إميلي تصطاد الوحوش - 31
──────────────────────────
🌷 الفصل الحادي والثلاثون –
──────────────────────────
كانت السماء فوق قصر بريتشيستر ملبدة بالغيوم كالعادة.
على عكس مدينة لندن المليئة بالضباب الدخاني، كان سبب هذا الجو هنا هو الضباب المتصاعد من البركة الضخمة المجاورة للقصر.
في الأيام الباردة، تؤدي الرطوبة الباردة الناتجة عن هذا الضباب إلى تجمد عظام كبار السن من البرد.
“… إن المكان قاتم للغاية طوال الوقت.”
نقرت أبيجيل على لسانها ونظرت من النافذة.
لقد كانت البركة صغيرة جدًا لتتم تسميتها ببحيرة؛ ولكنها كانت كبيرة جدًا مقارنة بالبرك الأخرى.
كما كان من الغريب جدًا ألا تعيش أي حيوانات بالقرب من البركة أو بداخل البركة، وحتى الماء نفسه كان بعيدًا كل البعد عن الشفافية.
لقد كانت البركة مليئة بمواد غريبة وكانت دائمًا غائمة وغير متجانسة القوام؛ إذا اقترب شخص ما منها، فسوف يلاحظ رائحتها الكريهة. كما كانت مياهها الخضراء الفاتحة اللامعة تذكرنا بالجيلاتين.
لقد قال السيد بريدل شيئًا مثيرًا للسخرية من قبل مثل كون هذه البركة هي هوية قصر بريتشيستر.
لكن أبيجيل والعمال الآخرون كانوا على دراية جيدة بالأمر …
تحت تلك البركة، كان يبقع هناك شيء رهيب في الأعماق.
‘التحديق في البركة يصيبني بالقشعريرة.’
ارتجفت أبيجيل، وهي تتخيل ما قد يكون تحت سطح الماء.
بالإضافة إلى ذلك، لم تكن تعرف لماذا يعاني الموظفون الذين لديهم غرفة بالقرب من البركة من الكوابيس بشكل دائم.
“آبي، هل سمعتِ آخر الأخبار؟ لقد استقالت السيدة سوليفان. لم تدم حتى شهرًا معنا.”
لقد كان هناك المزيد والمزيد من الأشخاص الذين يستقيلون بسبب الكوابيس التي لا تنتهي.
نظرت أبيجيل إلى البركة، ثم ارتدت ملابسها وغادرت غرفتها.
إن الوضع نفسه كما كان من قبل.
بمجرد دخولها الرواق، ملأ الهواء الرطب رئتيها، وتوجهت بخطى ثابتة نحو قبو النبيذ.
من بين كل الأشياء، لقد كانت آبيجيل مسؤولة عن قبو النبيذ.
المسؤولية نفسها لم تكن صعبة.
كل ما كان على الشخص فعله هو الذهاب إلى هناك، وأخذ زجاجات النبيذ من الموظفين، وتسليمها إلى المطبخ.
لكن إذا كان هناك سبب لتجنب الجميع هذه المهمة البسيطة فسيكون هو …
نزلت أبيجيل على الدرج الخشبي، الذي كان يصدر صوت صرير تحت وطأة خطواتها، إلى القبو.
لقد كان يحتوي على كل النبيذ الذي كان يُستخدم في هذا القصر؛ والذي سوف يتم فيما بعد سكب كل قطرة منه في الأكواب وتقديمه للضيوف.
كانت غرفة القبو، مع تشغيل عدد قليل من مصادر الضوء، مضاءة بشكل خافت.
قالت أبيجيل:
“مرحبًا، لقد حان دوري اليوم.”
لكن لم يكن هناك رد.
لم تكن تريد أن تدخل إلى الداخل أبعد من ذلك، لكن لم يكن لديها خيار آخر.
عندما وصلت إلى أسفل الدرج، وخزت أنفها رائحة كريهة غامضة.
“آه …”
قرصت أبيجيل أنفها لتغلقه، ثم نظرت حولها.
شم تلك الرائحة الكريهة جعلها في حيرة من أمرها لثانية، لكنها فوجئت بعد ذلك بمظهر “هم”.
“…!”
لقد كانوا يتأوهون ويلوحون بأذرعهم حولها.
“واه …”
“آخ …”
كان كل واحد منهم يبدو مثل أي خادم أو خادمة أخرى إذا تجاهلت آبيجيل بعض التفاصيل مثل …
الوجه الشاحب.
تحرك الأطراف في الاتجاه الخاطئ.
وتلك العيون المحتقنة بالدم.
“أوه …”
لقد لاحظوا وجود أبيجيل، وساروا ببطء نحوها.
كانت تحركاتهم غريبة فعلًا.
