إميلي تصطاد الوحوش - 35
──────────────────────────
🌷 الفصل الخامس والثلاثون –
──────────────────────────
تمامًا عندما كانت أبيجيل على وشك التراجع خطوة إلى الخلف، أضافت سالي بسرعة:
“لا، في الواقع، إن سيدتي مهتمة جدًا بالنبيذ هنا. نظرًا لأنكِ تعملين في المكان الذي يُصنع فيه هذا النبيذ، فأنا متأكدة من أنكِ تعرفين أشياء كثيرة عنه.”
“لكن لماذا أنا …”
“آبي، نحن الخادمات – نعيش نفس المعاناة. أليس من الصعب عليكِ العمل كخادمة في مثل هذا المكان البعيد و المقفر؟”
“…..”
ومضت عيون أبيجيل للحظة؛ لقد كانت سالي تدرك جيدًا نقاط ضعفها.
“من المعروف أن أساليب صنع النبيذ التي يتبعها السير بريدل هي أسرار مخفية جيدًا. وسيدتي … إنها فضولية للغاية حيال ذلك.”
“…..”
“قبو النبيذ هو مكان لا يمكن لأحد دخوله إلا إذا كان مسموحًا له بذلك. لذلك آبي، إذا استطعتُ التسلل الى هناك … ”
همست سالي في أذن أبيجيل.
“يمكن لسيدتي كتابة خطاب توصية لكِ و أن تقدمه للأرستقراطيين في العاصمة لندن وأن تطلب منهم أن يقوموا بتوظيفك عندهم. و يمكنها أيضًا أن تعدك بمكافأة مالية كبيرة مقابل تعبك.”
لم يكن هذا ارتجالًا، بل كان جزءًا مما وعدت به إميلي حقًا.
“أوه يا إلهي…”
تراجعت أبيجيل وهي متفاجئة، لكن سالي كانت واثقة من أن استراتيجيتها سوف تنجح.
‘هذا النوع من الصفقات هو الأفضل بالنسبة لشخص مثل آبي.’
كما كانت سالي من قبل، كانت النساء اللائي يعشن في لندن دائمًا في عجلة من أمرهن للحصول على المال.
لأنه حتى لو عمل المرء طوال اليوم، فإن الأجر الذي يحصل عليه يكفي بالكاد لتوفير الطعام والملبس والمأوى.
لذلك من المعروف أن وظائف الخادمات التي توفر السكن والطعام مطلوبة بشدة. ولكن لدخول قصر أحد الأرستقراطيين الأثرياء، يحتاج المرء إلى خطاب توصية من شخص موثوق به.
لسوء الحظ، كان الحصول على خطاب توصية بدون معارف شخصية أمرًا صعبًا مثل التحديق في النجوم وقت الظهر.
وكذلك في منزل بريتشيستر، يتم تغيير الموظفين كثيرًا؛ مما يتسبب في نقص العمال لأن الجميع يتجنب القصر الملعون.
لم تحب آبي هذا المكان أيضًا، ولكن كان من الصعب عليها العثور على وظيفة أخرى، لذلك لم يكن لديها خيار أفضل.
ولكن ماذا سوف يحدث إذا وُعدت بوظيفة جديدة وكذلك بكسب مبلغ كبير من المال؟
لا يمكن أن يكون هناك عرض أفضل من ذلك.
“هل أنتِ جادة حقًا؟”
كانت عيون أبيجيل مشرقة بالفعل بالأمل.
“إذا كنتِ لا تصدقينني، فسوف أجعلك تقابلين سيدتي.”
عرفت سالي أنها قد أقنعتها تقريبًا، لكنها قررت أخد احتياطات للتأكيد على ذلك.
حدقت أبيجيل في سالي كما لو أنها كانت تتأكد مما إذا كانت تقول الحقيقة، ثم تحدثت بطريقة حازمة.
“إذن أنا أوافق على هذا. لكن هناك شرط.”
“ما هو هذا الشرط؟”
“سأخبرك بكل ما أعرفه، لكنني لن أقوم أبدًا، أبدًا …”
تسلل خوف شديد إلى عيون أبيجيل.
“لن أقوم بالذهاب إلى قبو النبيذ أبدًا.”
“لما لا؟”
عندما سألت سالي عن سبب هذه الكلمات غير المتوقعة، أعطتها أبيجيل إجابة مترددة.
“في الواقع…”
اتسعت عينا سالي عند سماع الكلمات التي خرجت من فم الخادمة.
***
بينما كانت سالي في منتصف المحادثة مع أبيجيل، كان هناك ثنائي غير متوقع يتسلل سراً إلى الطابق السفلي لقصر بريتشيستر.
إنهما جيمس موريارتي و جيمي اللذان كانا يتنكران في ملابس موظفي بريتشيستر.
“دهاءكَ مثير للإعجاب.”
هزت جيمي كتفيها دونما اكثرات عند سماع كلمات جيمس.
في وقت سابق من الصباح، نادتها إميلي جانبًا وقدمت لها طلبًا.
