إميلي تصطاد الوحوش - 4
──────────────────────────
🌷 الفصل الرابع –
──────────────────────────
كانت المساحة بداخل الكنيسة أظلم بكثير من الخارج.
ورغم أنني كنت أعرف أنه لا يوجد أحد هنا، لكن لم يسعني إلا أن أسأل بدافع الخوف.
“هل من أحد هناك؟”
ربما حدث ذلك بسبب المساحة الفسيحة، إلا أن صوتي قد تردد صداه في الأرجاء.
ارتجفتُ للحظة وأضأتُ مصباح الزيت بسرعة. مع احتراق النار، كان بإمكاني أن أرى ما كان أمامي بشكل أكثر وضوحًا.
في منتصف الغرفة كان هناك عمود حجري للعمارة الرومانية يدعم السقف المقوس، وبرز المبنى المهجور بمظهر عتيق ورائع بالكامل.
بدأ قلبي يخفق بسرعة، لقد كان “الفزع” الذي أحس به أكثر مما كنت أتوقع.
أنا متأكدة من أنه يمكنني الحصول على صورة جيدة هنا.
لا يمكن أن يكون هناك وحش حقيقي بالأرجاء، لكن لن يكون التقاط صورة للجو مخيف بنتيجة سيئة.
بينما كنتُ أقنع نفسي بهذا، غامرتُ وبدأت أدخل إلى أماكن أعمق في الكنيسة.
كرانش_ كرانش_
هل هذا صوت حيوان صغير؟
توجهت نحو مصدر الضوضاء، ومع اقترابي، لَثَّتني رائحة كريهة مجهولة من أنفي وبدأ صوت المضغ يعلو ويعلو.
لكن عندما فكرتُ في عودة أدراجي والهرب من المكان، أغلقت الرياح فجأة الباب الخشبي خلفي.
“كيروك؟”
ثم ظهر شيء من الظلال.
“……”
في اللحظة التي رأيته فيها، كدتُ أسقِط مصباح الزيت من يدي.
ما هذا بحق خالق الجحيم؟
كيروك_ كيروك_
لم يكن الضجيج الغريب الذي سمعته من قبل سوى صوت الوحش.
لقد كان ذا لون غير معروف، وجلد أسود، وبشرة شبه محترقة. كما انتفخ ظهره مثل الرجل الأحدب. وبصرف النظر عن خصلات الشعر القليلة، كانت ملامحه أقرب إلى الوحش من الإنسان.
وكان الوحش يأكل شيئًا ما بأسنانه الحادة.
يا إلهي!
لقد كان الجسد البشري الذي يأكله الوحش هو مصدر الرائحة الفاسدة التي جعلتني أرغب في التقيؤ.
ارتجفت يدي، وبدأتُ في الجري لأنني اعتقدت أنه كان يجب عليّ أن أهرب في أسرع وقت ممكن، لكنني أدركت ذلك بعد فوات الأوان.
“غررر …”
لقد شعر الوحش بالفعل بحضوري، ووجهه الذي كان يبدو وكأنه مزيج من الوجوه المتعددة الذائبة معًا، بدأ يحدق في وجهي.
كيروك_ كيروك_ كيروك_
اقترب الوحش مني أكثر فأكثر.
علي أن أركض!
ومع ذلك, لم تتحرك قدماي كما لو كانتا مُسَمّرتين على الأرض.
بادام_ بادام_ بادام_
رن صوت قلبي النابض في أذني، واقترَبَت مني الرائحة الكريهة أكثر فأكثر.
ووش!
اندفع الوحش نحوي، وانغرست أسنانه الحادة في حلقي.
جعلني الألم الحاد والشديد أشعر بالدوار.
هل هكذا سأموت؟
انسكب دمي على الأرض بينما فقدتُ الإحساس في يدي وقدمي.
وقبل أن أُرَحِّب باحتضان الموت الدافئ، سمعتُ همسة في أذني.
[وكيلتي الوحيدة، إميلي كارتر.]
كل ما استطعت رؤيته عندها هو ضوء ذهبي. وتلاشى الشعور بأنني كنت أموت تدريجياً.
[سأعيد وقتك إلى الوراء.]
ثم فقدت وعيي.
***
“…آه!”
فتحت عيني لرؤية مقعد الدرجة الثالثة في القطار. وكان الكتاب الذي كنت أقرأه في حضني.
…لقد كنت ما أزال في القطار متجهة إلى ضواحي الكنيسة المهجورة.
ماذا حدث للتو؟
كان جسدي كله يتصبب عرقًا باردًا.
عندها تذكرت ما حدث لي قبل قليل، ربما كان ذلك مجرد كابوس؟
في تلك اللحظة تحدث لي صوت في رأسي.
[تخلصي من أولئك الذين يأكلون الجثث.]
لقد كان ذلك نفس الصوت الذي سمعته في كابوسي …
إذًا ألم يكن ما عشته كابوسًا؟
“……”
هززت رأسي.
