إميلي تصطاد الوحوش - 26
──────────────────────────
🌷 الفصل السادس والعشرون –
──────────────────────────
أجابت هيلينا بإيماءة.
“في ذلك الوقت، اعتقدتُ أنكِ لا تريدين التحدث عن ذلك … ولكن يبدو أنكِ لا تتذكرين حقًا.”
“…..”
عضضتُ شفتي.
كان تفسير هيلينا صادمًا وغير مفهوم منطقيًا.
لماذا كنت أتحدثُ مع إينوك بوين؟
لم أكن أعرفه على الإطلاق في ذلك الوقت.
والآن، بعد أكثر من عقد من الزمان، يمكن اعتبار علاقتنا علاقة عداوة.
… لأنني كنتُ أحاول تعقبه.
تنهدت هيلينا عندما رأت تعبيري القاتم.
“إميلي … ليس عليكِ إجبار نفسك على تذكر الأشياء التي نسيتها.”
وأضافت:
“يميل الدماغ البشري إلى حماية نفسه من خلال نسيان الذكريات المرتبطة بالتجارب السلبية.”
“لكن…”
عندها أجبرتني هيلينا على الاستلقاء فوق السرير.
“أنتِ تبدين شاحبة الوجه. لماذا لا تأخذين قيلولة؟”
بالتفكير في الأمر، لقد كنتُ ما أزال أعاني من الصداع، وكذلك في بعض الأحيان، كان من الأفضل ترك الذكريات مدفونة.
أومأتُ برأسي، وسمحتُ لهيلينا بأن تغطيني بالبطانية.
“طاب مساؤك.”
أغمضتُ عيني، بينما شعرتُ أن صوتها الناعم بدا بطريقة ما وكأنه تهويدة.
كم ساعة مرت وأنا نائمة؟
عندما فتحتُ عيني، اختفى الصداع من رأسي.
بعد أن شعرتُ بالانتعاش، تذكرت أمر الملك ذو الرداء الأصفر.
[اكشفي للعالم الحقيقة المتعلقة بالتماثيل الحية والمتحركة.]
أعطاني الملك ذو الرداء الأصفر مدة أسبوعين لإتمام هذه المهمة، لذلك أظن أنها مهمة سوف تزيد من الوقت المتبقي حتى نهاية العالم بمقدار 14 يومًا إذا أنهيتها بسرعة …
وكذلك تذكرتُ وفاة جيمي.
عندما جال ذلك الحادث المروع في زوايا ذاكرتي، فهمتُ لماذا قدّم لي الملك ذلك الاقتراح.
لقد كان يعني أنها كانت مهمة لن أستطيع القيام بها بمفردي.
“…ليس بيدي حيلة.”
بمجرد أن أخرجتُ الدعوة للتحقق من الوقت والمكان، دخلت سالي بعد أن طرقتُ الباب.
“سيدتي، هل سوف تجهزين نفسك الآن؟”
“أجهز نفسي؟”
“… لا تقولي لي أنك نسيتِ بأنك سوف تخرجين في موعد غرامي مع السيد هنري بعد قليل.”
“أنا؟ سوف أخرج في موعد غرامي؟”
هل قمتُ بتحديد موعد غرامي؟
عندما نظرتُ إليها بتعبير مرتبك، تنهدت سالي.
“لقد قلتِ أنكِ سوف تذهبين لركوب الخيل معه.”
“أوه، أنتِ تقصدين ذلك.”
“قد لا تعتقدين أنه بالأمر الجلل، لكن السيد هنري يعتقد أنه موعد غرامي.”
ضحكتُ بينما كانت سالي توبخني.
عندها وقفت سالي بجانب منضدة الزينة قائلة أنها سوف تساعدني في تجهيز نفسي.
“فقط اتركي هذه المهمة علي!”
لم تكن سالي سيئة في وضع الماكياج.
كيف عرفتُ ذلك؟
“… إميلي؟”
لقد عرفتُ ذلك من النظرة التي كانت تعلو وجه السيد هنري عندما وجدته ينتظرني في الطابق السفلي.
لقد شعرت وكأنه كان ينظر إلى شخص آخر.
***
قبل بضع ليال.
كان هايد غير راضٍ جدًا عن الوضع في ذلك الوقت.
“هاي، هنري. لقد رأيتُ السيدة كارتر أمام كلية الطب في إدنبرة … ”
لقد سمع من شخص آخر أن إميلي كانت في علاقة مع فتى.
“هل تناولتِ العشاء مع جيمي؟”
هنري، الذي كان يهتم بهذا الأمر كثيرًا، سأل إيميلي دون أن يدرك ذلك.
