35
”آه ، آه .”
أطلق جابريل أنينًا صغيرًا وهو يكافح حتى يستيقظ . شعر بمياه ساخنة تتساقط على وجهه .
“آهغ ….”
كان يرفرف جفونه . كافح لفتح عيناه المتورمتان التي جعلت عيونه شبه مسدودة . من خلال رؤيته ، كان هناك عيون ذهبية أمامه .
‘عيون ذهبية .’
رمز القوة المقدسة . حدق جابريل في العيون بهدوء وقفز واقفًا على قدميه . لا ، في الحقيقة لقد حاول النهوض . لكن وجعًا شديدًا في معدته جعله يئن و يتصلب .
“إيك !” “ابقَ ساكنًا . أنتَ مصاب بجروح خطيرة !”
ضغطت يد صغيرة على كتفه . نظر جابريل إلى اليد الصغيرة للحظة ثم رفع رأسه للتحقق من خصمه .
“السيدة المقدسة ….”
كان للفتاة الصغيرة تعبير حازم على وجهها بينما كانت دموعها تنهمر . لقد كانت ڤيرونيكا . استلقى جابريل بهدوء وشعر بالقوة التي تملأ جسده .
“لماذا تبكين ؟” “لقد تأذيتَ كثيرًا ……”
لم يستطع جابريل الذي تعرض للتنمر من قِبل العديد من المتشردين ، فتح عينيه و النظر لها . قالت ڤيرونيكا وهي تمسح دموعها بأكمامها لأنها كانت تراه مصابًا :
“مات الفارس ، الذي قمت بنقله لأقرب مستوصف .” “أوه ، هل هذا صحيح ؟” “أنا آسفة لإجباركَ على الاستيقاظ … نظرًا لأنكَ لم تكن تتحرك حتى ، فقد خفت ، لم أكن أعرف ….”
ابتسمت بخجل وهي تخدش خدها محرجة من ضجيجها . القديسة ، ڤيرونيكا . كانت من مشاهير الڤاتيكان . على الرغم من أنها تفتقر إلى القوة المقدسة ، إلا أنها شخص طيب القلب يحتضن الجميع بطيبته .
‘لأنها لطيفة حتى مع فارس مبتدئ متواضع مثلي قد يتم طردها .’
كانت غارسيا ، الإمبراطورية المقدسة ، لأولئكَ اللذين ولدوا بقوة مقدسة للتمتع بالقوة المطلقة . لكن حتى بينهم كان هناك فصل . كلما كانت عيونهم ذهبية لامعة أكثر وحيوية كما لو كانت غارقة في الذهب ، كلما كانوا أعلى مركزًا . لإنه كان دليلاً على القوة المقدسة العالية . كانت عيون ڤيرونيكا ذهبية داكنة جدًا لدرجة أنها بدت بنية تقريبًا للوهلة الأولى . ومع ذلك كان لديها مكانة عالية إلى حد ما في المحكمة البابوية . أحب الجميع ڤيرونيكا . كدليل على الاحترام و الصداقة . لم يكن جابريل استثناء .
“ليس عليكِ البكاء على شخص مثلي !” “ما الذي تقوله ؟”
بناء على كلمات جابريل ، انفجرت من الغضب .
“إن الحاكم هو الذي يحتضن ورقة واحدة من العشب أزهرت على جانب الطريق . أنتَ مثلي تمامًا ، هل ستتجاهل حبه ؟” “هذا ليس ما أردت قوله …..”
وبينما كان يتلعثم في حرج ، أطلقت ڤيرونكا وجهها المتصلب وتنهدت .
“ماذا حدث بحق خالق الجحيم ؟”
أضاق جابريل عينيه وتتبع ذكرياته . كانت الصبي الصغير محاط بعدة رجال و على وشكِ أن يُعامل بقسوة ، لذا تدخل بدون تفكير .
‘ربما فقدت الوعي بعد التعرض للضرب .’
كان يحلم بتغيير العالم . مهما كان الأمر ، لايهم ما إن كان صغيرًا جدًا ، لذلك على الأقل أراد أن يكون العالم أكثر صحة مما كان عليه الآن .
