14
”……….…” “………….”
كان الدوق صامتاً بينما كان المساعد بجانبه مذهولاً لدرجة أنه أصبح غير قادر على التحدث .
عادة سيكون الأطفال خائفين جداً من رؤية تريستان ، الدوق ڤالنتين بسبب مزاجه السيء و مزحاته المؤذية . كان الأطفال الآخرون يبكون و يهربون لكنها جاءت إلى هنا عن طيب خاطر . ما نوع الحياة التي عاشتها هذه الطفلة الصغيرة ….؟
كان تعبير دواين متعاطفاً .
[سررت برؤيتكَ مرة أخرى .]
أمسكت آريا البطاقة لإحكام بكلتا يديها و ابتسمت إبتسامة عريضة . لم تكن معتادة على الإبتسام . ومع ذلكَ ، عندما تذكرت دانا و بيتي و باقي الخدم الآخرون اللذين قد اعتنوا بها ارتسمت إبتسامة على شفاهها . لم تفعل هذا من قبل .
‘مثير للإعجاب .’
مجرد التفكير في لطفهم جعل دواخلها تشعر بالدفء بطريقة غامضة . عندما ارتسمت إبتسامة مشرقة ، ضحك الدوق الأكبر .
“لقد اشتقتِ لي ، لذا أتيتِ إلى هنا و أنتِ تركبين فوق ظهر الكلب ؟”
أومأت آريا .
بصراحة ، لم ترَ الدوق الأكبر منذ أول لقاء بينهما ، لذا تساءلت أين هو وماذا كان يفعل . رغم أنها لم تكن بهذا الفضول . قال الدوق الأكبر بينما يعقد شفتيه بإبتسامة ساخرة :
“فهمت .”
لم يسبق للأمير قول مثل هذه الكلمات للدوق الأكبر ، لذا فوجيء تماماً . لكن سماع هذا النوع من الأشياء لم يكن سيئاً كما كان يعتقد .
“إذاً ماذا ، هل تريدين اللعب معي ؟” “……….” “ماذا تريدين أن تفعلي ؟”
لم تكن تعرف آريا كيف تجيب .
‘كان علىّ التفكير في سبب للمجيء إلى هنا أولاً ….’
لم يكن لديهم خيار سوى التحديق في بعضهم البعض . لم يلعب الدوق الأكبر مع طفل من قبل كما لم تلعب آريا كالأطفال من قبل .
“هل يجب أن ألعب معها مثلما ألعب مع إبني ؟”
سأل الدوق الأكبر بينما ينقر شفتيها الحمراء بإصبعه .
“جلالتك ، رجاء فكر في الأمر مرة أخرى ! إنها ليست لعبة يلعبها طفل عادي !”
دواين الذي كان صامتاً لفترة من الوقت تدخل في المحادثة .
“جاءت الآنسة من خارج الحدود . علاوة على ذلك ، سمعت أنها قد تعافت للتو من الحمى التي كانت تعاني منها منذ أيام قليلة .”
‘ما نوع اللعبة التي يلعبونها في العادة لجعله يشعر بهذا التوتر الشديد ؟’
فكرت آريا للحظة .
‘لا أستطيع حتى تخيلهم يلعبون كعائلة عادية .’
إن كان عليها التخيل فيبدوا أنهم يلعبون لعبة عنيفة مع رش الدماء في كل مكان .
“كانت مريضة بمجرد وصولها إلى الدوقية الكبرى . إنها حتى أضعف من حشرة .”
أخيراً قام الدوق الأكبر بإنزال آريا على الأرض . حدق بها بفضول لمعرفة كيف كانت على قيد الحياة بعد كل هذا الوقت . لم يحدق بها لويد بهذه الطريقة . ولا دانا ولا بيتي ….
“إذاً ، أنتِ أفضل الآن ؟”
أومأت آريا بدون تردد .
[أريد اللعب مع الكلاب هنا .]
“إن كنتِ هنا فقط للعب مع الكلاب ، فلماذا أنتِ هنا ؟تشه – الأطفال غير منتظمين تماماً هذه الأيام .”
تمتم بإستيار و نقر على لسانه بتعبير غير سار .