لقد كان هايد محبطًا لرؤيته يتصرف كالخاسرين.
… وفي تلك اللحظة عندما اعتقد أنه ليس فضوليًا بشأن الرجل الذي كان مع إميلي.
“هنري، انظر في عيني.”
“…..”
فجأة، أمسكت يد ناعمة بذقنه.
لقد كان وجه إميلي على بعد سنتيمترات فقط من وجهه، و كان عطر الزهور البرية الذي يفوح منها مسكرًا.
لا أعرف ما الذي تفكر فيه.
فقط استرخ و …
لقد كان قلبه ينبض بعنف.
لقد كان صاخبًا لدرجة أنه لم يستطع سماع كلام إميلي بشكل صحيح، كما أصبحت عندها رغبات جيكل وهايد واحدة.
ابتلع هنري لعابه بصعوبة.
لقد كانت درجة حرارة جسدها، التي كان لا يزال يشعر بها، ملحوظة. وعندما أدار رأسه، لاحظ معصمها الأبيض والرفيع بشكل غير عادي.
إذا أمسكتُ بذراعها الآن …
في اللحظة التي كانت فيها رغبة هايد على وشك الركض بجموح مثل الحصان الذي فَقَد لجامه.
توقف.
قام “جيكل” بتقييده واستعاد السيطرة على جسده.
هايد، الذي أضاع فرصته، لعق شفتيه في خيبة أمل.
لقد كان ذلك قبل أيام قليلة فقط.
“…..”
وحالياً…
بداخل هنري، كان جيكل وهايد يتشاركون نفس الرغبة.
… الدافع القوي لجعل المرأة التي تقف أمامهم ملكهم بالكامل.
“هنري، لماذا تنظر إلي هكذا؟ … ألم يعجبك شكلي؟”
ابتسمت إميلي بشكل مُحرَج والتفّت حول نفسها كجنية الغابة.
لقد كانت جميلة بغض النظر عما ترتديه، لكنها تجاوزت توقعاته حقًا اليوم.
تمكن هنري بطريقة ما من فتح فمه بينما كانت عيناه لا تزالان مثبتتان عليها.
“…أنتِ تبدين مختلفة.”
خرج صوت منخفض من فمه، وبدا أن نظرته كانت تلعق جسدها كله بجشع.
اليوم، كانت إميلي ترتدي ملابس عادية لركوب الخيل.
كان شعرها الفضي البلاتيني يتلألأ تحت خوذة واقية، وكان وجهها المبهر ذا جمال طاغي لا يمكن إخفاؤه.
“مختلفة تمامًا.”
“ماذا تقصد بـمختلفة؟”
“حقًا…”
لقد كانت ترتدي بلوزة بيضاء بسيطة وسترة وسروالاً، لم تكن ملابسها مختلفة كثيرًا عما يرتديه الرجال.
عادة ما رآها ترتدي الفساتين. هذا لأن حقيقة أن امرأة ترتدي البنطال كانت فضيحة بحد ذاتها في مجتمع لندن الذي يعيشون فيه، بل ربما يكون الأمر بمثابة استفزاز للمجتمع الأبوي إذا ما ارتدت المرأة ملابس الرجال هكذا بشكل غير رسمي.
(م.م: البطريركية وتسمى أيضًا النظام الأبوي أو الذكوريّة … هي تنظيم اجتماعي يتميز بسيادة الذكر الرئيس (الأب) وتبعية النساء والذريّة له بما فيه التبعية القانونية، وتفترض التوريث واستكمال الإنتساب لذكور من السلالة، متوسلة -عادة- بالأعراف والتقاليد.)
“…أنتِ جميلة.”
تم الكشف عن رقبتها الأنيقة التي كانت تذكره بالبجعة بين تفاصيل تلك الياقة المفتوحة…
لقد أراد أن يضع شفتيه على تلك العنق الناعمة.
حاول هايد تهدئة الرغبة التي كانت تغلي بهدوء بداخل قلب هنري، عندها ردت إميلي بابتسامة مرحة.
“شكرًا لك.”
“إذن…”
تقدّم هنري بضع خطوات للأمام وأمسك بيدها، ثم قبل ظهر يدها.
استمرت القبلة لفترة أطول قليلاً مما كان مناسبًا وفقًا لآداب الرجل النبيل.
“هل نذهب؟”
أشارت إميلي إلى الباب.
اصطحبها هنري خارج القصر متظاهرًا بعدم المبالاة، وكان على هايد أن يهدئ من خيبة أمله.
