إميلي تصطاد الوحوش - 49
──────────────────────────
🌷 الفصل التاسع والأربعون –
──────────────────────────
* * *
بعد ذلك بيومين، أتينا إلى قصر ثورنفيلد.
لم يُرى وجه جاكوب روتشستر حتى لأنه كان يعود إلى المنزل متأخرًا، لكن تم تخصيص غرفتي ضيوف لنا.
“هل أنتِ هي السيدة كارتر؟ سوف تقابلكِ السيدة فيرفاكس صباح الغد.”
قالت الخادمة التي وجهتنا الى غرفتنا ذلك وغادرت على الفور.
عندما أدرتُ رأسي، بدلاً من زي الخادمة المعتاد، رأيت سالي ترتدي زي المعلمة الخاصة.
“سالي، لقد مررتِ بالكثير من المعاناة.”
“المعاناة؟ ماذا تقصدين؟”
“ادخلي واحصلي على قسط من الراحة. سوف أعتني بالباقي من هنا.”
حسب كلماتي، قالت سالي حسنًا ودخلت غرفتها وأغلقت الباب.
…… أمّا إذا كنتم تتساءلون عن الوضع الآن…
“إميلي، رجاءً ساعديني.”
بعد فترة وجيزة من شرح كريس للموقف، بحثتُ على الفور عن طريقة للوصول إلى قصر ثورنفيلد.
وعثرتُ على هذه الطريقة من خلال مسار غير متوقع.
“ماري، التي كانت تعمل في ذلك المنزل، قالت أنهم كانوا يبحثون عن معلمة جديدة لفترة من الوقت.”
اتضح أن سالي لديها دائرة معارف واسعة جداً.
لقد كانت لا تزال ودودة مع الخادمات اللاتي تعرفهن قبل العمل في فندق لانچهام، وكانت تتلقى معلومات مختلفة منهن.
“معلمة خاصة؟”
“نعم. إنهم يبحثون عن معلمة جديدة منذ أن غادرت الآنسة جين.”
إنهم أيضًا يشترطون أن تكون امرأة شابة و مثقفة و أنيقة.
بالنظر إلى أن وظيفة المعلمة هي تعليم ابنة أخ جاكوب روتشستر، آديل، لا يسع المرء إلا أن يتساءل لماذا يبحث هذا الرجل عن “امرأة شابة” بدلاً من سيدة متقدمة في السن و ذات خبرة.
“سيدتي، لقد كنت أفكر … ماذا إذا جربنا هذا؟”
لذا فإن فكرة سالي كانت هي أن تتنكر على أنها المعلمة الجديدة.
“سيدتي، بصفتكِ وصية علي، إذا قلتُ إنني سوف أبقى معكِ في القصر لفترة من الوقت، فلا يوجد من سوف يعترض على هذا.”
عندها كتبتُ على الفور خطابًا تقديميًا مع سيرة ذاتية مزيفة لسالي وأرسلتهم إلى قصر روتشستر.
بعد بضع ساعات، جاء الرد اللطيف:
{لا يهم إذا كان ولي الأمر يرافقك}
عن طريق البرقية.
“وأنت … هل يمكنكَ مرافقتي إلى الداخل لبعض الوقت؟”
جفل الرجل الطويل الذي كان يقف بجانب المدخل مثل التمثال الخشبي عند سماعه كلماتي.
عندما دخلتُ الغرفة، تبعني العامل المساعد على عجل.
“رجاءً أغلق الباب خلفك.”
عندما استدرتُ عند سماع صوت إغلاق الباب، رأيتُ أن وجه الرجل كان متوترًا بشكل كبير.
لقد كان شابًا أطول من غيره وله جسم رجولي رائع.
صاحب الوجه الجميل الذي يشبه التمثال اليوناني لم يكن سوى …
“… شكرًا لانضمامكَ لنا في هذه الخطة المجنونة يا هنري.”
