255 - دوقة التنين (1)
الفصل 255: دوقة التنين (1)
“دوقة التنين؟”
هذه هي المرة الأولى التي يسمع فيها يوجين عنها. ومع ذلك، أدرك على الفور أن نوير تشير إلى السيد الشاب لقلعة التنين الشيطاني، الذي كان لديه شك بشأنه لبعض الوقت. تأكيد نوير فيما يتعلق بالسيد الشاب جعل يوجين أكثر تأكيدًا.
‘كما هو متوقع، يجب أن يكون الشخص الموجود في قلعة التنين الشيطاني هو طفل رايزاكيا.’
ومع ذلك، بسبب حذره تجاه نوير، لم يُظهِر أي مؤشر عن ذلك على وجهه. العرض مغرٍ بالتأكيد، لكنه لم يستطِع فهم سبب إستعداد هذه المرأة الغريبة لتقديم المساعدة في التسلل إلى قلعة التنين الشيطاني.
“حسنًا، فقط أولئك الذين يعرفون وجودها يطلقون عليها دوقة التنين. إسمها الحقيقي هو….صحيح، إنه راميرا. نعم، أعرف. هذه معلومة قدمتها عن غير قصد، أليس كذلك؟” سخرت نوير، وعيناها تتلألأ بِـخُبث.
“….ألم يكن سيد قلعة التنين الشيطاني هو التنين الأسود، واحد من الدوقات هيلموث الثلاثة؟” قال يوجين.
ردت نوير بإبتسامة خبيثة وهي تقاطع ساقيها بإغراء: “لا حاجة للتظاهر يا عزيزي.”
على الرغم من أن مظهر نوير بدا مغريًا، إلا أن يوجين ظل غير متأثر. في الواقع، شعر دائمًا برغبة شديدة في قطع رأسها وسحق قلبها كلما تصرفت بهذه الطريقة.
إنحنت نوير إلى الأمام. عيناها تلمع بالتسلية وهي تخاطب يوجين مباشرة.
“يوجين لايونهارت.” قالت بنبرة مغرية، “جِئتَ إلى هنا لأنك تعرف أن رايزاكيا غائبٌ عن قلعة التنين الشيطاني، أليس كذلك؟”
أظهر يوجين وجهًا فارغًا بلا مشاعر، متظاهرًا بالجهل.
أجاب بهدوء: “لا أعرف ما الذي تتحدثين عنه.”
ضحكت نوير على رده، ثم أمالت رأسها إلى الجانب. بإنفجار سحري مفاجئ، إختفت ملابسها، ولم تترك سوى ملابسها الداخلية. من الواضح أن العرض المفاجئ لبشرتها هذا يهدف إلى تشتيت إنتباه يوجين، لكنه ظل حازمًا، ولم يتغير تعبيره.
ظل رد يوجين حادًا وصريحًا.
قال بإقتضاب: “إنقلعي.” ومن الواضح أنه غير متأثر بمحاولات نوير للتلاعب به.
عرف يوجين جيدًا ما تحاول فعله؛ إنها تستخدم عين الخيال الشيطانية لخلق الأوهام واللعب بعقله.
أحسَّ يوجين بشعور من الإزدراء تجاه قدرتها القوية بشكل كاذب، ولكن في الوقت نفسه، ركضت قشعريرة في عموده الفقري أيضًا. في شكلها الحقيقي، يمكن أن تستحضر نوير الأوهام التي لا تترك مجالًا للتنبؤات أو البصيرة. يبدو أنه لا توجد قيود على قوتها، مما يجعلها خصمًا خطيرًا يجب مواجهته.
في المقابل، لا يمكن إستخدام عين الظلام الشيطانية — التي تنتمي إلى إيريس، الأميرة راكشاسا — إلا في ظل ظروف معينة. يمكن أن تخلق إيريس فقط مادة مظلمة داخل خط بصرها، وفي اللحظة التي تنتجه، سَـتلمع عيناها. الفرق الواضح في القيود على العينَينِ الشيطانيتَين لم يفُت يوجين.
