إميلي تصطاد الوحوش - 23
──────────────────────────
🌷 الفصل الثالث والعشرون –
──────────────────────────
‘هذا … لماذا أحس بالغرابة تجاه هذا الشخص؟’
ربما لأنني كنت أنظر إليه بطريقة غريبة قليلًا، ردّ الشاب على نظرتي بابتسامة مغرية.
“إذن سأمضي قدمًا وأعذر نفسي. كما أقدم لكِ خالص اعتذاري يا سيدة كارتر.”
غادر ماكمرين المتجر بسرعة، و رنّ جرس الباب معلنًا عن إغلاقه للباب.
“من هذا الطريق.”
تبعتُ الرجل إلى غرفة الاستقبال.
لقد تم تزيينها بأعمال فنية غريبة من بلدان بعيدة مثل إفريقيا وأمريكا الجنوبية.
“إنه لمن دواعي سروري مقابلتكِ يا سيدة كارتر. لقد سمعتُ أنك مفتونة تمامًا بالتماثيل الموجودة في مقبرة إدنبرة.”
على عكس وجهه المتجهم، رفع الرجل رأسه بفخر وتحدث بنبرة هادئة.
لقد كان صوته مهيبًا ويصعب تخمين عمره.
هذا الصوت …
أنا متأكدة من أنني سمعته من قبل!
لكن أين؟ أين سمعته؟
لماذا أشعر أنني التقيت به من قبل؟
“أنا أعمل تحت إشراف السيد ماكمرين كحرفي وموظف استقبال، ولكن لدي أيضًا اهتمام شخصي بهذا الأمر.”
حرفي.
غالبًا ما كانت المتاجر الفنية تمتلك أشياء ثقيلة وثمينة مثل المنحوتات، لذلك كان من الشائع توظيف أشخاص يمكنهم القيام بالأعمال اليدوية.
لكن…
الرجل الذي كان أمامي كان بعيدًا كل البعد عن هذا الوصف.
على الرغم من أنه كان يرتدي ملابس رثة، إلا أن يديه كشفت على أنه لم يكن مضطرًا للقيام بمثل هذا الأعمال الشاقة في حياته.
و أيضًا طريقة تحدثه كانت لبقة ومميزة لا تشبه تلك الخاصة بالعامة.
على الرغم من أنه كان يتمتع بلهجة فريدة من إدنبرة، كان من الواضح أنه كان شخصًا ذا تعليم عالٍ ويُحسِن اختياره للكلمات.
…لقد كان لدي شعور داخلي بأنه يكذب علي.
لكن لماذا؟
“يقول الناس أن هذه المنحوتات الحية والمتحركة ليست سوى قصة رعب مختلقة وكاذبة …”
لقد تفحصتُ بعناية ملامح الرجل الذي استمر في الكلام.
لقد كان شعره الأشقر الداكن، الأنيق والمرتب بعناية، يلمع بهدوء تحت ضوء الشمس. وكانت بشرته شاحبة بما يكفي لرؤية عروقه الدموية، وأنفه الحاد وشفتيه تعطي انطباعًا نبيلًا وجذاباً بشكل مغري.
“قلة قليلة من الناس رأوا التماثيل حية وتتحرك مثلما كنت أفعل أثناء عملي تحت قيادة السيد ماكمرين.”
“… هل رأيتهم عدة مرات؟”
انحنيتُ إلى الأمام قليلاً وأبديتُ اهتمامي بكلامه بشكل صريح.
“نعم هذا صحيح. بالإضافة إلى ذلك … ”
ابتسم الرجل وعيناه نصف مغمضتين مثل القمر في طور الهلال.
لقد كان نوعًا من الابتسامة التي تجعل الناس يشعرون بالخجل إذا لم يكونوا محصنين ضد هذا النوع من السحر.
“القرويون الذين صنعوا هذه التماثيل أطلقوا عليها اسم الكاشف الأعمى.”
استمرت كلماته، التي تحدثت بنبرة رخيمة و منغمسة في الذات بشكل غريب.