لقد كان هنري جيكل لانچهام.
وقف هنري على بعد أقل من ثلاث خطوات، واحمر وجهه خجلاً وهز رأسه.
“بما أنه طلب منكِ يا إميلي فلا بأس بذلك.”
في اليوم التالي لمغادرة كريس، زارني هنري.
عندما كشفتُ له أنني ذاهبة إلى قصر ثورنفيلد للعثور على جين، كان قلقًا بشأن سلامتي وسلامة سالي.
“إذاً … ما رأيكِ في أن أتنكر كموظف في القصر يا إميلي وأبقى بجانبكما؟”
لقد كان هذا لا معنى له بالنسبة لي، على الرغم من أنني اعترضت على منح مثل هذا الدور له، لكن هنري لانچهام وقف حازماً.
على العكس من ذلك، لقد كان عازمًا على مرافقتي إلى ثورنفيلد وحمايتي مهما كان الثمن.
لهذا السبب، ارتدى هنري جيكل لانچهام، وريث عائلة النبلاء العريقة ومالك فندق لانچهام في لندن، زي المساعد.
“لكن يا هنري … ماذا يمكنني أن أقول؟”
اقتربتُ خطوة من هنري، الذي كان يقف أمامي، وألقيت نظرة سريعة عليه.
مرتديًا بدلة سوداء وقميصًا أبيض وربطة عنق على شكل فراشة، شعرت بسحر غريب ومختلف في نفس الوقت ينضخ منه.
أستطيع أن أفهم مشاعر السيدات النبيلات اللواتي يلعبن بالنار من أجل كسب اهتمامه وإغرائه.
العامل المساعد هو موظف مسؤول بشكل أساسي عن ترفيه الضيوف.
كان معظمهم يتباهى بمظهر طويل ونحيل، ولكن عندما كان السيد هنري يرتدي مثل هذا الزي، كانت قوته التدميرية الكاريزمية كبيرة.
“هذا يناسبك أفضل مما كنت أعتقد.”
اقتربت خطوة للأمام، وأدركتُ فجأة أنني اقتربت منه أكثر من اللازم، لذلك نظرت لأعلى.
“….”
رأيت وجه هنري محمرًا، وابتسامة لا إرادية تنتشر على شفتيه.
“هل تعرف كيف يبدو وجهك الآن يا هنري؟”
في اللحظة التي أزعجته فيها قليلاً بهذا الشكل الجميل، سقط ظل طويل فوق رأسي.
عندما رفعتُ رأسي مندهشة، قابلت عيني هنري وهو يميل نحوي.
“إذاً إيمي، و أنتِ…”
لقد كان تعبيرًا خطيرًا بشكل غريب، مختلف تمامًا عن النظرة المُحرَجة السابقة.
“هل تعرفين كيف تبدين الآن؟”
“… عفواً؟”
تحركت يده المغطاة بقفاز أبيض بالقرب من ذقني.
تتبعت أصابعه الطويلة والسميكة خط فكي في شكل قوس مستدير، وحافظ على مسافة بيننا بينما يداعب بشرتي.
استمر صوته، الذي كان أكثر هدوءًا من المعتاد، في الكلام.
“نحن الاثنان فقط في مثل هذه الغرفة الصغيرة ….”
في نهاية الأمر، بطريقة ما، شعرتُ بإحساس بالكهرباء تسري في جسدي، وكنتُ متوترة للغاية.
“إذا كنتِ، مثلي، تصنعين تعبيرًا يمكنه تحفيز أعماق قلب رجل خشبي مثلي بشكل كافٍ ….”
“هنري…”
“هل ترغبين في أن تصبحي أكثر وعيًا بالموقف الذي أنتِ فيه الآن؟”
هذا الشعور…
نظرتُ إليه مرة أخرى بشعور مفاجئ بالتناقض.
هنري، لا، “هايد”، ارتفعت إحدى زوايا فمه.
