562 - تغيير الخطط
‘قصر؟’ لم يتوقع لوميان الحصول على المعلومات التي إفتقدها لاتو غويارو من نولفي.
“كيف يبدو القصر؟” سأل بعد صمت قصير ‘هل هي آثار قديمة أم مسكن لروح طبيعية؟ هل يمكن أن تستغل طقوس صلاة البحر القوة الداخلية للقصر؟’.
“لم تستطع والدتي تقديم وصف تفصيلي لكنها ذكرت للتو أن القصر لا يشبه أي هيكل على الأرض” هزت نولفي رأسها “إنه يتميز بتصميم غريب مع منحنيات ناعمة ولمعان معدني عاكس بشكل عام لونه رمادي فضي”.
تخيل لوميان القصر بناءً على رواية نولفي على الرغم من إفتقاره إلى التفاصيل إلا أنه لم يتمكن إلا من إستحضار صورة تقريبية.
“إذا إتضح أن ذلك هو قصر البحر حقًا فهل تعتقدين بصدق أنكما تستطيعان تدمبره؟” سخر لوميان “إذا كنتما تواجهان صعوبة في مواجهة لاتو غويارو وطاقمه فكيف تخططين لإختراق دفاعات البحر؟ كيف ستهربين من غضب البحر؟”.
“لدي طرقي” توقفت نولفي للحظة قبل أن تجيب ولم توضح بالتفصيل الطريقة.
‘هل يمكن لطفل البحر – من المحتمل أن يكون أقل من التسلسل 7 في القوة – أن يدمر قصر البحر حقًا؟ كيان قادر على إطلاق العنان لعواصف عنيفة عبر البحر بأكمله…’ فكر لوميان مشكلا فرضية مفاجئة ‘هل ثقة نولفي متجذرة في التعاون مع الآخرين؟ ألم تعد إلى ميناء سانتا دون الإستعدادات الكافية؟’ تسارع عقل لوميان محولا نظره نحو باتنة.
باتنة كونتي الذي إبتعد عن نولفي عن غير قصد بمقدار خطوتين أو ثلاث خطوات أعاد لتوه غمد سيفه مخفيا مسدسه.
بعد أن شعر بتدقيق لوميان أظهر إبتسامة عريضة بخجل موضحا “أنا هنا لتوفير الدعم وقيادة السفينة فقد عملت كرفيق ثان لفترة من الوقت قبل أن أصبح مغامرا” بعبارة أخرى قال ضمنياً: “لست متأكداً من خطة نولفي أيضاً سواء نجحت أم لا فلا يهمني كثيرًا لأنني قمت بواجبي كحبيب من خلال تقديم بعض المساعدة”.
‘أستطيع أن أعرف أنك تنحدر من خلفية جيدة بناءً على ملابسك الأنيقة… في البداية إعتقدت أنك هربت من المنزل مفتونًا بقصة جيرمان سبارو لذا ذهبت إلى البحر لتصبح مغامرًا، الآن يبدو أن عائلتك أوصتك بأن تكون زميلًا ثانيًا لإكتساب الخبرة العملية وبعد فترة إستقلت متجها نحو طريق المغامرة…’ لم يكن لوميان متأكدا من كيفية تقييم رومانسية باتنة.
“هل تدرك مدى خطورة هذا الوضع؟” نظر إليه متسائلا.
“إعتقدت أن أطفال البحار لن يكونوا أقوياء للغاية فقد تقاتلت أنا ونولفي من قبل” تنحنح باتنة مجيبا.
نظر لوميان إلى باتنة لبضع ثوان قبل أن يعيد توجيه نظره إلى نولفي “ما هي خططك للمضي قدمًا؟”.
دون الإستفسار مباشرة عن المتعاونين المختبئين تحايل لوميان على السؤال بهدف تقليل حذر نولفي للكشف عن أي تلميحات من ردودها.
عضت نولفي شفتيها قائلة “تم كشفنا وإستهدافنا من قبل نقابة صيد الأسماك لذا خطتنا الأصلية لم تعد قابلة للتطبيق أنوي أن أبقى منخفضة حتى تنتهي طقوس صلاة البحر”.
“لماذا لا تغادرين فقط؟” تدخل باتنة معرباً عن إستغرابه “نيابة عن” لوميان.
إعتقد أنه بمجرد الكشف عن دوافع وهوية نولفي فإنها ستتخلى عن هذه العملية على الفور بينما تضع خطة بديلة لطقوس صلاة البحر في المستقبل.