لم يحن الوقت بعد.
فقط لفترة أطول قليلاً، ثم سوف تزدهر هذه العلاقة.
***
ذهبتُ لركوب الخيل مع السيد هنري في مناطق الصيد الهادئة خلف المنزل الريفي.
“دعينا نذهب أسرع قليلاً.”
عندما أومأتُ برأسي على ملاحظته، ابتسم السيد هنري وتقدم إلى الأمام بحصانه.
لكن لم يكن لدي أي نية للخسارة أمامه.
صهيل-! صهيل-!
زادت السرعة مع صهيل الحصان، وهرعتُ أسابق الرياح التي كانت تلفح خدودي المحمرة.
منذ عودتي بالزمن، لم أستطع إبعاد التجربة الرهيبة التي حدثت قبل موتي عن ذهني.
ماذا كان ذلك بالضبط؟
طقوس غريبة عبر شق المعدة وحقن الأدوية ودهن الوجه بالأعشاب. وكذلك تلك اللغة الغريبة التي بدت غير مألوفة لأذني على الرغم من مواجهتي للعديد من اللغات الأجنبية.
ما هو الغرض الحقيقي من تلك المقبرة؟
والأكثر أهمية…
نهوض الجثة وجلوسها بعد تلاوة صلاة بدت أشبه باللعنة.
هل كانت نوعًا من أنواع طقوس إحياء الموتى؟
في اللحظة التي عضضتُ فيها شفتي، سمعتُ هنري يتحدث.
“بماذا تفكرين؟”
ربما حدث ذلك بسبب ركض حصانه بأقصى سرعة لفترة من الوقت، لقد كانت وجنتيه حمراء قليلاً.
“هذا، إنه فقط …”
على عكس بنيته الجسدية، كان وجهه صبيانيًا في بعض الأحيان.
“لا يمكنني إخراج مشهدٍ من رأسي بعد قراءة كتاب.”
ثم لخّصتُ له ما مررت به قبل موتي.
بطبيعة الحال، لقد كذبتُ بالقول أنه كان شيئاً رأيته في إحدى القصص.
فكر هنري في الأمر قبل أن يفتح فمه.
“إنه ليس أمرًا غير مألوف.”
“كيف ذلك؟”
“لا أعرف كيف أقول هذا … حسنًا ، أنتِ تعرفين كل شيء على أي حال، لذا لا ينبغي أن يكون قول هذا لكِ بمثابة مشكلة.”
بعد تردده، خرج اسم مألوف من فمه.
لقد كانت قصة عن والده، إدوارد هايد.
“لقد تسللتُ إلى غرفة والدي لمرة واحدة فقط عندما كنت طفلاً.”
إدوارد هايد كان رجلًا متعصبًا لكنيسة حكمة النجوم.
لقد قال لي السيد هنري أنه كان يقضي بعض الوقت بمفرده كل يوم في مكتبه في أعماق القصر، والذي كان يخفيه عن عائلته.
“هنري، يجب ألا تدخل هذه الغرفة مطلقًا.”
لم يكن هنري الوحيد.
لم يُسمح بدخول أي شخص إلى ذلك المكان، ولا حتى الخادمات.
في المكتب الذي لا يستطيع أحد دخوله إلا والده، كان الطفل هنري فضوليًا.
“لا بأس في إلقاء نظرة خاطفة، أليس كذلك؟”
ذات مساء.
عند دخول إدوارد الغرفة المعنية، استغل هنري اللحظة التي نسي فيها والده إغلاق الباب.
“ماذا يفعل… أبي؟”
لم يلاحظ إدوارد هايد وجود ابنه، لأنه كان يغمغم لنفسه بكلمات ما، بينما كان يركز على فعل شيء ما بينما كان واقفًا أمام مذبح صغير.
“ما هذا؟”
عندما فتح الطفل هنري الفضولي فمه، بدأ والده يتحدث بلغة غير معروفة.
{وزا-يـ’إي! وزا-يـ’إي! ياكا ها بهو – إي إي!}
صوت أجش ومنغم صادر من أعماق الحلق.
جفل هنري من الخوف.
لقد شعر بشيء ينذر بالسوء وهو ينظر إلى ظهر والده.
وإلى جانب الصوت المخيف، لفحت أنفه رائحة مريبة.
──────────────────────────
~(اتركوا أي ملاحظات بقسم التعليقات، سأقرؤهم كلهم 😊)~
──────────────────────────
أو بإمكانكم التواصل معي مباشرة على الانستغرام لأي استفسارات.
🌸الانستغرام: Asli_Khadija7@
──────────────────────────