‘حسناً ، آه . لم آتِ إلى هنا لرؤيتكَ في المقام الأول .’
اندفعت عينا آريا حول الغرفة بينما كانت تحاول اكتشاف الرد المثالي . ثم بدأت تكتب على البطاقة .
[أود أن أبقى بجانب والدي .]
في تلكَ اللحظة ، غطت فمها بيدها الصغيرة على عجل . إمتلأ الهواء بدخان السجائر ، وكادت تسعل . لحسن الحظ ، كانت حريصة بما فيه الكفاية على عدم السعال أمام الدوق الأكبر .
‘آه ، لقد نسيت أمر السجائر لأنها كانت جزءاً من روتيني اليومي في حياتي السابقة .’
كان حلقها يحترق .
عندما أوقفت سعالها بدأت الدموع يتراكم عند عينها ، لاحظ دواين حالة آريا وهمس في أذن الدوق الأكبر .
“جلالتكَ ، لا أعتقد أن استنشاق الدخان السلبي مفيد الآنسة . علاوة على ذلك ، إنها ضعيفة بالفعل وهناك الكثير من المستندات اليوم للعمل عليها .” “وبالتالي ؟” “لماذا لا تخبرها أن تعود في وقت آخر ؟”
قال له :”إنسى الأمر .” و أطفأ السيجارة في منفضة السجائر . ثم انحنى على الكرسي و قال “قم بتهوية الغرفة .”
“مفهوم !”
فتح دواين النوافذ الغرفة بسرعة . سرعان ما تلاشى الدخان و جعل النسيم الستائر تهتز ، لفت آريا ذراعيها دون وعي حول كتفيها المرتجفتين بسبب الرياح الباردة . حدق بها الدوق الأكبر و قال وهو يخلع معطفه و يضعه على رأس آريا :
“بالتأكيد لديكِ الكثير من الاحتياجات .”
بدافع رد الفعل هذا ، اسقطت بلا وعي البطاقة التي تحملها على الأرض . دُفنت آريا بداخل المعطف وواجهت صعوبة في إخراج وجهها بسبب القماش السميك لبعض الوقت .
ثم نظرت إلى الدوق الأكبر .
وجدت أنه يأخد بطاقة [أود أن أبقى بجانب والدي .]
، والغريب أنه وضعها في جيبه .
‘لماذا يأخد تلك ؟
كان المعطف كبيراً جداً لدرجة أنها اضطرت لشده فقط لمنعه من السقوط و إعاقة وجهها . قال الدوق الأكبر بدلاً من اللعب معها :
“إذاً تنفسي جيداً وأنتِ بجواري .”
تساءلت آريا لماذا قام بذكر التنفس .
‘من الواضح أنني اتنفس دائماً .’
وبسبب ذلك أدركت فجأة و أصبحت تتنفس بصعوبة .
‘شهيق ، زفير …..’
بدأت آريا في عد فترات كل نفس بأصابعها . ضحك الدوق الأكبر بسبب أنها بدت و كأنها تواجه صعوبة في التنفس .
“سوف تنفد أنفاسكِ إن واصلتِ التنفس بهذه الطريقة .”
اعتقدت آريا أنه كان غير عادل . كانت تتنفس بشكل جيد حتى أشار إليها . قال دواين وهو يعيد مجموعة من الأوراق و يضعها برفق على مكتبه : “من النادر أن أرى جلالتك مرتاحاً كما لو أنه ليس هناك عمل .”
“هذه المستندات بحاجة لإعتمادها بحلول اليوم .” “أنا بحاجة لبعض الوقت لاتنفس .” “يُمكن لجلالتك البقاء على قيد الحياة حتى لو توقفت عن التنفي لبعض الوقت .” “هل تخبرني أن أستمر في العمل حتى لو توقفت عن التنفس؟” “لا على الإطلاق .”
ظل الدوق الأكبر يتصرف كما لو كان يحتضر ، ولكن من المدهش أنه استمر في تصفح الوثائق و التعامل معها بشكل جيد .
لم يكن لدى آريا ما تفعله ، وبسبب كونها فضولية وقفت بجانب الدوق الأكبر ونظرت نظرة خاطفة على الوثائق التي كان يقرأها .