“هذا مستحيل…”
“لم أركِ منذ وقت طويل.”
اقترب وجه “هايد” وهمس من مسافة بدت وكأن أنفاسه تلامس أنفاسي.
“… لقد اشتقتُ إليكِ يا إميلي.”
فتحت عيني على مصراعيهما.
بعد ذلك بقليل، لمست شفته الناعمة والساخنة بخفة شحمة أذني.
عدتُ إلى الوراء بشكل لا إرادي، لكن ظهري لامس الحائط.
نبض_ نبض_
فتحتُ فمي، وشعرتُ بقلبي ينبض بشكل أسرع من المعتاد.
‘هايد هذا … ألم يختفي بعد ما حدث ذلك اليوم؟’
والد هنري جيكل، إدوارد هايد.
روح شريرة حاولت الاستيلاء على جسد ابنه من خلال عقد أقامه مع كتاب السحر الأسود.
‘لقد كنتُ أعتقد أنه قد تم تدميره مع
كتاب إيبون.’
ألم يعترف الملك ذو الرداء الأصفر أيضا بحقيقة اختفائه وكافئني على التخلص منه؟
عندما حدقتُ فيه بنظرة من عدم الفهم، ابتسم “هايد” بوجه هنري بمكر.
“أوه، بالطبع بقايا والدي اللعين، إدوارد هايد، اختفت من هذا العالم دون أن تترك أثراً.”
“إذاً أنت…”
“هل يمكنكِ اعتباري على أنني شخصية هنري الأخرى؟”
نعم.
الـ”هايد” الذي أمامي الآن ليس الروح الشريرة لإدوارد هايد، والد هنري البيولوجي، إنما هو شخصية أخرى لهنري نشأت بداخله تمامًا.
“جيكل وهايد.”
بينما تمتمت بصوت خافت، أومأ “هايد” بسعادة.
“نحن مثل وجهين لعملة واحدة.”
“….”
عندما حدقتُ به دون أن أنبس ببنت شفة، هز “هايد” كتفيه دون مبالاة.
“ليست هناك فائدة من التحديق في وجهي بهذه القسوة … ألستِ متعبة من رؤية نفس الشخص كل يوم؟”
“عن ماذا تتحدث؟”
“إميلي، أنت تشعرين بذلك أيضًا. عندما تكونين أمام “جيكل”، أنت تضايقينه عرضًا، لكن…”
في تلك اللحظة، دون أن أدرك ذلك، تم الإمساك بيدي.
أمسك “هايد” بيدي ووضعها على جهة صدري اليسرى.
نبض_ نبض_ نبض_
شعرتُ بقلبي ينبض بعنف من خلال القفاز.
“أمام ‘هايد’، أنت تشعرين بالتوتر دائماً.”
” أنا….”
“مهما كانت الحقيقة، ألن يكون ذلك مفيدًا لهنري؟”
“اترك يدي.”
فقط عندما أخبرته بذلك، ترك “هايد” يدي.
“لا توقفي نفسك كثيرًا، إلى جانب ذلك…”
في اللحظة التي رأيت فيها اتجاه نظراته، ارتفعت الحرارة في وجهي.
‘لماذا السرير بجانبي مباشرة …’
بدأتُ أشعر بالتوتر الحقيقي في وقت لاحق.
أن أكون وحيدة في غرفة مع رجل تهيمن عليه شخصية لا تختلف عن شخصية الوحش.
ابتسم هايد كما لو أنه لاحظ أفكاري.
“ألستِ أنتِ هي نفس السيدة التي أحضرت المساعد إلى غرفتها التي تحتوي على ‘سرير’؟”
“… اخرج من هنا .. الآن.”
“ألستِ فضولية؟”
واصل هايد كلامه، ليس بنبرته المهذبة المعتادة، ولكن بنبرة غير رسمية كعامة الناس.