“ربما بسبب اسمها، كشفت هذه المنحوتات مرارًا وتكرارًا للناس عن أمور غير مكشوفة.”
فضائح كبار المسؤولين الحكوميين.
خبايا أحد المشاهير المشهورين الذي كان يسيء معاملة طفله.
مقر العمل الذي يبدو جيدًا في الواقع هو مركز الجريمة وما إلى ذلك.
أولئك الذين يمتلكون هذه المنحوتات “الكاشف الأعمى” كشفو الخبايا والأسرار القذرة للمحيطين بهم.
“في كل مرة، استمر مالكو هذه التماثيل الغريبة بالتخلص منها إلى حين وجدت مستقرها في هذه المقبرة الاسكتلندية النائية.”
“لديهم قصة مثيرة للاهتمام حقًا.”
بتبادل بضع كلمات بيننا، أوضح الرجل أيضًا كيف كشفت التماثيل عن أعمال الشر هذه.
عندما يظهر شخص يمكنه تفسير رسالتها، تتحرك ببطء نحو ذلك الشخص عندما لا ينظر إليها، ثم يشيرون بأصابعهم إلى حيث “يكمن الظلم”.
“إذا نظرتَ إلى حيث يشيرون، يمكنكَ أن ترى أين يوجد الفساد، أليس كذلك؟”
“نعم.”
“هذا مشوق للغاية.”
ابتسم الرجل وكأنه راضٍ عن ردة فعلي.
بدت تلك العيون الزرقاء الغائرة باردة بما يكفي لإلقاء ظلالها على جسدي بطريقة تقشعر لها الأبدان.
وفي اللحظة التي التقت فيها نظراتنا…
“بالمناسبة…”
“نعم؟”
“ما اسمك؟”
بدا الرجل مرتبكًا بعض الشيء لأنه لم يتوقع مني أن أسأله عن هذا. ثم ابتسم ببهجة، وأخرج بطاقة اسمه من جيبه ووضعها على صدره.
“سايمون أرمورييت. أ ، ر ، م ، و ، ر ، ي ، ي ، ت. لقبي هو أرمورييت. ”
ألقيت نظرة خاطفة على الحروف الموجودة على بطاقة الاسم.
[سايمون أرمورييت]
عندما حدقتُ في اسمه الأخير ذو التهجئة الفريدة، فجأة، رن صوت شخص ما من ذاكرة بعيدة في رأسي.
“أنا أحب الجناس الناقص. إنه مجرد ترتيب مختلف للأحرف، لكنه يوضح إمكانية اختلاف كل شيء إن اختلف ترتيبه.”
(م.م: الجناس الناقص هو نوع من أنواع البلاغة في اللغة، يكون فيه كلمتان لهما نفس الحروف تقريبًا مع اختلاف طفيف إما من جهة (النوع، الهيئة، العدد، الترتيب)، ولكن لا بد من وجود اختلاف في المعنى، وقد تم تسميته بالناقص لأنه لا يوجد تطابق تام بين حروف اللفظين. مثال: قمر/ مقر.)
الجناس الناقص.
في تلك اللحظة، ومضت الحروف التي يتكون منها اسم “أرمورييت” أمام عينيّ.
“إنه أمر مضحك رغم ذلك، على أقل تقدير. من هو القاضي الذي سوف يستطيع أن يقرر بجزم ما هو العدل وما هو الظلم؟”
“…”
“إذا سألني تمثال ما إذا كان بإمكاني الحكم على مثل هذا الشيء النسبي بإرادتي، فلا بد أن أشعر بالتشكيك في أهليتي اولًا.”
على عكس تعبيره اللامع، عبّر الرجل بهدوء عن طريقة تفكيره بصوت ذكوري قوي.
أدركتُ الإجابة ولكنني لم أستطع نطقها.
بدلاً من…
“…جيمس.”
بشكل غبي، رميت بطاقتي الرابحة الوحيدة بشكل عشوائي.