‘هذا ….’
لقد كانت وثيقة من الفيكونت كاڤينديش ، وذكر التقرير أن جميع المبعوثين اللذين تم إرسالهم إلى دوقية ڤالنتين الكبرى لقوا حتفهم . على الرغم من خوف الناس من قوة الدوق الأكبر ، إلا أنهم أكثر خوفاً من انتشار لعنة الشيطان .
‘إذاً لقد كان ذلكَ الحادث .’
تذكرت آريا إبتسامة الفيكونت كاڤينديش المخيفة .
“لقد مات الأشخاص اللذين قد غادروا للدوقية الكبرى . كان من الممكن أن يكون حادثاً ، لكن الدوق الأكبر كان على استعداد للتعاون عندما طلبت منه أن يعطيني مبلغاً كبيراً كتعويض . أعتقد أنها ليست مشكلة كبيرة بعد كل شيء .”
الفيكونت كاڤينديش جادل أن التابعين كانوا ملعونين بلعنة ڤالنتين . كان الفيكونت على وشكِ الإنهيار ولكن بفضل أموال تعويض الدوق الأكبر ، تمكن من سداد ديونه و العيش حياة سخية .
قال دواين :”لم يُسمح لهم بالدخول إلى أراضينا ، ولكن لازالوا يتدخلون ويقولون أنه تم لعنهم .”
سأل الدوق الأكبر :”ماذا عن التحقيق ؟”
“هناك آثار حريق في الغابة . لم أتمكن من جمع المزيد من التفاصيل بخلاف ذلك .” “كم هذا مستفز ، هل يجب أن أقتله فقط ؟”
تراجعت آريا بسبب كلماته القاسية .
“هذا القدر الكبير من المال يجب أن يكون كافياً لقتله مائة مرة .” “سيكون الأمر أكثر صعوبة إن قتلتَ الناس بلا مبالاة .” “هل هذا شيء يجب أن أهتم به ؟” “بالطبع لا .”
أجاب دواين بنظرة غاضبة . إن حكمنا على تعبيرات دواين ، بدى و كأنها ستكون مشكلة له و ليس للدوق الأكبر .
‘هل هذا يعني أن عواقب قتل الناس بتهور لن تكون مشكلته بل مشكلة مساعديه ؟’
يجب أن تكون دوقية ڤالنتين الكبرى لها لوائحها الخاصة . ذُهلت آريا مرة أخرى .
قال الدوق “هممم بالتفكير في الأمر فليس من السيء أن أمنحه المال.”
إنه يغير رأيه و كأنه يقلب عُملة . أخيراً تغير تعبير دواين و كأنه يتوقع الكلمات الآتية .
“لا أطيق الإنتظار لأرى إلى أى مدى سيتمسك بهذا الأمل الزائف . سأعذبه حتى يزحف على قدمي بينما يتوسل لي لأقتله .” “احم ! جلالتك . الآنسة تستمع .”
استمعت آريا بصمت إلى محادتثهم بصمت و سقطت في أفكار عميقة .
‘يجب أن يكون هناك طريقة أفضل ، هل نحن حقاً بحاجة لإعطاء المال للمحتالين ؟’
كان الفيكونت مقامراً ، لذلك كان من الأفضل جعله يفلس .
‘البشر لا يتغيرون بسهولة .’
بعد تلقي مال التعويض كان الفيكونت يزور آريا كلما كان لديه الوقت لأن أغانيها كانت تستحق . حتى لو كان لديه المال فسوف يبدده بعد فترة قصيرة .
أخرجت آريا قلم الحبر وبدأت في الكتابة . في الوقت نفسه ، تحولت لها نظرات الدوق الأكبر و دواين .
[أعرف كيفية إصلاح ذلك .]
“أنتِ ؟”
بدا الدوق متفاجئاً للحظة ، ثم وضع يده على ذقنه كما لو كان ينتظرها للقيام بشيء ما .
[عليكَ إستخدام مبيد الطفيليات .]
جاءت آريا بحل . ولقد كانت جادة جداً .
ومع ذلك انفجر الدوق الأكبر الذي ظل صامتاً لفترة من الضحك .
–ترجمة إسراء .