5
”ها .”
انفجر الرجل من الضحك كما لو كان الأمر سخيفاً . هذا لأن الوحش أنزل جسده بجانب آريا على الأرض . نظر إليها الوحش بلا فك كفوفه الأمامية العملاقة . مثل التوسل إلى المداعبة .
‘لقد نجوت ….’
مسحت آريا على صدرها . في مكان ليس ببعيد أغمىّ على الكونت كورتيز و كانت هناك رغوة في فمه .
“هل أصبتَ بالجنون فجأة ؟”
أمال الرجل رأسه للحظة ثم نقر برفق على الوحش بساقه . ضرب الوحش ساقه و اختبأ خلف آريا .
“إنه لأمرٌ مدهش .”
اقترب الرجل من آريا . في كل مرة يقترب منها كانت هناك خطوات دامية تنتشر عبر الأدغال . أحذية الرجال السود غارقة في الدم .[السود بمعنى يرتدون العباءات السوداء .] نظرت آريا إلى الحذاء الذي توقف أمامها ثم رفعت رأسها . كان الرجل طويل القامة لدرجة أنها اضطرت لإمالة رأسها و النظر إلى أعلى .
“من أنتِ ؟”
كانت عيناه النصف مغلقتين كما لو كان يشعر بالملل تحدقان بها . كانت لحظة عابرة ، لكن العواطف تومض من خلال عينيه الشبيهتان بالزجاج . كان ذلكَ بالتأكيد مثيراً للإهتمام .
“أنتِ ترتدين قناعاً غريباً .”
كانت آريا ترتدي قناعاً كبيراً يغطي وجهها مثلما قال الرجل . كان تذكاراً من والدتها .
“كلاب الصيد الخاصة بي تتفاعل بشكل غريزي مع القوى القوية . الكلاب تطيعني لأنه لا يوجد أحد في العالم يُضاهي قوتي .” “………….” “هل أنتِ أقوى مني ؟”
مستحيل . كان الرجل قوياً بشكل ساحق . عندما رأته آريا لأول مرة غمرها الضغط ولم تستطع التنفس بشكل صحيح لفترة من الوقت . مهما كانت موهبتها ، إنها فقط تبلغ من العمر عشر سنوات و لم يتم تدريبها من قبل .
“تبدين ضعيفة جداً .” “………..” “أكثر من الحشرة .”
نظر الرجل إلى آريا من أعلى لأسفل وقال هذا .
‘السايرينز أصدقاء الحيوانات .’
كانت القدرة على التواصل مع الحيوانات إحدى قدرات السايرينز الفريدة .
‘على الرغم من أنني لم أكن أعرف أنه سيصل إلى وحش غابة إنغو سيء السمعة .’
نظرت آريا إلى الوحش الذي تحول إلى شاه لطيفة . (شاه بمعنى نعجة ) كان من الصعب أن يعود إلى حواسه ولقد كان يفرك أنفه و يتصرف بشكل لطيف .القناع الذي كانت ترتديه آريا كان مغطى باللعاب في لحظة . في الواقع ، لم تستخدم آريا قدرة التفاعل مع الحيوانات من قبل . لأنه لم يكن لديها فرصة لفعل هذا . هذا لأن الكونت كان يحتفظ بقوس و سهم في العربة و كان يقتل الحيوانات عندما تقترب من آريا .
“هل تواصلتي معهم ؟ الآن تريدين الحصول على المساعدة من بعض الحيوانات البرية ؟ هاا ، هذا مضحك .. لن تبتعدي عني أبداً .”
لاتزال تشعر بالدم الحار يتناثر على وجهها ، حتى الجسم الذي يفقد حيويته و يتصلب و يفقد بريقه . مرت آريا بهذا عدة مرات ثم تجنبت الحيوانات للمرة الأولى . لم تفكر أبداً في التعامل مع الحيوانات .
‘لكنهم يبدون أقوياء .’
لقد كان الجلد سميكاً لدرجة أنه بدا و كأنه سينجو لو اصتدم به سهم . ربما يكون الأمر لاذعاً مثل الطعم بعود أسنان .
‘قد يكون لطيفاً قليلاً .’
بعد لحظة من التفكير ربتت على رأس الوحش بلطف . أصدر الوحش صوتاً ثم نام على ظهره .
‘لطيف .’
ذهبت يدها إليه من تلقاء نفسها . بدا و كأنه ذئب ، لكنها عرفت سبب تسميته بالكلب . فرو ناعم و رقيق . بدا أن آريا مدمنة على هذه اللمسة التي واجهتها لأول مرة منذ ولادتها .
“تسك .”
نقر الرجل بلسانه .
“هكذا سوف يتم دفنكِ .”
كان الوحش مشعراً بقدر ما كان كبيراً ، وبالمقارنة بآريا أصبحت غير مرئية من خلاله .