عند سماع هذا الاسم، أدار الرجل رأسه دون وعي لينظر إلي.
“أوه، أنا أقصد سايمون. أنا آسفة، لقد كنتُ في حيرة من أمري لثانية.”
في اللحظة التي انعكس فيها تعبيري “الحائر” في عينيه الزرقاوين الفضيّتين، وقفتُ بسرعة من مكاني.
“بالتفكير في الأمر، لقد نسيتُ أن لدي موعدًا اليوم بعد الظهر. شكراً جزيلاً لك على محادثة اليوم … سأغادر أولاً.”
بمجرد أن استدرتُ دون الاستماع إلى إجابة الشخص الآخر، شعرتُ بالقشعريرة تسري في عمودي الفقري. وفي الوقت نفسه، شعرتُ أن الهواء يتغير من حولي ويصبح أكثر كثافة، وكذلك بإحساس بالوخز في مؤخرة رأسي.
“لقد قضيتُ وقتًا رائعًا أيضًا يا سيدتي.”
نظرتُ ببطء إلى الوراء.
على الرغم من أن طريقته في الكلام كانت لا تزال مهذبة، إلا أن تعبير وجه الرجل كان مختلفًا تمامًا عن تعبيره الترحيبي السابق.
“لسبب ما، لدي شعور بأننا سوف نلتقي مرة أخرى قريبًا.”
لقد كان وجهًا مناسبًا لشخص ينظر إلى عبيده.
… في اللحظة التي رأيت فيها تعابير وجهه، تحول شعوري الغامض بالشؤم إلى قناعة، وأحسست بخوف جعل شعري يقف في فروة رأسي.
“…..”
هرعتُ للخروج من غرفة الاستقبال دون أن أنبس ببنت شفة، ودفعتُ الباب كما لو كنتُ مطاردة من طرف مفترس بري.
ركبت السيارة، تاركة ورائي ذلك الجرس المزعج وهو يرن كجرس إنذار.
“فلنعد إلى القصر على الفور!”
بدأ السائق في تحريك السيارة.
حتى عندما ابتعد المشهد خارج النافذة ببطء ، لم يهدأ قلبي المتسارع. لقد ظل قلبي ينبض كما لو أنني ركضت للتو 100 متر.
لقد مر وقت غير معروف منذ أن ابتعدت عن المتجر. خارج نافذة السيارة، كان بإمكاني أن أرى أن متجر ماكمرين قد أصبح مجرد نقطة في الأفق ثم اختفى.
لكنني لم أستطع إخراج وجه الرجل الذي ابتسم لي من رأسي.
على الرغم من أنه قدّم نفسه باسم سايمون أرمورييت، إلا أنني كنت واثقة من أنه مجرد اسم مستعار.
كان أرموريت مجرد جناس ناجم عن موريارتي.
من كان هذا؟
إنه العدو اللدود لشارلوك هولمز، أسوأ مجرم على الإطلاق، نابليون الجريمة.
… لقد كان البروفيسور جيمس موريارتي.
وأيضًا…
لقد كان الشخص الذي قتلني مرتين بالفعل.
… قتلني هنري بينما كانت روح شريرة تستحوذ على جسده ، لكن جيمس موريارتي قتلني كما لو كنت مجرد حشرة وضيعة تقف في طريق أهدافه.
* * *
لقد مر يومين منذ أن ذهبت إلى متجر الفنون في ماكمرين.
في غضون ذلك الوقت، حاولت ألا أفكر في البروفيسور موريارتي، لكن على الرغم من جهودي، لم تغادر تلك الذكرى ذهني بسهولة.
لقد توفيت حتى الآن 23 مرة.
كانت الوفاة الثانية عشرة والثالثة عشرة بسبب البروفيسور جيمس موريارتي.
هل حدث ذلك عندما اندلع حريق في محطة القطار؟
لقد كان معروفًا للكثيرين أن رجلًا مخمورًا ومشردًا أشعل النار في المكان في نوبة من الغضب. لكن في الواقع، لقد كان حادثًا يكتنفه غموض لغز المجهول. لذلك شارك جيمس موريارتي ورجاله أيضًا في كشف السر.