صمتت نولفي للحظة قبل أن تكشف “إذا نجحت طقوس صلاة البحر بينما ما زلت في ميناء سانتا – كوني طفلة البحر بسلالة نقية نسبيًا – سأتمكن من الحصول على هبة معينة…” توقفت مؤقتًا محدقة في الأرض لفترة وجيزة “على الرغم من أنه سيسرع تحولي إلى سحلية بشرية إلا أنه يمكن أن يعزز قوتي أيضًا…” ظهر حزن خفي في كلماتها.
حدق باتنة في الفراغ بفم مفتوح لكن لم تفلت منه الكلمات.
رفع لوميان يده ليضبط قبعة القش الذهبية على رأسه وبإستخدام عبارة مشهورة من سلسلة المغامر قائلا “هذه نعمة ونقمة في نفس الوقت”.
بعد أن إستعد للمغادرة أعربت نولفي مرة أخرى عن إمتنانها الصادق “لا أعرف كيف أعبر عن إمتناني إذا كنت بحاجة إلى أي مساعدة فلا تتردد في المجيء إلي”.
“يمكنك أن تجدني أيضًا” رد باتنة.
تردد بين البقاء مع نولفي أو مغادرة ميناء سانتا.
إجتاحت نظرة لوميان وجوههم قبل أن يبتسم فجأة “بالصدفة لدي شيء أريد منكما القيام به”.
“فقط أخبرنا” تفاجأت نولفي لكنها أومأت برأسها بلطف.
…
بعد توديع نولفي وباتنة عاد لوميان خلسة إلى فندق سولو.
عندما خرج من الظلام في زاوية غرفة النوم الرئيسية وجد فارس السيوف يقف بجانب الستائر بينما يراقبه بصمت تحت ضوء القمر القرمزي.
‘لماذا تظهر دائمًا كمشهد من قصة أشباح… هل هذه سمة الروح أم مظهر من مظاهر تأثير الجرعة؟’ إنتقد لوميان قبل أن يعرب عن إمتنانه “شكرا لمساعدتك”.
بقي فارس السيوف صامتا محدقا في لوميان قبل الإستفسار “بعد السيطرة على لاتو غويارو يبدو أنك غيرت خطتك الأصلية؟”.
“أنت شديد الإدراك لكنني غيرت رأيي قبل أو بعد اللحظة التي ذكرتها” ضحك لوميان ثم أجاب بلمحة من سلوك المخادعين قبل الشرح بإبتسامة “كيف يمكن تنفيذ الخطة الأصلية دون أي تغييرات؟ هذه ليست قدرة المتآمر بل قدرة كلي القدرة والعلم، أثناء عملية التخطيط يجب على المرء تعديل نهجه بناءً على ردود الفعل والمعلومات الجديدة والتغيرات في الموقف مع ضمان بقاء الدافع الحقيقي سليمًا”.
إعتبر أن إخفاء دوافعه الحقيقية أمرًا بالغ الأهمية لأن الأمر أشبه بالمسارات العديدة بين نقطة البداية والنهاية… غالبًا النتيجة الصحيحة تكون واحدة فقط لكنها النقطة الأكثر عرضة للإنسداد والكمائن.
إستمع فارس السيوف بهدوء قبل الإختفاء بصمت بجوار النافذة حينها سمح لوميان لنفسه بالإسترخاء متجها إلى الفراش لينام بهدوء حتى 6 صباحًا، بعد وجبة الإفطار التي قدمها الفندق طلب من لوغانو أخذ لودفيغ إلى الشارع لتناول بعض الوجبات الخفيفة.
بعد ملاحظة مغادرتهم عبر الباب المغلق عاد إلى غرفة النوم الرئيسية حيث الستائر لا تزال مغلقة ووسط الظلام سحب الكرسي من المكتب مستقرا عليه، بعد فترة غير محددة لاحظ فجأة بصيصًا في أعماق الظلام حينها شعر بنفسه معلقا في الهواء خاليا من أرض صلبة تحت قدميه أو مسند ظهر خلفه، حافظ على تعبير رواقي محدقا في الفراغ العميق بخلفية تشبه الكون حيث إقترب خوان أورو رئيس نقابة صيد الأسماك مرتديًا بدلة رسمية حاملا عصا.
نظر لوميان إلى الرجل العجوز في صمت ولم يُظهر أي مفاجأة كما لو أنه توقع وصول خوان أورو.