ومع ذلك، علم يوجين أن القيود المفروضة على قدرات إيريس ليس مطلقة. لقد لاحظ أنها تخلق مادة مظلمة دون عرض أي مؤشرات، مما يشير إلى أن قواها صارت أكثر تنوعًا مما كان يعتقد سابقًا. من الواضح لِـيوجين أنه إذا كانت إيريس قادرة على توليد المادة المظلمة دون إظهار أي علامات منذ البداية، لَـفعلت ذلك.
أعطاه هذا الإدراك فكرة عن مدى جودتها. ليس من السهل إنتاج المادة المظلمة دون عرض أي علامات مُسبقة. في المقابل، نوير جيابيلا قادرة على فعل ذلك بالضبط أثناء إستخدام عين الخيال الشيطانية بسهولة. هذا مؤشرٌ واضحٌ على تباين القوة بين نوير وإيريس.
“ألا يرضيك هذا؟ أم أن قلبك لا يتزعزع لأنك تعلم أن هذا مجرد وهم؟” سألت نوير.
أجاب يوجين: “قلتُ لكِ أن تنقلعي.”
“حسنًا، ما الخطأ في هذا؟ كنتُ أحاول فقط أن أكون ممتعة لأنني إعتقدت أنك قد تشعر بالملل أثناء محادثتنا. لو تمتلك أي تفضيلات، ثم….آه، ماذا عن هذا؟” إبتسمت نوير بخبث وأشارت إلى وجهها، وتحول شعرها الداكن إلى اللون الأرجواني. “هل تجاوزتُ الحدود كثيرًا؟”
ثود!
سقط رأس نوير عن كتفيها ووقع في حضنها، لكنها ببساطة عدَّلتْ موقف رأسها وإبتسمت.
فووش!
تغير مظهر نوير مرة أخرى، معلنةً نهاية الوهم. إنها لا تقف في ملابسها الداخلية، ورأسها لا يزال مرتبطًا بجسدها بإحكام. تضحك مع نفسها، دفعت نظارتها الشمسية إلى أعلى على أنفها.
“فهمت، فهمت. سأتوقف. لا تنزعج. دعونا نواصل حديثنا.” قالت نوير. “كما كنتُ أقول، يوجين لايونهارت، جئتُ إلى هنا مع العلم أن رايزاكيا ليس موجودًا في قلعة التنين الشيطاني، صحيح؟”
أجاب يوجين: “وظننت أنني أخبرتك أنني لا أعرف ما الذي تتحدثين عنه.”
إمتلأت كلمات نوير جيابيلا بالسخرية وهي تتحدث إلى يوجين. يمكنه رؤية التسلية في عينيها حيث إستمرت في إستجوابه.
“حقًا، من الرائع جدًا أن تستمر في محاولة التظاهر بالجهل.” قالت نوير بإبتسامة مشرقة على شفتيها: “يوجين لايونهارت، لو كنت قد قابلت حقًا سيينا ميردين وأصبحت خليفتها، فلا بد أنها أخبرتك عن رايزاكيا. هل أنا مخطئة؟”
عرف يوجين أن نوير على حق. لقد أبلغته سيينا بالفعل عن رايزاكيا، لكنه غير مستعدٍ لإعطاء نوير أي معلومات.
ظل وجهها هادئًا وسألها، “لماذا تعتقدين ذلك؟”
قالت نوير ردًا على ذلك. “أعتقد أنك لا تريد التحدث عن الأمر . لا بأس. هل تتساءل لماذا أتحدث عن هذا؟ حسنًا، رايزاكيا هو التنين الذي تحول إلى الشر، صحيح؟ التنين الذي خان عِرقه. يعلم الجميع أنه قتل لورد التنانين السابق وإبتلع قلبه كله.”
