22
كان فنسنت مرتبكاً لأن آريا كانت مختلفة تماماً عن الشائعات .
‘تلكَ النظرة اللامبالية على وجهها تشبه تماماً نظرة أخي …’
لقد سمع أن من هم في عمر آريا يجب أن يتمتعوا بشخصية لطيفة ومع ذلك ، فهي لم تكن طفلة عادية .
‘لماذا تتصرف هكذا ؟’
آريا مختلفة بشكل واضح عن الآخرين ، وبالتأكيد لم يكن هذا وهماً .
“إذاً ما هو هدفكِ ؟” [لحماية شخص ما .]
أجابت دون أدنى تردد . كان فنسنت عاجزاً عن الكلام . كانت كلمات آريا مثل قسم الفارس . ومن ثم ألقت أوراقها في المدفأة و لم تترك أثراً لمحادثتهم . عندما يحين الوقت ، تعهدت بإستخدام قدراتها لحماية هذا الشخص بأي ثمن .
***
طورت آريا مؤخراً هواية صغيرة . كانت تميل للتجول في الحدائق أثناء انتظار رسائل سابينا .
‘لكم من الوقت استمر هذا ؟’
بعد فترة من الوقت رأت حمامة تطيرة إليها من مسافة بعيدة . فكرت آريا بحماس ولقد كان تعبيرها مشرقاً :’أخيراً ، رسالة !’ ومع ذلك ، عندما هبطت الحمامة على كتفها اختفت السعادة اللحظية التي شعرت بها .
‘إنها …ليست رسالة ؟’
لسوء الحظ لم تأتِ الرسالة . كانت هناك أيام لم تكن فيها سابينا تُرسل رسائلها ولكن بدلاً من ذلك ترسل الزهور و تجعل الحمامة تحملها في فمها .
‘هل من الممكن أنها لا تملك الطاقة لكتابة الحروف …؟’
كانت آريا قلقة لأن صحتها قد تتدهور . أخذت الزهور من فم الحمامة .
‘أعتقد أن المجزرة سوف تحدث قريباً .’
لم تتمكن سابينا من إرسال العديد من الزهور كما اعتادت . علاوة على ذلك ، الزهرة التي أرسلتها هذه المرة كانت تقريباً … ذابلة . ثم ، بينما كانت تداعب رأس الحمامة طار فجأة بعيداً .
‘ماذا ؟ لقد فاجأني هذا .’
استدارت آريا بنظرة محيرة متسائلة عن سبب هروب الحمامة . وبالتالي استطاعت أن ترى لويد الفهد الخاص يه يتجولان . وعندما وجد أن آريا تحدق بهم سرعان ما حدق بها هو الآخر . سرعان ما عبس عندما وصلت إلى خط بصره ، عندما لاحظت آريا نظرته المنزعجة تجاهلته .
‘هل سيحاول التخلص مني مرة أخرى ؟’
انتظرت آريا أن يقترب منها لويد أولاً وظلت في حالة تأهب . على عكس المالك ، ركضت النمور بنشاط إلى آريا على الفور .
‘مرحباً ، أصدقائي القطط .’
النمور السوداء أو المعروفة بإسم ‘الفهود السوداء .’ كان للفهد فراء يُشبه الستان الأسود وعيون تشبه التوباز ببريقها . (الستان الأسود نوع من القماش ناعم و التوباز حجر كريم .)
‘نفس لون شعر لويد .’
وصلت آريا لتربت على رؤوسهم . لكنهم أداروا رؤوسهم لتجنب الإتصال المباشر . لقد كانوا مختلفين عن الذئاب حيث عانقتهم على الفور و هزوا ذيولهم . تجنبها الفهود مثل الطاعون .
‘لماذا يقتربون مني أولاً ثم يتراجعون عندما أحاول لمسهم ؟’
سحبت آريا ذراعها. إن حاولت لمسهم سيستمرون في تجنبها .
‘ماذا يجب أن أفعل ؟’
وهكذا اختارت أن تتركهم . سار لويد بإتجاهها مباشرة بخطى بطيئة .
“أخبرني عصفور صغير أنكِ لم تستخدمي سلطتي التي منحتكِ إياها .” “…………” “سأستعيد هذه السلطة ولن تحصلي على إذن لإستعمالها بعد الآن .”
بعد كلمات لويد اومأت آريا على الفور ، لم تكن تنوي إستخدامها على الإطلاق . رفع لويد حاجبيه.
“هاا ، فهمت . إذاً تريدين أن تطردي بدون أن يكون لديكِ فلس واحد ، و تفضلين العيش في الشوارع بدلاً من إمتلاك منزل .”