“أنا آسفة لإزعاجك، ولكن … هل يمكنني أن أطلب منك مراقبة البارون موريارتي؟”
من بين كل الناس، لقد كان هذا طلبًا من إميلي، ولذلك كان من المستحيل أن ترفضه.
لذا قبلت جيمي هذه المهمة دون سؤال وابتكرت طريقة بارعة للوصول إلى الطابق السفلي.
لم تكن هذه الطريقة الماهرة سوى عبر إغراء موظفي بريتشيستر بالرشاوى.
“الموظفون ليسوا مخلصين كما يعتقد أصحاب العمل. يمكنكَ الحصول على ما تريد ببضع كلمات من التشجيع والكحول باهظ الثمن وقطعة فضية واحدة.”
بهذه الطريقة، تلقى جيمي طقمين من الملابس التي كان يرتديها خدم بريتشيستر ومفتاحًا إضافيًا لقبو النبيذ.
في حوالي الساعة 4 أو 5 مساءً، عندما كان الجميع مشغولين بالتحضير للمأدبة المسائية، نزل موريارتي وجيمي إلى الطابق السفلي وهما يرتديان ملابس الخدم ويقفان أمام قبو النبيذ.
لقد تم منعهم من دخول القبو، ولكن عندما أصر جيمي على الأمر، استسلم الموظفون بسهولة وسمحوا لهما بالدخول.
“أنا أبدو جيدًا في ملابس الخادم، أليس كذلك؟”
لوى موريارتي شفتيه وابتسم ابتسامة خبيثة، لذلك ردت عليه جيمي عبر قطب حاجبيها.
“يبدو أن البارون لم ينظر في المرآة حتى.”
“همم؟ ألا أبدو جيدًا؟”
الحقيقة هي أنه كان يبدو رائعاً، لكن جيمي لم تستطع نطق تلك الكلمات.
لقد كان زي الخادم في غير محله بشكل مرعب بالنسبة لجيمس موريارتي.
‘هل هذا بسبب دمائه النبيلة؟’
بالنسبة لشخص مثل السيد هنري، وريث عائلة من الطبقة الأرستقراطية التقليدية، كانت تظهر كرامته و نبله و رقيه من خلال أخلاقه ومجاملاته وكلامه المنمق.
‘لكن جيمس موريارتي يعطي إحساسًا وكأنه رجل أرستقراطي منذ ولادته.’
لقد كان جلده شاحبًا بدرجة كافية لإظهار الأوعية الدموية، و كانت عيناه ذات اللون الأزرق السماوي تتألقان ببرود تحت حاجبيه، وبدت شفتيه نحيفتين وباردتين.
لقد كان وجهه وسيمًا لدرجة أنه لم يستطع أحد أن يرفع عينيه عنه؛ وكان كذلك يجعل الناس يشعرون بأنهم أقل مرتبة منه وبالرهبة منه في نفس الوقت.
ولقد كانت هناك أيضًا الهالة المخيفة الذي تصدر من البارون.
‘إنه مخيف.’
لم يؤذي جيمس موريارتي أي شخص من قبل ولم يتفوه بأي ملاحظات عنيفة، ولكن مجرد الوجود بجانبه أعطى جيمي شعورًا مخيفًا.
ارتجفت جيمي قليلاً.
هي لم تكن ترغب في تولي مهمة استكشاف غرفة التخزين بمفردها مع موريارتي، لكن كيف يمكنها رفض طلب إميلي؟
وبينما كانت تتنهد، قال جيمس، الذي كان بجانبها، هامسًا.
“يجب أن تدخل أولاً.”
“…حسنًا.”
فتحت جيمي باب القبو بصمت بالمفتاح الاحتياطي الذي حصلت عليه من خدم بريشيستر.
عندما دفعت الباب الثقيل، فُتِح الباب بصوت صرير، مما سمح للاثنين بالدخول إلى غرفة التخزين ذات الإضاءة الخافتة.
“…يا إلهي.”
في المشهد الذي ظهر ظهر أمامهما بعد أن اعتادت عيونهما على الإضاءة، كان على جيمي أن تبتلع الصرخة التي كادت أن تنزلق من فهما.
لقد شعرت بنذير شؤم قبل دخولها القبو، لكن مخاوفها تأكدت الآن.
أما جيمس موريارتي، فعندما واجه الكائنات المختبئة خلف الباب الخشبي القديم والثقيل، شعر بدمه يصبح باردًا كالثلج.
“ارغ…”
“اه اه اه…”
“امم انن امم…”
لقد كانت الأصوات المشابهة للأنين لا تبدو وكأنها صادرة من ذوات البشر.
لم يتمكن جيمس من فتح فمه أمام منظر الناس الذين كانوا يكافحون من أجل تحريك أجسادهم بقوة مثل الكتل الخشبية، أو كما ينبغي أن يطلق عليهم، “مخلوقات وحشية”.
“……!”
كما كان بإمكانه رؤية جيمي وهي تقف بجانبه بينما تغطي فمها بيدها وتكبت صراخها بصعوبة بالغة.
‘لقد كانت فكرة جيدة أن أحضره معي.’