ضاقت عيون يوجين وظهر الإنزاعج في عينيه، “وماذا في ذلك؟”
لقد تَعِبَ من إغاظة نوير وأراد أن يقطع مباشرة إلى النقطة.
ومع ذلك، ضحكت نوير ببساطة، دون أن تردعها نبرة يوجين الحادة.
“كان رايزاكيا مهووسًا جدًا بالقوة.” قالت بنبرة مُتأنية: “ومع ذلك، لم يجد طريقة جيدة لرفع قوته. على الرغم من أنه تنين ساقط، إلا أن التنين لا يزال تنينًا بغض النظر عن أي شيء.”
رايزاكيا، التنين الساقط، متعجرفٌ وعنيدٌ مثل أي تنين من عرقه. رفض الدخول في عقود مع الشياطين لتعزيز نفوذه وقدرته، ونظرًا لإحتقاره للبشر، فقد رفض أيضًا جمع قوة حياتهم أو عقد صفقات معهم. رفضه للبحث عن طرق بديلة للقوة يعني أنه تُرِكَ مع خيارات محدودة لبناء قوته.
بدأت نوير في الكشف عن المعلومات التي يبحث يوجين عنها. “إذن ماذا بقي له؟ بماذا هو مهووس؟ قلوب التنين. كانت تلك السحلية المتغطرسة تقول دائمًا — وكان صادقًا تمامًا — أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يزيد من قوته هو قلوب التنانين الأخرى. كان أيضًا جشعًا لقلب التنين الخاص بِـفلاديمير، ولكن في ذلك الوقت، كان جلالة ملك الحصار الشيطاني هو من يسيطر على ملكية فلاديمير….علاوة على ذلك، إختفت معظم التنانين أيضًا، لذلك وجد صعوبة في العثور عليها.”
“….إذن؟”
“في النهاية، حول رايزاكيا إنتباهه إلى آكاشا سيينا ميردين. حتى أن رايزاكيا إبتكر تعويذة دراكونية لأغراض البحث عن قلوب التنين والحصول عليها. لقد فكر في هل هناك أي طرق لأخذ آكاشا من سيينا.” كشفت نوير.
“ثم لماذا لم يحاول قتل السيدة سيينا وأخذه منها في وقت سابق؟” سأل يوجين.
“من الواضح أنه لم يكن يستطيع فعل مثل هذا الشيء. هل تعرف مدى حساسية الجميع خلال تلك الحقبة؟ على الرغم من أن رايزاكيا كان مجنونًا تمامًا، فقد أدرك أنه لا يستطيع ضرب سيينا ميردين في وقت يزدهر السلام فيه.” أجابت نوير.
بإبتسامة، نظرت إلى مير، التي تقف خلف يوجين مع كريستينا. ومع ذلك، وقفت مير ببساطة بسبب خوفها وكراهيتها تجاه نوير.
“الآن، إنها فقط تكهناتي من هنا فصاعدًا. دوقات هيلموث الثلاثة — غافيد، رايزاكيا وأنا — يراقبون بعضهم البعض دائمًا. على وجه الخصوص، رايزاكيا هو تنين جشع، لذلك ليس لدي أنا وغافيد خيار سوى إيلاء إهتمام خاص له. لا نعرف أبدًا متى قد يفعل شيئًا مجنونًا.” تابع نوير.
في رأي يوجين، نوير جيابيلا مجنونة بنفس القدر، وغافيد ليندمان ليس بعيدًا عنهما أيضًا. من الواضح أن الأمر نفسه ينطبق على رايزاكيا. ذلك التنين المجنون أول خائن للتنانين.
