508 - المريض صفر
ألقى لوغانو الذي يستمع نظرة حيرة على لوميان لأنه لم يستطع فهم سبب قيامه بإجراء محادثة غير رسمية مع بيير كونه على وشك المغادرة، بضع لحظات أخرى وسيأتي المتجاوزون الرسميون!علاوة على ذلك فإن التعمق في هذه المسألة سيؤدي إلى مشاكل في المستقبل، قد ينتهي بهم الأمر تحت التدقيق أو ما هو أسوأ من ذلك قد يجذبون إنتباه مصدر الإضطراب مما يستدعي التدخل الفوري!.
فكر بيير لأكثر من 10 ثوانٍ قبل أن ينطق بعدم اليقين “يبدو أن المريض صفر ضيف إستأجر غرفة في الحانة الخاص بنا…”.
“أجنبي؟” إستفسر لوميان برباطة جأش.
بعد أن أطلع المتجاوزين الرسميين بالفعل على الإضطراب عبر فرانكا قرر إيجاد فرصة “للإنتقال الآني” بعيدًا لذا لم يعد متوترًا مثل السابق، قبل مغادرته أراد معرفة المزيد عن الإضطراب وبناء تفسير معقول للتناقضات لأن البحث عن المعلومات وتحليل المشكلات وكشف القرائن والإجابات جزء من تمثيل المتآمر، بسبب وجود بعض الوقت الخمول بين يديه إنتهز الفرصة لهضم الجرعة كونه لم يعد قلقًا للغاية بشأن التداعيات المحتملة لإطلاعه على هذا الموقف، هل يمكن للمعلومات الموجودة في الإضطراب أن تقارن بمعلومات 0.01 المختومة؟ طالما أنه لم ينفعل على الفور فيمكنه لاحقًا طلب المساعدة من رئيسته لإستكشاف الحلول المحتملة!.
“ربما… لا أستطيع تذكر إسمها وليس لدي أي فكرة من أين أتت كل ما أتذكره هو أنها فقدت عقلها فجأة…” تأمل بيير لبضع ثوان بتعبير يظهر الإرتباك “من الفندق في الطابق العلوي إلى الحانة حاولت عض الناس ونبحت مثل الكلب”.
‘الأجنبي المصاب ينشر الإضطراب في “دارديل”؟ إذن لماذا لم يظهر سكان المدينة أي رغبة في الهروب من هذا المكان؟ هل هذا أيضاً مظهر من مظاهر الإضطراب؟’ سأل لوميان مفكرًا “هل تمكنت من عض أحد؟ ماذا حدث لها؟”.
تذكر بيير قائلاً “لقد إعتنينا بها قبل أن تتمكن من غرس أسنانها في أي شخص كما ألقينا القبض عليها وسلمناها إلى إدارة الصحة”.
‘أرسلوها لوزارة الصحة؟’ أومأ لوميان ببطء “هل الشخص التالي الذي إستسلم للجنون جاء من وزارة الصحة؟”.
“نعم بالضبط!” أكد بيير هذه المرة.
“كيف شكلها؟” فكر لوميان للحظة متسائلا.
“إمرأة شابة بوجه شاحب بعض الشيء وعينان فارغتين… لا أستطيع تذكر مظهرها…” لم يستطع بيير إلا أن يرفع كفه ويفرك رأسه.
عند سماع هذا تحرك قلب لوميان فإذا إتضح أن أصل كل الشذوذات في دارديل ينبع بالفعل من شخص مختل فإن العديد من التناقضات يمكن أن تجد تفسيرًا!، المريض صفر بالفعل في حالة من الجنون لذا بشكل غريزي نشرت الإضطراب من حولها بطريقة خارقة للطبيعة بغض النظر عن كونها قرية معزولة أو مدينة مزدحمة، عملت كمركز للنقل في الوقت نفسه إستخدمت قدرتها دون وعي على نشر الإضطراب وإسقاط تلميحات لسكان المدينة بأن المغادرة لم تكن خيارًا، سيطرت على جميع القنوات التي تنقل الأخبار لكن بسبب جنونها وإفتقارها إلى الإهتمام الشامل لم تأمر سكان المدينة بعدم مناقشة الإضطراب مع ركاب القاطرة البخارية.
