أن تصبح من عائلة الشرير - 194
”ارغغ!”
سعلت آريا الدماء عندما تم كتم قواها فجأة.
عندها نظرت إلى غابرييل بعيون مندهشة.
لقد كان يحاول سكب قوته المقدسة بتعبير أكثر تألماً من تعبيرها.
لقد كان يحاول علاجها.
‘كيف بحق خالق الجحيم حدث هذا ….’
آريا، التي لمستها يد غابرييل، نظرت إليه بعيون مذهولة.
بالمقارنة مع آخر مرة رأته فيها، فقد زادت كمية قوته المقدسة إلى نسبة خيالية.
صكّت آريا على أسنانها وسحبت خنجرًا كانت تخفيه في صدرها لمهاجمته وإبعاده عنها.
ولكن قبل أن تتمكن من أرجحة الخنجر، أوقفتها يد غابرييل بسلاسة.
الفارس المتدرب الضعيف، الذي تعرض للضرب حتى الموت تقريبًا على يد المتشردين أثناء محاولته إنقاذها، أصبح قائد الفرسان قبل أن تعرف ذلك.
وهذا يعني أنه الآن كان يتمتع بمهارات لا مثيل لها.
‘هل من الممكن أن يحتوي جسم شخص واحد على هذا القدر من الطاقة؟’
لم تكن هنا فائدة من التفاجؤ، لأنه في المقام الأول، بدأت الأشياء التي لا يمكن قبولها بالمنطق تحدث منذ اللحظة التي لم ينجح فيها سحر كارلين.
ومع ذلك، كان هناك شيء واحد مؤكد.
“إنه أنت…”
لقد كان غابرييل هو من خطط لكل هذا.
لقد أمضى عدة سنوات في الدوقية الكبرى وكان على علم بالأوضاع الداخلية هنا.
أما بالنسبة للشامان، فلم تعلم آريا أبدًا أن هذا سوف يحدث عندما أخبرته بوجوده قبل بضعة سنوات.
“الآن، أنتِ لن تناديني بالملاك إلى الأبد.”
لقد كان صوت غابرييل ممزوجًا بالاستسلام والألم، كما لو أنه لم يكن يرغب في أن يحدث ذلك في المقام الأول.
وكان هذا آخر شيء تذكرته آريا.
***
عندما استعادت آريا وعيها، كانت في غرفة مريحة.
داخل الغرفة المغمورة بأشعة شمس الصباح الهادئة، كانت هناك أشياء ترمز إلى الإله موضوعة هنا وهناك.
“أين أ…”
خرج صوت متقطع من حلق آريا المبحوح.
“كحح كحح!”
عندما بدأت آريا تسعل سعالًا جافًا، ظهر كوب من الماء أمام عينيها.
نظرت آريا إلى الكوب بعيون غير مبالية، ثم أدارت عينيها للتحديق في الشخص الذي أعطاها الماء.
“قد تكون الغرفة غير مريحة، ولكن أرجو منكِ البقاء هنا لفترة من الوقت. سوف نجهز لكِ مكانًا أفضل قريبًا.”
لماذا حتى يقوم بتجهيز مكان أفضل لها؟
بعدما أغمي على آريا في جبال الإنغو، ما الذي كان يفكر فيه غابرييل وما الذي كان يخطط لفعله؟
‘أنا لا أشعر بالفضول حتى.’
استمعت آريا بعناية إلى المكان المحيط بها متجاهلة كلمات غابرييل بصمت.
لحسن الحظ، سمعت صوت أحد المارة من بعيد، إذن ربما لم يكن غابرييل يخطط لحبسها في مكان منعزل.
‘إنهم يتكلمون بلهجة إمبراطورية فينيتا.’
هذا يعني أنهم لم يغادروا الإمبراطورية بعد.
لحسن الحظ، هو لم يأخذها إلى جارسيا.
“كم مضى من الوقت وأنا فاقدة للوعي؟”
“أربعة أيام.”
أربعة أيام.
لقد مرت ثلاثة أيام منذ اليوم الذي وعدت فيه لويد بالعودة إلى جانبه.