“عندما غادر رايزاكيا قلعة التنين الشيطاني، علمت أنه غادر، رغم أنني لم أكن متأكدة من السبب. ولكن ما هذا؟ حدث وأن ذهبت سيينا ميردين إلى العزلة في نفس الوقت! لذلك، دعنا فقط نستعمل خيالنا بصورة جامحة قليلًا. هاجم رايزاكيا سيينا ميردين ليأخذ آكاشا، رغم أنه لم يفعل سابقًا. لماذا، قد تسأل؟ لأن سيينا ميردين كانت تقيم في آروث حتى ذلك الحين.” إنحنت عيون نوير بإبتسامة. “غابة سمر — مكان بعيد عن أي عيون التجسس في القارة، غابة الجان. إنه مكان يصعب الدخول إليه إلا إذا كنت من الجان. كان رايزاكيا يبحث عن آكاشا وأدرك أن سيينا ميردين دخلت غابة الجان. لا بد أنه إعتقد أن الأمر يستحق التجربة في غابة الجان، بعيدًا عن كل الحشود في آروث.”
نوير تعبر فقط عن تكهناتها، لكنها قريبةٌ جدًا من الحقيقة. رايزاكيا قد توجه إلى غابة الجان لسرقة آكاشا من سيينا. أدرك أن سيينا تعرضت لإصابة قاتلة، ثم إتخذ قرارًا بقتلها لأخذ آكاشا بعيدًا.
“لكن رايزاكيا لم يعُد منذ مائتي عام. الشيء نفسه ينطبق على سيينا ميردين. يجب أن يكون الإثنان قد تقاتلا، ورايزاكيا….فشل. حسنًا، على الأقل، هذا ما أتخيله حدث. بصراحة، لستُ مقتنعة بأن التنين الأسود قد هُزم على يد ساحر بشري، لكنني لا أعتقد أن الأمر غير وارد لأنه كان ضد سيينا ميردين.”
إعتقدت في البداية أن سيينا ميردين ماتت، لكن عندما رأت أن آكاشا الآن في يد يوجين، فَـمن الواضح لها أن سيينا ميردين لا تزال على قيد الحياة.
“إذا قابلت حقا سيينا ميردين وإستقبلت آكاشا منها شخصيًا، فَـيجب أن تكون قد سمعت عن رايزاكيا حتمًا. هل تستمر في التظاهر بالخرس من أجل سيينا ميردين؟ أم أنه فقط كبريائك؟” سألت نوير.
“هذه هي المرة الأولى التي أسمع فيها أن رايزاكيا لديه طفل.” قال يوجين بلا مبالاة، متجاهلًا أسئلة نوير على الرغم من حقيقة أنها تحدثت بطريقة مهيمنة مع صدرها منتفخ.
نفخت نوير خديها ونظرت إلى يوجين. “بالطبع، هذه هي المرة الأولى التي تسمع فيها عن هذا. إنهُ ليس شيئًا معروفًا للعامة.”
حتى التنين لا يستطيع التكاثر بدون شريك. هم لا يستطيعون وضع البيض بمفردهم.
“كان لدى رايزاكيا بالفعل بيضة عندما إستسلم لِـهيلموث. حسنا، هذا، بالطبع، واضحٌ تمامًا. أين يمكن أن تجد التنين الذي سيكون على إستعداد للنوم مع التنين الأسود وحتى وضع بيضة منه، رايزاكيا، الذي خان العِرقَ بأكمله؟” قالت نوير.
تمتلك التنانين عمرًا طويلًا، ولكن هذا يعني أيضًا أن الأمر يستغرق مئات السنين حتى ينضجوا تمامًا. حتى الفقس من البيضة سَـيستغرق مائة عام.
حَظيَّ رايزاكيا بالتبجيل بإعتباره تنينًا عتيقًا قبل فترة طويلة من خيانة عِرقه. كان قد تزاوج مع تنين آخر، وقاتلوا معًا إلى جانب إخوانهم ضد ملك الدمار الشيطاني وملك الحصار الشيطاني. ومع ذلك، في خضم المعركة، مات شريك رايزاكيا على يد ملك الدمار الشيطاني. إغتنم رايزاكيا الفرصة، وإستهلك قلب اللورد قبل أن يصبح خائنًا، وأخذ بيضته معه.