“يا رئيس، ماذا سنفعل؟ إنها إميلي كارتر، زوجة الراحل راندولف كارتر … ”
“أوه، راندولف كارتر اللعين. ماذا تعني بماذا سوف تفعل؟”
لم أستطع أن أنسى ذلك الصوت البارد والذي كان ذا نبرة تظهر شعوره الكبير بالتسلية.
“فقط اقتلها بشكل صحيح.”
لقد متتُ في حياتي الثانية عشر عبر إطلاق النار على رأسي من قبل أحد رجاله.
أما وفاتي الثالثة عشرة فقد كانت عندما دُفِعتُ من أعلى طابق في برج ساعة بيج بن من طرفه.
جيمس موريارتي، الذي كنت أواجهه في ذلك الوقت، احترق وجهه بالكامل بسبب “لهب لا يطفأ” من وحش.
‘هذا هو السبب في أنني لم أتعرف عليه في البداية.’
لكن ذلك الصوت السلس والمتسلط.
تلك المهارة الفريدة من نوعها في جعل الناس متوترة وخائفة منه والتي جعلتني أشعر بالفضول في بداية الأمر.
في أي حال من الأحوال..
لقد عدتُ نصف عام إلى الوراء بعد وفاتي الثالثة عشرة.
بصرف النظر عن تجربتي نهاية العالم في البداية، كانت هذه هي أكبر فترة زمنية أعود بها في الوقت.
لكن قبل أن أواجه جيمس موريارتي في هذه الحياة، تدخلتُ أولاً في قضية معينة وقمت بحلها عن طريق قتل الوحش.
وبفضلي كان وجه موريارتي حاليا جيدًا دون حروق.
لكن كيف صادفته هكذا؟
فكرت في ذكرياتي حول موريارتي الذي قابلته في الجداول الزمنية السابقة، لكنني لم أتمكن من العثور على أي شيء يمكن أن يكون مرتبطًا بهذه “التماثيل الحية”.
“إميلي، أي نوع من الأفكار العميقة التي تغوصين فيها؟”
“هاه؟ آه…”
كانت هيلينا هنا معي، وكان لها تعبير مظلم طوال الوقت منذ عودتي من متجر ماكمرين، رغم أنني لم أخبرها بأي شيء عن جيمس موريارتي.
كلما قل عدد الأشخاص الذين يعرفون من هو، كان ذلك أفضل.
حتى في تلك حيواتي الأخرى، احتفظ موريارتي بهويته سرًا.
وهذا يعني أنه لم يُسمح لمن عرف أسراره بالعيش لفترة طويلة.
عندما لم أشرح ما الذي كنت أفكر فيه، أضاقت هيلينا عينيها في ريبة.
“… أنتِ تخفين شيئًا عني، أليس كذلك؟”
“…..”
حدقت هيلينا في وجهي، وظل نظرها مثبتًا علي للحظة كما لو كان سطح بحيرة هادئة، ثم عادت إلى نفسها الطبيعية بابتسامة.
“حسنًا، لن أتطفل إذا كنتِ لا تريدين مني أن افعل ذلك. لكن لم يسبق لك أن بدوت هكذا من قبل … أوه، تفضلي هذه.”
أعطتني هيلينا ظرفًا ذا رائحة عطر عالي الجودة، و بمجرد أن كسرت ختم الشمع، رأيت دعوة خاصة.
[عزيزتي السيدة إميلي كارتر ،
أود أن أدعوا سيادتك إلى الفيلا الخاصة بي.
صديقك العزيز ، جيمس موريارتي.]
──────────────────────────
~(اتركوا أي ملاحظات بقسم التعليقات، سأقرؤهم كلهم 😊)~
──────────────────────────
أو بإمكانكم التواصل معي مباشرة على الانستغرام لأي استفسارات.
🌸الانستغرام: Asli_Khadija7@
──────────────────────────