إميلي تصطاد الوحوش - 62
──────────────────────────
🌷 الفصل الثاني والستون –
──────────────────────────
هل قام للتو … بطلب الزواج مني؟
ابتلعتُ لعابي في توتر عند سماع هذا الاقتراح المفاجئ.
“….”
لقد كان وجه جيمس جديًا للغاية.
لا، بالنظر عن كثب، لقد بدا متوترًا بعض الشيء.
بعد أن رمشتُ بعيني عدة مرات، تمكنتُ من فتح فمي وأخيراً.
“… هل تمزح معي؟”
كان رد جيمس سريعًا.
“أنا لا أمزح بشأن أمور من هذا القبيل.”
“….”
نظرتُ إلى جيمس موريارتي بينما أشعر بالجفاف في فمي.
تحت ضوء الشمس المتدفق من خلال الزجاج، كان شعره الأشقر يتلألأ باللون الذهبي.
شعرتُ بوجود توتر غريب على الوجه الذي كان دائماً ينظر إليّ بابتسامة أنيقة وواثقة.
على الجانب الآخر من العيون الزرقاء الباهتة التي كانت لا تزال تبدو باردة، ومضت حرارة مجهولة خافتة.
“… لماذا تقول هذا فجأة؟”
أجاب جيمس دون تردد على السؤال الذي بالكاد استطعتُ إخراجه من فمي.
“لأنني أريد أن أكون معكِ دائمًا.”
“….”
لم أكن أعرف ماذا عليّ أن أقول، لذلك استمعت إليه بهدوء فقط.
“لم أكن أعرف أنني سأقول هذا أيضًا، لكن … لم أركِ منذ أكثر من شهر منذ آخر مرة التقينا فيها في حفلة ليستراد اللعينة.”
تابع جيمس كلامه كما لو كان يشرح لنفسه وليس لي.
“كانت الأيام القليلة الأولى على ما يرام. على الرغم من أنني كنت أفكر فيك أحيانًا … إلا أنني تجاهلت ذلك واعتقدتُ أن هذا كان يحدث لأنني كنت قريبًا منكُ مؤخرًا، واعتقدتُ أن كل شيء سيكون على ما يرام بمرور الوقت. ”
“….”
“لكن مع مرور الوقت، شعرتُ وكأنني أصاب بالجنون.”
ارتفعت نظرته التي كانت مثبتة على الأرض ببطء، ثم نظر في عيني مباشرة.
“إيميلي، لقد اشتقتُ إليكِ.”
لم أستطع الإجابة على أي من كلامه، لأن الرجفة الخفية في صوته الهادئ كانت تمثل صدقه.
“لقد كنتُ أعتقد أنني لست أكثر من مجرد آلة ميكانيكية بلا عواطف ….”
لا أظن أن هذا صحيح.
…لقد بدا صوت جيمس موريارتي عندما كان يتحدث معي الآن أكثر إنسانية من أي وقت مضى.
“لكن المحادثات التي أجريناها في الحديقة في ذلك اليوم …”
“….”
“الحقيقة التي أفصحتِ بها لي، وتلك التي أفصحتُ بها لكِ …”
لقد كان يتحدث عن تلك الذكريات التي كانت مجرد ندبات وألم من الماضي.
ومع ذلك، في بعض الأحيان، كان يمكن التئام الماضي المليء بالندوب بمجرد الإفصاح به لشخص ما.
على الرغم من أنني في ذلك الوقت كنت محاصرة بصدمة الذكريات التي لم أرغب في تذكرها.
‘إذا نظرتُ إلى الوراء الآن …’
كان من الواضح أن المحادثة التي أجريتها مع جيمس في ذلك الوقت كانت أكثر من مجرد محادثة عادية بالنسبة له.
عندها قال جيمس شيئًا يشبه استنتاجي كما لو كان يؤيد أفكاري.
“… يبدو أن كل تلك الأشياء تركت علامة عميقة بداخلي.”