‘لأنني حتى لا يمكنني أن أوقف المتشرد .’
أصبحت ضعيفًا جدًا .
‘ماذا حدث لهذا الطفل ؟’
لقد فقدت الوعي لذا لا يوجد هناك طريقة حتى يبقى على ما يرام .
‘لابدَ أنه بيع كـعبد’ . (ملاحظة : هو فاكر آريا ولد)
كان هناك لحظة من اليأس في عيون الصبي الملونة . كان صدره ضيقًا . أنزل رأسه و أمسك بشعره الفضي المجعد . كان خجولاً من نفسه لأنه قد بدى مثيرًا للشفقة ولكن أكثر من ذلك كله ، كان قلقًا للغاية بشأن الطفل الذي لم يستطع حمايته .
“ذهبت لمسقط رأسي ووجدت طفلاً في خطر .” “هذا صحيح .” “لكن في النهاية لم أستطع مساعدته .”
على الرغم من أنه كان ذا مكانة متدنية ، إلا أنه قد أُتيحت له الفرصة لكي يصبح فارسًا . كما أُطلق عليه إسم جابريل . ولكن على الرغم من أنه كان في نفس الشخص مثل أى شخص آخر ، لقد كان دائمًا في الخلف و الأضعف .
‘إنها معجزة أنني لم أتخلف عن الركب .’
على الرغم أنه بطريقة ما قد صمد أمام الشر . شعر بطريقة ما أنه غير مألوف مع الزي الأبيض الذي كان يرتديه .
‘لا أعرف أين أقف … هل مازلتُ يتيمًا من مكانة متدنية ؟’
هل هذا مكاني ؟ هل كنت أحلم بحلم صعب جدًا ؟
“أيها الفارس .”
في هذه اللحظة . نزلت يد صغيرة بيضاء و أمسكت بيده .
“لا تلم نفسكَ .”
الفتاة الصغيرة التي كانت تزرف الدموع لأن جابريل لديه إصابات خطيرة كان لديها نظرة حازمة للحظة . بدون اهتزاز . بعيون مليئة بالثقة .
“الفارس لم يكن مخطئًا بالتأكيد .”
قالت أكثر شيء كنت أريد أن أسمعه .
“لذا لا تشك في المسار الذي يسير فيه الفارس .”
فتح جابريل عينيه بشدة وجز على أسنانه . تلكَ الكلمة الوحيدة التي كانت على حق . منذ متى وأنا أنتظر هذه الكلمات ؟
“….نعم .”
بالكاد رد الصبي .
‘حسنًا فهمت .’
هذا ما أردته بشدة . ربما لسماع ذلك ، حتى لو ظللت أحوم حول المكان سأكون هنا في النهاية .
“أيها الفارس .”
أمسكت ڤيرونيكا بذقن جابريل قليلاً ورفعت رأسه لأعلى . كان الصبي يبكي و عيناه الدامعتان تهتزان . نزلت الدموع .
“لا تهتز و ثق بي .”
ابتسمت ڤيرونيكا بلطف و مسحت دموعه بيدها . في تلكَ اللحظة ، تألقت عيونه بشكل غريب . كان عيون جابريل تتألق بشكل مشرق ، لون ذهبي حتى أكثر من لون عيون البابا .
“كما هو متوقع ، كما رأيته في المرة السابقة لم يكن وهمًا .”
من النادر أن تتطور القوة المقدسة في وقت متأخر ، لكنها كانت بالتأكيد كذلك . من يدري ؟ إن هذا الفتى الصغير الهش لديه إمكانية بالتأكيد لتجاوز قدرات البابا في المستقبل . كانت أول من أكتشف ذلك .
‘أنا !’
شعرت ڤيرونيكا بسعادة غامرة . داقت عيناها الداكنتان ومسحتها تحت عيون الصبي .
“….آه ، أيتها القديسة ؟”
أطلق الصبي أنينًا صغيرًا وسأل بفضول . قال ڤيرونيكا بإبتسامة مثل أشعة الشمس كما لو أنها قد قالت ذلك من قبل .