لقد كان ينبغي أن يحدث شيء ما منذ وقت طويل.
‘لقد قال لويد أنه ليس على ما يرام. هل هو بخير الآن …’
عضت آريا شفتها وبدت قلقة من أن تسأل حتى.
هي لم تكن تريد التحدث مع غابرييل إن أمكن، لكنه كان الشخص الوحيد الذي يمكنها التحدث إليه الآن، لذلك لم تستطع منع نفسها من السؤال.
“كيف حال الجميع؟”
“… سيعلن قداسته قريبًا الحرب المقدسة على إمبراطورية فينيتا.”
حرب مقدسة.
كيف يمكن أن تنسجم كلمة “مقدسة” التي تمثل القداسة والطهارة مع كلمة “حرب” التي تمثل الفتنة والدنس؟
لقد كان هذا شيئًا سمعته آريا في حياتها السابقة أيضًا، لكنه ظل سخيفًا.
قالت آريا بابتسامة ساخرة.
“لقد سألتك عن حال عائلتي وزوجي والأشخاص الذين أحبهم.”
“الأشخاص الذين تحبينهم.”
كرّر غابرييل ببساطة كلمات آريا، لكنه لم يُجِب عن سؤالها.
‘لا ينبغي لي أن أتوقع إجابة منه في المقام الأول.’
إذن سوف يكون عليها أن تكتشف ذلك بنفسها.
كانت ستائر الغرفة مسدلة، لكن ضوء الشمس كان يضيء كل مكان، ولذلك استطاعت آريا أن تستنتج أنهم كانوا ما يزالون في كبد النهار.
رفعت آريا نفسها من السرير ومدت يدها نحو الستائر.
لكن في الوقت نفسه، لف غابرييل يده حول معصمها.
“لقد قلتِ أنني على حق.”
“……”
“أنا على حق، لذلك لا يجب أن أشك في الطريق الذي أسير فيه.”
“…..”
“هذا ما أخبرتِني به يا سيدة آريا.”
سألها غابرييل عما إذا كانت تتذكر ذلك.
آريا، التي كانت تتجاهله طوال الوقت، استجابت أخيرًا لكلماته.
“إذن ماذا؟”
لقد كانت تلك هي العبارة المفضلة لديها، ولم تكن تقولها لأي شخص كان.
لقد كانت تقولها فقط لأولئك الذين تتمنى أن تتحقق أحلامهم حقاً وتتمنى لهم الخير.
‘في ذلك الوقت، كان غابرييل من أولئك الأشخاص.’
أبيض وصافٍ كالثلج، صغير وهش كالقش.
فتى يافع يحلم بتحقيق العدالة رغم ضعف جسده وعدم قدرته على محاربة أحد.
كيف تستطيع آريا أن لا تشجعه؟
“لقد أخبروني أنكِ مَن نقلتِني إلى القصر البابوي وتركتِ تلك البطاقة التي كتبتِ عليها تلك الكلمات بجانبي. على الرغم من أنني لم أرى ذلك بنفسي ولكن …”
“ألم ترى ذلك بنفسك؟”
إذن كيف عرف أن آريا هي التي تركت البطاقة بجانبه؟
سألت آريا على مضض، وبدأ غابرييل في الشرح.
في ذلك الوقت، أخفت فيرونيكا البطاقة التي تركتها آريا، وأخبرته بالكلمات التي كتبتها له. وبسبب ذلك، كان هناك وقت اعتبر فيه غابرييل فيرونيكا منقذة حياته.
“تلك الكلمات هي التي غيّرت حياتي.”
غيرت حياته؟
ضحكت آريا بسخرية ونظرت إلى يديها للحظة.
على الرغم من أنها لم تكن مكبلة اليدين أو مقيدة بالأغلال، إلا أنها شعرت وكأنها كذلك.
“ما كنتُ أتوقعه منك وقتها هو أن تكون مناصراً بريئاً يدافع عن العدالة ولا يتسامح مع الظلم.”
“…..”
“لكنك تغيرت. وتغيرت حياتك أيضًا.”