عندما أغمي علي قبل بضعة أشهر، رأيتُ هلوسة وتحدثتُ بالهراء. والآن بدأت أسمع أشياء خيالية؟
بعدها ببطء، بدأت الكلمات تظهر في الكتاب الذي كان في حضني.
[أثبتي مؤهلاتك يا وكيلتي.]
لقد بدت وكأنها مطبوعة على الورقة؛ لكن بمجرد أن لمستها، اختفت الحروف وظهرت كلمات جديدة في مكانها.
[لقد تم اختيارك يا إميلي كارتر، كوكيلة الملك ذو الرداء الأصفر وخليفته في الأرض.]
[الوكيل ملزم بتنفيذ أوامر الملك.]
راقبت بهدوء المنظر الخارق للطبيعة للحروف التي تظهر وتختفي.
لقد قابلتُ وحشًا في كنيسة مهجورة وهاجمني ثم عدت إلى الماضي. وهذه الكلمات التي تظهر وتختفي في الكتاب…
كل شيء حتى الآن كان خارج نطاق العقل والمنطق.
[يجب أن تحاربي أولئك الذين يأكلون الجثث. هذا هو أول اختبار لإثبات جدارتك كوكيلة.]
كنت ما أزال لا أعرف ما الذي كان يجري، ولكن كان هناك شيء واحد مؤكد.
لقد كان هذا “الملك ذو الرداء الأصفر” هو الشخصية التي تلبس العباءة الصفراء التي رأيتها في تلك الهلوسة قبل أشهر. ولقد أمرني “هو” بالتخلص من الغول.
(م.م: تم وضع “هو” بهذا الشكل لأنها لم تدري ما إذا كان رجلًا أم عديم الجنس باعتباره روح.. لكننا سنستمر بالإشارة له كـ”هو” باختصار لأنه صوته رجولي وفي اللغة العربية ليس هناك اختلاف بين he و it.)
[إذا لم تتمكني من تنفيذ أمر الملك في غضون ستة أشهر، فإن نهاية العالم ستحدث أمام عينيك.]
نهاية العالم؟
للوهلة الأولى، كان هذا الكلام ضربًا من الجنون.
ومع ذلك، لفتت تفاصيل كلامه انتباهي.
هل “هو” يريدني أن أعود إلى حيث كنت من قبل؟
بالإضافة إلى ذلك، بناءً على الكلمات التي رأيتها، فقد واجهت غولًا حقًا في الكنيسة المهجورة.
إذًا الغول مخلوق حقيقي وموجود في هذا العالم بالفعل.
عندما أغمضت عيني لفترة وجيزة، ظهرت في ذهني صورة الوحش الذي هاجمني وارتجف جسدي كله.
لم أكن أرغب في العودة إلى مثل ذلك المكان، ولم يكن يوجد سبب يجعلني أموت مرة أخرى.
“المحطة التالية هي يوستن. يوستن … ”
حملتُ أمتعتي ونزلت من القطار.
لقد كنت أخطط للذهاب وإيجاد عربة والعودة إلى المنزل… لكنني لم أحقق هدفي.
“احذري!”
حالما غادرت محطة القطار، كانت هناك عربة تتوجه نحوي بسرعة مخيفة، وخرجت خيولها عن السيطرة.
ثم سحقتني العربة حتى الموت.
هل ستعيد وقتي مرة أخرى؟
سمعت صوتًا مألوفًا، وغمرني ألم رهيب.
***
حاولت ألا أموت مرة أخرى، لكنني لم أنجح.
في المرة الثالثة، تمكنتُ من الهروب من القطار واقتربتُ من الوصول إلى منزلي. لكنني متت من تسمم غذائي أثناء تناول الطعام في مطعم محلي.
في المرة الرابعة، ركضتُ مباشرة إلى منزلي ولم أتناول أي شيء.
وبمجرد أن كنت أمام الباب، صدمتني سيارة مشهورة خلال تسعنيات القرن التاسع عشر كانت مسرعة وقتلتني.
في كل مرة كنت أموت فيها وأعود بالزمن، كانت تعود لي ذكريات لم أكن أتذكرها من قبل وتربكني.
لكن لم تكن مصداقية ذاكرتي شيئًا مهمًا، فكل ما كنت أفكر فيه هو كيفية الهروب من الموت.
ماذا لو غادرت لندن؟ ألن يمنعني ذلك من الموت؟
استقلت قطارًا إلى كارديف، وهي مدينة ساحلية بعيدة عن لندن. عندما رأيت السماء الزرقاء الصافية، شعرت بالارتياح.
“أعتقد أنني سأكون بخير هنا.”
ذهبتُ إلى مطعم قريب وأكلت السمك المقلي مع البطاطس المهروسة، ولم أعاني من تسمم غذائي هذه المرة.
لقد كنت بأمان. لن أموت للمرة الخامسة.
قررتُ البقاء في كارديف لفترة طويلة بعد استئجار غرفة في فندق في وسط المدينة. وأخبرت خالتي فقط وعدد قليل من محرري المجلات في لندن عن مكان إقامتي الحالي.