“أنا أثق بالفارس . لذا هل يمكنني السير في الطريق الذي يسير فيه الفارس ؟”
لم تكن بحاجة حتى للسؤال . سخر الجميع و قالوا أن الوضيع كان يحلم و يقول الهراء . ولكن كيف يجرؤ على رفض الوجود الوحيد الذي على حق ؟
‘ألم تدرك أنني على حق ؟’
بكى و أقسم .
“إذا كانت القديسة معي ، سأبذل قصارى جهدي .”
قبّل جابريل ظهر يد ڤيرونيكا كـعلامة على الخضوع الكامل . ابتسمت ڤيرونكا ابتسامة كبيرة وسرعان ما اختفت هذه الإبتسامة في لحظة .
“أوه ، أنظر لرأسكَ … سوف أعالجكَ على الفور .”
وضعت يدها على جبين جابريل و تركت قوتها المقدسة تتدفق . نظرًا لقوته المقدسة الكامنة الأصلية ، تعافى الصبي بسرعة جدًا مع القليل من القوة المقدسة . حتى هذا كان مرضيًا .
“الآن ، خذ قسطًا من الراحة .”
خرجت من المستوصف . و ابتسمت بحرارة للكهنة الواحد تلو الآخر .
“آه ، أيتها الأخت ڤيرونيكا .”
في هذه اللحظة . من بين الكهنة اللذين أظهروا لها المودة و الاهتمام ، اقترب منها أحدهم بإبتسامة مريبة نوعًا ما . ردت ڤيرونيكا ، و حاولت بشدة عدم تجعيد جبهتها .
“…الأخ باروم .”
لم تكن تعرف عدد المرات التي قمعت فيها رغبتها في تجاهله . ومع ذلك ، لم يكن هذا هو الحال . لقد خافت أن تنحرف عن شخصية القديسة التي كانت تتبعها . نظر باروم حوله و أكد أن لا أحد يستمع .
“سمعت أن اللوحة لم تفوتكِ هذه المرة .” “لقد فعلت ما يجب علىّ القيام به .” “ما مدى صعوبة الأمر على الأخت ڤيرونيكا ؟ تتواصلين دائمًا مع هؤلاء اللذين يعانون من الوحدة و المتاعب …..”
وبينما أحنى رأسه ، همس في أذن ڤيرونيكا .
“إنه أمر مقدس لدرجة أنني لا أعرف كيف أصبحتِ عضوًا في الڤاتيكان .” “………..” “لن يتم تخفيض رتبتكِ إلا عندم تقومين بالأعمال الصالحة و تأخذين لوحات الشرف .”
ارتجفت شفتا ڤيرونيكا ، التي كانت تكافح من أجل الحفاظ على الابتسامة. ابتسمت باروم وضحك على المظهر ، ومر بها وقال.
“يجب أن تكوني متعبة .”
ڤيرونيكا ، تُرِكت وحدها ، وقفت شامخة هناك. بعد فترة طويلة ، مرت عبر الردهة بشكل عرضي وعادت إلى غرفتها ، كما لو كانت قد فقدت رباطة جأشها. ومع ذلك ، بمجرد عودتها إلى الغرفة ، تصلب وجهها .
“الرجل المزعج”.
لقد كان يعلم أنه إن أهان ڤيرونيكا بصوت عال فلن يلومه أحد .
“يجب أن أعتني بذلك …”
تمتمت ڤيرونيكا وهي تبحث بين ذراعيها . ثم التقطت البطاقة التي وجدتها مع جابريل . كانت تعتقد أنه قد التقطها سابقًا لكن كان يبدوا أنه قد نسيها الآن .
“همم .”
قرأت ڤيرونيكا البطاقة مرة أخرى .
[أنتَ على حق . لا تشك في المسار الذي تسلكه .]
لم تستطع التفكير في أى شيء مبهر . هل أعانك الحاكم حقًا ؟ لا أصدق أن البطاقة كانت موجودة هناك كما لو كان يطلب منه استخدامها .
‘حقًا ؟ ياله من فاسق .’
ابتسمت الفتاة و بصقت الكلمات البذيئة . مزقت البطاقة ووضعتها في سلة المهملات .
“هذا طفولي جدًا .”
–ترجمة إسراء .