على الأقل لم يحاول غابرييل اختطاف آريا وسجنها بهذه الطريقة في حياتها الماضية.
“إذن ماذا الآن؟ هل ما زلتَ سوف تقول مثل هذه الأشياء لتبرير ما تفعله؟”
“انا لم أقصد تبرير أي شيء. أنا فقط أردتكِ أن تعرفي ذلك.”
أدركت آريا الوضع بسرعة.
لقد تم اختطافها لأنها سيرين.
بعد أن ماتت في حياتها السابقة ميتة بائسة، وعادت بالزمن، ها هي الآن تقف في نفس مكانها الأول مرة أخرى.
ذهلت آريا من هذه الحلقة المفرغة التي كانت تدور فيها وضحكت بسخرية ضحكة فارغة من المشاعر.
“إذن كيف تخطط لاستغلالي؟”
“أنا لن أستغلكِ.”
“…..؟”
لقد كانت إجابة غابرييل غير متوقعة إلى حد ما.
نظرت آريا إلى غابرييل وأضاقت عينيها للحظة في ريبة.
“ليس عليك أن تغطي ما هو واضح بالأكاذيب. لقد اكتشفتُ نواياك بالفعل.”
“يبدو أنكِ تسيئين فهمي. من المستحيل أن أقوم باستغلالكِ يا سيدة آريا.”
“أنا متأكدة من أنكَ قد أقسمتَ بالولاء لغارسيا، وجارسيا تحتاج لاستغلال السيرين. فكيف تتوقع مني أن أصدقك؟”
سألت آريا وهي تتذكر ذكريات حياتها السابقة.
“ألم يطلب منك البابا أن تخطفني؟”
لقد كان البابا يريد الشيء الذي لا يمكن الوصول إليه أبدًا حتى بواسطة قوته المقدسة.
إنه قدرة السيرين على الشفاء.
هذا لأن آريا كانت تستطيع أن تعيد الإنسان من حافة الموت إلى الحياة إذا سمع أغنيتها.
ولذلك بدأت تقتنع أن هذا هو السبب وراء اختطافهم لها.
‘أو ربما لاحظوا أن حسن نية الإله متأصل بشكل وطيد في قدراتي السحرية …’
بينما كانت آريا تنظر إلى غابرييل بنظرات حادة مليئة بالحذر…
“لابد من أنكِ قد مررتِ بالكثير من المواقف البشعة التي تم فيها استغلالكِ واستغلال قدراتكِ.”
قال غابرييل وهو ينظر إليها بشفقة.
حينما سمعت آريا هذه الكلمات، لم تستطع منع نفسها من النظر في عيون غابرييل للمرة الأولى منذ أن فتحت عينيها في هذا المكان.
لقد كانت ما تزال تتذكر بوضوح وجهه الذي رأته في حياتها السابقة.
في ذلك الوقت، كان غابرييل ينظر إليها على أنها مصدر كل الشرور والتي يجب معاقبتها بقسوة.
لكن الآن…
“لقد فعلتُ ذلك من أجلكِ.”
أحنى غابرييل رأسه، ثم ضغط شفتيه على ظهر يد آريا ليطبع قبلة خفيفة وهمس بلطف قائلاً:
“وسوف أفعل كل شيء من أجلكِ أيضًا.”
غابرييل، الذي رفع رأسه لينظر إلى عيون آريا، كان لديه وجه يائس للغاية.
“كما أنني أقسمتُ الولاء للبابا من أجلكِ فقط.”
عند سماع تلك الكلمات، فوجئت آريا.
في عينيه الذهبيتين، اللتين أشرقتا بلمعان أكبر من ذي قبل، كانت المشاعر القديمة التي ربما كان ما يزال يحملها في قلبه تشتعل بلهيب غامض مثل أشعة الشمس الحارقة.
مشاعر بدت أقرب إلى الكراهية منها إلى الحب، والتي يبدو أنها قد تعفنت وفسدت بالداخل على مرّ السنين.
“هاهه.”
لم يكن لدى آريا أي شيء آخر لتقوله.