وأثناء الاستمتاع بحياة مريحة في مدينة ساحلية، بدأت تظهر مقالات إخبارية غريبة في الجرائد.
مات الجميع في حفلة لأسباب غير معروفة.
رأى أحد أفراد عائلتهم روحًا شريرة وتوفي من الصدمة.
خرجت الجثث من قبورها.
هاجم وحش يشبه الشيطان مزرعة…
نقرت على لساني وأنا أنظر إلى الرسم التوضيحي لـ “الجثث التي أعيد إحياؤها” على الصفحة الأولى من الصحيفة.
“كيف يمكن أن تكون هناك قصة أشباح على الصفحة الأولى من جريدة أخبار لندن المصورة؟”
كنت جالسة على شرفة مطعم على الشاطئ عندما وضعت الجريدة على الطاولة ونظرت عبر النافذة، وكنت أنظر إلى المحيط الشاسع.
لقد كنت أقدّر المشهد الهادئ من أعماق قلبي.
ثم فجأة، ظهرت كلمات مكتوبة بخط اليد على مفرش المائدة.
[لقد انقضى الوقت الممنوح للوكيلة الشابة الجميلة. نهاية العالم قريبة.]
…نهاية العالم.
ألم يكن هذا ثمن عدم تنفيذ أوامر الملك؟
عندها، اهتز المطعم بأكمله.
تفاجأ الجميع بمن فيهم أنا، ثم أشار شخص ما إلى النافذة.
“البحر!!!”
ظهرت موجات كبيرة على البحر الهادئ.
وبمجرد أن ركزت أعين الجميع عليها، كان هناك هدير مدوي.
كوووو!
ارتفع كيان ضخم من البحر الذي انقسم إلى نصفين.
“أرغ!”
“اللعنة، لا بد لي من الخروج من هنا الآن!”
“يا إلهي الذي في السماء …”
وبينما كان الناس يصرخون ويهلعون من مشاهدة “ذلك الشيء”، حدّقتُ في البحر.
كان للشكل مجسات طويلة مثل الأخطبوط، وقد أثبت رأسه أنه ليس مخلوقًا من هذا العالم…
لقد كان وجودًا لا يمكن تفسيره بالعقل البشري.
كل من حولي استولى عليهم الجنون.
سقط بعضهم على الأرض وأصيبوا بنوبة صرع، بينما أخرج بعضهم الآخر مسدساتهم ووجهوها نحو رؤوسهم، وقفز البعض منهم في المحيط وألقى بنفسه وانتحر.
لقد كنتُ أنا فقط… كنت الوحيدة الذي لم تتأثر.
شددت قبضتي.
[وكيلتي.]
رن صوت الملك ذو الرداء الأصفر في رأسي.
[سأحمي عقلك.]
هل كان ذلك بسبب امتلاكي نوعًا معينًا من القوة؟
لقد كنت بخير في مواجهة هذا الرعب المروع.
وبفضل ذاكرة حياتي الماضية، أدركت ما هو “هذا المخلوق”.
الحاكم الحقيقي للأرض الذي نام في مدينة الـ”ريليه” المفقودة، الكيان الكوني الذي أنشأه كاتب الرعب الأمريكي هـ. لوفكرافت.
ما ظهر أمام عيني لم يكن سوى مخلوق كثولو الأسطوري.
(م.م: ريليه مدينة خيالية غرقت تحت جنوب البحر الهادئ وذكرت في رواية نداء كثولو .. وهي المكان الذي كان كثولو نائمًا مختومًا فيه قبل أن يستيقظ من جديد ويتحرر.)
إذا كان هناك شيء واحد قد لاحظته بعد أن ولدت من جديد في عالم مشابه لإنجلترا في تسعينيات القرن التاسع عشر …
أن هذا كان مكانًا يوجد به الرعب الكوني، والخوف من عالم آخر يتجاوز الفهم البشري.
وتم العثور على هذه الفكرة في أسطورة كثولو، حيث لم تكن هناك آمال أو أحلام.
لقد كنت متجمدة في مكاني كقطعة من الحجر في مواجهة ذلك الخوف الساحق. ثم تحولت رؤيتي إلى اللون الأسود، وشعرت بما حدث بعد ذلك.
ظهر مخلوق قديم عظيم في لندن.
وهكذا انتهى العالم.
──────────────────────────
✨فقرة الشروحات:
كثولو هو مخلوق أسطوري ذكر في مجموعة كتب أساطير كثولو وهو كائن من عالم يتجاوز فهم البشر … وهو شخصية وهمية لمخلوق كوني، من خارج الكرة الأرضية والمجرة وربما من بعد كوني آخر، ظهر للمرة الأولى في قصة قصيرة تحت عنوان «نداء كثولو»
──────────────────────────
~(اتركوا أي ملاحظات بقسم التعليقات، سأقرؤهم كلهم 😊)~
──────────────────────────
أو بإمكانكم التواصل معي مباشرة على الانستغرام لأي استفسارات.
🌸الانستغرام: Asli_Khadija7@
──────────────────────────