“….لذا، أعتقد أن حتى الخائن لديه حب أبوي. لا أستطيع أن أصدق أنه أزعج نفسه بأخذ البيضة عندما غير مكانه وصار خائنًا.” تمتم يوجين.
“ماذا قلت للتو؟” سألت نوير بتعبير غريب.
“حتى ذلك الخائن لديه حب—”
“اهاهاهاها!” لم تستطِع نوير إحتواء ضحكها عندما حاول يوجين إنهاء كلامه.
شعرت بتسلية لا مثيل لها على الرغم من أن يوجين قد ذهب إلى حد تكرار كلامه. أمسكت نوير بطنها وبدأت تضحك من كل قلبها، ولم تُكلِف نفسها عناء حتى إخفاء إستمتاعها.
“الحب الأبوي؟ رايزاكيا؟ آه، أنا أفهم. يوجين لايونهارت، في النهاية، ما زلت إنسانًا، لذلك قد يبدو الأمر كذلك من منظور الإنسان. رايزاكيا يحب أطفاله….؟ نحن نتحدث عن التنين الأسود المجنون، أليس كذلك؟ يستحيل أن يكون لديه مثل هذه المشاعر.”
“إذن ما الحقيقة؟” سأل يوجين.
“هذا واضح، أليس كذلك؟” أجابت نوير: “لقد أحضر البيضة حتى يتمكن من تربية طفله قبل أكله.”
مثلما لم تستطع نوير فهم مفهوم الحب الأبوي، لم يستطع يوجين فهم كلماتها أيضًا. ظل ينظر إلى نوير بنظرة مصدومة.
لم تستطع نوير إلا أن تضحك وهي تروي خطط رايزاكيا الفاسدة لِـيوجين.
قالت: “آه، على وجه الدقة، لقد خطط لتربية طفله، وجعله يلد، ثم يأكله. آه، وهذه ليست تكهناتي. كما قلت من قبل، رايزاكيا متعجرفٌ ومتباهٍ. وكان يقول لي كل شيء عن خططه عندما نلتقي أحيانًا في بانديمونيوم.”
تجمع الولاء في بابل في بانديمونيوم هو تقليدٌ قديم، تم تصميمه في البداية كَـوسيلة لكبح الدوقات الثلاثة من خلال وضعهم مع بعضهم. بمرور الوقت، تطورت الإجتماعات إلى علاقة إجتماعية أكثر إسترخاء، إمتدت لقرون.
“ليس من الجيد التحدث عنه، لكن رايزاكيا خطط لتربية طفله، جعله يضع البيض، لولادة صغار جدد لجلب المزيد من التنانين….حسنًا، هذه هي الطريقة التي خطط بها لتربية نسله.”
“.…”
“لقد خطط لأكل الأحفاد الذين يفتقرون، وبدلًا من الشياطين، خطط لولادة التنانين كرعاياه. عادة، يؤدي زواج الأقارب إلى نتائج غريبة، لكنني أتساءل هل ينطبق الأمر نفسه على التنانين. كنتُ أشعر بالفضول حيال ذلك، لكن بما أن رايزاكيا قد إختفى، ليس لدي طريقة لتأكيد ذلك.”
“نذلٌ مجنون.”
لم يتخيل يوجين أبدًا أن التنين الأسود سَـيكون فاسدًا جدًا هكذا. لا، في المقام الأول، هل تطبيق ما خطط لفعله في أرض الواقع ممكن حتى؟
“لم تكن خطته مستحيلة. على الرغم من أن رايزاكيا مجنون، إلا أنه لا يفتقر إلى القدرة.”