“….”
نظرتُ إليه مرة أخرى دون أن أنبس ببنت شفة، عندها ابتسم جيمس وأدار رأسه بعيدًا.
إنها فكرة سخيفة ولكنه بدا وكأنه يخفي إحراجه بطريقة ما.
“لا تنظري إليّ هكذا لأنني محرج بالفعل. أنا لستُ على دراية بما أفعله الآن لدرجة أنني على وشك أن أهرب من هنا.”
لقد كنتُ آمل أن يكون هذا حقيقياً، لذلك نظرتُ إلى وجهه وفتحت فمي.
“ولكن… لماذا حتى يكون هذا هو سبب عرضك الزواج علي؟”
نظر جيمس إليّ مرة أخرى.
“إذا كان كل ما تريده هو رؤيتي كما قلت. فبإمكاننا أن نلتقي كلما أمكننا ذلك، أليس كذلك؟ أو ربما بإمكانك الانتقال إلى هنا وتسكن في مكان قريب؟”
…على الرغم من أنني لا أعتقد أن هيلينا ستكون سعيدة مع كلا هذين الاقتراحين.
اخترتُ كلماتي بعناية.
“أنا أيضًا أستمتع بالتفاعل معك، لكني أكره التقيد بأعراف الزواج.”
بعد وفاة راندولف، تَقَدَّم لي العديد من الناس بما أنني بقيت بمفردي.
استخدم شخص ما جميع أنواع الأشعار للإشادة بمظهري.
قدَّم شخص آخر عرض زواج واقعيًا يعدني فيه بحياة فاخرة.
لم يدَّخر شخص آخر الكلمات اللطيفة التي تقول أنه سوف يدعمني عاطفياً عندما أكون غير مستقرة.
… على الرغم من أن هذا كله لم يكن يعني شيئًا بالنسبة لي.
لقد كنتُ أتمنى فقط شيئاً واحداً.
“أن لا أكون زوجة شخص ما، أن لا أكون إبنة شخص ما … أنا أريد فقط أن أعيش حياتي باعتباري إميلي كارتر. أنا أقصد … أليس من حقي أن اُعتبر كفرد مستقل في المجتمع دون أكون أكون تابعة لأحد؟”
لم أتذكر أن الرجل الجالس بجواري هو جيمس موريارتي، نابليون عالم الجريمة، إلا بعد أن أنهيتُ كلامي.
عندها أصبحت متوترة فجأة.
يتحول بعض الرجال إلى وحوش غاضبة بمجرد رفضهم.
“إذاً …”
لكن جيمس موريارتي لم يكن غاضبًا على الإطلاق، بدلاً من ذلك، بدا أنه كان يتوقع رفضي له منذ البداية.
“بغض النظر عن الزواج، هل تقولين أنكِ لن تحرميني من مقابلتكِ؟”
“… لماذا تريد أن تقابلني؟”
“هذا …”
قال جيمس مرة أخرى بينما يتجنب النظر في عيني.
“… وفقًا لذلك اللقيط ماكمرين، أعتقد أنني أحبكِ.”
الحب.
ضاعت مني الكلمات عندما رأيتُ جيمس موريارتي يقول كلمة لا تناسبه على الاطلاق.
‘كما أن هذه الكلمة لا تناسبني أنا أكثر منه.’
لقد سمعتُ هذه الكلمة لآخر مرة من فم راندولف قبل 10 سنوات، لدرجة أنها أصبحت الآن مفهوماً منقرضاً بالنسبة لي.
لا أعرف ما إذا كان الحب ما يزال موجودًا في هذا العالم، لكن في عالمي، لم يكن أكثر من مجرد كلمة ميتة فقدت بالفعل معناها في الوجود ودُفنت مع راندولف.
جيمس، الذي كان يراقب تغيُّر تعابير وجهي، فتح فمه على الفور.
“لا تجيبيني.”
“جيمس.”
هز جيمس رأسه رافضاً.