فبدلاً من تحريك كل طرف على حدة، بدا الأمر كما لو أنه كان يتم التحكم في أذرعهم وأرجلهم بواسطة خيوط غير مرئية.
لقد كانوا مثل الدمى المتحركة التي رأتها آبيجيل عندما كانت صغيرة.
أما أفظع شيء فيهم كان هو عيونهم.
للوهلة الأولى، لم تكن عيونهم مختلفة عن الشخص العادي، ولكن إذا نظرت عن كثب، فسوف تلاحظ أن نظراتهم لم تكن مركزة؛ ولم يكن البؤبؤ يتحرك.
“ووه، أوه …”
لقد كان هناك حوالي عشرة موظفين غيرها في قصر بريتشيستر كله، لكن أبيجيل كانت مكلفة بإحضار النبيذ من القبو حتى قبل أن تبدأ العمل هنا رسميًا.
“إنهم مجرد أشخاص عاديين، آبي. هم فقط لا يتحدثون بشكل صحيح ولا يبدون لطيفين.”
بتذكر كلمات ماري، حشدت أبيجيل شجاعتها، لكن ذلك لم يكن سهلاً.
بغض النظر عن عدد المرات التي تقوم فيها بهذا، كيف يمكنها البقاء على ما يرام بعد رؤيتهم هكذا؟
هي لم تكن مصدومة مثل المرة الأولى، ومع ذلك، كان الأمر لا يزال فظيعًا وغريبًا.
لقد شعرت أن قلبها كان ينبض بشكل أسرع سواء كان ذلك بسبب الخوف أو الاشمئزاز الغريزي.
تمكنت أبيجيل من فتح فمها، بينما بالكاد كانت تمقع رغبتها في الخروج من القبو في أسرع وقت ممكن.
“عليك أن تعطيني مخزون اليوم من النبيذ …”
على الرغم من أنها قالت لنفسها أن تكون شجاعة، إلا أن صوتها كان بالكاد مسموعاً ومفهومًا.
من بين الجثث، خرج شخص مسرعاً وهو يحمل زجاجتين من النبيذ.
“ها … ها … ها هي هنا …”
نعم، يمكن لبعضهم التحدث باللغة البشرية.
ابتلعت أبيجيل لعابها وانتظرته لتسليم النبيذ.
لهذا لم أرغب في المجيء إلى هنا.
لقد اشتهر قصر بريتشيستر بالأجور السخية لعماله؛ لكن على الرغم من ذلك، استمر الموظفون في الاستقالة من عملهم، وكانوا يعانون دائمًا من نقص في العمال.
“آه …”
“ووه …”
لقد كان يحدث ذلك لأن وجود هؤلاء الأفراد كان معروفًا بين الخدم من خلال الشائعات الشفهية التي تنتقل بين الموظفين.
إن هذا رهيب.
لم تستطع أبيجيل معرفة سبب كونهم هكذا أو ما إذا كان يتم التحكم بهم من قبل شيء ما، لكنها لم تكن تريد أن تعرف.
لقد أرادت فقط الخروج من هنا في أسرع وقت ممكن.
هي لم تكن تبالغ.
على الأقل قامت أبيجيل بواجباتها حتى عندما كانت تكرهها، أما البعض فقد رفضوا النزول إلى قبو النبيذ من الأساس.
“هل تريدينني أن أذهب إلى حيث يوجد الملعونون؟”
“إذا دخلتُ إلى هناك، سوف يطاردني شبح لبقية حياتي!”
حتى لو وجهت لهم الخادمة أو كبيرة الخدم انتقادات، فإنهم يفضلون اقتطاع رواتبهم بدلاً من النزول إلى القبو.
يجب أن آخذ هذا وأغادر بسرعة.
لحسن الحظ، لم يكن هناك سوى زجاجتين من النبيذ. لقد كان نوعًا نادرًا متاحًا فقط في قصر بريتشيستر. سمعت أبيجيل أن هذا النبيذ كان للشرب و للترفيه عن ضيوف السيد بريدل، صاحب هذا القصر.
“آخ …”
في اللحظة التي استدارت فيها أبيجيل بسرعة بعد تلقي النبيذ من موظف يسيل لعابه.
“…!”
ثبَّت شيء ما يده على معصمها.
نظرت آبيجيل إلى الوراء، مرعوبة.
“قريبًا، قريبًا، سيكون لدينا حفلة …”
لقد كان الموظف الذي سلّم لآبيجيل النبيذ يمسك بمعصمها …
وذلك أيضًا بواسطة يد كانت في الغالب مكوّنة من العظام وطبقة رقيقة من الجلد تغطيها.
“يا هذا، اتركني أذهب!”
استمر الموظف في التذمر.