مع أنها لاحظت بشكل غامض من قبل أنه كان ينظر إليها بنظرات مليئة بالشوق….
إلا أن عيناه الآن كانتا تحملان مشاعر واضحة بشكل صارخ لدرجة أنها لم تستطع تجاهل ذلك على الإطلاق.
ولهذا قرّرت أن ترسم خطاً بشكل حاد وحازم قبل أن تتفاقم الأمور إلى ما هو أسوء.
“أنا متزوجة.”
لقد كانت تعني بذلك أن تسأله عما إذا كان يريد حقاً أن يفعل هذا من أجل امرأة متزوجة بالفعل، لكن غابرييل لم يرمش بعينه حتى واستمر في كلامه على الفور دون أي خجل.
“أنا لا أهتم.”
“أنا لا أهتم إذا كنتَ لا تهتم.”
قالت آريا وهي تحاول ابتلاع غضبها.
“لدي زوج، نقطة إلى السطر.”
“لا يمكن أن تكوني متزوجة من فرد عائلة لم تعد موجودة في هذا العالم يا سيدة آريا.”
ماذا؟
صُدِمت آريا وفتحت فمها على عجل.
“هل تعني أنك سوف تتخلص من الفالنتاين؟”
“كما سمعتِ.”
“هل أنتَ مجنون؟”
“منذ وقت أبكر مما تعلمين.”
…لقد كنتُ مجنوناً منذ البداية.
أضاف غابرييل وهو يمسك يد آريا بإحكام.
يبدو أنه ليس لديه ما يخجل منه بعد الآن.
بغض النظر عن مدى مقاومة آريا ومحاولتها صفع يده بعيداً، إلا أنه قد تمسك بها بشدة ولم يتركها أبداً.
لقد بدا وكأنه كان يخشى أن تصبح سراباً وتختفي.
“ليس لدي أي نية للسماح لكِ بالذهاب إلى حيث لا أستطيع رؤيتكِ مرة أخرى. حتى لو كان يعني هذا أنكِ سوف تكرهينني لبقية حياتكِ…”
“اِنتظر لحظة.”
بدأ رأس آريا، الذي لم يكن قادراً على التفكير لدقائق بسبب تصرفات غابرييل المفاجئة، في العودة إلى العمل متأخراً.
“أعتقد أنكَ قد أصبتَ بالجنون حقًا.”
عندها توقفت آريا عن مقاومة يد غابرييل ونظرت إليه.
لقد كانت حالته غريبة للغاية.
“هل تم غسل دماغك؟”
“……”
“أنظر إلى عيني. بغض النظر عن مدى تشتّت ذهنكَ وتغيّر فكركَ، إلا أنك لن تقوم باختيار مثل هذا الخيار أبداً.”
لقد كان غابرييل من النوع الذي يدافع عما يبدو له أنه عادل.
لقد كان الأمر كذلك في الحياة السابقة أيضًا.
لقد كان غابرييل يعتقد أن جارسيا تقف إلى جانب العدالة، لذلك كان يؤمن أنهم على حق.
ولذلك أيضًا تولى عن طيب خاطر دور الشرير.
لكنه الآن سوف يدمر كل شيء فقط ليمتلك الشخص الذي يريده؟
‘إنه تصرف يُنافي معتقدات غابرييل تماماً.’
مهما تغير الإنسان, هل يمكن أن تتغير شخصيته ويُصبح شخصاً آخر تماماً؟
عندما أمسكت آريا خده فجأة وحاولت النظر إليه بتمعن، اهتزت عيون غابرييل قليلاً لجزء من الثانية.
“لأنكِ طيبة هكذا …”
ثم همس بصوت منخفض.
“لهذا السبب لا أستطيع التخلي عنكِ.”
──────────────────────────
~(اتركوا أي ملاحظات بقسم التعليقات، سأقرؤهم كلهم 😊)~
──────────────────────────
أو بإمكانكم التواصل معي مباشرة على الانستغرام لأي استفسارات.
🌸الانستغرام: Asli_Khadija7@
──────────────────────────