في اللحظات التي سبقت إختفاء رايزاكيا المفاجئ، كان فقسه قد خرج للتو من بيضته. لم يضيع رايزاكيا أي وقت في أخذ قطعة من قلب التنين الخاص به وزرعها في جبين المولود الجديد. من خلال هذا الفعل، ضمن السيطرة المطلقة على الطفل، الذي يتمثل الهدف الوحيد من وجوده بوضع البيض إلى أجلٍ غير مسمى.
قالت نوير: “لا يمكن أن تكون هذه هي نية رايزاكيا، لكن دوقة التنين تستطيع السيطرة على قلعة التنين الشيطاني بفضل قلب التنين الذي أعطاها لها عندما فقست.”
رعايا رايزاكيا القلائل مرتبطين بالتنين الأسود عن طريق العقد، وبدورهم أيضًا إلى الفقس الذي يمتلك جزءًا من قلب التنين.
“سيكون العقد باطلًا لو مات رايزاكيا. وبالتالي، عزيزي يوجين، هل تخطط لمواصلة تمثيلك؟ أعلم أنك سمعت قصة رايزاكيا من سيينا ميردين. لا أعتقد أنه مات، بإعتبار أن العقود والتعويذة الدراكونية لقلعة التنين الشيطاني لا تزال سليمة.”
“قلتُ لك، لا أعرف.” كرر يوجين.
“أنت فقط تستمر في قول الأكاذيب الواضحة، أليس كذلك؟ أعتقد أنه ليس لديك أي نية لإخباري بالحقيقة. إذن، إسمح لي أن أسألك عن شيء آخر. عزيزي يوجين، لماذا تحاول التسلل إلى قلعة التنين الشيطاني؟” سألت نوير.
قال يوجين: “أريد قلب التنين.”
هذا عذر، لكنه مقنع.
“آه، كما هو متوقع. هل أنت تشبه البقية؟ قلب التنين….هو حقا كنز نادر. لو علمت أن العالم سَـينتهي إلى هذا الحال، لَـقتلت بعض التنانين وأخذت قلوبهم قبل ثلاثمائة عام.” قالت نوير بأسف حقيقي وهي تلعق شفتيها. ثم حولت نظرتها إلى يوجين بإبتسامة عميقة. “لذلك، كُنتُ محقة بشأن ما قلته بعد كل شيء. لقد أتيت لأنك عرفت أن رايزاكيا ليس في قلعة التنين الشيطاني. لم تكُن متأكدًا من وجود دوقة التنين، لكنك تكهنت بشأن وجود طفل رايزاكيا.”
قال يوجين: “فكري بالأمر كما يحلو لك.”
“هيهيهي، إنه لأمر رائع حقًا كيف تمثل. عزيزي يوجين، يمكنني أيضًا تخمين سبب جشعك لقلب التنين. هذا لأنك قلق، صحيح؟ أنت ترغب في بناء قوتك في أسرع وقت ممكن. إذن، هذا لا يترك لي أي خيار سوى التعاون.” قالت نوير.
“….أنا لا أفهم. نوير جيابيلا، لماذا تتعاونين معي؟” قال يوجين: “أنا عدوك.”
يجب أن يعرف يقينًا، وهذا هو سبب سؤاله، لكن كلماته جعلت نوير تعانق صدرها بأنين مثير.
“عدو….قلت عدو. آه، أنا أحب ذلك. لماذا أتعاون معك؟ لأنني أريدك أن تكون قويًا مثل فيرموث وهائجًا مثل هامل.” أوضحت نوير.
‘ما هذا الهراء؟’ شعر يوجين بالذهول، لكنه حافظ على تعابير وجهه ثابتة بكل قوته.
“هذا كل شيء؟” سأل.
“أعتقد أنك لا تحب جوابي؟ ثم سأعطيك سببًا آخرًا. أنا لا أحب رايزاكيا، ولا أحب قلعة التنين الشيطاني. لطالما أردت قتله بنفسي، لكنني لم أكن في وضع يسمح لي بذلك. لماذا؟ لأن الدوق غافيد، شفرة الحصار الرائع، دائمًا ما يكون حذرا من أن أتفرد بالحكم.”