عندما إقترب إرتعشت تجاعيد خوان أورو متحدثا باللغة الإنتيسية “تم طمس قرية ميلو ذات مرة جنبًا إلى جنب مع بيض البحر الذي غامر بالوصول إلى الأرض ومع ذلك فإننا نقف هنا اليوم، طالما بقي البحر والكون وظل ميناء سانتا أرضًا محرمة للموت فيمكننا أن نطفو من الأعماق بغض النظر عن الضربات التي نتعرض لها أو الأحفاد الذين نفقدهم، يمكننا إعادة بناء قرية ميلو وبدء طقوس صلاة البحر من جديد هذا ما يشهد به كهنة كنيسة الأم الأرض ونساكهم المقاتلون وراهباتهم، إذا تم دفعنا إلى حافة الهاوية حقًا فإننا نمتلك الشجاعة والتصميم لجر العدو معنا ذلك لأننا نؤمن إيمانًا راسخًا بروحنا غير القابلة للتدمير مع القدرة على إعادة بناء قريتنا لمنع إنقراضها”.
‘شاركني كل هذا لتوضيح أن نقابة صيد الأسماك وقرية ميلو لا تخافان من التهديدات وتمتلكان القدرة والشجاعة لمواجهة الأعداء الأقوياء، علاوة على ذلك فإنه يشير إلى أن الموروثات المقابلة سوف تستمر لتطفو على السطح من البحر في المستقبل، إنه بمثابة تحذير – يحذرني من المبالغة في ذلك – وإلا فلن يترددوا في الدخول بصراع مميت…’ فهم لوميان رسالة خوان أورو المخفية.
إختار عدم الرد مراقبا الرجل العجوز بصمت في إنتظار أن يستمر.
عكست عيون خوان أورو الزرقاء صورة المغامر ذو الشعر الأسود والعيون الخضراء لويس بيري متسائلا بصوت رنان “ماذا تريد أنت والقوى الداعمة لك؟ ما هو هدفك؟ لن نتسامح مع تعطيل طقوس صلاة البحر كما أننا لن نتخلى عن الأسس الموضوعة بميناء سانتا”.
‘بعد أن أدركوا أن المغامر لويس بيري ليس رائعًا فحسب بل مدعومًا أيضًا من قبل فصيل يجب أن ينظروا إليّ كخصم قوي، إذا واجهوني وجهاً لوجه فقد يجدون صعوبة في الفوز لذا جاء إلى هنا للتفاوض سعيا إلى تبادل التنازلات مقابل إنسحابي؟، هل يحاول التأكيد على قوته لمنعي من التصرف بتهور مما يترك لكلا الجانبين مخرجًا؟’ لم يظهر لوميان أي مفاجأة بل نظر حوله قائلا “لماذا لا يوجد كرسي؟ أفضّل مناقشة الأمور أثناء الجلوس”.
بعد صمت قصير من خوان أورو ظهر الكرسي مرة أخرى خلف لوميان مستأنفا وضعه الأصلي.
حدق لوميان بهدوء في خوان أورو رئيس نقابة صيد الأسماك قائلا “هل ستصدقني إذا أخبرتك أنني لم أقصد أبدًا تعطيل طقوس صلاة البحر؟”.
“لم تقصد أبدًا تعطيل طقوس صلاة البحر…” كرر خوان أورو حيث تجمعت تجاعيده العميقة.
“طالما أنك على إستعداد لترك الأبرياء مثل حاكم البحر المزيف فإن التعاون ليس أمرًا مستبعدًا” تابع لوميان.
“تعاون؟” لم يتمكن خوان أورو من إخفاء دهشته.
قام بفحص المغامر الذي تدخل بقوة في شؤون نقابة صيد الأسماك عند وصوله إلى ميناء سانتا حيث إقتحم مقر إقامة حاكم البحر وفجر المبنى الرئيسي لنقابة صيد الأسماك وكاد أن يقتل حفيده.
تساءل عن كون ما سمعه صحيح أم أن سمعه تضرر لأنه أصيح عجوزا.
“نعم التعاون”.
إنتشرت الإبتسامة تدريجيًا على وجه لوميان الذي إستند إلى كرسيه بينما يضم أصابعه مشعلا لهبًا قرمزيًا.
–+–
حسب تخمينات الأجانب فإن القديم العظيم الذي يتبعه سكان ميناء سانتا هو المهيمن على السوبرنوفا نظرا للقدرات المذكورة سابقا (الجاذبية × الإشعاع الكوني + المكان + الوهم)…