بناءً على طلب إميلي، أحضر جيمس جيمي إلى هنا لأنه اعتقد أنه يمكن أن يقدم له الإسعافات الأولية في حالة الطوارئ، كونه طبيبًا.
لكن إذا كان هؤلاء الناس هم خصومه، فبغض النظر عن مدى مهارته هو أو جيمي، فذلك لا فائدة منه.
“هيج …”
“ارغ …”
كرر الموظفون الغرباء حركاتهم الميكانيكية دون أن يلاحظوا وجود الاثنين.
“جيمي.”
عندما همس جيمس في أذنها، التفت جيمي لتنظر إليه في رعب.
تحدث جيمس بصوت أجش.
“لا يبدو أنهم يتمتعون ببصر جيد، لذلك دعنا نذهب إلى الداخل بهدوء قدر الإمكان ونكتشف ما يفعلونه بحق خالق الجحيم.”
أومأت جيمي برأسها بدلاً من الإجابة، وبدأ الاثنان في التحرك –
لقد تحرك جيمس ببطء وبصمت، وتبعته جيمي من الخلف.
“ااخ …”
في اللحظة التي تجاوز فيها جيمس الموظف الذي كان في المقدمة، شعر وكأن دهرًا سرمديًا قد مر.
لكن عندها نظر جيمس إلى الجانب وكان مذهولًا.
‘ذاك الوجه…’
شيء كان قد نسيه من قبل ظهر أمامه فجأة.
لقد اختفى بعض الحاضرين في مأدبة بريتشيستر؛ والعديد منهن كانوا شابات ليس لهن انتماءات معروفة.
‘على الرغم من أن الوجه مشوه، إلا أنني متأكد من ذلك.’
لقد كان نفس الوجه الذي رآه جيمس في الجريدة على أنه شخص مفقود.
خلص جيمس إلى أن تعويذة حقيرة قد ألقيت على المفقودين لسحب إرادتهم وإجبارهم على صنع النبيذ.
لم يكن معروفًا نوع السحر الذي تم استخدام ، لكن يبدو أن الناس كانوا في هذه الحالة منذ فترة طويلة.
‘هذا يعني أن هناك شيئًا شريرًا في النبيذ.’
ربما كان السيد بريدل وراء ذلك، أو ربما حتى هو يتم التلاعب به من قبل شخص آخر.
كلما تعمق جيمس في الداخل، كلما زادت حدة الرائحة المثيرة للاشمئزاز.
لقد كانت الرائحة سيئة لدرجة أنها أصابته بالصداع.
في تلك اللحظة بالذات، دخل الاثنان إلى أعمق جزء من الطابق السفلي …
“……!”
لم يصدق جيمس ما تراه عينيه.
داخل الخزان الزجاجي الضخم الذي يتسع على طول غرفة الطابق السفلي، كانت هناك عدة مخالب تتلوى مثل مجسات الأخطبوط.
‘يا إلهي…!’
ابتلع جيمس لعابه الجاف بصعوبة.
أثناء مطاردة قتلة والديه، واجه جيمس العديد من الطوائف والظواهر التي لا يمكن تفسيرها بالعقل البشري …
لكنها كانت المرة الأولى التي يرى فيها مشهدًا مرعبًا للغاية لدرجة أنه شعر وكأنه قادم من عالم شيطاني آخر.
على الرغم من دهشته من المخلوق الغريب الذي رآه لأول مرة في حياته، إلا أنه لم يستطع أن يرفع عينيه عنه.
على طرف المجسات كانت هناك شوكة ضخمة يخرج منها مخاط سميك.
“ااه …”
وبعد أن جرف الموظفون ذلك المخاط بمغرفة، وضعوه في برميل نبيذ ضخم وخلطوه معه.
‘هذا هو سر نبيذ بريشيستر!’
لقد كانت المجسات المرعبة تتلوى وتقطر بالمخاط.
في مشهد مثير للاشمئزاز، كافح جيمس لقمع الغثيان المتزايد الذي يتقلب في معدته.
“…!”
جيمي، الذي وصل بعده متأخرًا، كان له رد فعل مماثل.
فكر جيمس:
‘لا يمكنكَ إصدار أي صوت.’
واستدار بسرعة لرؤية جيمي، الذي كان وجهه شاحبًا، ويغطي فمه، وبالكاد يمنع صراخه.
لكن…
‘لقد وصل بالفعل إلى حده الأقصى.’
تنهد جيمس عندما رأى عيني جيمي شبه مفتوحتين.
لحسن الحظ، كان الصبي جراحًا، وبعد رؤية العديد من الجثث كل يوم، كان يحاول تحمل هذا المشهد بأفضل ما لديه من قدرات.
لكن اعتقد جيمس بعدها :
‘لا بد أن يميل الأشخاص العاديون إلى الإصابة بالجنون الشديد عندما يواجهون أشياء لا يمكن تفسيرها بالمنطق البشري.’
──────────────────────────
~(اتركوا أي ملاحظات بقسم التعليقات، سأقرؤهم كلهم 😊)~
──────────────────────────
أو بإمكانكم التواصل معي مباشرة على الانستغرام لأي استفسارات.
🌸الانستغرام: Asli_Khadija7@
──────────────────────────