“أيا كان الأمر، فقط لا تنكري حقيقة مشاعري.”
“….”
“أنا فقط ….”
قام جيمس بإمساك يدي وضغط على المسدس الذي كنت على وشك أن أضعه على الطاولة مرة أخرى وأضاف قائلاً:
“عليكِ فقط البقاء كما أنتِ.”
شعرتُ بالارتعاش الخفيف في يديه، وانتقل هذا الانفعال إلى قلبي قبل أن أدرك ذلك.
عند كلمات جيمس، بدأ قلبي، الذي كان ميتًا لفترة طويلة جدًا، ينبض ببطء مجدداً، كما لو أن شخصًا ما قام بتشحيم آلة قديمة توقفت عن العمل.
‘استعيدي رباطة جأشك يا إميلي.’
كررتُ لنفسي هذه الكلمات بيأس.
لقد كان الحب رفاهية كبيرة لا أستطيع الوصول إليها بالنسبة لي.
تستمر السعادة والحلاوة التي تحصل عليها من محبة شخص ما للحظات قليلة فقط ثم تختفي، هذا لأننا نعلم جيدًا أن فقدان أحد الأحباء يضر بالروح لبقية حياتنا.
أو لبقية حياة أحدنا، لنكون أكثر دقة.
“… حسنًا.”
بتردد، وضعتُ المسدس في حقيبتي، ثم أضفتُ قائلة لجيمس الذي كان ينظر إليّ بوجه سعيد.
“كل ما في الأمر أنني لم أتوقع أن نتحدث عن الزواج هكـ …”
“لقد أردتكِ فقط أن تعرفي.”
قطع جيمس كلامي.
“أن أعرف ماذا؟”
“… أنني مثل هنري ذاك.”
“هاه؟”
رفع جيمس نظره ونظر في عيني مباشرة.
وراء العيون الزرقاء التي شعرتُ أنها بلا عاطفة مثل الكرات الزجاجية عندما رأيتها لأول مرة، كان بإمكاني أن أرى عاطفة غير معروفة تتخبط في داخلها.
“أنني سوف أنافسه أيضًا للحصول على قلبك.”
… بدا أن عينيه كانتا تتوسلان إليّ من أجل أن لا أدفعه بعيداً.
هل كان ذلك بسبب التوتر؟
لعقت شفتي الجافة بلساني.
لقد كان أحسستُ بأن قلبي، الذي بالكاد بدأ يهدأ، سوف ينفجر مرة أخرى.
“هذا …”
في اللحظة التي رفعتُ فيها رأسي لأقول شيئًا، رأيتُ شخصاً يقف على بعد خطوات قليلة من المكان الذي كنا نجلس فيه.
“هذا ….”
متوسط الطول، متوسط الحجم.
رجل بشعر أحمر مجعد ووجه لطيف.
لقد كان يبحث عن “فريسة” بينما ينظر حوله بعيون حادة مثل الصقر.
… جاءني حدس عميق أنه الشخص الذي كنا ننتظره.
شعرتُ بالقشعريرة تسري في جسدي، وفي نفس الوقت بدأ قلبي ينبض بجنون.
عندما أدرتُ رأسي بسرعة، كانت عيون جيمس مثبتة عليه أيضًا.
بمجرد أن تبادلنا النظرات، وقفتُ من مكاني بسرعة.
كما لو كننا قد استرحنا بما فيه الكفاية، نظرتُ حولي بوجه مسترخي للغاية وتحدثتُ إلى جيمس.
“عزيزي، هل نذهب وننظر في الأرجاء مرة أخرى الآن؟”
“هيا بنا.”
في اللحظة التي كان جيمس على وشك الوقوف فيها، نقر على حافة سرواله كما لو كان ينفض الغبار.
‘الآن.’
دفعتُ إناءً مزخرفًا كان موضوعاً بجانبي في اتجاه الأرض.
مالت المزهرية مرة واحدة وسقطت.