في اللحظة التي أنهى فيها كلماته لامست ذراع آريا عن طريق الخطأ أحد النمور مما أدى إلى صفعها في أحد كفوفها .
‘أوتش!’
لقد تعرضت للصفع . حدقت آريا في معصمها الذي كان ينبض من الألم . إنها تؤلم أكثر مما كانت تعتقد . لحسن الحظ ، لم يضرب جيداً .. لكان الآن لديها أكثر من التواء في الرسخ ، ربما كان كسراً في العظام . رفعت آريا رأسها لتنظر إلى لويد ولكن عندما تواصلت معه بالعين ، صُدِمت .
كان تعبيره مرعباً . كانت حواجبه مجعدة حتى أنها تمكنت من رؤية عروق على جبهته .
“……….”
ربما كان هذا لأنه كان يدير ظهره للشمس ؟ كان وجهه تحت الظلال القاتمة مخيفاً للغاية أكثر من أى وقت مضى وعيناه تلمعان .
ثم صرخ :”هل أنتِ مجنونة ؟ لماذا تلمسين وحشاً …!”
بعد ذلك تنهد .
“أعطني معصمكِ .”
مدت آريا يدها . لم تفكر مرتين حتى أنه قد يفعل شيء سيء لها . كان لويد غاضباً من موقفها ، كانت شديدة الإهمال و السذاجة و الضعف . لقد كان يريد أن يوبخها لأنها تفقد حمايتها لكنه قرر أن ينسى الأمر و يفحص معصمها الملتوي أولاً .
“أنتِ حقاً جيدة في إثارة استيائي .”
لم تكن يدها مكسورة لكنها بالتأكيد كانت منتفخة . إن كان لديها دماء ڤالنتين لكانت إصابة مثل تلك لا شيء . لكن آريا لم تكن كذلك .
أخرج لويد خنجراً و قطع بعض الأغصان من شجرة و صنع بها جبيرة . مزق قطعة من قميصه و لفها حول معصم آريا.
‘إسعافات أولية ؟ أعني … إنها لم تُكسر ، لذا اليس هذا مبالغاً به ؟’
فكرت آريا أنه لا ينبغي أن تتلقى علاجاً مثل هذا .
“هل هذه إحدى حيلكِ ؟” سأل لويد وهو يلف القماش بعناية كما لو أنه يتعامل مع قطعة من الزجاج الهش.
أمالت آريا رأسها .
–حيل ؟ “تمرضين أو تصابي بالأذى عندما أحاول إبعادكِ .” –ولماذا أحاول خداعك ؟ “هل تحاولين خداعي لتجعليني أهتم بكِ ؟” –هل أنتَ مهتم بي ؟ “………”
صمت لويد ، كان تعبيره كشخص تم القبض عليه في مصيدة فئران . ثم ترك الصبي يد آريا و أبعدها في حرج .
“لا…” قال وهو يشير بإصبعه إلى المكتب و كأنه يقول ‘أكملي باقي العلاج بنفسكِ .’
تم لف الجبيرة على معصمها بعد وقت قصير من تعرضها للضرب لذا لم يكن الأمر مؤلماً .
‘الإصابة لم تكن خطيرة على أي حال .’
“بعد أن تلتئم ، يجب أن تغادري هذه المرة .”
حدقت آريا في لويد مستمتعة .
“بماذا تفكرين ؟”
لم يستطع إلا أن يسأل لأنه ظن أنها تفكر في شيء غير سار . فتحت شفتها .
–إن النمور تشبه إلى حدٍ كبير مالكها . “ماذا يعني ذلك ؟” –هذا هو الأمر فقط .
ومع ذلك لايزال لويد لم يفهم المعنى وراء كلماتها . لقد كان إنساناً لكنه سيبدوا مثل النمور تماماً إن كان حيواناً بالإضافة إلى أن مواقفهم مات متشابهة .
‘في الواقع التشابه غريب حقاً .’
ومع ذلك ، هزت آريا رأسها للويد كما لو كانت تطلب منه أن ينسى الأمر .
***
بدأت آريا في الهمهمة .
كان هناك عدد لا حصر له من أغاني السايرينز ، لكنها كانت مقسمة في المقام الأول إلى سبع فئات . حاولت أن تغنيهم الواحدة تلو الأخرى . أغنية الحياة ، السلام ، السحر ، النوم ،النسيان ، الشفاء ، وأخيراً الدمار .
“آهغ …!”
