199
ألقت الملكة بنفسها على السرير وأغلقت عينيها فقد إجتاحت موجات من الإرهاق جسدها.
إنتقامها قد تحقق عمليًا لكنه لم يكن حقيقيًا بالنسبة لها ربما ذلك بسبب عدم إمكانية رؤيته بشكل مباشر.
الآن كل ما تبقى هو التقاعد بهدوء ومشاهدة العالم كمتفرج وأحيانًا منع المتطرفين من الذهاب بعيدًا لكن المشاكل ظلت تنبت الواحدة تلو الأخرى.
ضحكت الملكة.
‘كونيت مسكينة’.
من الواضح مدى صعوبة محاولة كونيت لإنقاذ إسحاق مما أدى إلى تعطيل الجهد في كل خطوة على الطريق لكن بغض النظر عما تفعله فإن موته حتمي.
حتى الآن الملكة تسلي نفسها بمشاهدة كونيت تكافح لشراء ثوانٍ فقط من الوقت لأنها ظلت دائمًا شوكة في جانبها عندما يتعلق الأمر بسعيها للإنتقام.
إعتقدت أيضًا أن كل هذه التأخيرات لن تحدث فرقًا في النهاية ولكن بينما إستمر إسحاق في إستنزاف آخر قواته في محاولة لا طائل من ورائها تسلل القلق إلى ذهنها.
إذا نجح إسحاق بطريقة ما في تحقيق إنجاز لا يمكن تصوره وهو الوصول إلى البوابة وإلقاء السلاح النووي فيها فإن هذا العالم محكوم عليه بالفناء.
لن يكون عدد القتلى في العالم الآخر ضئيلًا لكن هذا كل شيء.
إنتقام الملكة يفلت من قبضتها.
لهذا أخبرت ريفيليا وكونيت بالحقيقة كجهاز تنبيه أخير.
أخيرًا ظهر ضغط مكائدها على السطح لكن الملكة متأكدة من أنه سيتم العثور على إسحاق قريبًا متذكرة النظرة على وجوههم بعد الحقيقة.
رنين!.
فتحت عيون الملكة على نغمة الرنين.
أخرجت جهازها اللوحي حيث أضاءت الشاشة التقرير الخاص بأضرار غابيلين.
قرأت من خلال الأضرار المقدرة وخطط التعافي وقوائم الضحايا المتعلقة بإرهاب إسحاق لكنها أدركت شيئًا – على الفور قفزت من السرير.
“ها! كيف يكون هذا ممكنا؟”.
تمتمت الملكة على نفسها بينما تنظر في عدم تصديق إلى قائمة الوفيات.
إتصلت بها ريشة.
“تعالي إلى غرفة القيادة وجدنا آثار إسحاق سينباي نيم”.
إبتسمت الملكة ووضعت جهازها اللوحي في جيبها.
“يا سيد إسحاق كدت أن اقع فيها”.
عندما دخلت الملكة غرفة القيادة مرة أخرى إستقبلها جو مختلف تمامًا.
العداوة السابقة تم إستبدالها بمزيج غريب من المشاعر.
إبتسمت الملكة من الداخل.
لهذا السبب تحب غير البشر أكثر من البشر.
إنهم صادقين مع عواطفهم وتحدثوا فقط بالحقائق.
“لقد وجدت آخر مسارات إسحاق”.
تحدثت كونيت إلى الملكة بتردد.
“أرأيت؟ نحن نحقق تقدمًا سريعًا الآن بعد أن إتخذت قرارك”.
نظرت كونيت بعيدًا ولم ترغب في أن ترى الملكة مشاعرها المتذبذبة.
“لكن الموقع غريب”.
“حسنًا؟”.
رفعت الملكة رأسها.
قامت كونيت بتكبير الخريطة على الطاولة وهي تتابع.
“آخر آثار إسحاق كانت في منطقة إيستايل في المقاطعة الشمالية للإمبراطورية، لقد نشرت فريق تحقيق فقط لأنه لا علاقة له بأي من الطرق المؤدية إلى مدينة نيو بورت”.
“المقاطعة الشمالية؟”.
عبست الملكة.
إنتهى نفوذ البشرية في المقاطعة الشمالية للإمبراطورية.