“دعينا نسمع التفاصيل في الداخل .”
أمسكها الرجل من ظهر يدها ثم رفعها .
***
“أنا معجب بشجاعة الكونت .”
قال الرجل العجوز ذو الشعر الأبيض الأنيق . لقد كان كبير خدم الدوق الأكبر .
“أنتَ أول شخص يقتحم قلعة ڤالنتين بتهور .”
واصل كبير الخدم الحديث و أعطى آريا كوباً دافئاً .
“الشكر للفتاة الصغيرة تم إنقاذ حياتكَ .”
أخذت آريا الكوب و نظرت إلى الداخل . تفوح منها رائحة الشوكولاتة و لقد كان سائلاً بنياً .
‘ماهذاة؟’
كان شيء دائري أبيض يطفو على السائل . قامت بطعن الدوائر بإصبعها . فوجئت بمدى رقتها .
“إنه مارشيميلو .”
ثم همس كبير الخدم في أذنها . مارشـ…ميلو ؟
‘هل طعمها مثل البطيخ ؟’
كان ذلك عندما كانت تنظر آريا إلى الكوب بتعبير جاد . أخيراً تحدث الرجل الذي كان يراقبها وهو يتكئ على الحائط .
“اتصل بالصياد .”
أمر الخادم الشخصي .
“الآن ؟” “لأنني يجب أن أطعم كلاب الصيد الخاصة بي قبل أن تأكل الحيوانات البرية كلها .”
لا تقل لي أن الطعام …. رفع الكونت كورتيز الذي كان شعره فوضوياً رأسه .
“لا يوجد شيء كهذا .”
نظر الكونت في عين الرجل ثم تلعثم .
“كل فرسان عائلتنا و المرتزقة التي قمت بتأجيرهم أصبحو طعاماً للكلاب .”
حدق الكونت في آريا بشدة .
زئير –
في نفس الوقت هددته الوحوش . بعد ذلك خفض الكونت بهدوء نظرته كما لو أنه قد تخلى عن الحياة .
“سأقولها مجدداً ، نجى الكونت من أن يكون طعاماً للكلاب بفضل الآنسة الصغيرة .”
شاهد كبير الخدم أن المشهد كان مثيراً للشفقة من بعيد و أضاف بعض الكلمات . ثم توصل إلى حل .
“سأدفع لكَ على الفور .” “……….” “هل هناكَ المزيد لتقوله ؟”
كان الكونت صامتاً للحظة بسبب هذا العرض الكريم .
“إذاً ، كم ستدفع ….”
استدار كبير الخدم إلى الرجل . ‘ماذا علىّ أن أفعل ؟’ تلكَ كانت معنى نظرته . رد الرجل و كأنه منزعج .
“أعطه بقدر ما يريد .”
الأمر كان يستحق ، لم يستطع الكونت السيطرة على زوايا فمه التي ترتجف .
“في الواقع ، أنا هنا لتقديم إبنتي .”
كان الكونت خائفاً من الوحش لذا لم يستطع الإقتراب ، فأشار لآريا بعينيه و إيماءاته لإجبارعا على خلع القناع . لكن آريا لم تتحرك حتى . ابتسم الكونت بشكل محرج وسرعان ما أضاف تفسيراً .
“ستتعرف على وجهها لاحقاً على أى حال ، إنها إبنة السيدة جيونج الحقيقية .” “لماذا كنتَ تخفيها كل هذا الوقت ؟” “لأنها لا تستطيع التحدث بشكل طبيعي .”
بكلمة واحدة تم شرح كل شيء . لقد كان هناكَ سبب واحد لإتخاذ السايرين التي لم تكن نبيلة كزوجة للكونت . من أجل الحصول على قدرة السايرين و نقلها فب عائلة الكونت من جيل إلى جيل . لكن إبنة السايرين لا تستطيع الكلام ؟ هذا يعني أنها بلا قيمة .
“ولكن حتى لو لم تستطع الكلام ، أليس من الجيد أن تكون سيدة مناسبة ؟”
لا يُمكنني التحدث لذا لا يُمكنها إخبارهم بالسر . إنها ليست موجودة في العالم لذا حتى لو اختفت لن يلاحظها أحد .
“إن أخذتَ هذه الطفلة ووضعت الثمن المناسب لن تكون قادراً على دخول الدوقية مرة أخرى .”
كان لديه ابتسامة ساخرة و كأنه تاجر يشرح قيمة السلع الراقية .
“إذا كان فيها عيباً واحداً فأنا لم أعلمها الكتابة ، لكن يُمكن تعليمها في أى وقت وهي سهلة الإنقياد .”
كانت آريا تستمع بهدوء إلى ما كان يقوله . كان ذلك لأنه كان يُثبت قيمة الإستخدام من خلال الكونت كورتيز .