“كيف استطعتُ الاستيلاء على جسد هنري في هذه المرحلة؟”
كما لو أنه نجح في إثارة اهتمامي، ابتسم هايد منتصرًا بعد كلماته.
لكنني ركزتُ على أجزاء أخرى.
“هذا يعني … هل هذا يعني أنه ليس من السهل عليك السيطرة على جسده بشكل طبيعي؟”
“إنه حاد الطباع وعنيد.”
وضع هايد نظرة عابسة للحظة.
“إذاً، كيف استطعت التحكم به الآن؟”
بالعودة إلى السؤال السابق، أجاب هايد بخنوع.
“لأن هناك كمية هائلة من الطاقة الشيطانية تتدفق هنا في ثورنفيلد.”
“طاقة شيطانية؟”
“نعم، ألا تشعرين بها؟”
عندما أومأتُ برأسي بشكل خفيف، ابتسم هايد ابتسامة خبيثة.
“أنتِ و تلك الخادمة الطائشة رائعات حقاً. إنه لأمر مدهش كيف تظلون متيقظتين في هذا القصر الخانق.”
لم يكن هناك شيء مميز في الانطباع الأول لهذا القصر سوى أنه كان وحيدًا ومهجوراً إلى حد ما.
بينما ضيّقت عينيّ، هزّ هايد كتفيه.
“إذا كنتِ لا تصدقينني، ألقي نظرة فاحصة على تلك المرأة العجوز غدًا.”
“إذا كنت تقصد مرأة عجوز … هل تتحدث عن السيدة فيرفاكس؟”
“نعم. تلك المرأة في منتصف الطريق إلى عالم الشياطين بالفعل. على الأقل، يبدو أن الطفلة بخير بفضل أمر الوصي الذي يحميها…”
يوجد شخص واحد فقط في هذا القصر يمكن تسميته “طفلة”.
“إذا كانت طفلة … هل تقصد آديل بارين؟”
بدلاً من الإجابة، أومأ هايد برأسه ونظر في مكان ما فوق كتفي.
عندما نظرتُ إلى الوراء إلى حيث كانت تتجه نظرته، رأيت حقلاً واسعاً خلف النافذة.
“لماذا تنظر هناك؟”
بدلاً من الرد على كلماتي، اقترب هايد خطوة من النافذة.
“… إنه مركز هذه الطاقة الشيطانية المكثفة.”
“عفواً؟”
هايد، الذي كان يقف أمامي مباشرة، نظر إلي.
“لا بد من أن يكون هناك كوخ صغير أو شيء من هذا القبيل في الشمال الغربي. تحققي هناك.”
قبل أن أسأله عما كان يتحدث عنه، انحنى هايد إلي، وقام بتقبيل جبهتي.
“……!”
رفعت رأسي مندهشة، متفاجئة جدًا من ملمس شفتيه المخملية اللطيفة على جبيني.
لكن كان “هايد” قد رحل قبل أن أعرف ذلك، وعاد “جيكل” بوجه خجول كما لو كان على وشك الانفجار.
“هذا … هذا … هذا …”
“… هنري، هل تتذكر كل ما حدث قبل قليل؟”
عندما سئلتُ هنري وأنا أشبك ذراعي وأحدق في وجهه، قال:
“حسنًا … هذا …”
بدلًا من الرد بشكل صحيح، فتح الباب وهرب بعيدًا بسرعة.
“أوه حقًا.”
…كان عليه أن يجيبني أولاً ثم يهرب.
نظرتُ إلى ظهره خلف الباب المفتوح، وابتسمتُ بخفة.
──────────────────────────
~(اتركوا أي ملاحظات بقسم التعليقات، سأقرؤهم كلهم 😊)~
──────────────────────────
أو بإمكانكم التواصل معي مباشرة على الانستغرام لأي استفسارات.
🌸الانستغرام: Asli_Khadija7@
──────────────────────────