أبعد من ذلك هناك أرض غير البشر وفي الماضي كانت تلك الأراضي المحرمة حيث إحتدمت عاصفة المانا إلى الأبد.
“هذا غريب يجب أن يكون هناك شيء في الشمال؟ هل هذه حيلة لإضعاف المكان؟”.
نظرت الملكة في إمكانية قيام إسحاق بالهجوم عندما يتم إضعاف المكان مؤقتًا بسبب الرحيل المفاجئ لفريق الهجوم ليتبع تقدمًا وهميًا.
هذا مستحيل.
لقد قلب إسحاق العالم كله ضده.
إحتياطياتهم تفيض بالجنود الواقفين على أهبة الإستعداد.
تشاركت كونيت وريفيليا وريشة وريزلي إفتراضات الملكة وهذا هو سبب إرتباكهم أيضًا فيما يتعلق بنوايا إسحاق.
يبدو أن إسحاق يأتي بأكثر الأفكار جنونًا فقط عندما يكون حليف ولكن عندما يصبح في الجانب الآخر لا بد من التفكير بعناية في أقل تحركاته.
“هل يجب أن يأتي سينباي نيم إلى هنا؟ تم إختيار مدينة نيو بورت كموقع لبوابة دائمة نظرًا لأننا نحتاج فقط إلى فتحها للحظة ألا يمكنه فتح بوابة في أي مكان بإستخدام المفتاح الذي بحوزته؟ “.
سألت ريشة.
هزت الملكة رأسها بإبتسامة.
“هذا ليس صحيحا يستغرق الأمر وقتًا حتى تفتح بالكامل وسنلتقط الإشارة لحظة بدئها، لم نتلق أي تحذيرات لفتح بوابة جديدة في أي مكان”.
تشدد وجه ريفيليا عند التفسير.
“ولكن ماذا عن الأراضي المحرمة؟”.
“ماذا؟”.
واجهت ريفيليا التي سافرت مع إسحاق أزمة سابقة عندما لم يتمكن العالم الخارجي من إكتشاف الفتح المفاجئ للبوابة في الأراضي المحرمة.
تجمدت الملكة بناء على إقتراح ريفيليا وعادت إلى التفكير الحذر.
“صحيح… ليس لدينا طريقة لمعرفة ما إذا كانت البوابة تفتح في الأراضي المحرمة ولكن لا توجد طريقة يمكن فيها للسيد إسحاق أن يمر بحرية عبر أراضي غير البشر”.
“أيتها الملكة تمت إعادة تعيين جميع محاربي المركز إلى مدينة نيو بورت بناءً على توصيتك والمستذئبون هم الأكثر تعاونًا مع خطتك أليس كذلك؟، لقد قبلوا المسؤولية عن الأحداث الأخيرة وأرسلوا جميع المحاربين من قبيلتهم في حين أن بقية القبيلة أوقفوا جميع أنشطتهم”.
ساد صمت مخيف في غرفة القيادة.
للتكفير عن عدم مسؤوليتهم أرسل المستذئبون جميع محاربيهم – الذين يقومون عادة بدوريات على الحدود – إلى مدينة نيو بورت بينما تختبأ بقية القبيلة في مساكنهم.
من شأن ذلك أن يترك أراضيهم الشاسعة فارغة وغير محروسة مما يفسر عدم وجود شهود.
لم يتم إعتبار الأراضي المحرمة أولوية في المقام الأول.
“لا يمكنه إستخدام المنطاد لذا بالتأكيد سوف يسافر برا وبما أن أعيننا مركزة على الطرق المؤدية إلى مدينة نيو بورت فهذه نظرية معقولة”.
“أنت على حق عدم العثور على أي أثر له بعد موجة تلو الأخرى من الأشراك الخادعة – كل هذا يجب أن يكون خطة لكسب بعض الوقت”.
أومأ ريزلي وريشة برأسيهما بعد أن توصلوا إلى نتيجة محددة لكن كونيت وريفيليا لا يتشاركان نفس الشعور بالإطمئنان.
“متى تم العثور على آثار إسحاق؟”.
سألت ريفيليا.
أجابت كونيت بصلابة.