في الواقع، نوير ليست مغرمةً أبدًا بإسم الدوقات الثلاثة. بدلًا من وجود رايزاكيا، الغير موجودٍ هنا حتى، إعتقدت بصدق أنه سيكون من الأفضل لشخص آخر، مثل إدموند أو غيره من الشياطين الجدد، أن يصعد إلى اللقب.
بعبارة أخرى، ما أرادته نوير هو كسر الوضع الراهن، وهذا غذى رغبتها في مساعدة يوجين. يوجين لايونهارت، البطل، من شأنه أن يتسبب في غرق قلعة التنين الشيطاني. لم تستطِع إلا أن تكون متحمسة بشأن التغييرات الإضافية التي سَـيجلبها هذا.
“أولًا، سوف تحتاج إلى معرفة كيف تسير الأمور في كارابلوم. هل تعرف الوضع الحالي؟” سألت نوير.
“….سمعت أن لورد رول، الذي يقع بجانبها، يبدأ المعارك معهم.” أجاب يوجين.
لقد توصل إلى فهم للوضع من الأخبار التي جمعها بعد وصوله.
“لقد كانت إستفزازاتًا بسيطةً حتى الآن، لكن يبدو أن الكونت كاراد يريد شيئًا أكثر. إنه يستعد لحرب حقيقية.” أوضحت نوير.
قال يوجين: “إعتقدت أنه لا يعلم بوضع رايزاكيا.”
“حسنا، إنهم بجوار بعضهم. يجب أن يكون قد حصل على تلميح حول هذا الموضوع بعد مائتي عام من الصمت، لكن هذا ليس سببه الوحيد.” تابعت نوير.
منطقة التعدين في كارابلوم خاضعة لسلطة قلعة التنين الشيطاني، وتم رصد الأقزام هناك في السوق السوداء.
“الكونت كاراد يستعد بشكل واضح لحرب إقليمية، لكن قلعة التنين الشيطاني لا تُظهِرُ أي رد على الإطلاق. على العكس من ذلك، يأمل سكان كاربلوم أن يصير الكونت كاراد سيدهم الجديد. هذا هو مدى سوء الرأي العام الآن.”
لم يظهر سيد قلعة التنين الشيطاني في الأماكن العامة منذ مائتي عام. إنه لوردٌ أهمل أرضه وسكانه. السبب الوحيد الذي لم يتمكنوا من إلقاء اللوم عليه علانية هو أنهم يخشون منه لأنه تنين.
“كلما كان الناس أكثر خوفًا وقلقًا، صاروا أكثر يأسًا للعثور على راحة البال.” قالت نوير بإبتسامة: “من الواضح أن هناك العديد من شياطين الليل في كارابلوم. أولًا، سأسمح لك بالدخول إلى كارابلوم بإستخدام أطفالي. سيكون ذلك سهلًا للغاية.”
“ثم؟ المكان الذي أريد الذهاب إليه هو قلعة التنين الشيطاني.” رد يوجين.
“حسنا، لن يكون ذلك صعبًا جدًا أيضًا. أسهل طريقة بالنسبة لي هي إستخدام عين الخيال الشيطانية، لكن….ليس لدي أي نية للتورط.” قالت نوير: “لا أريد أن أُجبَرَ على تحمل المسؤولية لاحقًا.”
“ألستِ متورطة بالفعل؟” سأل يوجين.
“هذا مختلف. أنا أساعد فقط من خلال أطفالي. بهذه الطريقة، إذا تحول الأمر إلى مشكلة، يمكنني حل المشكلة من خلال منحهم رؤوس أطفالي.” أجابت نوير دون تردد.
على الرغم من أنها تشير إليهم على أنهم أطفالها، لكن، لا يبدو أنها تمتلك أي مشاعر تجاههم.