لم يكن ذلك بالضرورة بسبب عدم وجود دراسة شاملة فقد خمن لوميان أنه من المعقول أكثر أن تكون غرائز المجنون ترغب في إشراك المزيد من الناس وإصابتهم بالإضطراب، وبالتالي لم يُسمح للأشخاص الذين على علم بذلك بالمغادرة أو طلب المساعدة من السلطات في المقابل لم تمنع الأهالي من مناقشة الإضطراب مع المارة، هذه طريقة محدودة وآمنة نسبيًا للعدوى لأن الركاب الذين علموا بأمر الإضطراب أقرب إلى الإقتراب من مصدر الطاعون، على سبيل المثال تغير حظ لوغانو مما زاد من إحتمالية الإصابة بالمرض أما لوميان فنسي خيار الهروب، كلما تواصلوا أصبحوا أكثر يأسًا ووصلوا في النهاية إلى طريق مسدود بحيث يصبحون مصممين على دخول دارديل للتحقيق.
هذا مقدمة للإصابة بالإضطراب دون علمهم فقد تلقوا عن غير قصد إشارة عقلية.
مع أخذ ذلك في الإعتبار إشتبه لوميان في أن المرأة الشابة قد تكون أحد الناجين من القرية التي تم القضاء عليها سابقًا، هي ناقلة محتملة للمرض هربت من تطهير السلطات وربطت هذه الذكريات بالإضطراب ثم نشرتها هكذا علم سكان دارديل عن وباء مماثل في قرية قضت عليها السلطات.
فهم عادةً ما يفتقرون إلى المؤهلات أو الوسائل لمعرفة مثل هذه الأشياء!.
بعد صياغة هذه الفرضية الأولية إبتسم لوميان ملتفتا إلى بيير ونادل الحانة متسائلاً “أين القرية التي ذكرتها والتي دمرتها السلطات بسبب الإضطراب؟”.
“أعتقد أنها بمكان ما في مقاطعة خارج هورناكيس…” تذكر بيير الشائعات التي سمعها.
‘مقاطعة خارج هورناكيس… هذه مسافة بعيدة عن المقاطعة الساحلية العليا علاوة على ذلك لا توجد قاطرة بخارية مباشرة، يتطلب الأمر النقل عبر عدد قليل من المقاطعات في ساحل غرب ميدسيشاير أو ترير، كيف يمكن لكم يا رفاق الذين نادراً ما يغادرون دارديل أن تسمعوا مثل هذه الإشاعة؟ هل مر شاعر أو راكب من مقاطعة خارج هورناكيس بمركز النقل هذا؟’ كلما فكر لوميان زاد ميله نحو فرضيته.
إمتنع عن الضغط أكثر وإستجوب بيير قائلا “هذا الإضطراب يحمل قيمة بحثية كبيرة سنغامر بالذهاب إلى دارديل للتحقيق في مصدره ومحاولة العثور على علاج، ومع ذلك فإن الإستعدادات سوف تستغرق بعض الوقت علاوة على ذلك فقد حان وقت الليل عند الفجر سندخل إلى دارديل ولن نغادر حتى نحل المشكلة”.
شدد لوميان على عبارات “سيدخل دارديل” و”لن نغادر في الوقت الحالي” لقياس ردود فعل بيير ونادل الحانة.
خضعت تعبيراتهم لعدة تغييرات ولم يعودوا هستيريين مثل السابق.
“يجب أن تأتي إلى المدينة غدا!” بعد لحظات قليلة توسل بيير.
“لا مشكلة” أجاب لوميان بإبتسامة مطمئنة.
أصبح الآن أكثر إقتناعا بأن هذه عدوى بتأثير غريزي – لم يكن هناك نهج منظم للتعامل مع التعديلات – طالما تجنب إثارة مسألة حاسمة أو حتى أخذ زمام المبادرة لطرح موضوع التعاون فيمكنه خداع مصدر الإضطراب بشكل فعال.
عند ملاحظة أن بيير ونادل الحانة على وشك التحرك نحو النوافذ الأخرى للقاطرة البخارية نادى لوميان عليهما “إنتظرا لحظة…” بعد أن إستدار الإثنان في مفاجأة أشار لوميان نحو الطاولة بين الأريكتين “يمكنكما أن تأخذ أدوات المائدة بعيدا الآن”.
نظر بيير ونادل الحانة إلى طاولة الطعام في حالة من الإرتباك وأدركا أنه لم يتبق سوى بقايا على الأطباق الفارغة.
هل إنتهوا من الأكل بالفعل؟ رجال التوصيل لم يغادروا بعد!.