كراك-!
تردد صوت الانكسار في كل مكان.
“يا إلهي!”
وبينما كنت أصرخ بدهشة، ركض جيمس على عجل وعانقني بقوة.
“هل أنتِ بخير؟ هل تأذيتي في أي مكان؟”
جعلت الضجة المفاجئة صوت الناس يتعالى وتوجه الانتباه إلى الجانب الذي كنا نقف فيه.
ومن بينهم …
“هل أنتما بخير؟”
كان هناك أيضًا رجل أحمر الشعر نتطلع إليه أنا وجيمس.
ركض الرجل ذو الملابس الأنيقة إلينا على الفور وقدم لنا يد العون.
جيمس، الذي لاحظ اقترابه، غيَّر تعابيره على الفور.
عندما خفض زوايا فمه قليلاً، بدا وجهه مختلفاً للغاية، واختفى انطباعه المعتاد النبيل دون أن يترك أثراً وراءه.
“آه يا إلهي. لقد أوقعت زوجتي هذه المزهرية عن طريق الخطأ … لكنني لا أعرف كيف أنظف هذا الأمر.”
تحدث جيمس بلهجة تذكرني باللهجة الجنوبية، وبنبرة تبدو خرقاء بشكل غريب.
حتى التدحرج المتوتر لمقل عينيه في جميع الاتجاهات كان مثالياً للغاية بحيث لا يمكن اعتباره تمثيلاً على الاطلاق.
“اتركها دون أن تلمس أي شيء، سوف تتأذى إذا فعلتَ شيئًا خاطئًا.”
ذهب الرجل ذو الشعر الأحمر الذي أوقفنا بهذه الطريقة مباشرة إلى مكتب المعلومات القريب، وتبعه موظفو المعرض إلى هنا.
كما لو كانوا قد سمعوا كل التفسيرات من الرجل، تحدث معي الموظفون بطريقة ودية.
“سيدتي، هل أصبتِ بأي أذى؟”
“لا، لكن ماذا عليّ أن أفعل، أنا آسفة جداً ….”
“لا بأس، شكرًا لكِ. لا تقلقي، سوف نقوم بتنظيف كل شيء.”
قادنا الرجل ذو الشعر الأحمر إلى قاعة المعرض بينما كان الموظفون يُنظفون المكان بصمت بالمكنسة.
“أنا سعيد لأنكما بخير.”
“أنا ممتن لكَ يا سيدي، شكرًا جزيلاً لكَ على مساعدتك.”
سأل الرجل ذو الشعر الأحمر بطريقة ودية جيمس، الذي أحنى رأسه وشكره.
“معذرة … ولكن من أين أنتما؟”
عند سؤاله التفت إلي جيمس وابتسم ببراءة.
“أنا من شرق ساسكس. كانت زوجتي تريد أن تأتي وترى هذا المعرض بشدة لهذا أحضرتها الى هنا.”
ضاقت عيون الرجل ذو الشعر الأحمر وعادت إلى طبيعتها.
“… شرق ساسكس. لقد جئتما من مسافة بعيدة للغاية.”
لفترة قصيرة جدًا، عبرت ابتسامة ذات مغزى على وجه جيمس.
قام الرجل ذو الشعر الأحمر، دون أن يلاحظه أحد، بمصافحة جيمس.
“اسمي هيرمان ميرجيت.”
“أوه … نادني سايمون أرمورييت.”
… لقد وقع هيرمان في الفخ.
وبينما كنت أشاهد
الرجلين يتصافحان، خفق قلبي بشدة من التوتر.
──────────────────────────
✨ثقافة عامة:
تقع مقاطعة ساسكس (بالإنجليزية: Sussex) في الجنوب الشرقي لإنجلترا في بريطانيا. وهي مقسمة إلى جزئين اليوم الأول شرق ساسكس والثاني غرب ساسكس. تاريخيا كانت تعرف بمملكة ساسكس.
──────────────────────────