
صحيح أنني لم أستطع شم أو سماع أو تذوق الأثير بأي شكل ، لكن تمكنت من توسيع شعوري الخاص إلى مسارات الأثير من حولي.
وعندها شعرت بذلك…
كل تيار من الأثير ، رغم تشابكه أو تفرعه فهو يمتلك بداية ، وكذلك يمتلك نهاية.
وهذه التيارات ذاتها أصبحت أشبه بطرق سريعة يمكنني التحرك والسفر خلالها.
ومع ذلك ، وسط إندماج شعوري بشكل كامل مع هذه المسارات ، لم أحاول قراءة هذه المسارات المعقدة والمتشابكة أو فصلها.
لكن ، تركت الأثير نفسه يمنحني المعلومات التي أحتاجها.
تخطيت الخطوة الأولى التي ينفذها ” الخطوات الثلاث ” لان جسده كان معتاد بالفعل على إستشعار مسارات الأثير.
لذلك غلفت نفسي في طبقة رقيقة من الأثير وجعلت جسدي مثل المرسات وسط كل هذه المسارات من أجل أن تصل المعلومات إليه.
هذا المكان هو نفسه المكان الذي تدرب به ” الخطوات الثلاث ” على التركيزفي المسارات الأكثر فعالية فقط.
وكذلك تدرب هنا على تقليل المسافة التي يتحرك بها ، وقد أدركت أنه شيء بالغ الأهمية كذلك.
مع وجود كم هائل من المعلومات التي تدخل إلى عقلي والتي تصدر من المسارات حولي فأنا لم أتمكن إلا من تحديد المسارات التي سوف تنقلني عن بعد بشكل صحيح لمسافة قدمين فقط.
عندما حاولت توسيع تركيزي إلى ما وراء هذا الحد ، بدأت أشعر وكأن هناك قضبان حديدة ساخنة تثقب عقلي.
أخذت نفسا عميقا ، وألغيت رون خطوة الإله
لكن من فرط حماسي ، لم يسعني إلا أن أعانق مرشدي.
هذه ماهي إلا مجرد خطوة صغيرة إلى الأمام…
لكنني الأن أعرف كيف أتحسن.
للمرة الأولى ، استطعت أن أرى نفسي ألحق بمستوى ” الخطوات الثلاث ” بل أكثر من ذلك ، مع وجود نواة الأثير الخاصة بي ، فأنا قادر على التفوق عليه!!.
—
فصل آخر.. ولن تتخيلوا كم كان من الصعب ترجمته بسبب كمية المعلومات والشرح الذي به..
لكن أخيرا بعض التقدم في مهارات أرثر…
بالمناسبة.. إن الخطوات الثلاث ، غير واضح الجنس إلى حد الآن، لذا سأتركه بصيغة ذكر إلى أن يؤكد ذلك أو يظهر العكس..
إستمتعوا~~