أدرك بيير ونادل الحانة أنهما أمضيا وقتًا طويلاً في مناقشة قضية الإضطراب لكن الأمر لا يزال يبدو سرياليًا.
ألم يأكلوا بسرعة كبيرة؟ هل أطعموا ثلاثة أسود؟…
مسح لودفيغ فمه بمفرش المائدة مع تعبير الرضا على وجهه.
بعد أن قاما بإزالة أدوات المائدة وجمع صناديق الطعام الخاصة بهم غادروا المحطة،
“إسترخي وواصل المشاهدة” إبتسم لوميان للوغانو.
‘لا أستطيع الإسترخاء كيف يمكننا الهروب عند وصول المتجاوزين الرسميين؟’ شعر قلب لوغانو وكأنه يشوى.
‘إنه يتصرف بالفعل مثل متجاوز بري بتسلسل منخفض ومعرفة قليلة…’ عند ملاحظة رد فعله تمتم لوميان بصمت ‘لا يُظهر أي شيء مميز مثل لودفيغ… هل هو حقًا متجاوز بري عادي لم يقبل إلا مهمة متابعتي؟’.
في الوقت نفسه ركز لوميان إنتباهه وتحقق على حظ لوغانو مدركا أن الآثار الخضراء المروعة إختفت ولم تكن هناك كارثة مروعة قادمة، هذا يعني أن الطبيب لم يعد لديه رابط مع الإضطراب ومن المحتمل أنه لن يتورط في عمليات المسؤولين للتعامل مع شذوذ دارديل لاحقًا، بعد فترة من الوقت سمع لوميان ضجيجًا عاليًا ورأى الليل يضيء فجأة في الخارج حيث تدفق الضوء من الجو، نظر إلى الأعلى ولاحظ وجود جسمين ضخمين يطفوان في الليل أين دار منطادين مطليين باللون الرمادي الداكن بشكل محموم، أصغر بكثير من الذين رآهم لوميان في ترير حيث أشرق الضوء المكثف من مواقعهم الأمامية والسفلية خارج دارديل.
في الوقت نفسه إندلعت البلدة في نشاز من النباح مرة أخرى كما لو أن الصوت يأتي من كل مكان.
‘المسؤولون من منطقة فاوست موجودون هنا؟’ أبعد لوميان نظرته في إنتظار النتيجة.
إستمر الصراخ وطلقات الرصاص وأشعة الشمس المختلفة لمدة ساعة تقريبًا قبل أن تهدأ تمامًا.
لم يمض وقت طويل حتى دخل فريق من ضباط الشرطة الغرفة الخاصة للتحقيق في تفاعلات لوميان المزود بهوية مزورة مع سكان دارديل، بخلاف أي شيء متعلق بالإضطراب أخبرهم لوميان بكل شيء بصراحة كما ظل مستعدًا “للإنتقال الآني” بعيدًا مع لودفيغ ولوغانو في أي لحظة، بعد تسجيل ومقارنة التذاكر والهوية غادر ضباط الشرطة العربة حينها إنتظر لوميان بصبر حتى الفجر إلى أن عادوا ليقدموا ثلاثة عقود مطالبين بتوقيعهم، أوضح العقد أن الإزعاج الذي حدث في الليلة السابقة نتيجة عملية عسكرية خاصة وعلى الجميع الحفاظ على سريته.
‘هل ما كشفته قبل توقيعي يحسب؟’ ضحك لوميان داخليًا ووقع بهدوء بإسم مستعار.
تم تنشيط هويته المزيفة للتو بالحد الأدنى من الروابط الغامضة.
بعد مغادرة الشرطة أراد لوميان بعد أن خضع عمدًا للإجراءات الرسمية بشكل مباشر الإمساك بكتفي لوغانو ولودفيغ و”الإنتقال الآني” بعيدًا، كونه غير متأكد من إمكانية إكتشاف العقد الموقع بإسم مستعار ولكي يتجنب المخاطر المحتملة، في تلك اللحظة رأى شخصية شاهقة خلف لوغانو – رسوله التائب باينفيل – مرتديًا رداء رجل الدين الداكن ومحاطًا باللهب المتفحم حيث أعطاه رسالة مطوية، تفاجأ لوغانو برؤية قطعة من الورق تطفو أين نظر خلفه بشكل غريزي بينما يفتح لوميان الرسالة ليطلع على محتوياتها.
<>.
–+–