“جديد، مليء بالطعام، والأقنعة، الحفلة، الحفلة …”
“اتركني وشأني!”
نفضت أبيجيل يده وهربت بكل قوتها.
سبلاش_ سبلاش_
ركضت آبيجيل وهي لا تنظر إلى الوراء، بينما شعرت بالسائل وهو يتحرك في زجاجة النبيذ.
لم تختف صورة العيون المحتقنة بالدماء للموظف الذي أمسك بآبيجيل من عقلها.
حفلة أخرى.
اقشعر بدنها وارتجفت.
الحفلة التنكرية في قصر بريتشيستر.
كل موظف في هذا القصر يكرهها.
بالنسبة لأي شخص آخر خارج القصر، فقد كانت حدثًا يمكن للمرء أن يصل فيه إلى أعلى مستويات المتعة والرفاهية.
لكن في غضون ذلك، كان جميع الموظفين يعلمون أن ذلك الوقت سيكون عصيبًا للغاية.
***
سالي ميلبورن.
بالنسبة لها، التي ولدت كأكبر فتاة من بين ستة أبناء وستة بنات، كانت الحفلة الراقصة شيئًا لم تستطع حتى أن تحلم به طوال حياتها.
علاوة على ذلك، كانت هذه حفلة “حقيقية” يحضرها أشخاص من الطبقة العليا.
في العادة، كان الخدم يعلقون في مهام تقديم خدماتهم في أماكن أخرى بعيدة عن قاعة الحفلة.
لكنها لم تتخيل أبدًا أنها سوف تحظى بمثل هذا النوع من الحظ.
ستشعر رئيستها، إميلي، بالحرج الشديد لسماع أن سالي ميلبورن كانت متحمسة للحصول على مثل هذه الفرصة أثناء محاولتهم العثور على الأرواح الشريرة والوحوش.
بالإضافة إلى…
حدقت سالي برهبة في المرأتين الواقفتين أمامها واللتين انتهيتا من تغيير ملابسهما.
لقد كانت إميلي ترتدي زي الملكة إليزابيث في شبابها، مع كل الزينة التي ترافقه.
تألقت عينا سالي، بينما رأتها ترتدي ثوبًا طويلًا من الساتان ومجوهرات ملونة.
“سيدتي، أنتِ جميلة جدًا.”
“شكرًا لك.”
عندها عبست إميلي.
“لكن كيف تستطيع جلالة الملكة أن تلبس هذا؟ لقد مرت بضع ساعات فقط وأشعر وكأن ظهري على وشك الانكسار.”
ابتسمت هيلينا ابتسامة عريضة عندما اشتكت إميلي من أن الفستان كان ثقيلا للغاية وغير مريح.
“هذا هو وزن التاج الذي يجب أن يتحمله الحاكم.”
“عن ماذا تتحدثين؟ لم يضطر الملوك أبدًا إلى ارتداء مشد صدر ناهيك عن ارتداء طبقات التنانير الضخمة هذه.”
نظرت سالي إلى هيلينا، التي كانت ترتدي زي هندي مع ساريها الأزرق.
ربما بسبب دمها الغجري، كان الساري الهندي يناسب هيلينا تمامًا.
لقد كان من المدهش رؤيتها ترتدي أساور ذهبية على ذراعيها ولديها نقطة ملونة تسمى البيندي على جبهتها.
“هيلينا جميلة أيضًا.”
“شكرا لك سالي.”
ابتسمت هيلينا برشاقة؛ ثم تحركت نظرتها بين سالي وإميلي قبل أن تعرض عليهم الإشعار الذي قدمه منظمو الحدث لها.
“قبل أن نغادر، تذكرا أن حفلة السيد بيرديل التنكرية لها قواعدها.”
1. تقام حفلة بريتشيستر التنكرية لمدة ثلاثة أيام وتحدث فقط في الليل.
2. لا يُسمح لك بالتواصل مع الضيوف الآخرين بدون قناع باستثناء الخدم الخاصين بك والناس الذين تعرفهم شخصيًا.
3. يمكنك أن تطلب من الخدم الطعام والمرطبات في أي وقت، ويمكنك التجول بحرية حول القصر.
4. ومع ذلك، يمنع منعًا باتًا الذهاب إلى البركة بعد الساعة 10 مساءً.
5. يرجى تفهم أنه لا يمكنك شرب نبيذ بريتشيستر إلا أثناء الحفلة التنكرية.
──────────────────────────
~(اتركوا أي ملاحظات بقسم التعليقات، سأقرؤهم كلهم 😊)~
──────────────────────────
أو بإمكانكم التواصل معي مباشرة على الانستغرام لأي استفسارات.
🌸الانستغرام: Asli_Khadija7@
──────────────────────────