كانت آريا تغني الأغاني الأخرى بشكل مريح ، حتى بدون تدريب . ولكن بمجرد وصولها إلى أغاني الشفاء و الدمار ، أصبح عقلها ساخناً و مشتعلاً مثل النار .
ام تتح لها حتى الفرصة لغنائها .
“آه ، آهغ ….!”
أمسكت آريا بصدرها و سقطت على الأرض ، أصبحت تتنفس بخشونة .
“أنا لا أتحسن .”
كانت تعتني بنفسها جيداً مؤخراً . كانت تأكل كمية لا بأس بها من الطعام في كل وجبة وحتى أنها كانت تتجول في الحديقة من وقت لآخر . ومع ذلك ، لم يستطع التكيف مع غناء هذه الأغاني .
لم يكن الأمر كما لو أنه لم يكن هناك تحسن على الإطلاق ، ولكن تحسن غنائها قد نمى لدرجة أنه سيكون محرجاً إذا أخبرت الناس بالفعل أن مهاراتها قد تحسنت .
‘لكن ليس لدىّ خيار آخر ….’
فعلت آريا ما كانت تفعله في حياتها السابقة ، تدربت في غرفة مغلقة كثيراً حتى أصبح صوتها أجشاً و متشققاً .
‘لأنني وصلت بالفعل إلى هذا المستوى في حياتي السابقة ، اعتقدت أنه يُمكنني في النهاية تحقيقه مرة أخرى إذا مارست ذلك بإستمرار .’
هل كانت هذه الطريقة حقاً بذلك السوء ؟ ومع ذلك ، عرفت آريا كيفية التدرب بهذه الطريقة لأنها لم تتلقَ تعليماً من الكونت كورتيز . إذا استمرت في التدرب بهذه الطريقة ، فهي تأمل أن تتمكن من غناء هاتين الأغنيتين في يوم من الأيام .
‘متى يأتي ذلكَ اليوم ؟’
في حياتها السابقة كانت تبلغ من العمر أربع عشرة عاماً عندما وصلت إلى هذا المستوى . اعتقدت أنها يُمكن أن تُقصر المدة لعامين إن استمرا في التدرب كثيراً . ومع ذلك ، قد فات الأوان بالفعل .
‘هل هناك طريقة أكثر فعالية ؟’
طريقة لاستعادة مهاراتها القديمة التي بقت كذكريات فقط . عندما استلقت و فكرت ضربت سلسلة من الأفكار ذهنها .
“آه !”
نهضت فجأة .
‘حاجز سحري !’
يجب أن يكون هناك حاجز سحري في قصر ڤالنتين . تذكرت آريا الحاجز الذي رأته عند مدخل جبال أنغو . كان الأشخاص اللذين يسيطرون على الحاجز هم من يتمتعون بقدرات سحرية عالية ولديهم قدرة التلاعب بالطاقة .
‘يُولد كل شخص أنواع مختلفة من الطاقة لكن الجوهر هو نفسه في النهاية .’
ألن يكون الأمر مشابهاً ؟ لم تكن تعرف ما إن كان هذا قراراً حكيماً .
‘لكن على الأقل هي طريقة أكثر فاعلية من الطريقة التي استخدمها .’
ركضت آريا إلى المكتبة على الفور . كانت تفكر في معرفة الشخص الذي صنع الحاجز عند مدخل سلسلة الجبال .
‘لكن ما نوع الطاقة التي يمتلكونها ؟ كل شيء غير مألوف بالنسبة لي …’
كانت آريا في تفكير عميق . كانت الطاقة الأكثر شيوعاً في إمبراطورية بينيتا هي القوة المقدسة و المانا . كانت هناك أيضًا مجموعة متنوعة من الطاقات الأخرى. كانت للأقليات ، مثل السايرين .
فجأة ….
بينما كانت أريا تسير ذهابًا وإيابًا عند مدخل المكتبة ، وهي منشغلة بأفكارها الخاصة ، ركض رجل كان على وشك مغادرة المكتبة مباشرة.
“أوتش!”
صرخ الرجل . لم تكن صدمة كبيرة لكنه صرخ لأن بعض الوثائق التي في يدخ سقطت . فركت آريا عينها و حدقت في الأوراق التي ترفرف .
لم تكن الحواس الخمس للسايرين تتعلق فقط بالسمع . أمسكت بكل الأوراق التي كانت تطير . وفي تلك اللحظة ، انفتحت عيناها على مصراعيها عندما رأت الرجل الذي اصطدم بها.
‘هذا الشخص ….’
–ترجمة إسراء .