لقد أخبره للتو أنه سوف يبيع الفتاة لكن لم تكن تتوقع أن يصدر مثل هذا التعبير .
‘سوف تناسب ذوق الدوق ڤالنتين لإنها جيدة بما يكفي لإستخدامها ثم التخلص منها .’
ومع ذلك ، فإن وجه كبير الخدم ويليام كشف عن إزدراء لم يتم إخفاؤه .
“أيها الكونت كورتيز ، لقد أتيت بدون إنذار مسبق و أثرت الضجة و أهنت الدوق الأكبر ڨالنتين .” “متى فعلت هذا …..” “لقد تحملت فظاظة الكونت لأن والدكَ ، المايسترو كورتيز كتب روائع القرن تحت رعاية ڤالنتين .”
أصبح الكونت لونه أحمر . لأن ما قصده ويليام كام “فكر في أنكَ قد نجوتَ بفضل والدكَ العبقري .” واصل الحديث بشدة .
“ڤالنتين يحب الفن و يدعمه و يعرف قيمة العبقرية و يحترمها ، لذا لا تتجاوز الحدود .”
ه
ذا يعني أنه إن تجاوز الحد أكثر لن يكون هناك رحمة . ارتجف جسد الكونت بأكمله بخزي . تأثرت آريا بعمق .
‘لقد لمس غضب والدي .’
كان كبير الخدم يعرف بالفعل من هو الكونت كورتيز . ولأن الكونت كورتيز فد وُلِدَ لأب عبقري فقد كان دائماً يُقارن به ،و لقد كان يعيش بشعور الدونية .
‘هذا طبيعي لأنه كبير خدم قلعة الشيطان .’
هل تعرف حتى التفاصيل الشخصية للمتسلسل الذي اقتحم المكان دون سابق إنذار ؟ نظرت آريا إلى ويليام بتعبير متوتر قليلاً . في تلكَ اللحظة تقابلت عيونهم .
“أوه ، صحيح . هل كان سبب عدم قدرتكِ على الشرب هو القناع ؟”
ماذا ؟ كانت آريا متوترة و ارتبك وجهها للحظة . قال كبير الخدم وهو يتمتم :’لابدَ أن الدوق قد استعمله في المأدبة الأخيرة .’
“سأحضر لكِ قناعاً مريحاً حتى تتمكني من شرب الكاكاو . ستتمكنين من تدفئة جسدكِ .”
تغير تعبيره و موقفه في لحظة و تحدث بخجل . اكتشفت آريا أن السائل الذي تفوح منه رائحة الشوكولاتة يُسمى الكاكاو . لتكون صادقة ، شعرت بالحرج . خادم الشيطان الذي لايبدو أنه يتمتع بشخصية جيدة لطيف معها بشكل خاص .
‘لماذا ؟’
ثم فجأى نبح الوحش بجانب قدم آريا .
“ووف،ووفف .”
كما لو كان بحاجة إلى الإهتمام ، جرف الأرض بذيله مثل المكنسة . تمتم ويليام الذي شاهد هذا المشهد بوجه متحير .
“إعتقدت أنه كان ذئباً لكنه ينبح أيضاً مثل الكلب . هذه هي المرة الأولى التي أراه فيه هكذا .”
في نفس الوقت أدركت آريا . يُقدر كبير الخدم قدرة السايرين على ترويض الوحوش . إذا كان الأمر كذلك ، يجب عليها إستخدام هذا . فتشت آريا في الحقيبة على كتفها و أخرجت بطاقة جديدة . وقامت بالتدوين عليها .
[يمكنني ترويض كل الحيوانات .]
ذهبت مباشرة إلى البطاقة التالية .
[هناك أشياء كثيرة لا أعرفها لكنني أعرف الكثير من الأشياء المفيدة و أتعلم بسرعة .]
بعد هذا .
[أرجوك خذني معكَ .]
استمر الصمت الشديد لفترة من الوقت لدرجة أنه كان من الصعب التنفس . شعر الكونت بشيء غريب و أخذ على الفور البطاقة التي مع آريا و فحص المحتويات . تصلب تعبيره و عبس .
“لا تفعلي أى شيء عديم الفائدة و إلتزمي الهدوء .”
ضغط على أسنانه و هدد آريا قليلاً . ثم أمسكَ بذراعها و جذبها بالقرب منه . كانت هذه اللحظة التي غضبت فيها الوحوش أكثر و كشفت عن اسنانها في وجه الكونت .
“آآه!”
برزت يد كبيرة شاحبة و سحبت آريا .
“حسناً ، سأشتريها .”
قال الرجل وهو يسحب العباءة من على رأسه التي كانت تغطي نصف وجهه . نظرت آريا إلى وجه الرجل المكشوف أمامها .
‘الدوق الأكبر ڤالنتين .’
أيضاً كما هو متوقع . كان هذا الرجل هو والد لويد .
–ترجمة إسراء .