“فقط الأرستقراطيين المختارين يعيشون في قلعة التنين الشيطاني، وبسبب فكرة رايزاكيا الغبية، لم أُدخِل أيًّ من شياطين الليل إلى القلعة. ومع ذلك، يرغب كل من عامة الناس والنبلاء في الحصول على أحلام سعيدة، صحيح؟ من بين أطفالي المجتهدين في كارابلوم، هناك شياطين ليل رفيعة المستوى تتعامل مع نبلاء قلعة التنين الشيطاني. سَـتتمكن من الدخول بإستخدامهم كَـوسيلة.”
“….لا يمكن أن يكون الأمر بهذه السهولة. أنا إنسان بعد كل شيء.” أعرب يوجين عن شكوكه.
“لن يكون الأمر كذلك، لكن هذا فقط لو كان رايزاكيا لا يزال حاضرًا. عزيزي يوجين، لا حاجة للتفكير مليًا في هذا الأمر. في هذه المائتي عام من غيابه، تعفنت أراضي رايزاكيا. آه، بالطبع، سَـيكون من المستحيل بالنسبة لك التسلل إلى القلعة بنفسك.” صرَّحت نوير، مع التأكد من التأكيد على أهمية مساعدتها. “بالإضافة إلى ذلك، حتى مع تقديم مساعدتي، هناك شيء واحد لا يمكنني فعله. كريستينا روجرس، لن تتمكن من دخول كارابلوم. يجب أن تعرف لماذا، صحيح؟”
أجابت كريستينا مع الحفاظ على تعبير هادئ: “كنت أعرف منذ البداية.”
مع قوتها الإلهية، إنها تبرز مثل الإبهام المؤلم بين الشياطين.
“أنا سعيد لأنكِ سريعة الفهم. الآن إذن، يجب أن نبدأ مع إسم شخصيتك التي ستؤدي دورها؟” قالت نوير بإبتسامة رائعة.
لم يفهم يوجين ولا كريستينا ولا انيسيه ما تتحدث عنه نوير. في مواجهة نظراتهم الإستجوابية، بدت نوير مرتبكةً أيضًا.
“لماذا تنظر إلي هكذا؟ لقد أخبرتك للتو، ألم أفعل؟ عزيزي يوجين، سوف تتسلل إلى كارابلوم مع شياطين الليل خاصتي.” قالت نوير.
“….صحيح.”
“وبالتالي، هذا يعني أنه سَـيتعين عليك التظاهر بأنك شيطان ليل أيضًا، أليس كذلك؟ خلاف هذا، لن يكون الأمر ممتعًا. أنت أضخم من أن تكون شيطانة، لذا سيكون ذلك….لا، ربما هذا غير مهم حقًا لأنهم شياطين على أي حال. البعض يحب العضلات، ولديك وجه جميل مقارنة بجسمك، لذلك إذا وضعنا المكياج وحصلنا على شعر مستعار لك—”
“لا….تعبثي معي.”
“آه، إذن هل يجب أن نذهب الإنكبوس*؟ لا ينبغي أن يكون ذلك صعبًا للغاية.”
(**لا أعرف هل ذكرت هذا من قبل لكن هذا النوع هو شيطان ليل ذكر يعرف بالجاثوم أيضًا لكنه هنا، حسنًا…. يشبه فتى لطيف.)
أشارت كلمات نوير السابقة، وإلا فلن يكون الأمر ممتعًا، إلى أنه لا يوجد سبب يجعل يوجين يتظاهر بأنه شيطان ليل. بعبارة أخرى، التنكر مجرد نشاط ممتع لهذه المجنونة.
“لا يمكنك إستخدام إسم يوجين، لذلك سَـنحتاج إلى شيء آخر. إسم شخصيتك….ماذا سيكون جيدًا؟ ماذا عن تيريوس؟ إنه المفضل لدى الإنكبوس.”
“إنقلعي!” بصق يوجين بإزدراء.