“في اليوم التالي لهجوم غابيلين في ذلك الوقت ظلت روايات الشهود تتدفق من كل مكان، تم تخفيض أولوية التقارير الواردة من المقاطعة الشمالية لأننا إعتقدنا أنه ليس لها أهمية”.
“إذن يجب أن يصل إلى الأراضي المحرمة الآن…”.
بعد أن توصلت إلى إستنتاجها الخاص بالفعل سألت ريشة.
“أليست هذه مشكلة؟ ماذا لو دخل سينباي نيم الأراضي المحرمة؟”.
“وكيف سيفعل ذلك؟”.
“بإستخدام منطاد… لا يمكنه فعل ذلك”.
أدركت ريشة التي على وشك الرد على ريفيليا أن الإجابة لم تكن واضحة على الإطلاق.
من أجل المرور عبر عاصفة المانا المحيطة بالأراضي المحرمة هو بحاجة إلى منطاد.
الإغلاق أوقف جميع أشكال السفر.
أي شيء يشبه وسيلة نقل تتحرك دون إذن صريح من المركز سيتم حشد العملاء للعثور عليها.
“آه! بإمكانه تحضير منطاد بالقرب من عاصفة ابمانا مقدمًا!”.
صرخت ريشة.
إبتسمت الملكة لريشة وأجابت.
“إذا كان الأمر كذلك لبدأت أيام الكارثة الآن”.
“…”.
نظرت ريشة إلى الأسفل بحزن.
تحدثت ريفيليا.
“قد لا تكون لدينا الصورة الكاملة لكن لا يمكننا تركها كما هي يجب أن نتصل بمقر الحامية…”.
إقترحت ريفيليا الإتصال بعملاء المركز المحتجزين في الأراضي المحرمة لكن الملكة لديها أخبار سيئة فيما يتعلق بذلك.
“مع خسارة جميع عملاء الإستراتيجية القتاليين إستدعى الإمبراطور جميع العملاء الذين يحرسون الأراضي المحرمة للتعويض عن فقدان القوة البشرية، لا يوجد أحد الآن في الأراضي المحرمة وليست هناك حاجة للإحتفاظ بالمراقبة هناك على أي حال بعد أن تم إنشاء بوابة دائمة”.
“…”.
ظلت رؤوسهم تغرق بين أيديهم بينما المشكلة تضغط على أذهانهم إلا أن تحدث ريزلي.
“أممم… إذا إفترضنا أن إسحاق كان متجهاً إلى الأراضي المحرمة فهل لدينا أي فرصة لإعتراضه إذا نشرنا قواتنا هناك الآن؟”.
“حسنًا لست متأكدة… لا يمكنهم السفر عبر مانستور بالطائرة لذلك سيحتاجون إلى منطاد… ولكن حتى إذا أخذوا طائرة عادية إلى أقرب مطار وإستبدلوها بمنطاد فيمكنهم بسهولة أن يصابوا بالرياح السيئة وينتهي بهم الأمر بالسفر في دوائر داخل محيط العاصفة… إنه صعب”.
“إذًا ألسنا في ورطة؟”.
صرخت ريشة مذعورة.
ردت ريفيليا بصرامة.
“لا يمكننا تجاهل الأمر فقط نظرًا لأنه من المحتمل جدًا أن يكون إسحاق قد توجه إلى هناك يجب أن نؤكد ذلك”.
“إرسال قوات عادية لا طائل من ورائه”.
جادلت كونيت ضد إقتراح ريفيليا.
إذا وجدوا إسحاق هناك فستكون مشكلة خاصة بهم.
لم تكن القوات العادية مساوية ضد إسحاق.
“هذا إذا وصلوا في الوقت المناسب”.
أضافت الملكة بسخرية إلى مناقشة كونيت وريفيليا حول الإحتمالات المشؤومة.
حدقت كونيت في الملكة.
“إذا فتح إسحاق البوابة فلن يهلك هدفنا فقط – هدفك أيضًا سيفشل”.
هزت الملكة كتفيها.
“أعتقد ذلك أيضا إذا ألسنا في ورطة؟”.
بينما كونيت وريفيليا يتذمران من الملكة رفع ريزلي يده بعناية.
“أممم… لدي فكرة”.
–+–
ترجمة : Ozy.
التعليقات على الفصل "199"
ربما يعجبك ايضاً
